رسالــة إلي أشقائي في الأحواز العربيـة
بقلم : محمد فؤاد المغازي


محمد فؤاد المغازي
أشقائي في ربوع الأحواز العربية معذرة..
فعلي ما يبدو كان مخططا لأمتكم أن تنساكم. فباسم الثورة الإسلامية خدعنا من خلال اعترافها بالثورة الفلسطينية..وبالشكل الذي جرى به تضامنها مع قضية فلسطين..فأصبحت إيران الخميني أقرب لنا من الوريد. وضللنا باسم التحالف مع الفرس في مواجهة الشيطان الأكبر الأمريكي والشيطان الأصغر الصهيوني. وخَدَعَنَا القول أن إيران دولة موجودة في المنطقة..وكأن وجود الأحواز العربية أرضا وشعبا جاء بعد أن تأسست إيران..أو كأن الأحواز العربية قد سقطت من السماء فأصبح لإيران حق في ملكيتها بوضع اليد!!

أشقائي في الأحواز العربية..
كان مخططا أن ننساكم عندما أقحموا الدين في اللعبة السياسية..وروجوا بالتضليل أن الأحواز في حضن أخوة الإيمان في أمان..وكان هذا دجلا قبلناه ربما لأننا لم نكن نملك القدرة على التغيير لا في الأحواز ولا في غيرها.

وكان مخططا أن ننساكم عندما قيل لنا أن إيران دولة جوار إقليمي..فكان علينا أن نخرس فلا نسأل عن الجزء العربي الذي استقطع منا بحد السكين منذ ثمانون عاما، وأن نصمت فلا نطالب أن يكون لعرب الأحواز الحق في تقرير مصيرهم المعترف به من كل شعوب الأرض.

كنا يا أشقائي في الأحواز العربية نبرر السكوت على الجريمة بالعجز، وتارة كنا نبرر جرم الاستيلاء على الأراضي العربية ومن بينها الأحواز عبر تحليلات لأناس ليس لهم علاقة لا بالأرض ولا بالإنسان العربي أصلا.

وفجأة..رأينا دولة الجوار الإقليمي، والحليف الذي نطمئن إليه ضد الشيطان الأكبر والأصغر تؤيد مخططات رعاة البقر، فتتحمس للإنتخابات الأمريكية في العراق، وتؤيد ديمقراطية الغزاة على أرضه!!

أفلا يحق لنا أن نطالب إيران وهي الدولة المسلمة، والجارة الإقليمية، والحليف الصلب ضد شياطين الأرض أن تتعامل مع عرب الأحواز وشعبها بحسها الديمقراطي الجديد..الذي ظهرت أعراضه فجأة على الدولة الفارسية..عندما احتل النازيون الجدد العراق؟

بمعني..ألا يحق لنا أن نطالب إيران الديمقراطية أن تتعامل مع عرب الأحواز المسلمون على النحو الذي تعاملت به مع الانتخابات الأمريكية في العراق..فتمنح عرب الأحواز حق الاختيار إما البقاء في حوزة إيران..أو العودة إلي أحضان أمتهم؟

الإجابة محيرة ومحرجة..لأنها تعرى إيران وتنزع عنها الكثير من الأغطية والأقنعة. فإذا لم تكن إيران الحديثة قد شاركت في اغتصاب الأحواز..أليس لها أن تصحح جريمة تاريخية في حق عرب الأحواز فترد إليهم ما أخذه منهم طغاة الفرس بالقتل وبالتنكيل في سابق الزمان؟

لكن إيران الثورة لم تفعل..فسقط عنها رداء الثورة وظهر وجهها الحقيقي وهو ذو ملامح وطبيعة فارسية استعمارية. فإيران الثورة لم تصحح جريمة وعدوان تاريخي جري بحق العرب في الأحواز، وما فعلته أن استمرت على النهج العدواني الذي سبقه إليه طغاة فرس من قبل.

الغريب أن الثورة في إيران كانت في البدء ثورة المظلومين على الظلم والظالم المتمثل في الشاة ونظامه، وبالتالي كانوا أقرب البشر إحساسا بما يعانيه شعب الأحواز العربي من ظلم حاق بهم على أيدي الغزاة من الفرس.

لكن على ما يبدو أن مبادئ وقيم الثورة الإيرانية توقفت عن حدود حق الفرس في الحرية فقط..فالحرية فالحرية بالمسبة لهم ليست مبدأ عام وحق مشاع لكل المظلومين..وبهذا تساوت الثورة بالانقلاب، وذابت الفوارق بين الثوار والسافاك، وتحول زمن الثورة إلي جزء من تاريخ الفرس المتصل والمتصف بالعدوان على الحقوق التاريخية للعرب سواء في الأحواز العربية أو جزر طنبة الصغرى والكبرى وأبو موسي.

أشقائي عرب الأحواز..
علينا أن ندرك أن مطلب الحرية هو مطلب المحرومين منها، وأن الدفاع عن الحرية في زماننا هو قدر كل المظلومين..سندهم رب الحق في مواجهة الظلم والظالمين، والعدل في مواجهة العدوان. والمظلومين من البشر أصبح تعدادهم بالمليارات وليس بالملايين..فالظلم هو الظاهرة السائدة..والعدل هو الفريضة الغائبة..لهذا أصبح التضامن بين كل المظلومين في الأرض قضية وجود.

والوصول إلي الحق حتى مع أخوة الدين وأخوة الجوار ليس بالأمر السهل، ولا يتحقق بالوسائل السلمية في الغالب، فداخل المجتمع المسلم الواحد يستغل المسلم أخاه، ويتسلط المسلم على أخاه. ولأن أرضنا وحقوقنا التاريخية انتزعها منا أخوة يقال أنهم أخوة في الدين بالقوة الغاشمة..إذن فلا فرق بينهم وبين من أغتصب فلسطين بالقوة الغاشمة وهم ليسوا من المسلمين.

وقد يقول قائل وماذا عن الأكراد وهم أخوة لنا في الإسلام وفي الجوار؟ أقول: أن حق كل شعب في إرثه التاريخي شأنا لا ينازعه فيه أحد..وأن حق كل شعب في استرداد حقوقه التاريخية لا ينتفي ولا يلغيه التقادم، ولا تحول دون بلوغه بطش الأقوياء، وكل ما نطالب به هو أن يأخذ كل ذي حق حقه.

ولأني أدرك أن حقنا في استرداد الأحواز العربية وفلسطين ولواء الأسكندرون وجزر طنبة الصغرى والكبرى وأبو موسي لن يعود لنا عبر الإقناع بالإرث التاريخي، ولن تستعيده بالسلم روابط الدين. فالاختيار المتبقي أمام المظلومين في استعادة حقوقهم هو الاستمرار في المقاومة..المقاومة من خلال ترسيخ حقوقنا التاريخية في عقول أطفالنا..المقاومة من خلال تحويلها إلي سلوك يومي في البيت وفي المدرسة وفي العمل وفي الإعلام..وفي كل شئ.

أن نحول حقنا في الأحواز وفي كل أرض عربية اغتصبت منا عنوة إلي كائن وكيان له شرايين تمتد بين الجسد وبين الأرض المغتصبة، وقلب ينبض بها ولها، ولسان لا يكف عن ترديد هذه أرضي أنا، وأن يصبح للحق يد تقبض عليه حتى وإن تحول الحق..في أيدينا إلي جمرة نار.

نعم أدرك أن هناك من سيقول أن المطالبة باستعادة حقوقنا في ظل الظروف الدولية الراهنة درب من الخيال..لكن يا أشقائي عرب الأحواز الحق يظل حق..والحق أحق في أن ينتزع..( إن الشعوب التي تساوم المستعمر على حريتها توقع في نفس الوقت وثيقة عبوديتها ). ونحن في الأحواز العربية لن نستسلم ولن نوقع على وثيقة عبوديتنا.

أشقائي عرب الأحواز..
لا تنتظروا معونة من الحكام العرب فجميعهم لوطيون، ولا يدركون معني للحرية وليس لهم وطن، وما يهمهم هو نمو أرصدتهم في بنوك أعداء الأمة..فهم على رأس قائمة أعداء أمة العرب وأمة المسلمين قبل الصهاينة وقبل الأمريكان وقبل الفرس.

قدركم هو مثل قدر أبناء أمتكم. والأمة أصبحت محاصرة بين جار معتدي يجمعنا به التوجه إلي قبلة واحدة، وبين معتدي وافد لا يحمل ولا يقدم لأمة العرب والمسلمين غير المهانة والحقد والكراهية والعدوان بهدف استمرار استغلالها، وبين حكام في الداخل لم يتبقى في عروقهم قطر ماء ولا أقول قطرة دم. إنهم يعلنون أمام العالم وبلا أدني خجل أو حياء بأنهم أصفار لا قيمة لهم في أي معادلة سياسية..والغالبية منهم يرتكبون جرم الخيانة جهارا نهارا، ويبررون ذلك بدعوة باطلة وزائفة هي دعوة السلام، والسلام يعني بالنسبة لهم هو أن يتنازل صاحب الحق عن حقه.

أشقائي في الأحواز العربية ..
لم يعد أمام الأمة العربية وأنتم جزء غالي وأصيل منها غير القتال وهو كره لنا، والقتال بكل الوسائل..وبمنهج لا يسئ إلي الحق ( فالمبادئ والأهداف العظيمة والشريفة يجب أن تتناسب وسائلها مع نبل أهدافها ). وليكن شعار الأمة من المحيط إلي الخليج العربي هـــو:

"أن ما أخذ بالقوة .. لا يسترد بغير القوة"
محمد فؤاد المغازي

تاريخ النشر : 23/04/2005