الاحتلال من الفضاء
بقلم : جميل حامد

جميل حامد

من الواضح أن الاحتلال "الإسرائيلي" للضفة الغربية وقطاع غزة باق رغم ما يشاع عن أجواء ايجابية أعقبت الإجماع الفلسطيني على التهدئة والتعاطي "الإسرائيلي" معها بأشكال لا تضفي على إجراءات الدولة العبرية صفة التصعيد أو الانتهاك أو الخرق...

ومن الواضح أن الجانب الفلسطيني مصمم على الخروج من دوامة العزلة التي فرضت عليه دوليا للتماشي مع الاطروحات "الإسرائيلية" الأمريكية

ما بين عدم الانتهاك العلني "الإسرائيلي" لشروط الهدنة وبين التصميم الفلسطيني على تنفيذها يستمر طرفا الصراع في ترتيب البيت الداخلي لكليهما

على الصعيد الفلسطيني وكأن شيئا لم يكن وكأن القانون الذي يحكم الفلسطينيون ينطلق من استقلالية تامة ومن سيادة متكاملة على الأرض يذهب أصحاب القرار إلى ما هو ابعد من الأمس بأجندة لا تصلح إلا لكبرى الدول العالمية بل -ويا سبحان الله- وبين عشية وضحاها تحول الواقع الفلسطيني من واقع انتفاضي تحرري إلى واقع مدني استثماري تطوري بموافقة الجميع.

وفي دولة الكيان العبري تختلف الصورة تماما وكان هذا الكيان في بواكير ولادته فيذهب إلى الخروج من نظام الأمن ونظرياته التي تحكم السلوك اليومي لتركيبة الاحتلال الرسمية والمدنية "أن وجدت" إلى الترجمة الحقيقية للدولة" الثائرة" التي تمنح نياشين النصر والتكريم لثوارها.

الحقيقة أن" جماعتنا" نزعوا عنهم رداء الانتفاضة والمقاومة بجرة قلم من صنع أمريكي وتحولوا إلى الشاطر حسن الذي ينجز واجبه على أكمل وجه وينفذ المطلوب منه بدقة.

والحقيقة أن الاحتلال "الإسرائيلي" منح مرتكب مجزرة غزة وقاتل الأطفال الفلسطينيين التسعة في حلكة الليل بصواريخ الاباتشي " دان حالوتس" وسام الاستحقاق الذي رفعه لمنصب رئيس هيئة الأركان العامة في دولة الكيان..........بإيعاز من شارون نفسه.... والأكيد بأنه سيدخل الحكومة القادمة أو التي تليها بدرجة وزير دفاع سواء عن الحمائم أو الصقور وسواء عن اليمين أو عن اليسار.. لا شك بأننا سنراه قريبا عضوا في الكنيست اليهودي يفخر بقتله" "15" فلسطينيا بصاروخ واحد......!

والحقيقة التي لا تقل عنجهية وغطرسة تمثلت بتصريحات قائد سلاح الجو "الإسرائيلي" (اليعازر شكيدي) وإعلانه بان أجواء غزة ستبقى تحت سيطرة الطيران الحربي "الإسرائيلي" بعد فك الارتباط وما يسمى بخطة الانسحاب من غزة....

ولصيادي السمك الغزيين لا تفرحوا كثيرا... فالبحر له قبطانه أيضا وسيدلي بدلوه كما أدلى الجو بنصف الحقيقة عبر مظلة الأمن التي أرادها شارون عقب انسحاب قواته عن ارض غزة .... بعبارة أخرى إن خطة الانسحاب "الإسرائيلية" التي زلزلت العالم بآلامها التي وقعت على كافة يهود العالم ومناصريهم ومؤيديهم لم تتعدى إعادة انتشار الجيش "الإسرائيلي" على الحدود البرية من غزة ورفع الضغط الهائل عن الجيش الذي لا يقهر وبدا مقهورا في الكثير من العمليات الفدائية النوعية......

والحقيقة الأكثر مرارة إنني لا اعرف فعلا أن كان الواجب المقدس الذي تركه الشهداء وينادي به الأسرى ويعبر عنه المعاقين والجرحى بآلامهم وآهاتهم يفرض علينا كفلسطينيين مواجهة حكومة شارون بحكومة تكنوقراط أم بحكومة وحدة وطنية تكون قادرة على التحدي أن استدعت الحاجة وهذه مسؤولية الجميع وليس فصيلا بعينه.

نحن العرب عادة ما نقع في آخر الصفحة بل وتحت السطر الأخير منها لكني سأختتم عوضا عن الموقف العربي المخزي من التصريحات والإجراءات "الإسرائيلية" الأخيرة والذي تمثل بدعوة موزة قطر لوزير التربية والتعليم "الإسرائيلي" لشرح مخاطر مسلسل معادي للسامية بغضب صديقي الذي رفض الانحناء أرضا لتناول بيان وزعته إحدى الفصائل الوطنية في رام الله قائلا أية إهانة هذه التي نمر بها....

فهذا المنشور الملقى في الشوارع والمنثور على أرصفتها بالمئات لم نكن يوما لنجد ثمن طباعة عددا قليلا منه وكنا نلفه بالنايلون كي لا يتلفه المطر أو قطرات الندى ونضع فوقه حجر كي لا تطيره الرياح...كنا نحرص أن يتمكن الناس من قراءته... كنا نسهر الليل بأكمله ونحن نسترق البصر لتوصيله إلى الناس الذين بدورهم كانت تصيبهم الرجفة وهم يمعنون النظر في كلماته.. هل تصدق يا عزيزي.. لقد كانت هذه الورقة بوصلة نضالنا فانظر كيف أصبح المنشور بلا معنى ولا هدف.....

Hjam32@yahoo.com

تاريخ النشر : 25.02.2005