ما بين عمار، أبو عمار وأم عمار!
بقلم : د. إبراهيم حمامي *

د. إبراهيم حمامي

الزمان :

الأحد 29/08/2004

المكان والشخوص والأحداث :

عمار : عمّار حسن - بيروت - برنامج السوبر ستار

خسر عمّار حسن المتسابق الفلسطيني في برنامج الغناء المختلف عليه وضاع أمله في أن يصبح البطل والنجم المتوج وضاعت معه الآلاف من الدولارات التي أنفقت داخل الوطن المحتل لحملة الدعاية التي قامت بها شركة الإتصالات الفلسطينية وشركة جوال ووزارة الثقافة وألغيت حالة الطواريء التي دامت أكثر من أسبوعين وعاد كل إلى منزله.

أبو عمار : ياسر عرفات - رام الله- مبنى المقاطعة

هو البطل المناضل الرمز عرفات الذي تابع بكل حواسه مسابقة السوبر ستار وإتصل بعمار أكثر من مرة ووصفه بأنه "مقاتل من طراز مختلف".

في هذا اليوم بالذات يسري خبر في حكم المؤكد أن عرفات أوعز لسلطان أبو العينين فإشترى الأخير 8000 بطاقة هاتفية للإتصالات الدولية للتصويت ودعم عمار حسن.

أبو عمار يجتمع هذا اليوم مع "الحكومة" و"مجلس الأمن القومي" ويعلن على لسان قريع تشكيل لجنة لتنفيذ برنامج إصلاح شامل في مؤسسات السلطة، اللجنة تضم مدير مكتب عرفات رمزي خوري وامين عام مجلس الوزراء حسن ابو لبدة وممثل عن رئاسة المجلس التشريعي لم يحدد بعد ومهمتها "وضع برنامج تفصيلي لتنفيذ كل ما ورد في خطاب الرئيس عرفات امام المجلس التشريعي في 18 اغسطس الجاري ورسالته الى رئاسة المجلس اضافة الى القرارات الصادرة عن المجلس".

الخطاب المذكور أعقبه إصرار غير إعتيادي على رفض إعطاء أي ضمانات أو إصدار أية مراسيم لتنفيذ ما ورد فيه مع ملاحظة أن هذه هي اللجنة الثانية منذ الخطاب ومن الواضح أنها "أهلية بمحلية".

أم عمار : عائشة الزبن - نابلس-

هي المرحومة عائشة الزبن والدة الاسير عمار الزبن من نابلس والمحكوم بالسجن المؤبد 27 مرة ويقبع في احد سجون الاحتلال التي فارقت الحياة بعد اصابتها بنوبة قلبية نتيجة اضرابها عن الطعام تضامنا مع الاسرى المضربين في سجون الاحتلال.

وبذلك تكون والدة الاسير الزبن اول شهيدة في معركة الامعاء الخاوية التي يخوضها الاسرى وفي حملة التضامن الشعبية والدولية الواسعة مع الاسرى المضربين عن الطعام.

في يوم واحد حدث كل ذلك. مفارقات عجيبة تحمل في طياتها إحساس بالفخر والكبرياء بأن شعبا فيه أم عمار لن يموت ولن يركع مهما جار عليه الزمان وإحساس بالحزن والغضب على قيادات لا هم لها إلا مصالحها والضحك على ذقون الشعب بين عمليات إلهاء متعمدة ووعود ولجان لن تجد قراراتها التنفيذ، إن صدرت عنها قرارات أصلا!

عمار حسن كان لديه طموحه وبالتأكيد أحبه الكثيرون وتمنوا فوزه ولكن تدخل الكبار في الأمر أسقطه لأنهم حوّلوا الأمر إلى قضية قومية ووطنية لجذب الإنتباه لأنفسهم وتسليط الأضواء عليهم وفي نفس الوقت إلهاء الشعب عن تقاعصهم وإهمالهم في قضية الأسرى المضربين في سجون الإحتلال وغيرها من القضايا.

أم عمار أثبتت أنها بألف رجل وأنها رمز حقيقي عمّد بالدم وليس بإجترار أمجاد وهمية والبكاء على بطولات لا وجود لها أصلا وإختار الله سبحانه وتعالى نابلس لترتقي منها الشهيدة الأولى وهي تأن تحت وطأة الإحتلال والتدمير الذي طال حتى التاريخ فيها دون أن يتحرك أحد لنصرتها.

هذا هو الشعب الفلسطيني يقف دائما ليثبت أنه مهما خذله المتلاعبون بمصيره يبقى على العهد قويا صابرا وصامدا يسطر ملاحم الحرية ولا يبخل بمال أو نفس في سبيل حريته.

أم عمار تفوقت وفازت على عمار وأبو عمار دون تصويت ولا دعم ولا إدعاء ولا أبواق تطبل وتزمر.

نسأل الله أن يسكنها فسيح جناته وأن يمن على أسرانا الأبطال بالحرية والإنعتاق.

د. إبراهيم حمامي
طبيب وناشط فلسطيني

لمراسلة د. إبراهيم حمامي

تاريخ النشر : 16:03 31.08.04