نائب الرئيسِ رئيس بالانتخاب ؟
د. فايز صلاح أبو شمالة
لقد منح الشعب العربي الفلسطيني الرئيس أبا مازن الثقة في الانتخابات العامة، وبغض النظر عن النسبة المئوية، فإن هذه الثقة التي يتمتع بها الرئيس تعطيه الشرعية في اتخاذ القرارات المصيرية، ومن المؤكد أن هذه الشرعية تنتقل بالتكليف المباشر من الرئيس المنتخب إلى نائب الرئيس في حالة غيابة، أو سفره، أو مرضه، ولكن لا تستمر هذه الصلاحية الممنوحة للنائب في الحالة التي يشغر معها موقع الرئيس بالموت أو الجنون، أو مبطلات الرئاسة بشكل عام؟ أي لا يستطيع نائب الرئيس غير المنتخب من الشعب أن يواصل ممارسة صلاحيات الرئيس المنتخب؟
إن احتمال تغيب الرئيس الفلسطيني أبو مازن ـ الأعمار بيد الله ـ لأي سبب من الأسباب وارد، عندها سيكون الشعب العربي الفلسطيني تحت إمرة نائب الرئيس الذي سيضطر لاتخاذ قرارات مصيرية، ولكنه يعرف والشعب يعرف أنه دون تفويض، فإذا إشتغر الأمر عليه، فقد ثقته بقدراته التي لا تستمد إلا من الصندوق الانتخابي، وهنا يكمن الخطر؟
لقد عبرت على شعبنا تجربة وفاة الرئيس أبي عمار، ورغم المفاجأة، نحج السيد روحي فتوح ـ وفق القانون ـ في إشغال الفترة الانتقالية، إلى حين تم إجراء الانتخابات الرئاسية، لقد اجتاز شعبنا بسلام أقسى فترات الفراغ القيادي.
ولكن إن كان لا بد من نائب للرئيس تحوطاً من سيء الأيام، فلا بأس أن يكون منتخباً، يمارس صلاحيات النيابة مكلفاً من الرئيس في حياته، ويمارس صلاحيات الرئيس بثقة الشعب في وفاته، ولكي لا يقال: كيف، ومتى ستجري انتخابات نائب الرئيس؟ أقول: عندما تبدأ انتخابات التشريعي، تضاف بطاقة انتخابية باسم نائب الرئيس، ويتنافس على الموقع من أراد من كافة التنظيمات الفلسطينية، ومن المستقلين، ومن حق الجميع أن يحلم، أو يخطط لأن يكون نائباً للرئيس، ويشارك في الانتخابات، وليس المنصب حكراً على أحد بعينه.
ما كان لشارون أن يعين يهود أولمرت نائباً لرئيس الوزراء، لو لم يكن عضو كنيست منتخب، تمتع بالثقة البرلمانية قبل أن يمنحه نيابة رئيس الوزراء، ولقد دخل بوش الانتخابات، وهو يعلن للناخبين أن نائبة هو ديك تشيني، أي أن الناخب منح الثقة للرئيس ونائبة في نفس الحين، وما كانت يوماً تجربة الأنظمة غير الديمقراطية قدوة لشعب يتلمس طريق ديمقراطيته.
إن الشعب الفلسطيني مستعد ليكون أكثر انصياعاً لقرارات نائب الرئيس المنتخب، وسيكون أكثر تمرداً على قرارات نائب رئيس استنبت في دفيئة، وجيء به على عجل.
د. فايز صلاح أبو شمالة
fshamala@yahoo.com
تاريخ النشر : 11/06/2005