تهنئة خاصة للرئيس عبّاس!
بقلم : د.إبراهيم حمامي

د. إبراهيم حمامي
ما أن تناهى لمسامعي قراركم الشجاع وتهديدكم بأن "من يخرج عن هذا الاجماع (التهدئة) لا بد أن يضرب بيد من حديد" وبأنكم ستقومون بتنفيذ ذلك "ولو أدى الأمر لاستعمال القوة" حتى استبشرت خيراً بأنه وبعد طول انتظار أصبح لدينا دولة مستقلة ذات سيادة تمارس سلطتها الشرعية الوحيدة دون منازع بعد أن زال الإحتلال ورحل إلى غير رجعة، في ظل وجود رئيس يرغي ويزبد ويهدد ويتوعد كل من تسول نفسه حتى مجرد التفكير في مقاومة المحتل.

لم أستطع بعد هذا الإستبشار إلا أن أكتب مهنئاً ومباركاً عهدكم الجديد الذي بدأ يسير بخطى ثابتة بعد الإجهاز على بقايا العهد العرفاتي وانقلابكم الأبيض بتنحية كل من كان مقرباً من الرئيس الرمز الذي عاهدتمونا قبل أشهر بسيطة بأنكم ستسيرون على خطاه ووفقاً لخطابه الشهير أمام التشريعي والذي اعتبرتموه"وديعة" ومنهاج تسيرون عليه، لتنقلبوا بعدها عليه وهو في قبره فتبطلوا قراراته وتعزلوا المقربين منه وتنهشوا في عهده الفاسد الذي تحاولون وبكل شفافية ومسؤولية إصلاح ما أفسده من خلال أشخاص لا نشك أبداً في أمانتهم ونزاهتهم حتى وإن كانت هناك ملفات وعلا مات استفهام حولهم، فهم بطانة الخير والصلاح ممن اخترتموهم كدحلان والرجوب وشعث ونبيل عمرو وغيرهم من المصلحين الأبرار.

أهنئكم أيضاً أنه وبعد قراركم الحكيم الأخير باستعمال القبضة الحديدية تكونون قد حصلتم على الدرجة النهائية بدلاً من نسبة 80-85% التي سبق وأعلنتم عنها قبل أسبوع في معرض حديثكم عن الإنجاز العظيم الذي تحقق بوقف ومنع عشرات العمليات ضد الإحتلال، وهكذا وخلال أسبوع استطعتم ورغم كل الحاقدين أن تصلوا لمستوى 100% من حماية المحتل وحراسته، بل تفوقتم أكثر وأنتم تعلنون اعتقال اثنين من كتائب شهداء الأقصى، فياله من انجاز حق لنا أن نفخر ونفاخر به، دون أن نلتفت لمئات المسلحين الحاقدين من أعضاء الكتائب الذين تظاهروا احتجاجاً.

بقراراتكم الرائعة تلك تثبتون يوماً بعد يوم أنكم تستحقون الرئاسة وتثبتون أنكم الأجدر على تحمل المسؤولية، كيف لا وقد استطعتم في فترة وجيزة من عهدكم الميمون أن تصدروا شهادة الوفاة للإنتفاضة التي عجزت ترسانة المحتل عن وقفها، ولتقوموا بتغيرات "أمنية" واسعة النطاق تضمن هذه الوفاة حتى لانفاجأ بصحوة من الموت تعيد الأمور إلى ما كانت عليه، فالأمن والأمان الذي نعيشه واقعاً ملموساً الآن لايمكن أن نستبدله بكنوز الأرض، وبغض النظر عن استمرار الإجتياحات والإعتقالات والإرهاب اليومي المنظم من قبل الإحتلال، فهذا شأن خاص بهم حتى وإن كنا من يدفع ثمنه، فما يهمنا هو التزامنا الثابت الذي لايتزعزع بحفظ أمن الحدود والمستوطنات لسحب الذرائع من المحتل، حتى وان كان لايحتاج لذرائع، لأن أخلاقنا تفرض علينا أن نُضرب ولانصرخ، وأن نُقتل ولايسمع لنا صوت، وأن نُعذّب ونعض على الشفاه من الألم، المهم المبدأ.

ما قمتم به فخامة وسيادة وسعادة الرئيس المفدى تعجز عن وصفه الكلمات، فالخلق الكريم الذي كنا شهوداً عليه بتعزيتكم الحارة في موت وايزمان رسمياً واتصالاتكم بهذا الشأن مع المسؤولين ومع زوجته شخصياً كان له بالغ الأثر في نفوس شعبنا الذي أحس بأن في هذه التعزية عزاء له ولكل أسر الشهداء الذين سقطوا ويسقطون ولايتلقون أية مكالمة منكم أو من "قيادات" سلطتكم المباركة، شعبنا الذي يتفهم أولوياتكم واهتماماتكم والتي تشغله عن الشعب الذي تقودونه باقتدار وجدارة.

بعد هذه اللفتات الكريمة السمحاء لابد وأنكم حققتم مرادكم بإثبات حسن السيرة والسلوك والذي يعني دعوتكم التي تأخرت كثيراً للبيت الأبيض والتي كان من المفترض أن تتم هذا الشهر وتأخرت حتى تثبتوا جدارتكم في تحقيق أماني شعبنا الكبيرة والعريضة في الضرب بيد من حديد داخلياً، زيارتكم تلك التي نتطلع إليها جميعاً بأعناق مشرأبة وقلوب متهافتة، فربما حصلنا على وعد آخر بدولة أكثر "بحبحة" من الدولة الموعودة مكافأة لكم على إنجازاتكم، وتثميناً لمواقفكم الموالية والثابتة كرئيس شرعي منتخب، يسعى وبكل صدق وأمانة لوقف اعتداءات الإرهابيين على الآمنين.

الله الله يا سيادة الرئيس ما أروع عهدكم الميمون، أسابيع قليلة وإنجازات بحجم الجبال، والآتي أعظم، الله الله يا فخامة الرئيس كيف تديرون دفة الحكم بطريقة لم يسبق لها مثيل وكأن من اختاركم هو غير الشعب الفلسطيني، فعبارات الثناء والإعجاب تنهال عليكم من كل حدب وصوب، وهو ما يسعدنا ويثلج قلوبنا لأننا عاجزون عن توجيه مثل هذه العبارات لفخامتكم.

أرجو أن تسمحوا وتتعطفوا بالسماح لي بتوجيه هذا المقترح في نهاية هذه التهنئة دون تدخل من الأجهزة الأمنية الحريصة عليكم والتي لايهمها حتى ولا الصحافيين الذين تجاوزوا حدودهم في محاولتهم تغطية أخباركم قبل يومين فنالوا ما يستحقون من ضرب وركل واهانات، لأقترح أن تخطو خطوة جبارة أخرى بإعلان الشعب الفلسطيني ومن حيث المبدأ خارجاً عن القانون، على أن تقوم الأجهزة الأمنية بقيادة البطل دحلان وربيبه أبو شباك باستجواب أفراد الشعب فرداً فرداً للتأكد من نواياهم ولإثبات ما تفضلتم به يوم أمس بأنه "يجب أن تكون سلطة واحدة فقط، ومن أراد أن يحتج فليذهب إلى المستوى السياسي ليحتج، إنما على الأرض يجب أن تكون دائماً الأمور هادئة، ومن يريد أن يخرب، نمنعه ولو أدى الأمر لاستعمال القوة"، وبهذه الطريقة نضمن الإستمرارية لبرنامجكم المميز دون عراقيل ومفاجآت، ونضمن رضى جميع الأطراف الأخرى عنا.

هنيئاً لكم مرة أخرى ومن إنجاز إلى إنجاز ومن نصر إلى نصر وإنها لثورة حتى القصر!!

د. إبراهيم حمامي
DrHamami@Hotmail.com
29/04/2005