ماذا بعـد أن نجـح الإيرانيون فـي انتخــابات العـراق الأمريكيـة
بقلم : محمد فؤاد المغازي


محمد فؤاد المغازي
لأن بابا الخواجة هو المروج لمصطلح الديمقراطية ورافع شعار الحرية والمنقذ لسكان الشرق الأوسط الذي سيتحول قريبا إلي شرق أوسط كبير بقرار يصدر عن طاغية أبله. ولأنه الأقوى بحكم عضلاته ودولاره وضعفنا، أصبحنا لا ندري ماذا تحمل الأيام لنا ولشرقنا. وهل سيتحول إلي شرق أوسط كبير نتوه فيه؟ أم سيعيدنا إلي ما كنا عليه شرق أوسط نونو صغير؟ أم يلغي كلمة الشرق أصلا ويحولنا إلي أرض بلا صاحب للصوص بلا فريسة.
ولا ندري إذا كانت الغالبية العظمي من الفقراء والبؤساء سكان الشرق الأوسط ستتمكن من مشاهدة تبادل السلطة، وديمقراطية الأثرياء فيما بينهم في التلفزيون؟؟ لا ندري. لا نعرف. لا نتحرك. نستاهل!!!

ولأن بابا الخواجة هو الذي أمر وبحماس شديد جدا بتطبيق ديموقراطية الأثرياء الأمريكية في العراق، فإن السؤال الكبير المطروح عليه الآن هـــو :

ماذا ستفعل يا بابا الخواجة بعد أن فاز الإيرانيون في الانتخابات الأمريكية في العراق؟
فمنذ غزو العراق تكررت سقطات وأخطاء الأبله بوش وإدارته..فبعد أن فككوا وسرحوا الجيش والشرطة العراقية، ومعها القيادات الإدارية المتخصصة خوفا من أن يكون لها صلة بنظام صدام حسين، واستبدلوهم بأعوانهم أو من أقربائهم..فتسببوا في هدم كيان الدولة العراقية واستبدلوه بكيان مهلهل لا يخضع لأي شكل من التنظيم أو الانضباط ليقترب من الحالة السائدة في مقاطعة دارفور!!

ظلت تعاملات هذا الأبله الطاغية مع الواقع العراقي مرتبطة بمشورة الخوارج الذين أتوا بهم. فقد أوهموه أنه إذا كان الشعب العراقي قد تقاعس عن استقبال جنود الغزاة بالورد، فإنه وبالتأكيد سيخرج هذه المرة لتأييد الديمقراطية الأمريكية في العراق. فصدقهم الطاغية الأبله وأمر بإقامة الشعائر ديمقراطية الأثرياء الأمريكية في العراق..بادئين بنصب الزار الانتخابي.

وخاب ظنهم..وفاز الإيرانيون في الانتخابات
وأصبح المندوب السامي الإيراني في البصرة علي السيستاني هو الفائز، وسقط بوش ومعه مستشاريه من الخوارج. وتحولت الانتخابات إلي فخ ومأزق حقيقي لبوش.. فإذا قبل بنتائجها فعليه التسليم بأن العصابة التي ستتولى إدارة العراق مرتبطة بإيران، ولا تخضع بالكامل لبوش وإدارته.
خاصة وأن علاوي الغلباوي ومن هم على شاكلته إلي زوال، فأيامهم باتت معدودة في دائرة الضوء ولا أقول في دائرة السلطة..فالسلطة كل السلطة الآن أصبحت للمقاومة العراقية الباسلة والبطلة، وغيرها ففقاقيع..وسلع دعائية في التلفزيون أو على صفحات الجرائد..وبخروجهم من دائرة الضوء تحولوا لفريسة سهلة يتدرب عليها أشبال المقاومة العراقية..بالتصويب.

يمهل..ولا يهمل. فبأيدي الغزاة القتلة فَتـَـلَ بوش وإدارته حبالا ستلتف حول أعناقهم..قد لا تقتلهم ولكنها وبكل تأكيد ستزهق أنفاسهم . وبأيديهم صنعوا الخازوق الذي ينتظر بوش في مكتبه البيضاوي..وفي باقي مكاتب مستشاريه ورجال إدارته.

والسؤال هل هناك بدائل تنقذ بوش وإدارته ؟؟ نعم هناك بدائل وإن كانت في أغلبها بدائل نظرية فقط:
أولا: أن يشكك بوش وإدارته في نتائج الانتخابات بالقول أن اللجنة التي أشرفت على الانتخابات الأمريكية في العراق جميعهم من شيعة إيران، أو من المنتمين للنظام السابق تنكروا في ملابس يرتديها شيعة أمريكا.
لكن سيصبح من العسير إثبات ذلك، خاصة وأن اللجنة التي أشرفت على الانتخابات الأمريكية في العراق وفارس من اختيار الأمريكيين..وهم من تولوا دفع رواتبهم، ووفروا لهم كل الإمكانيات. وبوش هو الطرف الوحيد القادر على رشوة الكل في مقابل التأييد لقوات الغزو.
لكن الملفت للنظر هو أنهم ظلوا على علاقة طيبة مع علي السيستاني فوفروا له دورا في اللعبة السياسية، ووفروا له الأمن والعلاج أو الهروب إلي لندن حتى يتثنى للقتلة الغزاة من إضعاف المقاومة في الجنوب!!

ثانيا: أحد البدائل هو أن تزف كندره رايس إلي المندوب السامي علي السيستاني، وساعتها يصبح نفط العراق ونخيله، ونفط الإيرانيين وسجاده في خزائن الأمريكان. وفي ليلة الدخلة ستتحول كندرة رايس بنت الشيطان الأكبر في عيون السيستاني إلي الخنفاء، أو اليزابيث تايلور فتعيد للشيخ صباه. ويتحول علي السيستاني في عيون كندره رايس إلي عمر الشريف في عز شبابه!!!

ثالثا: هو أن يقوم الأبله الطاغية بارتكاب آخر أخطائه وهو شن الحرب ضد الفرس..والحرب بطبيعتها تلغي الحياة والجدل السياسي أصلا نتيجة للإجراءات المترتبة عليها وأولها إعلان حالة الطوارئ وهي حالة تمثل المخرج الوحيد الذي يلغي كل الإجراءات المترتبة على الانتخابات الأمريكية في العراق. وتطبيق حالة الطوارئ لا يتوقف عند حدود أمريكا الجغرافية، وإنما يمتد ليشمل كل المشيخات الأمريكية في المنطقة العربية. لكن السؤال هل يجرؤ الطاغية الأبله على اتخاذ مثل هذا القرار..يا رب يعملها!!!!

أما انعكاس نتائج الانتخابات الأمريكية وفوز أتباع إيران بها في بورصة الديموقراطية في نيويورك،
فقد هبطت قيمتها بدليل غياب صوت السماسرة فجأة..وخاصة في المنطقة العربية فالكتابة عن الديمقراطية تراجعت، والحديث عن الإصلاح الديموقراطي تلاشي في إعلانات الدعاية الأمريكية والعربية، فعلى ما يبدو أنهم اقتنعوا بالحكمة القائلة نظام ديكتاتوري في قبضة الأمريكان، أضمن ألف مرة من 23 نظام ديمقراطي على الشجرة!!

أما أسعار الديمقراطية في بورصات الاتحاد الأوروبي فأفضل..لسبب بسيط هو أن الدول القائدة في الاتحاد الأوروبي كفرنسا وألمانيا على علاقة أفضل بإيران. وأنا أجزم أن نتائج الانتخابات الأمريكية في العراق ستكون على رأس جدول زيارة بوش الطاغية إلي عواصم الاتحاد الأوروبي..بحثا عن مخرج من الكارثة التي أوصلهم إليها الإكثار في استخدام مصطلح الديمقراطية...فأوقعهم الإسهاب في ترديد شعار الديمقراطية إلي الوقوع في فخاخ تطبيقاته.

وأخيرا..أي الاختيارات التي سيلجأ إليها بوش وإدارته ؟ لف الحبل حول رقبتهم لخنق أنفاسهم ؟ أم البدء في إعداد مراسيم زواج علي السيستاني من كندرة رايس ؟ أم تصعيد حالة التوتر مع إيران تنتهي بالحرب معها ؟ أم اللجوء إلي أسهل الاختيارات وهو الجلوس على الخازوق؟

محمد فؤاد المغازي

تاريخ النشر : 07:42 2005-02-24