عل أوووووف يا ابو الزلف .. زلفه يا لبنيه
بقلم : د . مـحمود عـوض
تاريخ النشر : 12:11 2005-04-04
- وأخيراً مات محمود أبو الزلف ومرت أيام الحداد عليه ، وصمتت أبواق من أطلقوا عليه "شيخ" الصحافة الفلسطينية ، وانتهت مقالات رثاء من تلفحوا بعباءات النفاق والكذب بل وحتى اللاحياء واللاخجل ، من كتبة "العرضحال" الذين أشبعوا ورثة جريدة المرحوم المسماة بـ "القدس" ، بالمديح والثناء بهدف الابقاء على جسور التواصل مع الجريدة التي تمثل مصدر الرزق الوحيد للكثير من أصحاب الأقلام التي تلوي أعناقها كلما هبت رياح الشواقل والدولارت .
حقيقة كل من قرأ ورصد هذا الكم الهائل من الكذب ولم يكن يعرف محمود ابو الزلف ربما كان سيقول لنفسه (هذا ولي من أولياء الله) وهذا هو طود صحفي وعملاق وطني بل ربما كان سيطالب بتسمية شوارع على إسمه تخليدا له في ذاكرة الأجيال .
الأمر الأساس الذي غاب في زحمة الموت وفي هرج الزعيق هو أن محمود ابو الزلف لم يكن يوما "شيخ صحافة" ولا بلغ حتى مستوى صحفي مبتدأ فكل من يعرفه يعلم أن الرجل لم يكن يجيد كتابة عشرة أسطر وكان أبعد ما يكون عن المهنية ولم يدخل عالم الصحافة إلا من ثقوب تلك الأبواب التي كانت قد فتحت له ولمحمود يعيش ، بواسطة رئيس وزراء الأردن السابق وصفي التل ، وذلك من خلال ما كان يعرف بجريدة (الجهاد) التي وضعت نفسها في منهجية العداء السياسي للقضايا العربيه ورفعت راية الولاء للأسرة الهاشميه وكانت آخر ثلاثة لإفتتاحيات لها قد تم إملاؤها من عمان قبل سقوط القدس عام 67 ووقعها عميل المخابرات الأردني محمود الكايد الضرغام
وسقطت القدس ولم يطل بمحمود ابو الزلف الإنتظار فصحب معه محمود يعيش أحد شركائه في الجهاد وهرول راكضا لمحافظ القدس الإسرائيلي لإستصدار تصريح بإصدار الجريده لكن محمود يعيش تراجع قبل الوصول وترك ابو الزلف وحيدا ليتربع على المنسف الإسرائيلي فكان أبو الزلف أول مقدسي (ينشر في جريدته إعلانات لبلدية القدس الموحده برئاسة تيدي كوليك وكان أبو الزلف أول صاحب جريده مقدسي يفتح باب التطبيع الإجتماعي مع "اسرائيل" ومع الحكم العسكري حيث نشر للحكام العسكريين تهانيهم بمناسبة الأعياد للفلسطينيين
في الكتاب الذي أصدره محمد ابو شلبايه بعنوان (واحسرتاه يا قدس) مجموعه من الحقائق التي تدين أبو الزلف في غدره وطعنه للقدس والعجيب أن ابو الزلف طبع كتاب ابو شلبايه في مطابع جريدته وحين سأله بعضهم كيف يطبع كتابا يحمل حقائق تدينه أجابهم بأن مقياس عمله هو الربح والخساره فحتى لو شتموا أمه في كتاب فهو على إستعداد لطباعته لقاء مردود مادي
في مدينة القدس عرف محمود أبو الزلف وعلى نطاق واسع ، بالمقامر المتغطرس ، فقد فصل ذات يوم أكثر من عشرين صحفيا لأنهم طالبوا ببعض حقوقهم وقد ظن هؤلاء أن قانون العمل الإسرائيلي يحميهم فألقى بهم ابو الزلف إلى قارعة الطريق ووقف الإحتلال إلى جانبه ومن بين هؤلاء الصحفيين غسان طهبوب وهو اليوم صحفي لامع وحي يرزق في الأمارات .
أخطر أدوار ابو الزلف أنه سخر جريدته لفتح باب الترجمات عن العبرية وكانت هذه الترجمات لمواد مختارة ومنتقاة بعناية فائقة لأجل تسريبها من قبل أساطين الدعاية الإسرائيلية إلى العقلية العربية عبر منفذ جريدة القدس
ولا بد من الإقرار هنا بقدرة هذا الرجل على حمل البطيخ .. فقد حمل البطيخة الأردنية والإسرائيلية وأخيرا بطيخة السلطة .. حملها جميعا في يد واحدة .. فلا عجب أنهم ذرفوا الدموع يوم موته ، فمن أين لهم برجل كمحمود ابو الزلف ، عرف كيف يبيع الله .. ويبيع القدس ، بينما المسبحة تتدلى من بين أصابعه
قد يجد أصحاب البطيخ عزاءهم في مقولة "إن من خلف .. ما مات" ، فلهم من بعد محمود ابو الزلف من سيواصل مسيرة البطيخ وحمل رايتها ، وفي مقدمتهم مروان محمود ابو الزلف
آه يا فلسطين ..
كم درج على ترابك أقزام ..
تقمصوا دور العمالقة
آه يا فلسطين ..
كم تسلل إليك شيطان ..
زاعما أنه رسول الرحمن
آه يا فلسطين ..
كم عاهر ..
وكم مقامر ..
لعب بك في جنح الظلام ..
ومع ذلك تبقى منك بقية ..
تظل تصدح بصوت راع البرية : "عل أوووووف يا ابو الزلف .. زلفه يا لبنيه"
د . مـحمود عـوض