أيهما يستسلم للآخر: ثقافة الثورة .. لمشاريع التسوية ؟ أم العكس ؟
بقلم : محمد فؤاد المغازي


محمد فؤاد المغازي
ولكي أفسر سؤالي علينا أن نحدد أولا مضامين تلك المفردات (الثقافة .. الثورة .. والسلطة). فالثقافة هي عبارة عن محصلة شاملة للناتج المادي والمعنوي لأي شعب على امتداد تاريخه يجري انتقالها من جيل لآخر في تواصل دائم لا ينتهي .. ونتيجة لهذه الديمومة أصبحت الثقافة تمثل مجمل الموروث الإنساني ماديا ومعنويا، وبما أنها موروث أنساني فهي متقلبة .. فليس كل موروث إنساني إيجابي .. والعكس .

أما مصطلح الثورة .. فهو أكثر المصطلحات تعقيدا ويتطلب تحديده العودة إلي الخلف إلي بداية القرن السادس عشر، ثم علينا أيضا أن نأخذ بعين الاعتبار عوامل كثيرة من بينها مثلا المنظور الأيديولوجي في تفسير الثورة وتعريفها. لهذا فإني أكتفي بذكر السمات المرتبطة بمصطلح الثورة والتي اتفق حولها علماء علم الاجتماع .. حيث يرون أن مصطلح الثورة هو فعل مادي يرتبط بثلاث سمات رئيسية :

تغييرات ذات طبيعة جذرية للواقع الاجتماعي والسياسي والفكري .

ويتم هذا التغيير بشكل فجائي، وبأساليب عنيفة في الغالب .

كما يرتبط التغيير بالرغبة في تحقيق أهداف إنسانية نبيلة .. كمطلب الحرية والعدالة والمساواة والارتقاء. وهناك تعريف شديد الإيجاز يقول أن "الثورة هي علم تغيير المجتمع" .

أما السلطة فيمكن النظر إليها كمرادف لمصطلح الدولة باعتبارها المرجع الأعلى .. أو الهيئة الاجتماعية الممثلة للإرادة والسيادة .. وتملك وسائل الإكراه لممارسة تلك السيادة. وفي حالة الواقع الفلسطيني وبسبب غياب الدولة الفلسطينية أي الجهة الممثلة للإرادة والسيادة .. استعيض عنها بشخص رئيس السلطة الفلسطينية .. يساعده ورش عمل تسمي مجازا (المجلس التشريعي، ومجلس الوزراء)، وجميعها يخضع في النهاية لإرادة وتوجيهات فرد واحد هو رئيس السلطة .

وأخيرا .. فإن أي منتوج ثقافي لأي شعب يتشكل وفقا لقانون اجتماعي عام يؤكد على : "أن التراكمات الكمية تؤدي إلي تغييرات نوعية ". ولقد شهد المجتمع الفلسطيني تراكمات كمية، وتغيرات نوعية لجوانب كثيرة من حياته، من بينها ما جري من تراكم كمي.. وتغيير نوعي في محيط الثورة والسلطة وبالتالي الثقافة .

فعلي صعيد الثورة : جري التراكم الكمي لحركة المقاومة منذ أن وطأة أقدام الغزاة أرض فلسطين وتمكنوا منها، وتباينت أشكال المقاومة وفقا للظرف التاريخي .. لكن ظل الهدف الاستراتيجي المتمثل في مطلب "التحرير" ثابتا لم يتبدل. فلم يسجل على الشعب الفلسطيني أن قبل بالتسليم أو بالتفريط في حقوقه .. وفرض على الجميع الاعتراف بوجوده كشعب له أرض .. وأرض لها شعب .

كما واكب التمسك بهدف التحرير .. استمرار حركة المقاومة في خط بياني متصاعد .. صحيح أنه كان يشهد تباطؤ في مراحل تاريخية لكنه لم يسجل في وقت أنه قد تراجع أو تجمد. فمن الرفض السلمي للمشروع الإمبريالي الغربي .. من خلال الخطاب الفلسطيني السياسي والتعبوي مرورا بالاحتفاظ بوثائق الملكية للأرض وبمفتاح البيت .. إلي المقاومة بالحجر .. إلي المقاومة بالسلاح .. ومن الاعتماد على السلاح المهرب إلي البدء في تصنيع السلاح، وصولا إلي المقاومة بالاستشهاد .. وهو نموذج من المقاومة لم يسبق لأي شعب غير الشعب الفلسطيني أن أعتمده في مقاومته للغزاة .

وكان التطور الكمي لأساليب المقاومة الباسلة يجرى في ظل ظروف حياتية صعبة ومعقدة .. وحصار محكم يمثل حالة استثنائية ونادرة لم يسبق لأي حركة تحرر وطني على مستوي العالم الثالث أن تعرضت لها .

من خلال هذا العرض المختصر .. يتبين لنا أن نموذج الانتفاضة يحمل السمات الأساسية الواردة في تعريف الثورة من حيث المنطوق والفعل. فانطلاقة الانتفاضة قد بدأ بشكل فجائي، وارتبط منهجها بسمة العنف، وتضمن مشروعها على مبادئ إنسانية .. كمطلب الحرية للشعب الفلسطيني بما يحقق له الانتقال من مجتمع محتل إلي مجتمع تتحقق له أركان السيادة .. وفرصة لممارستها .

ولعلي أتجاسر فأقول: أنه آن الأوان لاستبدال مصطلح الانتفاضة .. بمصطلح الثورة فهو الأكثر تحديدا في توصيفه لواقع المقاومة الفلسطينية . فضلا عن ذلك فإنه يمثل في حد ذاته مركزا لجذب وتوحيد الفصائل المقاتلة لأبناء الشعب الفلسطيني. إضافة إلي أن استخدام مصطلح الثورة بديلا عن مصطلح الانتفاضة من شأنه أن يقوم بعملية فرز تفصل بين مشروعين متناقضين .. هما مشروع الثورة ومشروع التسوية .. أي بين ثقافة الثورة وبين سلطة التسوية .. فلا يمكن أن يتساوى الجميع أو نخلط بين نبل العطاء والغث منه .. بمعني أنه لا يجوز أن تتساوي فصائل فلسطينية تصدر البيانات .. وفصائل فلسطينية تقدم الدم والشهادة .. ونبرر ذلك بقولنا أنهم أبناء شعب واحد .

كذلك فإن التعامل مع الواقع الفلسطيني كثورة يساهم في تشكيل قاعدة توحيدية وأرضية لوفاق واتفاق فلسطيني .. وبالتالي العودة إلي التمسك بالأهداف الاستراتيجية للشعب الفلسطيني والتي تجنبه مخاطر الغرق في النهج التكتيكي وتقلباته .. وهو إضافة إلي ذلك يمثل عازلا قويا يمنع في المستقبل من تسرب التلوث السياسي والفساد المادي والأخلاقي الذي تربي وتكاثر في بيئة السلطة الفاسدة إلي صفوف حركة التحرر الفلسطينية. ولهذا فإني استأذن باستخدام مصطلح الثورة بديلا عن مصطلح الانتفاضة .

على صعيد السلطـــة : جرت تراكمات كمية وتغييرات نوعية بفعل القانون الاجتماعي الذي أشرت إليه وإن اختلفت النتيجة النهائية لحصاد الثورة عن حصاد السلطة. ففي مرحلة تاريخية من عمر المقاومة الفلسطينية اندمجت السلطة في هيكلية الثورة. وبعد تراكمات سلبية على أداء السلطة (نموذج لبنان، ومن بعده نموذج تونس) تفشي سرطان الفساد والتراجع عن مبادئ الثورة النبيلة .. وكان لا بد أن يظهر من بين رموز تلك السلطة من يبشر لمشروع التسوية فهو يمثل البيئة والمناخ الأنسب لاستثمارات الثورة المضادة .

وبانقلاب السلطة على ذاتها وتنكرها لمشروع الثورة فلم يعد ينظر إليها كحركة تحرر وطني .. وإنما كاسفنجة تمتص كل دعم وعون يصل للشعب الفلسطيني لتجيره لحساب المفسدين فيها .. وبأسلوب غير أخلاقي وغير إنساني. كما قادها انقلابها على الثورة في النهاية إلي ما هي عليه الآن .. سجينة لمشروع التسوية المرتبط بدوره بقواعد وقوانين توازن القوي .. والتي حصرت اختيارات السلطة في العملية التفاوضي في دائرة تقديم التنازلات .. وتسويقها داخل المجتمع الفلسطيني .

نذكر من بين تلك الثوابت والحقوق ما قد ورد في نصوص الميثاق الفلسطيني ومقرراته في الدورة الحادية عشر عام 1972 للمجلس الوطني الفلسطيني حيث طرحت مشاريع التسوية السياسية .. وقوبلت برفض قاطع وحازم لا يقبل المناورة أو حتى التأويل. بل إن المجلس الوطني الفلسطيني قد ذهب إلي أبعد من ذلك فقد جري التأكيد بنص مكتوب وملزم للجميع يحرم على كل الأجيال الفلسطينية حتى الأجيال التي لم تولد بعدم .. من الاقتراب أو المساس بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني .. وكانت صياغة النص والتحذير على النحو التالي:" لا يحق لأية جهة من أي جيل من أجيال الشعب، مهما تألبت عليه الظروف أن تتنازل عن أي حق من حقوقه الثابتة والطبيعية" .

كما سجلت النصوص الواردة في الميثاق الوطني الفلسطيني إدانتها لعقلية ومشاريع التسوية، تحسبا من نتائجها المدمرة والتي ستقود حتما إلي مسخ القضية الفلسطينية والإضرار بها، من خلال فرض كيان فلسطيني مشوه لا يتناسب مع تضحيات الشعب الفلسطيني .. ولا يرقي إلي مستوي مطالبه وحقوقه العادلة وأولها عودة الأرض لأصحابها. كما أكد الميثاق الوطني الفلسطيني التصدي لهذه المشروعات بالكفاح المسلح وبالنضال الجماهيري المرتبط بها .

غير أنه في عام 1974 أي في الدورة التالية مباشرة للمجلس الوطني الفلسطيني جري العجب، فالقيادات التي صاغت وقررت تحريم القبول بمشاريع التسوية على كل الأجيال هي نفسها التي صاغت ووافقت على برنامج النقاط العشرة .. الذي يدعوا إلى إقامة سلطنة (سلطة) وطنية على جزء من أرض فلسطين.

وانقلبت سحنة السلطة وقيادتها 180 درجة في وجه كل من التزم بتطبيق ما جاء في الميثاق من رفض لمشاريع التسوية .. ونظرت إليه كمنبوذ خارجا عن الإجماع الوطني الفلسطيني وعلى شرعية منظمة التحرير !!

وفى الدورة الثالثة عشر عام 1977 تحولت السلطة إلى الدولة الفلسطينية المستقلة، لتصل في الدورة (16) عام 1983 إلى دولة كونفدرالية مع الأردن، ثم استمر التلاعب بالقضية الفلسطينية ومشروع الدولة إلي القبول بإقامة (كيان فلسطيني) في ذلك الجزء من أرض فلسطين يرتبط كونفدراليا مع الأردن (اتفاق عمان عام 1985). وجاءت دورة الجزائر عام 1988 ليعلن المجلس إقامة الدولة المستقلة من ناحية، وقبول قرار 242 .. بعدها أعلنت السلطة إدانتها للإرهاب .. وإلغاء النص الموجود في الميثاق الوطني الفلسطيني والمتعلق بالقضاء على إسرائيل.. وأنتهي الأمر إلي اعتراف السلطة بإسرائيل وهى تحتل كامل التراب الفلسطيني .. وإقدام رئيس السلطة على خلع مسدسه في مشهد سينمائي جري تصويره في إستديوهات البيت الأبيض .. ثم تبع ذلك الحديث عن سلام الشجعان .. وتفهم رئيس السلطة لإصرار إسرائيل على التمسك بالهوية اليهودية. خلاصة القول .. شهد العمل الفلسطيني تحت قيادة السلطة تراجعا وخلطا متعمدا بين الأصول والثوابت التي جري على أرضيتها الصراع العربي_الإسرائيلي، وبين الإجراءات التنفيذية لمشروع التسوية ؟

ودارت القضية الفلسطينية في أفلاك المؤتمرات، والتنقل بها بين مسميات لم يعد العقل بقادر على متابعتها ولا يستوعب محتواها .. لكن على ما يبدو أن فرسان التسوية قد وجدوا فيها فرصة تمنحهم رؤية العالم الخارجي والاستمتاع بما يقدمه الكرماء ممن تولوا عقد المؤتمرات وأنفقوا عليها .. في الوقت الذي لم يتثنى للشعب الفلسطيني غير رؤية المفسدين على شاشات التلفزيون يَتَقَيئُـــونَ فَصَـــاحَة وبَلاغـَـة .

مهدت سياسات السلطة المتقلبة والمتسلطة الطريق أمام النظام العربي ومنحته تأشيرة المشاركة في مشروع التسوية برسوم ضئيلة ذهبت إلي جيوب المرتشين والفاسدين، وهرول الجميع كما وصفهم شاعر العرب نزار القباني وانتهي الأمر إلي ما هو معروف للجميع .. الاعتراف بإسرائيل من قبل النظام العربي الذي ترك لمؤسسات دعايته صياغة الاعتراف بإسرائيل في مفردات خطابها الدعائي .. وترديده في جميع نشرات الأخبار .. واستضافة الصهاينة في برامج القنوات النفطية وغيرها.. تمهيدا للتطبيع الكامل .

وبعد اعتراف السلطة والنظام العربي بإسرائيل لم يعد هناك مبررا أن تتردد أو تمتنع المجموعة الدولية التي انحازت في السابق إلي الجانب الفلسطيني .. إلي الاستمرار في عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني .. فلم يعد مقبولا بعد أن أعترف الفلسطينيون والعرب بإسرائيل أن يأتي الهندي أو الصيني ليقول: تسقط إسرائيل !!!

وهكذا .. استمر تلاعب السلطة بالقضية الفلسطينية إلي حد لم يعد الفرد منا يعرف .. كيف؟ ومتي؟ ومن أين بدأ؟ كل هذا التخريب. لكن .. وعلى الرغم مما جري من تراكمات كمية وتغييرات نوعية على الكثير من الأشياء .. فقد ظل رجل واحد في موقعه .. رجل شارك في صنع الثورة .. وقاد الانقلاب عليها، ومنظمة واحدة شكلت ومثلت الإدارة والقيادة في زمن الثورة .. وتحولت في زمان التسوية إلي مشاهدا وليس شاهدا على لتسوية .. وعرفت في الحالتين باسم منظمة التحرير !!

وبدلا من أن تتوقف السلطة عن دورها التخريبي .. والاعتراف بالخطأ والعودة إلي قوانين الثورة راحت رموز السلطة تكابر على ما يجري بأنه لا يعدوا عن كونه حركة تنقلات وتحديد صلاحيات .. إلا هذا الحد وصل الاستخفاف بعقول الناس وبمشاعرهم .. وعندما يصل بنا الحال إلي هذا الحد من العمى السياسي .. فإن على من اختلطت عليهم رؤية الأشياء أن ينسحبوا في هدوء .. وفاء لهذا الشعب .

والآن وبعد أن وصلت السلطة إلي نهاية الشوط .. لم يعد المطروح أمامها غير أن تختار بين أمرين .. لا ثالث لهم: الاختيار الأول: أن تستمر السلطة في لعب دور البهلوان في مشروع التسوية .. ومحاولة فرضها على الثورة والشعب الفلسطيني. الاختيار الثاني: هو أن تسلم السلطة الشأن الفلسطيني للثورة .. باعتبارها الطرف الأقدر على أحداث تغيير مادي في موازين القوي .. وبالتالي إحداث تغيير جوهري في شروط التفاوض بأفضل مما هي عليه الآن. وإذا ما اختارت السلطة تسليم الشأن الفلسطيني للثورة، فمثل هذا الاختيار سيجنب الشعب الفلسطيني وثورته الكثير من المتاعب ويخفف عنهم الأعباء. ويمثل فرصة لهؤلاء الفاسدين كي يتطهروا من ذنوبهم أمام شعبهم .. وقد تـُقـَدِّرْ لهم الثورة هذه الخطوة فيتم التعامل معهم بشكل سياسي .. وقد تكتفي الثورة والشعب الفلسطيني بتطبيق العزل السياسي كعقاب لتلك الرموز .. واسترداد ما قد سلبوه بغير حق في زمن السلطة.

غير أن السياق العام يشير إلي أن السلطة قد تمسكت بالاختيار الأول.. إدراكا منها بأن تسليم القيادة للثورة يعني تقديم رموز السلطة ومن ارتبط بهم من ( زُعْـرَانْ ) للمحاسبة والعقاب. ولم يعد أمام الثورة والشعب الفلسطيني من اختيار .. غير أن تتولي الثورة إزاحة الفاسدين والمفسدين وتجريدهم ماديا ومعنويا بالقوة.

لكن طرح استخدام القوة كبديل .. يثير المخاوف لدي الجميع حيث يطرح احتمالات نشوب اقتتال فلسطيني _ فلسطيني .. وهذا ما يخشاه وتتجنبه جميع الفصائل الفلسطينية وفي المقدمة منها الفصائل الشريفة المقاتلة، وأقول أن السلطة قد أدركت موطن الضعف في اختيارات الثورة وحرصها على وحدة الشعب، وراحت تمارس ابتزازا رخيصا للثورة وللشعب الفلسطيني معا .. وهكذا تعاملت السلطة مع الواقع الفلسطيني والثورة بنهج براجماتي .. في الوقت الذي تتعامل فيه الثورة مع دور السلطة المخرب برومانسية.

لقد أردت من خلال ما قدمته من رؤية .. هو أن أشق الطريق إلي موضوع لا يرغب الفلسطينيون الخوض فيه .. والمتعلق بالمواجهة المحتملة بين الثورة وبين بلطجية السلطة. وكان هذا هو دافعي من وراء سؤالي .. أيهما يستسلم للآخر ثقافة الثورة .. لمشاريع التسوية أي للسلطة؟ أم يحدث العكس .

وأن أناشد في طلب النقاش حول الإجابة على سؤالي رغبة في الوصول إلي تقدير وتقييم النتائج المترتبة على تلك المواجهة المحتملة .. نقاش تتولاه الثورة وكل من تختارهم من شخصيات تحسن القياس ووزن الأمور .. وذلك بغرض أن يكون هناك وضوحا يحصن الثورة من خطأ قد يكون السبب فيه هو الانتظار أو التردد في اتخاذ القرار. وقد يكون المدخل إلي هذا هو بطرح سؤال: هل بقاء السلطة وما تشكله من كوارث على الواقع الفلسطيني .. أرحم في نتائجه من المواجه المحتملة ؟

وأخيرا .. أشير إلي أن الشعب الفلسطيني لم يكن أول شعب يظهر من بين أبنائه فاسدين ومفسدين وخونة. والشعب الفلسطيني ليس أول شعب يشهد قتالا بين أبناء أعطوا أرواحهم فداء للوطن .. وبين أقلية من أبناءه تاجروا بالوطن. فالفساد والخيانة ظواهر اجتماعية موجودة في كل المجتمعات وعلى مر كل العصور.. وتمثل عامل مشترك بين شعوب الأرض، وفي حالة الشعب الفلسطيني الذي يعيش حركة تحرر وطني فإن وجود مثل هذه النماذج أمر محتمل وعادي .. خاصة إذا كان القائمين على تمويل الفساد داخل السلطة يدفعون بسخاء. المهم هو كيف يمكن التعامل مع هؤلاء الفاسدون وإبعادهم وشل حركتهم؟ وأن تصل الثورة إلي قرار يوازن بين خسائر الواقع .. وتكاليف التغيير. فكل ما يخشاه المرء هو أن تنتصر في النهاية سلطة فاسدة ..على حساب الثورة وشعبها.

محمد فؤاد المغازي

تاريخ النشر : 20:50 13.08.04