الشباب العربي يحصد ثمرات التطبيع
أتباع (عبدة الشيطان) ينتقلون من مصر إلى الأردن

بقلم : أحمد هريدي محمد

18:44 10.10.02

أصبحت الدوريات الأمنية في شوارع عمان الشرقية والغربية سمة بارزة منذ قيام الأجهزة الأمنية الأردنية بالقبض على مجموعة من أتباع جماعة (عبدة الشيطان) في 22 سبتمبر الماضي بعد ضبطهم في إحدى قاعات الاحتفال في منطقة عبدون إحدى ضواحي عمان الغربية وهم يمارسون طقوسا غريبة و يرتدون ملابس فاضحة ويتقلدون بسلاسل من ذهب ويقومون بالرقص بطريقة مثيرة على أنغام موسيقى غربية صاخبة.. بعد أن شكلوا ظاهرة أصابت قطاعات الشعب الأردني المسلم بالنفور والاستياء .

وقد استقبل الشارع الأردني هذه الإجراءات بترحيب بالغ وأصبح المواطن الأردني يتمنى استمرار حملات المداهمة التي تواصلت على أماكن تجمعات الشباب والمحلات التجارية التي تقوم بتوزيع أشرطة الفيديو وأقراص CD التي تروج لأفكار وطقوس عبدة الشيطان .

كانت سلطات الأمن الأردنية قد رصدت التحركات المشبوهة لأعضاء تنظيم عبدة الشيطان في الملاهي الليلية وقاعات اثنين من الفنادق الكبرى ومقهى كبير للإنترنت ومطعم شهير للبيتزا بالإضافة إلى التجمعات الشبابية في منطقة عبدون بعد أن أعلن عبدة الشيطان عن طقوسهم بشكل علني ورسموا شعاراتهم على جدران المنازل وقاموا بتوزيع أقراص مدمجة (CD) تروج لأفكار الجماعة وطقوسهم وموسيقى (البلاك ميتال ) ، وأفادت المعومات المتوفرة أن هذه المطبوعات الإلكترونية تم تهريبها من الخارج وقد أعلنت دائرة المطبوعات والنشر الحكومية الأردنية عن مصادرة نحو ألف شريط فيديو ومئات أقراص الكمبيوتر تروج لأفكار طائفة "عبدة الشيطان" في حملة على مراكز التوزيع و أغلقت مديرية المصنفات المرئية والمسموعة بالأردن 17 محلاً لبيع وتأجير الأشرطة لقيامها بأعمال القرصنة فضلا عن تداول أشرطة تحتوي على ممنوعات أخلاقية ودينية، لكن أعيد فتح تسعة منها بقرار من المحكمة ورغم هذه الحملات مازالت بعض الأشرطة والاسطوانات موجودة بين يدي الشباب في مناطق الشميساني وجبل الحسين .

وكان اتباع جماعة (عبدة الشيطان) قد ظهروا في الأردن منذ ثلاث سنوات وألقت أجهزة الأمن الأردنية القبض على عدد من أتباع الجماعة واختفت الظاهرة لفترة مؤقتة لكنها عادت مرة أخرى مع انتشار تعاطي المخدرات بين الشباب الأردني ، ومع اتجاه الحكومة الأردنية المتشدد في مواجهة تلك الظاهرة ونجاحها في الحد من تعاطي المخدرات اتجهت أنظار أجهزة الأمن إلى القضاء على عبدة الشيطان .

وقد أرجع المراقبون بداية مظاهر الانحراف في الشارع الأردني إلى التطبيع مع العدو الصهيوني بعد اتفاق وادي عربة عام 1994 حيث نجح العدو الصهيوني في زرع بذور الانحراف في المجتمع الأردني .

وكما ظهر عبدة الشيطان في الأردن ظهروا من قبل في مصر و أواخر سنة 1996م وأوائل سنة 1997م . وضبطت الشرطة نحو 140 فرداً منهم من الذكور والإناث ، كانوا جميعاً من أولاد الطبقة الغنية التي استحدثها الانفتاح الاقتصادي والثقافي .

وقد اعترف المقبوض عليهم من أعضاء جماعة عبدة الشيطان في مصر بأن جذور اعتناق الشباب المصري لهذه الأفكار جاءت من خلال مجموعة من الإسرائيليين عبر منفذ طابا عن طريق استدراجهم بالجنس والمخدرات والخمور و أن هدفهم اعتناق الفكر المنحرف ، والترويج له ، والدعوة إلى عدم الإيمان بالله ، وإنكار الذات الإلهية ، وتقديس الشيطان باعتباره القوة العظمى التي تحرك الحياة والبشر ، وأثبتت التحقيقات أن منظمات وهيئات خارجية تخطط لنشر الفكر المنحرف .

وقد أعلن مفتي الديار المصرية الأسبق الشيخ نصر فريد واصل أن (عبدة الشيطان) مرتدون عن الدين ، ونظراً لحداثة سنهم يجب استتابتهم فإن رجعوا عن أفكارهم الفاسدة يمكن العفو عنهم ، وإن أصروا على الانحراف ينفذ فيهم حكم الشرع .

وفي رأي الدكتور عبد الوهاب المسيري أن إبليس في عبادة الشيطان ليس كائن له قرون وذيل ، وإنما هو يتمثل في فكرة إنكار الحدود وإعلان الذات والإرادة ، وهي فكرة محورية في الحداثة الغربية ظهرت في الرؤية الداروينية الاجتماعية ، والفلسفة النيتشوية التي تهاجم العطف والمحبة والعدل والمساواة باعتبارها أخلاق الضعفاء ، والعالم في منظورها ليس سوى خلية صراع لا يوجد فيه عدل أو ظلم ، وإنما فقط قوة وضعف ، ونصر وهزيمة ، والبقاء ليس للأفضل ، وإنما للأصلح من منظور مادي أي للأقوى ، وإذاً فهناك مطلق واحد هو إرادة الإنسان البطل القوي المنتصر : الإنسان المتأله ، أي الشيطان بالمعنى الفلسفي .

وقد نبهت وسائل الإعلام في مصر إلى بعض غرائب هذه الجماعة ، منها مسألة نبش القبور السابق ذكرها ، وعادة ما يذهبون نهاراً إلى المقابر خاصة مقابر الكومنولث بمصر الجديدة ويقومون بالنبش والبحث عن جثث الموتى ، ويتراقص كبيرهم فوق الجثة التي يعثرون عليها ، وغالباً ما يفضلون الجثث حديثة الوفاة ، ويذبحون القطط باعتبار نفوسها من الشيطان كما في الفولكلور المصري ، ويشربون من دمائها ويلطخون أجسادهم ووجوههم بها ، ثم يذهبون إلى الصحراء ليعيشوا فيها أياما لا يضيئون شمعة وإنما يحيون في الظلام ، وعلامتهم بينهم رفع إصبعين رمز الشيطان ، وتلك الإشارة هي السلام فيما بينهم .وقيل في تبرير نبش القبور والمبيت في الجبانات إنه لتقسية قلوبهم ، ولمعاينة العدم والشعور به محسوساً ، والتدريب على ممارسة القتل دون أن تطرف لهم عين . وقيل عن تلطيخ اليدين والجسم بالدم إنه ليكون العضو دموياً عنيفاً لا يخشى الموت ، ولا يرهب القتل ، ويتأبى على الخضوع لأحد ، ويزيد إحساسه بالقوة ومن علامات الإناث عابدات الشيطان طلاء الأظافر والشفاه باللون الأسود ، وارتداء الملابس المطبوع عليها نقوش الشيطان والمقابر والموت ، والتزين بالحلي الفضية ذات الأشكال غير المألوفة التي تعبر عن أفكارهم ، مثل الجماجم ورؤوس الكباش ويخزن شرائط كاسيت مسجلاً عليها أغان فيها ازدراء للدين .

وكما كان المقبوض عليهم في مصر من الطبقة الغنية كانت نفس النوعية في العاصمة الأردنية عمان مع الاختلاف في أسلوب المعالجة الأمنية الأكثر حزما وحسما في المملكة الأردنية .
عمان - أحمد هريدي محمد
كاتب المقال عضو نقابة الصحفيين بالقاهرة
البريد الإلكتروني للكاتب

ahmedharidy2@hotmail.com