مرور 34 سنة على أنقلاب السادات (الجزء الثاني)
دراسة أعدها : محمد فؤاد المغازي


  • أحداث مايو 1971
  • هـل كانت صراعــــا على .. السلطــة
  • أم خلافـــــا على إدارة .. السلطــة


  • محمد فؤاد المغازي
    في العدد الأول تعرضنا إلي تحديد موقع أطراف الصراع أو الخلاف في جهاز السلطة، وتبين لنا أن موقع السادات في السلطة وتأثيره كان محدودا للغاية إذا ما قورن بالمواقع الجوهرية والرئيسية التي كانت في حوزة القيادات الناصرية.

    الأمر الذي كان دوما موضع تساؤل من قبل الباحثين، والأجيال الناصرية سواء التي عاشت عصر الثورة أو الأجيال التي جاءت من بعد أحداث مايو 1971..وقد يكون في هذا العدد والأعداد القادمة تفسيرا أو مدخلا في فهم هذا الحدث الذي أثر في تغيير الخريطة السياسية والاجتماعية والمستقبلية لمصر والعالم العربي.

    السادات..وهدفه المرحلي:
    لتفسير الأحداث التي جرت في مايو1971، قدم أطراف الصراع أو الخلاف رؤية تنفي كل منهما الأخرى وتنقضها:

    الرؤية الأولي..كانت رؤية السادات وأفراد معسكره فوصفوا ما جرى من أحداث بأنها كانت محاولة فاشلة قامت بها جماعة من الأفراد استهدفت السيطرة الكاملة على مقاليد السلطة في مصر، وبدافع إخضاع مؤسسة الرئاسة لسيطرتهم، وأن ما قامت به هذه المجموعة، يمثل انقلابا على الشرعية الدستورية والسياسية في مصر.

    ووفقا للقاعدة التاريخية التقليدية والتي تقول: بأن المنتصر هو الذي يكتب التاريخ. توفر للسادات ولأفراد معسكره الفرصة والقدرة على إيصال رؤيتهم للرأي العام المحلي والعربي والدولي عبر أجهزة الدعاية والإعلام.

    ونجح جهاز الدعاية للنظام في إظهار السادات أمام الرأي العام في صورة ضحية لمؤامرة فاشلة، قامت بها جماعة متسلطة تسعى إلي فرض إرادتها ووصايتها على الشعب المصري، بدعوى أنهم ناصريون..والأمناء على تاريخ عبد الناصر والناصرية.

    الرؤية الثانية..كانت رؤية القيادات الناصرية..تنفي عن نفسها تهمة التآمر، وتصف ما جري من أحداث في مايو 1971 بأنه لم يكن صراعا على السلطة وإنما خلافا حول التعامل مع قضية الحرب والسلام وأسلوب الحكم.

    غير أن رؤية القيادات الناصرية لم يتاح لها أي فرصة كي تصل إلي الرأي العام فظلت محجوبة لسنوات طويلة. ثم تكشف فيما بعد أن الخلاف بين السادات وبعض رموز القيادات الناصرية يرجع إلي مراحل سابقة وفي وجود الرئيس جمال عبد الناصر..لم يكن الرأي العام على دراية بها. وسوف نتعرض لها بالسرد والتحليل، لأنها تمثل أهمية في توضيح وتفسير الدوافع التي ساهمت في أحداث مايو عام 1971. ([1])

    كانت فكرة الصراع على السلطة في مصر قائمة. فقد شهد النظام الناصري وفي وجود عبد الناصر صراعا على السلطة، تمثل في المحاولة الانقلابية التي قام بها عبد الحكيم عامر ضد عبد الناصر _بعد الهزيمة العسكرية في يونيو 1967_ على الرغم من العلاقة الحميمة التي كانت تربط بين الاثنين منذ بداية التخطيط للثورة وحتى 5 يونيو 1967.

    كذلك لم يخفى جمال عبد الناصر أن نظامه كان يضم في داخله العديد من الأحزاب الغير معلنة، وكان هذا في حضور وأمام أغلب القيادات الناصرية التي أطاح بها السادات فيما بعد. فتحدث في اجتماع مجلس الوزراء عن ظاهرة الصراع على السلطة داخل النظام الناصري فقال:" رغب عبد الحكيم عامر في بناء نفسه مستخدما الجيش، ورغب زكريا محي الدين في بناء نفسه مستخدما البوليس، ورغب السادات في بناء نفسه مستخدما مجلس الأمة، ورغب على صبري في بناء نفسه بالاتحاد الاشتراكي، وبهذا حدث تفسخ في النظام." ([2])

    وأضاف عبد الناصر من خلال النقد الذاتي المتواصل لتجربته ولنظامه، بأن نظام الحزب الواحد تحدث فيه دائما صراعات في القمة على السلطة وضرب مثلا بما يجرى في الصين. لهذا، كان من الطبيعي بل ومن المفترض، أن كلا الطرفين السادات والقيادات الناصرية قد سمع ووعي ما قاله جمال عبد الناصر، وبدء تعامله مع الطرف الآخر من منطلق الشك في النوايا والأهداف كحد أدني، وبالتالي فإن فكرة الانقلاب..فكرة واردة وغير مستبعدة من قبل الطرفين.

    وأن كلا الطرفين يمتلك آليات القدرة على القيام بالانقلاب، وإن كانت فرصة التفوق والنجاح إلي جانب القيادات الناصرية _نظريا وعمليا_ بالمقارنة بفرص السادات..الذي كان مدركا تماما لضعف موقفه بسبب الخلل القائم في موازين القوة في قمة هرم السلطة لصالح القيادات الناصرية، وأن الخلل القائم في موازين السلطة قد يغري الطرف الأقوى بالقيام بالانقلاب عليه.

    وإذا كان القبول من جانب السادات باستمرار الخلل في موازين القوة بينه وبين الناصريين في مرحلة انتقالية سابقة مهدت له الوصول إلي رئاسة الجمهورية العربية المتحدة، كخطوة تكتيكية فرضها الواقع السياسي وظروف وفاة عبد الناصر الفجائية..إلا أن القبول باستمرارها يمثل خطرا قائما قد يطيح به في أي لحظة. من هنا تحدد
    هو واقع محفوفا بالمخاطر قد تحدث في أي وقت وقد تطيح به خارج النظام والسلطة. وعليه تأسس الهدف المرحلي للسادات بشكل محدد نحو تصحيح الخلل في موازين القوة في هرم السلطة، أي الانقلاب على القيادات الناصرية والتخلص منهم قبل أي شئ آخر.

    يذكر السادات في كتابه البحث عن الذات على أنه:" منذ أول يوم توليت فيه، استيقظت في إرادة التحدي." ([3])

    " في أول اختبار قوة معي لكي يفرضوا _أي الناصريون_ الوصاية على قراراتي...كان واضحا أن الصراع في أوجه، فإما أن يجهزوا على وإما (على الأقل) أن يحدوا من سلطتي نهائيا بحيث لا أستطيع أن أتخذ أي قرار إلا بموافقتهم." ([4])

    لقد ورد في مذكرات السادات وخطبه وتصريحاته .. بأنه كان يقظا وحذرا تجاه القيادات الناصرية. وهذا يفسر لنا ويكشف عن رؤية السادات الواضحة لخريطة الصراع والقوى الفاعلة فيه، ومن ثم تحديد الأهداف. فلم يكن صعبا على السادات أن يدرك السيطرة الواضحة للقيادات الناصرية على مؤسسات الحكم، وأن سيطرته المحدودة والمقيدة انحصرت في مؤسسة الرئاسة.

    كما بات واضحا للسادات ومؤيديه أن حسم الخلاف أو الصراع على قمة الهرم السياسي في مصر أصبح متوقفا بالدرجة الأساسية على كيفية إدارة هذا الصراع. لهذا، كان على السادات ومؤيديه منذ البداية أن يتوصلوا إلي بدائل من شأنها، أن تدعم من قوته، وتضعف من قوة خصومه من الناصريين. وكانت هذه البدائل من وجهة نظرنا هي:
    _ التوجه مباشرة إلي الرأي العام المصري والعربي لكسب تأييده، كبديل عن تأييد المؤسسات السياسية والتنفيذية والدستورية التي تسيطر عليها القيادات الناصرية:

    1_ فعلى المستوي المحلي: ظهور السادات أمام الرأي العام العربي بأنه الناصري رقم واحد.

    2_ على المستوي الإقليمي: الاستمرار في التأكيد على ترويج مصطلحات الوحدة العربية، والأمة العربية الواحدة، والدفاع عن الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، باعتبارها القضية المركزية لحركة التحرر العربية، كما كانت في عصر عبد الناصر.

    3_ على المستوي الدولي: أن تستمر سياسات مصر المعلنة، كما كانت أيام حكم عبد الناصر، ولكن بمزيد من المبالغات يظهر فيها السادات تشدده في رفض الشروط الإمبريالية الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والتي تصب في النهاية لصالح إسرائيل. وأن يشيد بدور الاتحاد السوفيتي، بهدف كسب تأييده، أو على الأقل تحييده.

    السادات..الناصري الأول:
    " لم يكن السادات يعشق السينما فقط..وإنما كان يتمنى أن يصبح من نجومها..ومنذ فجر شبابه وهو يحلم بالوقوف أمام كاميرات السينما..ففي سنة 1936، كان لم يزل طالبا بمدرسة "رقى المعارف" الثانوية عندما استجاب لإعلان بطلب وجوه جديدة، فأرسل صورة فوتوغرافية..وكتب يصف نفسه " بأنه طويل..وسطه رفيع جدا..وصدري مناسب..وسيقاني قوية..متحكم في صوتي، فتارة تجدني أقلد يوسف وهبي..وتارة تجدني أقلد صوت أم كلثوم. ونشرت مجلة (روز اليوسف) سقوط السادات أمام لجنة التحكيم في امتحان التمثيل. ([5])

    ومع أنه لم يصبح ممثلا، فإنه ظل أسيرا لهوايته، حتى عندما أحترف السياسة، وهذا رأى يجمع عليه أنصاره وخصومه...بل وباعترافه الشخصي. حتى المراقبين الأجانب قد لاحظوا عليه ميله الفطري للتمثيل. فتصفه دورين كايز مراسلة إحدى شبكات التلفزيون الأمريكية، فتقول:"...إن موهبة السادات في التمثيل كانت موهبة فطرية، وكانت تقوده إلى نوع من الأداء المأساوي_الكوميدي." ([6])

    أما الأستاذ محمد حسنين هيكل فيصف هذا الجانب من شخصية السادات بقوله:" كانت مشكلة السادات أنه أبن عصر التلفزيون لم يستطع مقاومة إغراء الإفراط في استغلاله، لقد كان أول فرعون في تاريخ مصر جاء إلى شعبه مسلحا بكاميرا. وكان أيضا أول فرعون يقتله شعبه...وعندما اختفى وجهه عن الظهور على شاشات التلفزيون بدا وكأن أحد عشر عاما من حكمه قد تلاشت بلمسة على زر...إن السادات "الهارب" أصبح السادات "الحالم"، والسادات "الحالم" تحول إلى السادات "الممثل". ففي معظم حياته كان السادات يمثل دورا في كل مرحلة وفى بعض المراحل كان يمثل عددا من الأدوار في نفس الوقت. إنه لم يكف أبدا، ولم يخف على أي حال انبهاره بالتمثيل وغرامه به، وإن فضل دائما أن يخفى الأسباب التي دفعته إلى انتحال شخصيات أخرى غير شخصيته الحقيقية." ([7])

    لقد استفاد السادات من هذا الخلط، بين السينما ورئاسة الجمهورية. فوظف السادات موهبته في التمثيل في خدمة دهائه في السياسة، ووظف الاثنين معا في خدمة طموحاته، غير أن الثمن كان باهظا لأنه كلفه حياته.

    لقد بدأ دور السادات على المسرح السياسي في 7/10/1970، عندما القي خطابه في مجلس الأمة بعد ترشيحه لمنصب الرئيس فتعهد للمصريين أن يلتزم بالناصرية عقيدة وسلوك:" لقد جئت إليكم على طريق عبد الناصر وأعتبر ترشيحكم لي بتولي رئاسة الجمهورية، هو توجيه بالسير على طريق عبد الناصر، وإذا أدت جماهير شعبنا رأيها في الاستفتاء العام "بنعم" فأنني سوف أعتبر ذلك أمرا بالسير على طريق جمال عبد الناصر، الذي أعلن أمامكم بشرف، أنني سأواصل السير فيه على أية حال، ومن أي موقع.

    ثم أضاف"…لقد وضعت لتفكيري كله قاعدة واحدة: هي أن أبدأ كل تصرف بسؤال محدد هو: ماذا كان يطلب منا لو أنه كان ما زال بيننا، وكنت على ضوء معرفتي به، رفقة ثلاثين سنة، وزمالة نضال ومعركة وراء معركة، وفهم صديق لصديق." ([8])

    كما شمل أدائه الدرامي مشهد انحنائه أمام تمثال نصفي للرئيس جمال عبد الناصر وضع في بهو البرلمان المصري بعد وفاة جمال عبد الناصر. وعلى الرغم من تصرف السادات المنافي للتعاليم الإسلامية، حيث لا انحناء إلا لله، سوف يلقب فيما بعد بالرئيس المؤمن.

    حتى إنحاءه أمام تمثال لناصر كان منافيا لصيحة عبد الناصر الشهيرة التي أطلقها بعد نجاح الثورة " أرفع رأسك يا أخي..فقد مضى عهد الاستعباد".

    لكن ما ظل في ذاكرة ووعي الجيل الذي عاصر تلك الفترة، تلك الجملة التي رددها السادات.." لقد جئت إليكم على طريق جمال عبد الناصر". تلقفها على الفور الشعب المصري بالتعليق عليها وحولها إلي نكتة سياسية..تقول: أنه جاء على طريق جمال عبد الناصر، لكن بأستيكه..تعبيرا أنه جاء ليمحو طريق عبد الناصر.

    والغريب أن الدعابة التي أطلقها المصريون على السادات من قبل أن يبدأ في تطبيق ما قالت به "النكتة" التي بلورت شعورا وتوقعا على درجة عالية من الشفافية، حيث تنبأت بما سوف تأتى به الأيام وبشكل دقيق للغاية. فما توقعه المصريون وعبرت عنه النكتة المصرية، أصبح فيما بعد واقعا عندما شرع في هدم المشروع الناصري.

    بعد الخطاب القصير والدرامي أمام البرلمان المصري قدم السادات نسخة من برنامج 30 مارس الذي أصدره عبد الناصر عام 1968 استجابة لمطالب الطلبة والعمال عام 1968، على اعتبار أن برنامج ناصر هو برنامجه.
    ............

    أستمر السادات يكيل المديح لجمال عبد الناصر، ويشيد بصفاته، فأصبح عبد الناصر على لسان السادات وبشهادته، هو القائد، والأخ، والصديق، والزعيم، والمعلم، والملهم، هو البطل التاريخي الذي أيقظ أمة بأسرها، وواضع البذرة الأولى لكل فكر جديد والملهم لكل الثورات على الأرض العربية، قبله لم تكن هناك حقوق اجتماعية لجماهير الشعب ولا كان للعمال والفلاحين دورا وهم الأغلبية.

    وفي أول خطاب له بعد انتخابه رئيسا للجمهورية عاد مرة أخري فأكد على ما سبق وتعهد به " لقد تلقيت أمركم وادعوا الله أن يكون أدائي للمهمة التي كلفتموني بها على نحو يرضاه شعبنا، وترضاه أمتنا، ويرضاه المثل الأعلى الذي وضعه القائد الخالد ( عبد الناصر) وأعطاه كل شئ من الحياة إلي الموت." ([9])

    كما ارتبط أسم جمال عبد الناصر في مفردات الخطاب السياسي للسادات بالعديد من الصفات الإيجابية، ففي واحدة من خطابات السادات ذكر أن عبد الناصر كان ولا يزال يمثل بالنسبة له:"…أخي وصديقي وأستاذي ومعلمي جمال عبد الناصر..فخريطة الشرق الأوسط وما تغير فيها تتحدث عنه صلاتنا بالدنيا وبالعصر تتحدث عنه، أهداف نضالنا وشعارات كفاحنا والأعلام التي نرفعها فوق المسيرة العربية في كل قطر تتحدث عنه.

    بل أقول أن مواجهتنا للظروف التي داهمتنا برحيله عنا فجأة..تتحدث عنه..لقد كان من أعظم منجزاته أنه لم يفتح الطريق فحسب، وإنما رسم مساره نحو الهدف…وهذه شهادة أخري لجمال عبد الناصر..لقد كان في وجوده إلهاما لأمته وهو بعد رحيله إلهاما لأمته..ذلك شأن قادة مراحل التطور الحاسم عبر مسار التاريخ.

    لا تضيع مبادئهم بذهابهم ولكن تزداد قوة..ولا تسقط أعلامهم برحيلهم ولكن تزداد علوا. ولا ينفض الناس بعدهم وإنما يزدادون تضامنا واقترابا لأن إحساسهم بأهمية المبدأ يزداد بعد ابتعاد القائد الذي كان وجوده في حد ذاته تجسيدا لهذا المبدأ." ([10])

    وأخذت مبالغات السادات في تصاعدها إلى أن أوصلته إلي تجاوزات تمس تاريخ الشعب المصري ونضاله..فقد أوصله النفاق السياسي إلي القول:" قبل جمال عبد الناصر لم نكن نقاوم..بل حتى لم نكن نتألم." ([11])

    ونحن لا نخفى إعجابنا الشديد بأداء السادات الممتاز، فقد نجح بالفعل في أن يرسخ صورته عند الغالبية الكاسحة من العرب والمصريين بأنه الأمين على تاريخ عبد الناصر، والحريص على استمرار الناصرية، وكان من المستحيل على أي ناصري أن يشكك في ولاء السادات لعبد الناصر باعتباره الناصري رقم واحد.

    وخطى السادات خطوة أخرى، أكثر ذكاء ودهاء، فقد أعترف بعجزه بأنه غير قادر على ملأ الفراغ الذي تركه ناصر، لذا فهو يرى توزيع المسئوليات التي كان يتحملها ناصر البطل التاريخي، وفسرت هذه الخطوة آنذاك على أنها بداية نحو المشاركة الجماعية في صنع وإصدار القرار السياسي. ووقع في الفخ كبار المحللين السياسيين وأولهم رموز التيار الشيوعي والماركسي في مصر، ففسروا هذه الخطوة بأنها خطوة نحو البدء بإرساء قواعد الديمقراطية السياسية.

    وفي خطاب آخر المح السادات أنه عازم أن يفسح المجال لمشاركة جماعية في إدارة شئون الحكم واتخاذ القرار" لقد تركنا عبد الناصر وترك في أعناقنا مسئولية..إنها ليست مسئوليتي وحدي وإنما هي مسئولية كل واحد منكم. وعليكم أن تحافظوا على الأمانة. حتى نحافظ على المكانة التي أوصلنا إليها جمال عبد الناصر." ([12])

    ونشير هنا، إلي أن النجاح الذي حققه السادات في تعامله مع الرأي العام المصري والعربي، يعود إلي الأستاذ هيكل وتوجيهاته ونصائحه التي وفرت له الاختيار الأفضل للقضايا والحركة والتوقيت بشكل مدروس النتائج. فهو الذي أشار على السادات أن يركز في أحاديثه الموجة للرأي العام على قضية الديمقراطية، باعتبارها القضية المركزية لسياساته المستقبلية.

    وذكر هيكل أنه قال:" للسادات بالحرف…سيادة الرئيس الناس لا يهمهم إذا كانوا منعوك أو لم يمنعوك من المفاوضة مع روجرز، أن هناك قضية أخري تسبق غيرها من القضايا الآن في ضمير الناس وهي قضية الديمقراطية هذه القضية التي أتصور أن يتركز عليها كل خطابك الآن، ورحت أجادل الرئيس حتى أقتنع في النهاية بأن لا يشير على الإطلاق إلي حكاية منعه من التفاوض مع روجرز، ويركز بالكامل على قضية الديمقراطية." ([13])

    السادات..أكثر القادة العرب حرصا على فلسطين:
    لم يبتعد السادات عما كان يطرحه عبد الناصر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وبكونها القضية المركزية للعرب. فيعلن السادات أن إسرائيل تشكل إحدى جبهات الاستعمار التي تضم إلى جانب إسرائيل، الصهيونية العالمية المدعومة بقوة الولايات المتحدة الأمريكية، يضاف إليهم الاستعمار العالمي وهؤلاء جميعا هم أعداء الأمة العربية ونحن في صراع مصيري معهم جميعا. ([14])

    وأمام ضباط القوات المسلحة المصرية طلب السادات منهم اليقظة ولابد أن تتخذ كافة الإجراءات لمواجهة عدو "...خائن وسافل وغادر لا يتورع عن أي شئ." ([15])

    كان الالتزام _الظاهري_ في الخطاب السياسي للسادات والمرتبط بقضية الصراع العربي_الإسرائيلي، هو الوصول إلي تحقيق هدفين:

    الهدف الأول: انسحاب إسرائيلي من كل الأراضي التي احتلت عقب حرب 5 يونيو 1967.

    الهدف الثاني: تطبيق قرارات الأمم المتحدة بخصوص حقوق الشعب الفلسطيني، ولقد ذهب السادات في تفسيره لقرار 242 إلي.." أن الحل العادل لا يمكن أن يكون له مرجع غير مجمل قرارات الأمم المتحدة الصادرة في ذلك الشأن منذ عام 1947 إلى اليوم." ([16])

    (ونحن نعتقد أن ما ورد في خطاب السادات بخصوص المنهج وإدارة الصراع مع العدو الصهيوني نجد مصدره في كتابات الأستاذين هيكل وأحمد بهاء الدين، وكانت هي النصيحة التي أشاروا بها على ياسر عرفات.)

    وتعهد السادات أمام البرلمان المصري بعدم التفريط أو المساس في حقوق الشعب الفلسطيني مؤكدا على:"...الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني، لأننا لا نستطيع ولا نملك أن نتحدث عنه، فضلا عن أن نتنازل أو نعطى باسمه. وإذا لم نستطع أن نستخلص منها أكثر، فعلى الأقل، لا نتحمل قوميا أو تاريخيا أو ضميريا مسئولية التفريط في أي شئ من هذه الحقوق." ([17])

    كما أكد عن تمسكه بمبدأ عدم التفاوض مع العدو الصهيوني التي رسخها جمال عبد الناصر:

    " فليس هناك نصف خضوع فيما يتصل بالمبادئ المقدسة، وأقدسها سلامة الأوطان فإن التنازل عن أي شئ، يعنى التنازل عن كل شئ، والسلام إذا لم يرتبط بالعدل لا يصبح سلاما، وإنما يصبح قبولا بالأمر الواقع المفروض بقوة العدوان، وهو ما لا نستطيع قبوله أبدا." ([18])

    السادات..يبني جسور الثقة مع الاتحاد السوفيتي:
    يذكر محمود رياض وزير الخارجية المصري، أن السادات قد طلب منه إضافة فقرة إلي البيان السياسي الذي صدر عقب وفاة ناصر مباشرة. وقد ورد في هذه الفقرة.." تمسكنا بالعلاقات الوثيقة مع الاتحاد السوفيتي لدعمه لنا في معركة التحرير." ([19])

    هذه الفقرة تظهر إلي أي مدي كان السادات أكثر الأطراف صفاء ووضوحا فيما يري، وفيما يريد. فهذه الإضافة للبيان السياسي تظهر بوضوح رؤية مبكرة عند السادات أن الاتحاد السوفيتي لن يكون بعيدا عما سوف يجري بشأن اختيار الرئيس الجديد للجمهورية العربية المتحدة. كما تشير هذه الإضافة إلي أن السادات لم يكن الشخص المضطرب ذهنيا، أو أن يكون قد تأثر تفكيره بحادث فاجعة موت عبد الناصر.

    وهكذا بادر السادات فخطى الخطوة الأولي نحو كسب تأييد الاتحاد السوفيتي له، أو على أقل تقدير تحييده في المرحلة التي ستشهد اختيار خليفة لناصر، حتى وإن كان هذا التدخل سوف يأخذ شكل النصيحة بين الأصدقاء. وقد تأكد صحة توقعات السادات، عندما:" سأله كوسيجين عما إذا كان في إمكانه أن يرتب له لقاء مع بعض ممن سيتولون المناصب القيادية في مصر خلفا لعبد الناصر." ([20])

    وبالفعل تم عقد ثلاث اجتماعات مع رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي..الأول بتاريخ 2 أكتوبر1970، وضم أربعة أفراد ممن سيتولون مناصب قيادية وهم حسين الشافعي، علي صبري، الفريق أول محمد فوزي، سامي شرف، تبعه اجتماع آخر في 3 أكتوبر1970، واجتماع ثالث ضم كل من مجلس الوزراء المصري وأعضاء اللجنة التنفيذية العليا.

    لم يكن صعبا تفسير الرسائل السياسية المتبادلة بين الاتحاد السوفيتي..وبين السادات. فاللقاءات الثلاثة التي دعي إليها السادات وبحضور القادة السوفيت، كانت بمثابة رسائل مباشرة منه إلي الاتحاد السوفيتي، وللقيادات السياسية التي شاركت في تلك اللقاءات.

    فمن جهة طمأنة للاتحاد السوفيتي بأن أن العلاقات المصرية_السوفيتية سوف تبقى على ما هي عليه بدون تغيير، وطمأنة للقيادات السياسية بأن مرحلة ما بعد جمال عبد الناصر لن يتبعها أي تغيير في المناصب القيادية.
    ...................

    على قدر إشادة السادات بعبد الناصر، كانت إشادته بدور الاتحاد السوفيتي. لقد قمنا بمراجعة وفحص جميع خطب السادات وتصريحاته وأحاديثه الصحفية طوال الفترة من 7/10/1970 إلى انقلاب مايو 15 /5/1971، في هذه الفترة لم يكف السادات عن الإشادة المستمرة بدور الاتحاد السوفيتي ودوره في دعم مصر والقضايا العربية.

    ثلاث مناسبات فقط أغفل فيها السادات الإشادة بالاتحاد السوفيتي، كانت المرة الأولى في ذكرى مرور 40 يوما على وفاة عبد الناصر وكان حديث السادات مخصصا للإشادة بناصر. والمرة الثانية في رسالته إلى مؤتمر الدعوة الإسلامية. أما المرة الثالثة كانت بمناسبة انعقاد المؤتمر السادس لمجمع البحوث الإسلامية، وكان إقحام ذكر الاتحاد السوفيتي في مناسبات دينة تصرف يسئ إلى الاثنين معا، السادات والاتحاد السوفيتي.

    وكان من الطبيعي، أن تكون الإشادة بدور السوفيت قائما على أرضية المقارنة بدور أمريكا المعادى لمصر وللأمة العربية، والمؤيد على طول الخط لإسرائيل. ففي أحد الجلسات المغلقة للمؤتمر القومي للاتحاد الاشتراكي العربي أجاب السادات على سؤال :هل يتوازن الدعم السوفيتي مع ما تعطيه أمريكا لإسرائيل؟

    كان جواب السادات:" لابد أن ندرك أولا طبيعة العلاقة بيننا وبين الاتحاد السوفيتي، هي غير طبيعة العلاقة بين أمريكا وإسرائيل، فإسرائيل عميلة لأمريكا وهى تعلن ذلك وتفتخر به…وأمريكا تعلن أن إسرائيل خط الدفاع الأول عن مصالحها في المنطقة…لكن الأمر بالنسبة لنا يختلف، لسنا عملاء الاتحاد السوفيتي، ونحن لا نحارب معركة لمصلحته، المعركة هي معركتنا ونحن الذين نحاربها ونموت من أجلها." ([21])

    كما نفي السادات الشائعات التي تقول بأن هناك معاهدة سرية بين مصر والاتحاد السوفيتي، وحذر من الانسياق وراء الشائعات التي تروجها أمريكا وإسرائيل من أجل الوقيعة بيننا وبين الاتحاد السوفيتي، وأعتبر السادات أن الأفراد والقوى السياسية التي تعادى الاتحاد السوفيتي يرتكبون بسلوكهم هذا جرم الخيانة الوطنية:" لازم أقرر أن الاتحاد السوفيتي بكل شرف وأمانة يعطينا كل شئ، مش زي الأمريكان ما بي يقولوا الوجود السوفيتي جى يحتل البلد...أنا بقول الكلام للأمريكان...كل محاولة للتشكيك ضد الاتحاد السوفيتي تعتبر خيانة، وكل هدف أمريكا هو محاولة التوقيع بيننا وبين الاتحاد السوفيتي، ويجب أن لا نستجيب لذلك." ([22])

    وأخذ السادات يعدد مجالات الدعم السوفيتي لمصر:" أستمر يعطينا كل ما نريد بدون ثمن تقريبا لأننا نسدد على أقساط طويلة الأجل...أعطانا كل إمكانيات بناء السد العالي...أعطانا معدات بناء السد العالي الثاني، وأقصد به مشروع مصنع شرائط الحديد والصلب، أعطانا خام الحديد بسعر الخام في السوق العالمية، ودفع لنا فرق السعر لشرائط الصلب المصنعة لصالحنا...بعد عدة سنوات سنجد لدينا خبراء في صنع السفن على أعلى مستوى عالمي، كل هذا بمعاونة الاتحاد السوفيتي في الوقت الذي يرفض الغرب إعطاءنا بندقية واحدة." ([23])

    أما في مجال التسليح فأكد على أن الاتحاد السوفيتي:"أعطانا كل ما طلبناه من أسلحة، وأرسل الخبراء لتدريب قواتنا المسلحة...وفاءه بكل الاتفاقيات الخاصة بالأسلحة معانا، وفى الفترة التي فجع فيها شعبنا في فقد القائد جمال عبد الناصر، وقف الاتحاد السوفيتي...ودعمنا بكل ما طلبناه من أسلحة قبل الموعد المتفق عليه...في الوقت الذي كانت فيه أمريكا تضغط علينا منتهزة فجيعة شعبنا بفقد قائده لكي نخضع أو نستسلم." ([24])

    أما في مجال الدعم السياسي وصف السادات العلاقات المصرية_السوفيتية بقوله:"...صداقتنا مع الاتحاد السوفيتي هي في نفس الوقت وقفة تضامن من تجميع كل القوى المعادية للاستعمار، كما أن نفور الاتحاد السوفيتي من إسرائيل، ومطامعها التوسعية والعدوانية ودورها الإرهابي في المنطقة." ([25])

    ثم أضاف السادات:" لقد أثبتت الأزمة أن لنا أصدقاء في المقدمة فيهم وفى موقع الاعتزاز لدينا شعوب الاتحاد السوفيتي، التي لم تكتفي بأن تتفهم، ولكنها سارعت بأن تقدم لنا ما كان صعبا علينا أن نواصل القتال بقوة وفعالية. إن الاتحاد السوفيتي بمواقفه منا في هذه الأزمة وثق صداقة من صداقات التاريخ الكبرى، وجعل منها نموذجا وميزانا للإخاء الدولي ولوحدة القوى المناهضة للاستعمار والإرهاب والعدوان." ([26])

    لم يكتفي السادات بكل ذلك، وإنما راح يبسط في اختياره لمفردات خطابه السياسي بغرض شرح طبيعة العلاقات القائمة بين مصر والاتحاد السوفيتي، فنراه يختار كلمات بسيطة يسهل على الغالبية العظمى من الشعب المصري والعربي استيعابها، فأخذ يضفي على العلاقات العربية_السوفيتية صفات تحمل الطابع الأخلاقي المرتبط بالمودة والتكاتف السائدة في علاقات الأسرة الواحدة، وهو نمط من العلاقات سائد في الريف المصري، حيث تختبر صلابتها في وقت الموت والأزمات.

    أكثر من هذا، فقد حرص السادات أن يبلغ الاتحاد السوفيتي بالقرارات الهامة قبل أن يبلغ بها القيادات المصرية، كإبلاغه بقراره المتعلق بتطبيق ميثاق طرابلس الذي طرحه جمال عبد الناصر للوصول إلي قيام الوحدة بين مصر وسوريا وليبيا. وعندما قرر إقالة نائبه علي صبري كان السوفيت أول من علم بقراره فتولي بنفسه إبلاغه للقيادات السوفيتية.

    السادات يبالغ في عداءه للولايات المتحدة الأمريكية:
    بقدر ما أشاد السادات بجمال عبد الناصر وبدور الاتحاد السوفيتي، بقدر ما كان هجومه شاملا وشرسا على الولايات المتحدة الأمريكية، بوصفها السند الرئيسي لإسرائيل. وكان السادات يدرك تماما أن أي محاولة لمد جسور التعاون أو الصداقة مع الولايات المتحدة الأمريكية بشكل علني في تلك الفترة، يعرضه لمخاطر غير محسوبة.

    لذا كان هجومه عنيفا، وعدائه ظاهرا للولايات المتحدة الأمريكية، ويبدد أي شكوك في احتمال التقارب معها باعتبارها العدو الأول والأساسي للأمة العربية، لأنها سياساتها تستهدف فأعلن أن هدف الولايات المتحدة الأمريكية الاستراتيجي هو :" القضاء على مصر بعدها يصبح من السهل القضاء على قوى التحرر في المنطقة." ([27])

    وحدد السادات دور الولايات المتحدة في حماية إسرائيل بوضع كل ثقلها ودعمها الاقتصادي والعسكري والسياسي وعلى حساب وزارة الدفاع الأمريكية لصالح إسرائيل. ولم يكتفي السادات بذلك بل راح يذكر العرب بالمواقف العدائية المستمرة من قبل الولايات المتحدة ضدهم، وتجاه الجمهورية العربية المتحدة على وجه الخصوص، فهم الذين حاولوا إقحام العرب في أحلاف تخدم استراتيجيتهم، ( حلف بغداد، مشروع أيزنهاور، الغارة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في 28/2/1955 كانت بناء على توجيه أمريكي).

    الطائرات والطيارين والقنابل أمريكية، موقف مندوب أمريكا في مجلس الأمن جولد بيرج المندوب الصهيوني للولايات المتحدة الأمريكية على حد تعبير السادات نفسه. كما أصر السادات على رفضه في إعادة العلاقات الدبلوماسية مع واشنطون، التي قطعت عقب حرب يونيو 1967.

    والملفت للنظر، أنه في الوقت الذي سلط فيه السادات هجومه المتواصل والعنيف ضد الولايات المتحدة الأمريكية، كانت لقاءاته بالصحافة العالمية من نصيب الصحافة الأمريكية فقط. فكان لقائه الأول مع جريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية بعد ثلاثة أيام من توليه سلطته الدستورية في 21/10/1970 تبعه لقاء آخر بتاريخ 28/12/1970، ثم لقاء ثالث في 16/2/1971.

    أما لقائه بالأعلام الأوروبي فكان من نصيب التلفزيون الفرنسي في 24/3/1971.

    في لقاءه مع جريد نيويورك تايمز، حدد السادات أسباب العداء بين مصر والولايات المتحدة وأرجعها إلي:" الموقف المنحاز لإسرائيل، وإسرائيل هي أساس المشكلة وأساس العداء." ([28])
    أما في اللقاء الثاني مع جريدة نيويورك تايمز، ونظرا لأهمية ما صرح به الرئيس السادات بخصوص إسرائيل سنورده كاملا، لأنه يتضمن رفضا قاطعا بالاعتراف بإسرائيل، أو إجراء أي مفاوضات مباشر معها، وتوقع أن من يقدم على مثل هذه الخطوة سيحطمه الشعب المصري، ونورد هنا نص الإجابة التي وردت على لسان السادات بخصوص الصراع العربي_الإسرائيلي:

    س: هل يمكن أن يكون العرب مستعدين للاعتراف بإسرائيل كدولة؟
    ج: إن ما نحن على استعداد له محدد في قرار مجلس الأمن 242، ولكن لا تطلب منى أن أقيم علاقات دبلوماسية معها. فأن هذا لن يحث أبدا.
    س: أبدا؟
    ج: أبدا.
    س: حتى إذا استطعتم حل مشكلة الانسحاب إلى خطوط ما قبل 5 يونيو 1967؟
    ج: أبدا..أبدا..أبدا. أن ذلك لا يمكن لأحد أن يقرره، وليس لدى شخصي الصلاحية لاتخاذ قرارا فيه أيضا. إن شعبنا هنا سيحطم أي شخص يفكر في ذلك." ([29])

    وفي لقاءه بالتلفزيون الفرنسي كرر السادات رفضه القاطع بالاعتراف بإسرائيل..ورفضه بأن تكون صحراء سيناء منزوعة السلاح:

    " س: لقد وافقتم _كما أعتقد_ على اشتراك قوة من الدول الأربع الكبرى في تحقيق ضمانات التسوية ؟
    ج : نعم. ولكن يجب أن يمتد عمل هذه القوة على جانبي الخطوط ولا تقتصر على ناحيتنا نحن فقط.
    س : لكن هل توافقون على نزع سلاح سيناء؟
    ج : لا. إنني لا أوافق على هذا. فإن منطقة منزوعة السلاح في أرضنا يجب أن تقابلها منطقة منزوعة السلاح بنفس المساحة على الجانب الآخر." ([30])

    في الوقت الذي كان فيه السادات يشرح رؤيته للطرف الغربي من خلال لقاءه بوسائل الإعلام الغربي، كان تجري اتصالات بينه وبين الولايات المتحدة الأمريكية. يقول عبد الهادي ناصف أن: " قضية علاقة السادات بالمخابرات الأمريكية. وما حدث في 15 مايو لم يكن بعيدا عن القوى الخارجية...كان كلام الملك فيصل للسادات مباشرة، الذي كان بين الأمريكيين وبيننا كلنا، هو جمال عبد الناصر، وعبد الناصر راح، والأمريكان مستعدون للحل بثمن واحد هو طرد السوفييت. وكان همزة الوصل في اتصالات السادات بالأمريكيين...هو كمال أدهم...وكانت علاقته بالسادات علاقة شخصية ووطيدة." ([31])

    ويؤكد هيكل بدوره على حقيقة اتصال السادات بالأمريكيين عن طريق كمال أدهم بقوله:" لا شك أن شكوك الروس تزايدت من تسرب ملحوظة أبداها السادات بشكل يؤسف له وربما كان متعمد. كان كمال أدهم قد تكلم مع الرئيس عن مخاوف الأمريكيين من استمرار الوجود السوفيتي في مصر..وشرح السادات له ضرورة ذلك، لكنه أضاف أنه بعد المرحلة الأولى من انتهاء الانسحاب الإسرائيلي فإنه سوف يتعهد بإخراج الروس. وكان هذا الكلام قد تسرب من خلال سيناتور جاكسون وهو واحد من مؤيدي إسرائيل المعروفين، ومن أعداء الاتحاد السوفيتي في الكونجرس." ([32])

    ---------------------------------------------------------
    [1]_ لمزيد من التفاصيل. راجع عبد الله أمام. انقلاب 15 مايو القصة الكاملة. القاهرة.1985.
    [2]_ عبد المجيد فريد. من محاضر اجتماعات عبد الناصر العربية والدولية 1967_1970. بيروت. 1979.
    [3]_ محمد أنور السادات. البحث عن الذات. القاهرة. 1979.
    [4]_ السادات. البحث عن الذات. مرجع سابق.
    [5]_ د. غالي شكري. الثورة المضادة في مصر. بيروت. 1978.
    [6]_ عادل حمودة. كيف يسخر المصريون من حكامهم. القاهرة. 1992.
    [7]_ محمد حسنين هيكل. خريف الغضب. الطبعة الأولى في مصر. 1988.
    [8]_ السادات. خطاب أمام البرلمان المصري. الوثائق العربية. عام 1970.
    [9]_ السادات. خطاب. الوثائق العربية. 1970. مرجع سابق.
    [10]_ عبد الله إمام. انقلاب 15 مايو القصة الكاملة. مرجع سابق.
    [11]_ السادات. الوثائق العربية. 1970. مرجع سابق.
    [12]_ السادات. كلمة في لقائه مع قادة القوات المسلحة. القاهرة. 19/10/1970. الوثائق العربية.1970.
    [13]_ عبد إمام. انقلاب 15 مايو القصة الكاملة. مرجع سابق.
    [14]_ السادات. حديث. للتلفزيون الفرنسي. الوثائق العربية. 1971. مرجع سابق.
    [15]_ السادات. خطاب. أمام ضباط القوات المسلحة. الوثائق العربية 1970. مرجع سابق.
    [16]_ السادات. خطاب. أمام المؤتمر الوطني الفلسطيني. الوثائق العربية. 1971. مرجع سابق.
    [17]_ السادات. خطاب. أمام البرلمان المصري. الوثائق العربية.1971. مرجع سابق.
    [18]_ السادات. الوثائق العربية. 1970. مرجع سابق.
    [19]_ عبد الله إمام. انقلاب 15 مايو. مرجع سابق.
    [20]_ محمد حسنين هيكل. الطريق إلى رمضان. بيروت. 1975.
    [21]_ السادات. الوثائق العربية. 1970. مرجع سابق.
    [22]_ السادات. الوثائق العربية. بيروت. 1971.
    [23]_ السادات. الوثائق العربية. 1970. مرجع سابق.
    [24]_ السادات. الوثائق العربية. 1970. مرجع سابق.
    [25]_ السادات. الوثائق العربية. 1970. مرجع سابق.
    [26]_ السادات. الوثائق العربية. 1971. مرجع سابق.
    *_ 15 يناير 1918 يوافق يوم ميلاد الرئيس جمال عبد الناصر.
    [27]_ السادات. الوثائق العربية. 1971. مرجع سابق.
    [28]_ السادات. حديث. لجريدة أل نيويورك تايمز الأمريكية. الوثائق العربية. 1970. مرجع سابق.
    [29]_ السادات. حديث. لجريدة نيويورك تايمز. نشر في جريدة الأهرام. القاهرة. 28/12/1970.
    [30]_ السادات. حديث. للتلفزيون الفرنسي. الوثائق العربية. 1971. مرجع سابق.
    [31]_ عبد الهادي ناصف. شاهد عصر. مصر من الثورة إلي الثورة المضادة. منشورات رابطة الطلبة العرب الوحدويين
    الناصريين. ص49. هذا الكتيب هو المحاضرة التي ألقاها عبد الهادي ناصف في الندوة التي أعدتها رابطة الطلبة
    العرب الوحدويين الناصريين . في المانيا الغربية وبرلين الغربية في الفترة من 21،22/7/1984.
    [32]_ محمد حسنين هيكل. حكاية العرب والسوفيت. الكويت. القاهرة. 1979.

    محمد فؤاد المغازي

    تاريخ النشر : 24.05.2005