إفتراء الليبراليين الجدد على الإسلام
تاريخ النشر : 16-10-2004

شهدت السنوات العشر التي أعقبت زحف قادة العرب على أربع صوبَ مدريد وأسلو ، بروز ما يسمى بالفكر الليبرالي الجديد - الذي استطاع أتباعه زحزحة حدود المفاهيم والقيم الموروثة لدى الشعوب العربية لصالح أيدلوجية فكرية تعتمد في أساسها على المخادعة واتباع نهج تكرار المغالطات التاريخية المراد ترسيخها في ذاكرة المتلقي على أنها مسلمات ثابتة ؛ وقد ساعدت الظروف البائسة التي خلفتها حقبة نصف قرن من الحكم الدكتاتوري الشمولي في جميع أقطار الوطن العربي من ناحية ، وكذلك وجود حلفاء أقوياء يتولون حماية أتباع الفكر الليبرالي ككيان صهيون وأمريكا من ناحية أخرى ، ساعدت على أن يحقق الليبراليون الجدد الكثير من النجاحات في شتى المجالات وخصوصًا منها ما يتعلق بموضوع الإرهاب . وبالتأكيد المطلق فإن الليبراليين الجدد حين يتحدثون عن الإرهاب فهم لا يقصدون به أفعال "جيش الرب" المسيحي مثلاً -الذي قتل آلاف المسلمين وغير المسلمين في أوغندا ، كذلك فهم لا يقصدون به مجازر كيان صهيون التي راح ضحيتها نحو 3500 فلسطيني خلال الفترة التي تلت أحداث 11 سبتمبر ، ولا يقصدون به المجازر اليومية التي يرتكبها الجيش الأمريكي في العراق ، ولا يشيرون حتى من بعيد على الحرب الأهلية التي وقعت في روندا ، ولا يعتبرون أن ذلك كان إرهابًا ، مع أن تلك الحرب راح ضحيتها 800.000 من الأبرياء فيما رفض أولياء أمورهم من العالم "المتحضر" وبالتحديد كلينتون ، التدخل لإيقاف تلك المجازر ، وذلك لعدم وجود النفط في روندا ، كما هو الحال في العراق ، كذلك فهم لا يعتبرون ما فعله الصرب في أهل البوسنة إرهابًا ، فالإرهابي في مخيلة الليبرالي المبرمجة ، هو كائن أسمر البشرة ، ويلبس عباءة وكوفية ، ويصلي ويصوم .

قمة الخداع الممارس من قبل الليبراليين الجدد يتمثل في مثالهم المحبب ، وهو موضوع الإرهاب في الجزائر ، حيث أن الجزائر بالنسبة لهم هي التي بدأت بغزو فرنسا وليس العكس ، والإرهاب الحاصل هناك ليس له علاقة بـ "الفرانكفونيين" الذين مازالوا يعتبرون الجزائر جزءًا من فرنسا وهم يمثلون الطبقة المسيطرة على الجيش والإعلام والمال والاقتصاد في الجزائر والجميع ، فيما عدا الليبراليـين الجدد ، يعلمون عن القوارب التي تأتي وقبل كل مذبحة ، محملة بأشخاص يلبسون الزي الأفغاني للتمويه لتحط بمن فيها من االمرتزقة على الشواطيء الجزائرية في وسط الظلام ، لكن الليبرالييـن الجدد لم يسمعوا ولا يريدون سماع هذه الحقائق ، لأن ذلك يتنافى مع ما هو مبرمج في عقولهم من مغالطات مقصودة .

يغيب عن عقول الليبراليين الجدد أيضًا ، حقيقة أن الفرد الصهيوني ليس بحاجة للانتقام لنفسه في حالة ما تعرض للظلم ، فلديه كيان قوي يتولى ذلك نيابة عنه ، كذلك هو حال المواطن الأمريكي والذي انتقمت دولته لمقتل أقل من 3000 مواطن أمريكي بأن قتلت وحتى هذه اللحظة ما يزيد على الـ 90.000 عربي ومسلم في العراق وأفغانستان ، أي أن أمريكا قتلت 30 عربيًا ومسلمًا في مقابل كل أمريكي قتل في أحداث 11 سبتمبر، ولم تتشبع بعد من دماء العرب والمسلمين ، في نفس الوقت فإن الإنسان العربي هو الوحيد في هذا العالم الذي ليس له من يدافع عنه في حالة تعرضه للظلم ، لا بل أن الأنظمة العربية التي من المفترض أن تدافع عن شعوبها ، هي من الضعف بحيث تحتاج لمن يدافع عنها ، ونتيجة ذلك الضعف كان لا بد من بروز أفراد أو جماعات عربية تتولى مهمة الدفاع عن نفسها ، خصوصًا وأن العرب ومنذ خروجهم من الأندلس لم يعتدوا على أية دولة غربية ، بل كانوا ومازالوا المعتدى عليهم على الدوام ....

فالفلسطيني لم يذهب إلى أوروبا لينازع اليهود على أملاكهم هناك ...

ولا العراقي ذهب إلى ولاية تكساس لينهب آبار عائلة بوش النفطية ...

لذا لا أدري كيف استطاع الليبراليون الجدد قلب المفاهيم رأسًا على عقب ؟؟ لكني أعرف بأن الوطن العربي يزخر بـ 70 مليون أمي ، ومثلهم هم من العاطلين عن التفكير ، لذلك فأنا لا أستغرب وجود من يصفق لهؤلاء .

احـمد مـنصور ـ المانـيا