يا شارون، يا ملك إسرائيل، أنت يا أيها المتوّج آمراً ناهياً على عروشنا العربية البعيدة والقريبة، أنت يا ملك الملوك، يا صاحب الأذرع الطويلة، والقوى البهيلة، أيها القادر على زعزعة أمن المستقر، وإقرارا حكم الذي يخرّ، أنت وحدك، ومن سواك يا ملك إسرائيل قادر على جعلنا أمة عربية واحدة، تترنم باسمك من المحيط إلى الخليج، تسحرنا أنفاسك العطرة، وترطب جبيننا حبات عرقك، أنت يا شارون، يا أيها الآمن من حيث ارتعبنا، ويا أيها المالك من حيث افتقرنا، ويا أيها القادر من حيث عجزنا، ويا أيها المانح من حيث منعنا، ويا أيها الباسط من حيث قبضنا.
يا شارون، اجعلنا أمة عربية واحدة، ومن سواك لهذه المهمة الصعبة، أنت يا ملك الشرق والغرب، يا أيها الرجل الذي دانت لسطوته الملوك والرؤساء، فلم يحدث في تاريخنا الحديث أن أجمعت قيادات العرب على واحد سواك، ولم يسبق أن تنافس العرب على زيارة إسرائيل، والسعي إلى لقاء من ترتضيه، ورجاك، فأنت الذي انحنت لشفرة سيفه الرقاب، وتكسرت من تحت قدميه الصعاب، وتسابق لمرضاته البعيد من العرب قبل القريب، والمعافى منهم قبل المريض، والغني قبل الفقير، والمستقر قبل المزعزع، أنت يا شارون، يا من يأتي إليك العرب زحفاً، وعلى أربع، يزفزفون تحت أقدامك ركعا ًخنع، يطلبون رحمتك، ويتوسلون عدلك، وينشدون سلامتهم ويستعطفون أمنك، وأجهزة مخابراتك، فلا قوة للعرب الممزقة إلا ما منحت، ولا حول للعرب المتنافرة إلا ما سمحت، أنت الذي ينتظر على بابك كل ملتاع إلى قوة الحكم، وكل مشتاق إلى بطش القوة.
يا شارون، يا ملك إسرائيل، نحن أبناء إسماعيل، نقف على بابك، وننتظر جوابك، ولا مطمح لنا غير عطفك، ولا مطمع لنا غير كرمك، وحسن نواياك في تخليصنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات إرهابنا، ومن سعة أحلام أطفالنا، خلصنا من وسوسة شيطان أبنائنا وبناتنا وهم يرددون ما تعفن من كلام، مثل الحرية الكرامة والنخوة والشهامة والهمة والمجد والشهادة وأتمم ما ظهر علينا من نقص في الكبرياء والإباء، والوفاء، والرجاء ونرجوك أن تمنحنا صفوة الحكم باسمك، واستقرار سيادتنا لطاعتك، ورخاء عيشنا لعزك، وسلامة لفظنا لمجدك أنت يا ملك إسرائيل.
يا شارون، سنحترم يوم السبت، ولكن تفضل علينا ولا تحرمنا من بركات يوم الجمعة، وسنحارب الإرهاب، ونحرّم في بلادنا تداول الحِراب، ولكننا نرجوك أن تصرِّح لنا بحمل بعض السلاح، واستعمال كل القوة والبطش ضد من تسول له نفسه شق عصا الطاعة على نفوذك، واجتياز مساحة حكمنا الممنوح من أجهزة أمنك، يا شارون، أبواب دولنا مشرعة لمن تسمحون له بفائض الحياة، وتأدية فرائض الصلاة، ولمن تعطفون عليه بحق المواطنة، ولمن تأذنون له بإمكانية الانتقال، وحرية الحركة، ولا تقلق يا شارون، فكل شأنك شأننا، وشأننا مرضاتك، وكل شائك من القضايا نقلع شوكه بأصابعنا، وكل ما استعصي عليك نحن نذلله إليك، سنعوّض اللاجئين اليهود عن أملاكهم في الدول العربية، ولكل يهودي ما يشاء من حقوق الحكم والملكية، وحقوق المواطنة والجنسية، ولكل يهودي الدنيا والآخرة، وسنعاقب الذين يدعون أنهم لاجئون فلسطينيون، سننفي هذه التهمة عنكم، سنغسل أدمغتهم، ونبرئكم، وسنزرع الذاكرة اليهودية في كل عقل، وسنحذف كل قول لا ينسجم وقولكم، ونحرّف كل مأثور لا يصدق تاريخكم، إن أورشليم عاصمة دولتكم، وسنغلق كل فم لا يسبح بحمدكم، سنشكر فضلكم، ولكننا نستأذنكم يا شارون، ونحن نتذلل لكم، أن ترفعوا الحدود بين الممالك العربية، فذلك أدعى للاستقرار، وأضمن للتنمية والازدهار.
نحن يا ملك إسرائيل، أمة العرب التي نتّفت ريشها، وأذبت شحمها، وأكلت لحمها، وسحقت عظمها، نحن أمة العرب، فلا نحن قادرون على التحليق بأجنحتنا، ولا نحن قادرون على نقر العلف من تحت أقدامنا، ولا نحن قادرون على الحركة، ولا على التفكير السوي وتوسل البركة، ولا قادرون على إدارة أنفسنا، نحن كالثوب الخلق، أو كالطريدة في الشرك، نستأذن جيشك الذي لا يقهر، أن يدهك بنعاله ممالك العرب، وأن يفرض نفوذه المباشر علينا، وأن يسيطر على منعطفات حياتنا، مباشرة دون وسطاء.
يا شارون، نسألك أن توحد مصيرنا، فنحن أمة واحدة، وأخوة نتمزق بين دول تتمزق إلى دول، ارفع من شأننا بين الأمم يا شارون، كي ننصاع لك أكثر، فإن المجد يفرض عليك أن تحكم الشرفاء لا التربع على صدر الأذلاء، وأنت صانع مجد إسرائيل الذي أضعناه، فارفع عنا عصف الغرباء، وتمرد الضعفاء، وانصرنا على النفس الجشعة فينا، الباحثة عن الملك والحكم و السيادة، والتسلط والتجبر والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف.
ملاحظتان :
1- يتواصل التهافت العربي من الشرق إلى الغرب، وبكل المستويات على زيارة إسرائيل، والتودد إلى شارون.
2- تواصل إسرائيل تعزيز قدراتها العسكرية، فقد صادقت لجنة برلمانية خاصة في الكنيست الإسرائيلي على ميزانية الأمن الإسرائيلية لعام 2005، حيث بلغت هذه الميزانية 42 مليار شاقل، أي ما يقارب "10 مليار دولار".
د. فايز صلاح أبو شمالة
- تاريخ النشر : 28-02-2005