أيـام النعمـة
بقلم : جميل حامد

جميل حامد

التطور اللافت في مجمل التصريحات "الإسرائيلية" التي ترتبط بتطورات الأحداث مع الفلسطينيين خرج هذه المرة على لسان وزير المالية في حكومة "البلد وزر" اريئيل شارون.

أيام الغضب وأيام التوبة وأيام الندم وأيام أخرى أكاد نسيتها من كثرتها ارتبطت مع تطورات الأحداث وتسارعات الرد والرد المضاد على ساحة الصراع الذي لا يلين ولا يستكين رغم انقضاض البلد وزر الأمريكي عبر" كوندليزا رايس" الوزيرة الأمريكية على المنطقة ورغم قضمها لشفتيها وهي تكرر لثلاث مرات لا بد من قيام دولة فلسطينية..........

إلا أن الأيام بسوادها وحلكتها ستبقى السوط الذي ترفعه حكومة الاحتلال في وجه الفلسطيني أيا كان مستواه وهذا ما عبر عنه" بيبي " وهو اسم الدلع" لبنيامين نتنياهو" وزير المالية ورئيس الوزراء "الإسرائيلي" الأسبق عندما هدد الرئيس الفلسطيني بقرب انتهاء "أيام النعمة".

هنا نلمس الفرق الهائل بين الحمل والذئب.. بالأمس فقط دافع دبلوماسي في القنصلية المصرية.. حقيقة لا اعرف إن كانت بالقدس أو تل أبيب بعد الإعلان عن عودة السفير عن العمق" الأمل" الذي يخفيه كرنفال شرم الشيخ لصالح القضية الفلسطينية واليوم وهو ليس بعيدا عن الأمس تخرج التصريحات من نفس المكان سواء من القدس أو تل أبيب لتنذر بقرب نهاية أيام النعمة أو شهر العسل الذي منحته حكومة "إسرائيل" - مشكورة - للرئيس الفلسطيني...

الأول تحدث عن الأمل من خلال عودة السفراء العرب إلى تل أبيب والذي يمنح تأشيرة دخول للبقية المتبقية ومنح الأمريكان تأشيرة دخول علني لأمنهم في الأمن الفلسطيني ومنح "الإسرائيليين" رزمة من الكرم العربي على حساب القضية المنهكة وأبقى الفلسطينيين تحت وطأة العفو والكرم والتنازل "الإسرائيلي" المؤلم اثر رفع حاجز هنا أو بؤرة استيطانية هناك......

هنا كان الأجدر بحركات المقاومة الفلسطينية أن تصمد في وجه الاستفزازات وتحافظ على كلمتها ووعدها للرئيس الفلسطيني بان تلتزم بالتهدئة خاصة وان ثمن أي انسحاب من المدن الفلسطينية لن يكون اقل من ملاحقة المقاومة من جهة وإجبار أبو مازن على التنازل عن الثوابت التي وضعها نصب عينيه منذ انتخابه وعلى رأسها التوحد في مواجهة الابتزاز الأمريكي "الإسرائيلي" عبر استيعاب المرحلة وعدم منح الآخرين الذرائع خاصة وان العالم بتطرفه واعتداله تتجه أنظاره للسلوك الفلسطيني بعد انتخاب أبو مازن رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية وهذا الأمر لا غبار عليه في ظل التبرئة العالمية لـ "إسرائيل" من دم الفلسطينيين.

من الواضح أن الإنذار بل التهديد "الإسرائيلي" للرئيس الفلسطيني يحمل وجها واحدا لا آخر له وهذا لا يتعدى حدود التعنت والصلف ألاحتلالي الذي دأب على ممارسته اتجاه الفلسطينيين شعبا وقيادة ومؤسسات من جانب ومن الجانب الأخر مخرجا لـ "إسرائيل" من أزمتها مع الاستحقاقات الفلسطينية بعد أن حققت مبتغاها من المحيطين عبر فتح باب التطبيع من أوسع أبوابه ووضع الامن الفلسطيني تحت الرقابة الأمريكية.

الواقعية ومبدأ الحرص على خلو الساحة الفلسطينية من أسباب الفرقة والحراب يفرضان على صناع القرار في مجموع تيارات العمل الوطني والسياسي والتنظيمي الانتباه إلى خطورة التفرد بالقرار سواء سياسيا أو امنيا من باب الحرص على عدم إفساح المجال لأية اختراقات قد يدفع الفلسطينيون ثمنها غاليا سواء استمرت المفاوضات أو توقفت .

فالتصريح "الإسرائيلي" الذي خرج عن المنافس الأقوى لقيادة حكومة "إسرائيل" في المرحلة القادمة وأحد" عتاولة" حكومة اليمين الحالية تعني أن إمكانيات الحصار للقيادة الفلسطينية واردة وإمكانيات نزع الحصانة العربية الأمريكية عنه يمكن حصولها بأية لحظة تراها "إسرائيل" مواتية لتنفيذ خططها الرامية لدفع الفلسطينيين للاقتتال وبالتالي شطب إمكانيات إقامة دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران......وهذا التصريح ألاحتلالي لا يقل في خطورته على القضية الفلسطينية من الاستهتار بمشاعر الفلسطينيين الذي تمثل بإعادة الأردن ومصر سفيريهما إلى الكيان العبري في وقت تلحفت به كافة التصريحات بدعم ومساعدة الفلسطينيين.........!!

فالدبلوماسي المصري الذي انتقد تشاؤمي الذي عزيته إلى عدم الثقة بالمحتل ومحاولته التأثير واستبدال تشاؤمي بتفاؤل اعتبرت لا أساس له في ظل محاولاته لتبرير اتخاذ دولته لقرار عودة سفيرها لتل أبيب.... كما حاول اختصار اللقاء والخلاص من إحراج اللحظات التي حملت عدم ثقة في إعلانات لم تحمل معها سوى لافتات وشعارات سقطت قبل مغادرة القادة مطار شرم الشيخ من خلال التصريحات "الإسرائيلية" التي خرجت لتؤكد أن "إسرائيل" لن تعطي قبل أن تأخذ وهنا اختلال المعادلة ومن هنا عدنا للمربع الأول.

كاتب صحفي فلسطيني
Hjam32@yahoo.com

تاريخ النشر : 11.02.2005