تسلحت بالرفض فانتصرت
بقلم : جميل حامد

جميل حامد

حماس حصدت الأخضر واليابس في القطاع والخوف من القادم أعظم فليس سرا وصول الحركة الأصولية ببرنامجها ومشروعها لقناعة الشعب الفلسطيني بخطها وليس عيبا اعتراف الآخرين بذلك....

بيت حانون دمرها القصف ألاحتلالي وجعل بيوتها بمساواة الأرض نزفت دماء أبنائها في كل حارة واختلطت بالرمال المتطايرة فاختارت حماس تعبيرا وجدانيا لهمها وطريقا منطقيا لواقعها.. انتظر الجميع صدى بيت حانون في الانتخابات البلدية فكانت الصعقة الكبرى أن خسر الجميع وفازت حماس..... لماذا... سؤال لا يطرحه أهالي البلدة ولا تسأله القيادات إنما يقف عنده المتتبعون لمجريات الموقف على ساحة الحدث.......؟

الأصل أن نختار عيناتنا من نتاج التجربة بل من وسط الدمار لنقف عند حقيقة ما يشعر البشر.. لنقف على تماس مع الحقيقة التي أفرزتها الانتفاضة والصراع مع الاحتلال .. ولنقف أيضا مع الشارع الفلسطيني بهمومه ورغباته بأحلامه وطموحاته.. هي كذلك العينة التي اختارت حماس بحرا لمركبها في المرحلة القادمة على حساب " حركة فتح" الفصيل الأكثر اتساعا وتأثيرا في الشارع الفلسطيني فما الذي حصل لتسقط فتح في اختبار البلديات وتعلن تخوفها عبر همسات كوادرها في كل المواقع من حصول نكسة في الانتخابات التشريعية..........؟

حماس تعترف بان ضعف الآخر ورفض الشارع الفلسطيني لفضائحه المالية والإدارية التي "عمت وطمت" احد أهم أسباب نصرها والتفاف الشارع حولها مع الأخذ بعين الاعتبار صدقية مؤسسات الحركة الأصولية في التفاعل مع هموم ورغبات الشارع فهل تعترف فتح بان التهديد الذي يدك بريقها وسلطتها وتأثيرها وديمومتها مهدد برفض الجماهير الفلسطينية للسلوك الفضفاض الذي احتوى الصالح والطالح...؟

وهل تعترف فتح بان الهوة بين القمة والقاعدة وبين المواطن والمسئول باتت تقضم بأوتار العصب بل بشريان الدم الذي أوصل الحركة إلى قلوب الجماهير لعشرات السنيين....؟

وهل المؤتمر السادس للحركة سيضمد الجراح ويعيد لفتح وهجها الذي احتكر منذ سنوات في لمعان السيارات والحرس والمرافقين والمواكب والمكاتب..........؟

وكيف سيكون حال الحركة الفتحاوية لولا كتائب شهداء الأقصى التي رفعت راية المقاومة بالدم والتضحيات شانها شان باقي الأذرع العسكرية للفصائل الأخرى.

أسئلة عديدة على محك المؤتمر السادس لتنظيم فتح الذي خرج خالي الوفاض في انتخابات غزة للبلديات بعد حصوله على ما نسبته 25 % من مجموع الأصوات يعد هزيمة وهزيمة كبرى في ظل سيطرتها على مؤسسات السلطة ومعظم البلديات والمجالس المحلية في فترة ما قبل الانتخابات الأخيرة..

لا شك بان الكادر الفتحاوي في الضفة الغربية وقطاع غزة ينتظر ردة الفعل الايجابية التي تعيد لملمة الصوت الفتحاوي .. ولا شك بان مناصري الحركة في كل مكان لا تسعدهم الحالة المتردية التي أدت إلى هكذا نتائج ولا شك بان أمانة الصوت الفتحاوي ستتم ترجمتها بأساليب تختلف عن سابقتها بعد مداهمة الخطر الحمساوي لعرين السلطة الفلسطينية وعمودها الفقري حركة فتح...

المنطق السليم أن تخرج قيادات الحركة إلى الشارع الذي افرزها ومنحها الثقة منذ عقود والمنطق الأكثر منطقية أن يتخلى أصحاب القرار ومن يديرون دفة العمل الفتحاوي عن أساليبهم القديمة وعن تعاليهم في التعاطي مع القضايا المحلية......

فالجميع على الساحة الفلسطينية يدركون الحاجة إلى" فتح" قوية ومحصنة فهي القادرة على إدارة دفتي الصراع وما ضعفها الا بمثابة السهم الذي أراده المتربصون بها من الاحتلال وأدواته والآخرين الذين ركبوا موجة القضية بشكل أو بأخر...

والحاجة إلى فتح قوية تقتضي العودة إلى بيت حانون ورفح تقتضي العودة بقوة إلى نفس الشارع الذي من خلاله تعود فتح لريادة العمل الجماهيري بل وتنطلق في مشروع الدولة إلى حيز الوجود.... من خلال ثقة الشارع الفلسطيني الذي منح النصر لحماس لغياب الدور الفتحاوي عن نبض الشارع وارتكازه على ملآ الفراغ الذي تسبب به غياب البعد العربي عن محور القضية المركزية... فهل تتدارك قيادة الحركة الفتحاوية الهبوط الانسيابي قبل الجلوس على مقاعد المعارضة.


Hjam32@yahoo.com

تاريخ النشر : 06.02.2005