خطة امنية تلبي الاحتياجات الشعبية
بقلم : جميل حامد

جميل حامد

أن نقول بأننا لا نملك خطة أمنية تلك كارثة وان قلنا بأننا نملك خطة فهي كارثة اكبر وأفظع وكلا الخيارين يبتعدان عن الواقع بعد السلام عن فلسطين... نعم فلسطين التي هي في رباط إلى يوم الدين..

أمريكا التي تعيث في الأرض فسادا تحت حجة الدفاع عما يسمى بالأمن القومي الأمريكي، وإسرائيل التي امتطت العالم وجعلته ركوبة لرغباتها وشهواتها العدوانية تنطلق من مقولة الأمن أولا... ونحن نبحث عن خطة تتأرجح بين الوجود واللاوجود وكلا الحالتين تمثلان كارثة على الإنسان لخلوهما من الفاعلية الشعبية والروح الجماهيرية والبعد التعبوي...

لا شك بان الشارع الفلسطيني بأمس الحاجة لوحدة أمنية مركبة من الأمن السياسي والأمن المدني ولا شك بأنه يدعم أي توجه يصب في بوتقة المحافظة على الروح النضالية التي تتمثل قطعا بالمواطن الذي كان وما زال الرافد الأول لمسيرة التحرر والمضخة الحية لشريان العطاء الذي تتهدده مقصلة الاحتلال بكافة الأشكال وعلى كافة الأصعدة....

لقد نجح الاحتلال في عزلنا عن القدس منذ خمسة عشر عاما حينما أقرت السلطة الأمنية الإسرائيلية سياسة الحواجز والمعابر وحين وافقنا على الوقوف بالطابور أمام الإدارة المدنية للحصول على تصريح دخول للقدس ولفلسطين المحتلة عام 48 ...

ونجح الاحتلال في عزل محافظات الضفة الغربية عن بعضها عندما ارتضينا ان نقف بالطابور أو نستعيض عنه بمكاتب الارتباط للحصول على تصاريح تخولنا التنقل بين مدننا وقرانا وضواحينا وجبالنا وسهولنا...

ونجح الاحتلال في جرنا إلى ما يسمى بمحكمة العدل العليا للاعتراف بجريمة الجدار عبر موافقتنا على تقديم الالتماسات والاعتراضات على مصادراته واستيلائه وسطوه ونهبه لأراضينا بالخضوع لمحكمته العنصرية وقوانينه الكولونياليه ....

هذه الأمثلة وغيرها الكثير من الإخفاقات التي لحقت بنا وأصابتنا بورم التنازل وسرطان اللامبالاة اتجاه ما يحيكه الاحتلال من برامج تدميرية لنا كشعب ولأرضنا كوطن استدعت منا قيادة وفصائل ومؤسسات وكوادر ولجان ومثقفين ومفكرين ونخب ان نجابه ونواجه الاحتلال بخطة مواجهة بغض النظر عن المسميات...

لقد عزلت اوسلو الأجهزة الأمنية الفلسطينية عن قلب الجماهير عندما وضعت الأمن الإسرائيلي على راس الاتفاقية، لكن الانتفاضة أعادت الروح إلى الجسد من جديد فدفعت بعض الأجهزة دماء أبنائها من كوادر ومنتسبين ثمنا لدفاعها وتصديها....

من هنا فان الخطة الأمنية التي باتت الهاجس الأول للمواطن سواء كان مدنيا أو عسكريا لا تقتصر على فرض القوانين وتحرير المخالفات وإلقاء القبض على المجرمين، بل يجب أن تأتي الخطة الأمنية استكمالا لمسيرة التحرر، وتأخذ بعين الاعتبار كافة الاعتبارات النضالية والسياسية والمدنية في أن واحد.... ويجب أن تأخذ بعين الاعتبار كذلك عوامل الإشاعة ورغبة الطرف الأخر في تدمير النسيج الوطني الفلسطيني وبث روح التفرقة بين السلطة والشعب...

ومن هنا أيضا فان المطلوب أن تسارع قيادات الأجهزة الأمنية وعلى رأسها وزارة الداخلية إلى الإعلان عن خططها وبرامجها لحماية الوطن والمواطن والخروج عن مألوف وزارات الداخلية الذي يتمثل بنشر الوحدات في الشوارع تعبيرا عن التواجد...إن المطلوب تفاعل روحي بين المواطن والمسئول وعلاقة تحكمها الشفافية وروح المسؤولية لوقف الكارثة القادمة من عمق البرامج والخطط الشارونية الاحتلالية التي يقف على رأسها التهجير....

الم يعمل الاحتلال منذ عشرات السنيين على ممارسة سياسة الطرد والإبعاد والتهجير.. ؟ ألا يتبنى اليمين وشارون وحزبه ومن خلفهم حكماء صهيون استراتيجية الأردن الوطن القومي للفلسطينيين...؟ وألا تعتبر عمليات الحشر والحصار والخنق وتقطيع المناطق الفلسطينية عملية تمهيدية لشحننا إلى أي بقعة في العالم......لماذا نتبنى السلام المبني على الأمن الإسرائيلي ولا نتبنى خطة أمنية فلسطينية نصنع من خلالها السلام الذي يمنحنا الاستمرار والتواصل والبقاء...؟

إن خطة أمنية واضحة المعالم وتلبي الاحتياجات الشعبية الفلسطينية ستحقق الأمن للقضية الفلسطينية لسنوات قادمة وستفرمل للبرنامج ألاحتلالي وستمنح السلام فرصة حقيقية لان يتحقق بالتوازي مع حاجة الطرفين له... كل هذا من جهة ومن الجهة الأخرى سيمنح الأمن الداخلي للمواطن إمكانية المشاركة في صياغة القوانين عبر ممثليه في السلطة التشريعية.

جميل حامد : كاتب وصحفي فلسطيني
Hjam32@yahoo.com

تاريخ النشر : 31.05.2005