سترو 2005
بقلم : جميل حامد

جميل حامد

تذكرني هزة راس جاك سترو وزير الخارجية البريطاني في حكومة العمال بذلك العجوز الذي يعطس بمليء فمه كلما هم لقول نعم ، "فسترو" الذي اعتدنا عليه متمسمرا خلف رئيسه "توني بلير" في جلسات مجلس العموم البريطاني ورأسه كرقاص الساعة يتحرك موازاة مع شفاه الرئيس التي عادة ما ارتبطت بكوب من الماء لترطيبهما اثر أسئلة الاستجواب الصاخبة ...

بالأمس غير سترو مكانه ووقف خلف وزير الخارجية الإسرائيلي سيلفان شالوم ومارس هواية هز الرأس تعبيرا عن الرضا والموافقة على تصريحات ومواقف الوزير الإسرائيلي والتي هي بالطبع معادية من الألف للياء لحقوق الشعب الفلسطيني.....

اقل من قرن من الزمن بقليل تفصلنا عن وعد بلفور الانجليزي لليهود بوطن قومي في فلسطين وعلى ارض الفلسطينيين وما زالت بريطانيا العظمى تهز الرأس والذنب لليهود في فلسطين وفي كل موقع تجد نفسها مضطرة لإعلان موقفها المعادي للحق الشرعي للفلسطينيين بأرضهم وممتلكاتهم وهذا ما عبر عنه سترو عندما أعلن صراحة بان بريطانيا ستتبنى أي موقف من شانه معاقبة حركتي حماس والجهاد الإسلامي وكأن هاتين الحركتين من عالم أخر.. وزمن مختلف عن الزمن الفلسطيني...

كان الأجدر بالوزير البريطاني أن يدافع عن موقف حكومته من اجتماعها بقيادات من حماس للتأكيد على حسن نواياها من جهة وحتى لا تظهر بمظهر العراب الاستخباري من جهة ثانية وللمحافظة على استقلالية القرار البريطاني من الجهة الثالثة....

كان الأجدر بالسيد سترو أن يصرح عن إجرام جيشه في العراق وضد الأسرى العراقيين ويقول في تل أبيب أننا ذهبنا لتحرير العراقيين بعصابة لا تختلف عنكم في تل أبيب فارتكبنا الجرائم مثلكم وهتكنا الأعراض مثلكم وازهقنا الأرواح مثلكم ومارسنا العهر الإنساني مثلكم ودمرنا الأرض والإنسان مثلكم وسنخرج بيوما ما من ارض العراق مثلما خرجتم من الجنوب اللبناني ......

نحن كفلسطينيين لا يشرفنا قدوم سترو لرام الله ودباباته في بغداد والبصرة وتكريت والفلوجة ولا تسعدنا هزة رأسه المشئومة وجنوده يمارسون اللواط والتمثيل بالأسرى العراقيين والعرب في العراق ولا ترضينا ابتسامته الإنجليزية الفظة التي حملت معها وعودا داعمة للوعد المشئوم...

نحن كفلسطينيين يجب أن لا نقبل أن تحط الأقدام الإنجليزية في حلوقنا لان ما من شيء نخسره بعدم استقبالنا لها في المساحة الضيقة مما تبقى لنا..... ويجب أن نذكرهم في لندن وكافة المدن البريطانية يوميا بأنهم المسئولين عن نكبة تسعة ملايين فلسطيني ثلثيهم مشردون في كافة أرجاء المعمورة....

هكذا تدفع ألمانيا وهكذا يشعر كل ألماني اتجاه كل يهودي في العالم رغم أن ما لحق باليهود لا يشكل نقطة ببحر مما ألحقه بنا الإنجليز من ظلم وأذى وجرم إنساني وسياسي وحضاري لذلك يجب أن نتعلم من الآخرين ونضع في كل وجبة إنجليزية ملحا فلسطينيا كي يتذوق الإنجليز طعم حياتنا وملوحة أيامنا التي يتحملون هم لا غيرهم المسؤولية الأولى والأخيرة عنها كونهم أصحاب الوعد المشئوم من جهة وكونهم أصحاب الوصاية في زمن عاث الجميع( بإرادتهم وتحت إشرافهم ) فسادا في ارض فلسطين وبحق أهلها .

بامكان السيد سترو ان يهدد حماس والجهاد الإسلامي من تحت الحزام وبامكان حكومته أن تتوعد بقطع المساعدات عن الفلسطينيين وللعلم هي موجهة لمشاريع ومؤسسات تخص الاستمرارية والتواصل ألمعلوماتي الإنجليزي في المنطقة ولا علاقة لها مطلقا بالتنمية الإنسانية والاجتماعية لكن ليس باستطاعته أن يشطب التاريخ الإنجليزي من الذاكرة الفلسطينية والعربية حتى بعد مئة قرن من الاستعمار المتعدد الألوان لفلسطين والمنطقة لذا فان وزير الخارجية البريطاني ليس أكثر من علامة تجارية ناجحة في ابتزاز الفلسطينيين والعرب في هذا الزمن الذي يحمل حقوق الملكية للاستعمار الانجلو-أمريكي فلا غرابة أن نراه هنا يهز رأسه ...!!!

جميل حامد : كاتب وصحفي فلسطيني
Hjam32@yahoo.com

تاريخ النشر : 09.06.2005