محمد عبد المنعم يتحدى سوزان مبارك ..
فهل يكون الحل عند السفير الأمريكي !!

بقلم : أحمد هريدي محمد *


من أراد أن يشاهد العجب العجاب في مصر المحروسة فعليه أن يمر من أمام مبنى نقابة الصحفيين بشارع عبد الخالق ثروت في قلب القاهرة ، وهناك سيشاهد لافتات قماشية تحمل صرخات ومظالم أصحاب الفكر والقلم وهم من المؤهلين لحمل هموم المواطن المصري في مواجهة مظالم أصحاب السلطة والنفوذ !!!!

والناظر إلى اللافتات القماشية سيقف عند لافتة تختلف عن الجميع لأنها متضمنة مناشدة بالبنط العريض موجهة من الأستاذة سامية محمد عطا الله الصحفية بمجلة روز اليوسف إلى السيدة سوزان مبارك حرم رئيس النظام الحاكم في مصر ، وتقول السيدة سامية عطا الله في مناشدتها أنها مضربة عن الطعام حتى الموت إلى أن تسترد حقوقها المهدرة في مؤسسة روز اليوسف!!

لماذا وجهت سامية عطا الله مناشدتها إلى سوزان مبارك ولماذا اخترنا مشكلة سامية عطا الله كنموذج من بين عشرات المشاكل ؟

ونقول إن سامية عطا الله توجهت بشكواها إلى سوزان مبارك لأن المجلس القومي للمرأة تبنى قضيتها لكن رئيس مؤسسة روز اليوسف أعلن تحديه العلني للمجلس وللسيدة سوزان مبارك!!

أما عن اختيارنا لهذه المشكلة كنموذج لما عليه الحال في الوسط الصحفي فنقول إن مبررات الأجهزة الأمنية للامتناع عن حل مشكلة الصحفي بل وتعقيدها قد تتوفر في أي صحفي عدا السيدة سامية عطا الله !!

فبعض المسئولين في بعض الأجهزة عادة ما يكتبون تقاريرهم الخاص بمشكلة أي صحفي للإعطاء صورة بأن ("هذا الصحفي قليل أدب يافندم ، وقد تطاول على فخامتكم في جلساته الخاصة , ونحن نستأذن فخامتكم في أن نقوم بتأديبه" ، ".. هذا الصحفي اتخذ مواقفه هذه لابتزاز رئيس المؤسسة ورئيس المؤسسة رجل يحافظ على استقرار مؤسسته ولابد من فصل هذا الصحفي ووضع حد لمشاغباته.. إلخ" ) ..

أما أساليب التأديب فتبدأ بالفصل من العمل والتنبيه على جميع الصحف بعدم تشغيل هذا المشاغب ومنع نشر أي أخبار عن مشكلته للتعتيم عليها وملاحقته لقطع أي وسيلة يتكسب منها حتى تثقله الديون وتزداد مشاكله مع إدخاله في دوامة التقاضي التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، أما إذا فكر هذا الصحفي في إصدار صحيفة فيتم متابعة اتصالاته والتنبيه على من يطرق بابه من المعلنين بعدم اعطائه ولو سطر واحد إلا بالقدر الذي يجعله يتمادى في الإنفاق على صحيفته لاستنزاف آخر ما لديه من أموال ويتركه مديناً ويسقط تجربته عند أول كبوة ، أما إن استطاع الاستمرار فقرار المصادرة هو الأقرب !!

والذي يتابع مشكلة الأستاذة سامية عطا الله لا يجد منفذا واحداً يدخل منه أصحاب التقارير لتعقيد مشكلتها أو إقناع أصحاب السلطة بالامتناع عن الحل وتجاهل اعتصام واضراب عن الطعام دخل أسبوعه الرابع !

والقصة بدأت بشكوى تقدمت بها الأستاذة سامية إلى المجلس القومي للمرأة - الذي ترأسه سوزان مبارك - وتتضمن تظلم الزميلة سامية من القرارات التعسفية التي أصدرها رئيس مؤسسة روز اليوسف محمد عبد المنعم والتي انتهت إلى منعها من الكتابة بعد 34 سنة من العمل الصحفي والخصم من مستحقاتها المالية دون مبرر ، وعندما تقدمت سامية عطا الله بشكواها إلى المجلس القومي للمرأة قام المجلس في مارس 2003 برفع دعوى قضائية ضد محمد عبد المنعم للمطالبة بحقوقها (!!!!!)

أما المحامي الذي تم تكليفه بإجراءات الدعوى فهو ماجد الشربيني أمين شباب الحزب الحاكم وعضو مجلس الشورى (تم تعيينه بقرار من رئيس النظام الحاكم في مصر) !!

ومعنى أن المجلس القومي للمراة برئاسة سوزان مبارك يتبنى قضية الصحفية سامية عطا لله أنهم على قناعة بعدالة موقفها ، وكان من المفترض أن يتراجع محمد عبد المنعم عن مواقفه بمجرد ذكر اسم المجلس القومي للمرأة ولا يصل الأمر إلى دروب التقاضي لكن رئيس مؤسسة روز اليوسف رفض إلغاء قراراته الصادرة ضد سامية عطا الله التي لم تجد مفراً من إعلان الاضراب عن الطعام والاعتصام بمقر نقابة الصحفيين بداية من تاريخ 28 سبتمبر 2004 وكما يحدث في مثل هذا الحالة تدخل الشرطة إلى مقر نقابة الصحفيين لتحرير محضر بالواقعة وحضر أحد وكلاء النائب العام ليقدم النصح لانهاء الإضراب ، وتقوم جميع الأجهزة الأمنية برفع تقاريرها عن الحالة مباشرة إلى كبار المسئولين الذين يقومون بتوجيهها مباشرة إلى رئيس النظام الحاكم ، ومن جانبها قامت سامية عطا الله بارسال عدة برقيات إلى الرئيس ورئيس ديوان الرئيس ووزير الإعلام ورئيس مجلس الشورى بصفته رئيس المجلس الأعلى للصحافة ، ودخل اضراب سامية عطا الله الأسبوع الرابع ، ورغم التعليمات الصادرة إلى الصحف بالتعتيم على أنباء الاضراب في اطار سياسة تجاهل المشاكل والتعتيم عليها استطاع عدد من الزملاء كسر الحصار وتحدي التعليمات ونشر أنباء الإضراب ، وهذا يعني أن الموضوع أصبح معلوماً للجميع !!

أما السادة الزملاء نقيب وأعضاء مجلس نقابة الصحفيين فقد اصبحوا لا حول لهم ولا قوة في مواجهة امبراطوريات عدد من السادة رؤساء المؤسسات الصحفية ، ويا عيني اضطر نقيبنا الأستاذ جلال عارف لأن يفعل مثلي ومثل زملائي المضطهدين في الوسط الصحفي ويصدر بيانا يشكو فيه من قيام رئيس مؤسسة بارسال عدد من العاملين معه إلى مقر النقابة لافتعال المشاجرات والتعدي على الزملاء ، وقد لحقت الإهانة والمهانة بنقيب الصحفيين وسكرتير عام النقابة واثنين من أعضاء المجلس الذين وصفتهم صحيفة من صحف النظام بأنهم مخربون ، وهذا هو حال نقيب الصحفيين الذي يستطيع الاتصال مباشرة بالرئيس ورئيس الحكومة وكل المسئولين كما له من الصلاحيات إصدار قرارات باحالة من سبه وقذفه إلى تحقيق داخل النقابة ، كما له من الصلاحيات أن يتخذ من القرارات بما يؤدي إلى حل مشكلة سامية عطا الله وغيرها من عشرات الصحفيين المضطهدين والمظلومين في كافة المؤسسات الصحفية !!

ولا تعزية لنقيب الصحفيين ومجلسه ، فمن يجلسون في مقاعد السلطة في مصر يستحقون التعزية والمواساة فهم لا يستطيعون تنفيذ القانون على الجالسين في مقاعد الحكم في المؤسسات الصحفية ، والقانون لدينا لا يعطي الحق لشخص أيا كان أن يشغل منصب رئيس تحرير أو رئيس مجلس إدارة صحيفة حكومية بعد أن يتخطى سن الخامسة والستين ، لكن السيد محمد عبد المنعم تم تعيينه في روز اليوسف بتاريخ 23 أبريل 1998 بعد أن أحيل للتقاعد من صحيفة الأهرام بتاريخ 10 ديسمبر 1997 (!!!!!)

وكما أن وجود محمد عبد المنعم باطل قانونا فإن وجود إبراهيم نافع ومكرم محمد أحمد وإبراهيم سعده وغيرهم باطل بالثلث طبقاً للقانون المصري ، وارجو أن تلتمسوا لي العذر فلست على دراية بالنصوص القانونية الأمريكية حتى أفتي وأجادل أصحاب القرار في وجودهم !!
أما والحال قد صار إلى ما صار إليه فلا عجب ان نرى محمد عبد المنعم يتحدى سوزان مبارك ومجلسها القومي ولا يقيم وزناً لنقابة الصحفيين ومجلسها ، ولا حاجة للتساؤل عن اسباب قوة ونفوذ محمد عبد المنعم وأمثاله ؟!!
و سأختصر المشوار وأذكر زملائي الصحفيين المضطهدين في جميع المؤسسات الصحفية بأن السفير الأمريكي بالقاهرة أتاحت له صلاحياته التدخل لإقالة الزميل محمد الزرقاني من منصبه كرئيس لتحرير صحيفة اللواء الإسلامي – إحدى صحف الحزب الحاكم - بسبب مقال أغضب الصهاينة ، وبعد إقالة الزرقاني كتب وزير الإعلام ممدوح البلتاجي مقالاً يتضمن اعتذاراً ضمنياً عما اقترفته يدي الزرقاني التي وافقت على نشر مقال الدكتور رفعت سيد أحمد وما تضمنه من تكذيب لادعاءات اليهود عن المحرقة النازية !!
وإذا كان الأمر كذلك فهل يكون الحل لمشاكل الصحفيين عند السفير الأمريكي !!
وهل سيأتي اليوم الذي يقرر فيه صحفي مصري الاعتصام والإضراب عن الطعام داخل سفارة دولة أجنبية للمطالبة بحقوقه بدلاً من أن يلجأ إلى بيته الطبيعي في نقابة الصحفيين المصريين!!
وربما لن تكون مفاجأة إذا قلت لكم إن أحد الصحفيين المضطهدين في مصر اتخذ قراراً باللجوء السياسي لإحدى الدول الأجنبية ولكنه لم يحدد موعداً لتنفيذ قراره ، لعل أصحاب القرار في اضطهاد الصحفيين يراجعون أنفسهم !!


* كاتب المقال : رئيس تحرير "الميثاق العربي" الإلكترونية
رئيس تحرير الميثاق العربي الإلكترونية
البريد الإلكتروني