فتح تقاضي فتح بأيدي فتح لتسقط فتح!
بقلم : د.إبراهيم حمامي

د. إبراهيم حمامي
معادلة غريبة لم يعرف لها التاريخ مثيلاً تلك التي نراها ونسمعها هذه الأيام، وسابقة تستحق أن تدخل كتاب العجائب والغرائب، وتلاعب بالألفاظ والقوانين والضمائر والعقول بشكل ملتوٍ وخبيث ايضاً، ورفض للإقرار بالواقع تحت أي ظرف، ومحاولة للظهور بموقف البطل صاحب الروح الرياضية الملتزم بالقانون والشرعية!!

حركة فتح عبر القيادة المتنفذة والبعيدة عن النبض الفتحاوي النظيف، تطعن وتجرر لجنتها الإنتخابية للمحاكم، نعم لجنتها التي عينت وبالكامل من داخل كوادر الحركة، طبقاً للقوانين التي أقرها المجلس التشريعي المهيمن عليه أعضاء حركة فتح، وبناءاً على بروتوكول وقانون الانتخابات الذي أعدته حركة فتح بالإتفاق مع سلطات الإحتلال، وفي المواعيد والدوائر التي أقرتها فتح على مراحل لتضمن فوزها، ومع كل ذلك تطعن فتح في النتائج واللجنة والإدارة وكل شيء، لكن فقط في الدوائر التي منيت فيها بهزائم مدوية مجلجلة.

سابقة بكل المعاني أن يطعن حزب حاكم مهيمن ومسيطر على مقاليد السلطة والثروة والإعلام والصحافة والأمن وعلى كل مفاتيح اللعبة السياسية، أن يطعن في نزاهة انتخابات أقرها وجهز لها وأعدها وأشرف عليها واختار كل ما يتعلق بها، لا لسبب الا لهزيمته فيها، سابقة حق لدول العالم أن تدرسها وتدرس العقلية التي تقف وراءها.

ما زاد الطين بلة أن "الخصم"، وهنا أقولها مجازاً لأن المدعي والخصم والحكم جميعاً من نفس اللون، وبدلاً من أن يدافع عن الإتهامات، وأقصد هنا اللجان الانتخابية وقياداتها التي أشبعتنا تصريحات بنزاهة وشفافية العملية الانتخابية، قررت فجأة وبقدرة قادر أن تتحول لطرف المدعي لتثبت التهم، لا وأيضاً لتبرز الشهادات والأدلة على حدوث اختراقات وتجاوزات، وتطالب بإعادة الإنتخابات.

مهزلة وفضيحة باسم القانون والقضاء الذي يغط في سبات عميق ومنذ زمن طويل، وبغض النظر عن كون المحامين والقضاة أيضاً من حركة فتح، وبغض النظر عن عشرات المسلحين الزعران الذين تواجدوا خارج قاعة المحكمة، طبعاً دون أن يراهم نصر يوسف وعناصره من حراس المستوطنات الذين أعلنوا الإستنفار لأن صبية رشقوهم بالحجارة، آه لزمن أشباه الرجال!

بموازاة ذلك وفي تزامن مدروس لتشويه الغير وتحميله المسؤولية انطلقت الآلة الإعلامية لفتح تهاجم وتهدد وتتوعد، وبتوزيع للأدوار، فهذا المستجلب من ألمانيا لإنقاذ ما يمكن انقاذه يصبح مفتياً في تفسير القرآن، وذاك الهمام الوزير يعلن حالة الطواريء ويستنفر لكن ليس رداً على ممارسات العدو واجتياحاته واغتيالاته، استغفر الله فهذا ليس من واجباته، فواجباته وطبقاً للمصلحة الفلسطينية العليا! تقتضي الحفاظ على التهدئة والضرب بيد من حديد على كل خارج عن القانون، أما الإحتلال فهذا موضوع آخر ليس من اختصاص سيادته ووزارته.

النتيجة فتح تطعن، وفتح تقاضي، والمدعى عليه من فتح لاينكر ويثبت، والقضاة والمحامون من فتح يقرون ويقررون، وأشباه الرجال يصرحون ويعلنونويشوهون الحقائق.

نعم يشوهون الحقائق فقرارات المحاكم، رغم عدم شرعيتها بسبب كل ما ذكر، أقرت التجاوزات لكنها لم تحدد المسؤول عنها، ليس حباً في الآخرين، ولكن لأن من قام بالتجاوزات والخروقات هم أيضاً من فتح وهو ما تحاول فتح أيضاً طمسه والتغاضي عنه، بل وتلبيسه للآخرين في عملية تسمى في علم النفس بالإسقاط، أي اتهام الغير بما في الذات، وحتى لا أتهم بالتجني وكيل التهم أسرد جزءاً يسيراً مما تم تثبيته من تجاوزات من قبل مراقبي الانتخابات الذين أيضاً ارتضتهم فتح:

الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن في تقريرها يوم 05/05/2005 رصدت الخروقات التالية:

1. لم تستطع اللجنة العليا للانتخابات المحلية معالجة المشكلات التي أثارها السجل المدني في انتخابات المرحلة الأولى. فقد ظلت المشكلة الرئيسية الناجمة عن عملية التسجيل هي مشكلة عدم وجود سجل إنتخابي نهائي واحد، وانقسام الناخبين بين السجل الإنتخابي الذي بدأت بإعداده لجنة الانتخابات المركزية، والسجل المدني الذي تم اعتماده بموجب القانون المعدل الذي سنه المجلس التشريعي الفلسطيني في شهر كانون أول 2004.

2. سجلت الهيئة مخالفات قانونية خطيرة، تمثلت بتدخل جهات من السلطة التنفيذية بمسار عملية الانتخابات خلال مراحلها المختلفة، وبشكل مخالف لأحكام القانون الذي يلزم السلطة التنفيذية بأخذ موقف الحياد. فبتاريخ 23/4/2005، أصدر مسير أعمال الشرطة الفلسطينية تعميما موجها إلى مساعديه لحث جميع منتسبي جهاز الشرطة في جميع المحافظات الفلسطينية على المشاركة في الانتخابات، ودعم مرشحي حركة فتح في هذه الانتخابات والانتخابات القادمة. كما لوحظ استخدام سيارات حكومية في الدعاية الإنتخابية لبعض الكتل.

3. إستمرت مظاهر الدعاية الإنتخابية المختلفة في يوم الاقتراع، سواء تلك اليافطات والصور التي كانت قبل فترة الاقتراع، أو المظاهر المستحدثة للدعاية الإنتخابية التي إستخدمت في يوم الاقتراع ولم تستطع اللجنة العليا للانتخابات المحلية معالجتها في المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية. كما لم تفلح اللجنة العليا للانتخابات المحلية في وقف الدعاية الإنتخابية التي يمارسها أفراد من السلطة التنفيذية الفلسطينية، سواء قبل يوم الاقتراع أو في يوم الاقتراع. ولاحظ مراقبو الهيئة في قطاع غزة قيام إحدى الإذاعات المحلية بالترويج لأنصار كتلة إنتخابية معينة في يوم الاقتراع، والإستمرار في الطلب من الناخبين التصويت لأنصار تلك الكتلة.

4. لاحظ مراقبو الهيئة أن الدعاية الإنتخابية لبعض الكتل الإنتخابية في بعض الدوائر قد إتسمت بالبذخ الشديد، وبتوزيع المساعدات العينية والأموال على المقترعين لكسب أصواتهم. فقد أفاد مراقبو الهيئة في قطاع غزة بأن عدداً من مرشحي الكتل الحزبية قاموا بتوزيع أموال نقدية وكبونات عينية (طحين، مواد غذائية، ملابس، وبطانيات) على المواطنين مرفقة بقوائم بأسماء مرشحي تلك الكتل. كما لاحظ مراقبو الهيئة في قطاع غزة قيام عدد من المرشحين بعقد عدد من الندوات وإجتماعات الدعاية الإنتخابية داخل المساجد، تم خلالها تحليف المصلين بانتخاب مرشحيهم. كما رصد مراقبو الهيئة في قطاع غزة توزيع بعض الكتل الحزبية لأوراق شبيهة بأوراق الاقتراع من أجل التوضيح للمواطنين كيفية إختيار المرشحين في الورقة.

5. رغم أن معظم مراكز الاقتراع تمتعت بالجاهزية اللازمة، إلا أن بعضها إفتقر للجاهزية اللازمة للحفاظ على سرية الاقتراع بسبب ضيق المكان. كما أن بعض المراكز إفتقرت إلى اليافطات التي توضح مكان الاقتراع، وتسهل على الناخبين الدخول إلى المراكز والخروج منها.

6. لم تتمكن اللجنة العليا للانتخابات المحلية من توفير الحماية الأمنية اللازمة والكافية لمراكز الاقتراع، حيث حدثت الكثير من مظاهر الفوضى في العديد من المراكز، دون أن يتمكن العدد المتوفر من أفراد جهاز الشرطة الموجودين من وقف هذه الحالة من الفوضى. هذا بالإضافة إلى تواجد العديد من أفراد جهاز الأمن الوقائي والمخابرات في الكثير من مراكز الاقتراع خلافا للقانون. فقد لاحظ مراقبو الهيئة في مراكز اقتراع بلدة عبسان الكبيرة إغلاق ثلاثة مراكز بسبب الفوضى من الساعة 8:15- الساعة 8:40، تبادل إطلاق نار بين أفراد من أحد الكتل الإنتخابية والشرطة وحدوث إصابات بين المواطنين. كما لاحظ مراقب الهيئة في بلدة عبسان الجديدة/ خان يونس قيام بعض الشبان بطعن شابين من أنصار فصيل آخر في ساحة مركز الاقتراع، ودون أن تتدخل قوات الشرطة المكلّفة بحفظ الأمن والنظام بالسيطرة على الموقف وملاحقة المعتدين. ورصد مراقبو الهيئة في أحد مراكز اقتراع مدارس بيت لاهيا الإبتدائية وقوع حادثة إطلاق نار بين عدد من المرشحين. كما قام عدد من الملثمين بإقتحام أحد مراكز الاقتراع في بلدة عطارة/ رام الله، وقاموا بسرقة صندوقي اقتراع خلال عملية الفرز.

7. سهلت اللجنة العليا للانتخابات المحلية دور المراقبين والوكلاء، ومنحتهم البطاقات الثبوتية اللازمة، ومع ذلك اشتكى عدد من المراقبين في ساعات الصباح من عدم السماح لهم بالدخول إلى مراكز الاقتراع، وذلك إلى أن تدخلت اللجنة العليا وحلت المشكلة. كما لاحظ المراقبون أن بطاقات الشرف التي يحملها البعض لا تحمل إسم حاملها ولا صورته، الأمر الذي أدى إلى تناقل البطاقة ذاتها بين أكثر من شخص.

8. رغم محاولات اللجنة العليا للإنتخابات المحلية الحد من استغلال ظاهرة الأمية، وذلك بعدم السماح للشخص الواحد من مرافقة الأشخاص الأميين سوى مرة واحدة، لوحظ أن ظاهرة الأمية ما زالت تستغل بشكل سيء. فقد أفاد مراقب الهيئة في مركز الاقتراع الواقع في بلدة أبو شخيدم (0432)/ رام الله، بأنه تم الإعتراض على أحد المرافقين لإحدى النساء الأميات لأنه كان يملي عليها المرشحين الذين تختارهم.

هذا وكما ذكرت جزء يسير من التجاوزات التي تظهر بوضوح من هو المتجاوز للقانون، والهيئة ليست الوحيدة التي سجلت مثل هذه الخروقات، ولكن العديد من المراقبين من هيئات ومؤسسات وأفراد، والأهم أنه برغم تلك الخروقات أجمع الجميع دون استثناء أنها لم تؤثر على النتائج، اللهم إلا حركة فتح التي قامت بالخروقات لتقوم بالطعن على أساسها، وليس في كل أماكن التجاوزات ولكن فقط في المناطق التي منيت فيها بالهزيمة.

الخروقات والتجاوزات "الرسمية" إن جاز التعبير مسجلة وموثقة، وكنت أنتظر من أبواق الدعاية وخاصة المستجلب الذي أعلن قبل أيام أنه سيثبت بالدليل القاطع حجم ونوع وطبيعة التجاوزات في مؤتمر صحفي في اليوم التالي، خرج ليكيل الإتهامات والتشويهات دون أن يبرز دليلاً ولو صغيراً على ادعاءاته التي لا أساس لها، لأنه وببساطة إن أراد أن يقدم الدليل فسيكون كمن يفقأ عينه، أي يدين نفسه وحركته التي قامت بالتجاوزات والخروقات.

د.حسن أبو حشيش علّق وبشكل تحليلي على ذلك بقوله: "وكأن البلديات التي فازت فيها فتح كانت الانتخابات فيها على أعلى درجة من المثالية والكمال، والنموذجية الحضارية بمقاييس عالمية , ولم يسمع و يرى المواطن حالة الترغيب والترهيب والطعن بالسكاكين ، وكل ما يمكن فعله قانونيا وغير قانونيا , مدركا وغير مدرك وخاصة في بلديتي عبسان الجديدة والكبيرة شرق محافظة خانيونس في جنوب قطاع غزة...وكأن التهجم بالأسلحة النارية من مسلحي فتح في إحدى قرى الضفة الغربية والسيطرة على الصناديق هو مظهر حضاري لا يستدعي من فتح أن تقف وقفة شهامة ورجولة ومحاسبة القائمين على هذا السلوك.

لعلي أستوعب أن أبحث عن مبرر لحركة فتح في هجمتها الإعلامية ضد نتائج حماس في غزة..ولكن الذي لا أستوعبه ولن أستوعبه هو التشكيك في لجنة الانتخابات ذات الميول والتركيبة والفكر والقيادة الفتحاوية، وهي مشكَلة من رموز فتحاوية في الضفة والقطاع، كذلك حالات التشدق بأهمية القضاء، وضرورة الالتزام بقراراته...!!! هنا استيقظ الشعب من النوم على استقلالية القضاء ، ودور سلطة القضاء ونزاهتها ، وأنا لا أشكك في سلطتنا القضائية ورجالاتها، ولكن أتساءل عن فسحة الحريات وهوامش الاستقلال التي تمنحها السلطة التنفيذية بقيادة فتح للقضاء ؟! ثم أين تنفيذ عشرات قرارات المحاكم في قضايا مصيرية للشعب الفلسطيني ؟! واين الالتزام بالقانون في بلدة الرام في القدس التي تشهد الخميس 19/5/2005م انتخابات بلدية وسط انسحابات للكتل والعشائر احتجاجا على السجل الذي اردفته اللجنة بمئات الأسماء من خارج جفرافية البلدة رغم وجود حكم قضائي بشطب هذه الأسماء. أقول هنا بكل حسرة الآن عدنا لأصول العالم الثالث الذي يعيش مظاهر كثيرة من أبرزها الاستخفاف المستمر من قبل الانظمة الحاكمة بعقل الرأي العام في سياسة التبرير لسلوكها".

الجانب الآخر للطعن هو اعتماد السجل المدني والثغرات التي فيه، والعجب العجاب أنه وبرغم اعتراض كل الفصائل والمؤسسات القانونية عليه، أصرت حركة فتح وبالتالي المجلس التشريعي على اعتماده، لتقوم نفس المجموعة التي أصرت عليه بالطعن في ثغراته، سبحان الله كيف تقلب الأمور، وهنا لابد من التذكير بما سبق وكتبته تحت عنوان "لا للمشاركة في اللعبة لصالح المتلاعبين بتاريخ 09/12/2004، وحول السجل الإنتخابي تحديدا:

"المنحنى الأخطر تمثل في تغيير المعيار الإنتخابي بشكل مشبوه ومريب، بمعنى الناخب الذي يحق له التصويت، حيث أصدر المجلس التشريعي المنتهية صلاحيته من سنوات، والمفترض أنه يعمل بشكل مؤقت، والذي لم يستطع تغيير أي قانون أو محاسبة أيا من الفاسدين، أصدر هذا المجلس قرارا أو تعديلا قانونيا بإعتبار السجل المدني إلى جانب سجل الناخبين الابتدائي هو المحدد لسجل الناخبين، ورغم أن الأمر قد يبدو منطقيا وواقعيا، ولكن لنعود بالذاكرة قليلا إلى الوراء لنستذكر رفض اللجنة المركزية للإنتخابات وبشكل قاطع ومستمر إعتماد السجل المدني كمصدر مكمل للسجل الإنتخابي تحت مسميات وأسباب سبق تناولها بالتفصيل منها قصور السجل وعدم تحديثه وغياب البعض خارج الوطن .... الأسلوب الذي اتبعه المجلس التشريعي في إقرار هذا التعديل في جلسة واحدة بالقراءات الثلاث خلافاً للعرف الجاري، وخلافاً لروح القانون، سيؤدي حتماً إلى خلل واضح في إدارة العملية الانتخابية، وإعتماد السجل المدني يزيد إمكانية التلاعب في كشوف الناخبين، هذا التغيير من شأنه أن يصعب الإجراءات الفنية لعملية الاقتراع، وعملية المراقبة عليها ويضر ويشكك في نزاهتها وشفافيتها، ويمكن أن يعطي حق الاقتراع لأشخاص خارج الوطن أو أشخاص توفوا مما يتيح فرصة للتلاعب في الاقتراع. أيضا السجل المدني غالباً ما تكون العناوين الواردة فيه قديمة وغير محدثة مما يصعّب عملية التعرف على مكان الاقتراع، ويوفر إمكانية لأن يصوت المواطن في أكثر من مركز اقتراع، والقيام بالتصويت أكثر من مرة، كما أن السجل المدني لا يشمل مواطني القدس وآلاف الفلسطينيين ممن لا يحملون بطاقة هوية"، ترى ما الفرق بين ما ذكر وما ذكرته محاكم فتح بعد خمسة اشهر من إقرار السجل المدني، ليعود المجلس التشريعي ويلغي السجل المدني في الإنتخابات التشريعية القادمة، فأي استهتار هذا بإرادة الناس والناخبين، وأي تلاعب بالقوانين التي يتبجح البعض باحترامها؟

لو أخذت تلك الأحكام بعين الإعتبار لأصبح انتخاب محمود عبّاس رئيساً للسلطة باطلاً ولاغياً، لأن انتخابه اعتمد بشكل رئيسي على السجل المدني والذي مددت الإنتخابات 3 ساعات للتلاعب فيه، وهذه أيضاً ليست اتهامات من فراغ، ولنقرأ ما ذكره المركز الفلسطيني حول هذا الموضوع في الطعن الذي قدمه بشكل رسمي للمحكمة:

"تقدم المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان باعتباره هيئة رقابة محلية معتمدة من قبل لجنة الانتخابات المركزية، مساء اليوم الموافق 9 يناير 2005، بطلب استئناف لدى محكمة استئناف قضايا الانتخابات الفلسطينية، لاستصدار قرار قطعي بإلغاء قرار لجنة الانتخابات المركزية القاضي بالسماح للمواطنين بالاقتراع باعتماد بطاقات الهوية وكل ما يترتب عليه من إجراءات باطلة لمخالفته نصوص القانون وأحكامه.

وفي طلبه، أشار المركز إلى انه وبالاستناد للتقارير الواردة من مراقبيه الميدانيين المنتشرين في مختلف الدوائر الانتخابية في قطاع غزة، علم المركز أن لجنة الانتخابات المركزية أصدرت قراراً سمحت بموجبه للمواطنين بالإدلاء بأصواتهم استناداً لبطاقات الهوية دون أي اعتبار لورود أسمائهم في سجلات الناخبين.

واعتبر المركز أن هذا القرار مخالف للقانون وأحكامه ويشكل مساساً وضرباً لجوهر أحكام القانون والديمقراطية، استناداً لقانون الانتخابات رقم 13 لعام 1995 وتعديلاته، حيث اعتمد هذا القانون سجل الناخبين إلى جانب سجل الأحوال المدنية كسجلين معتمدين لغايات إعداد السجل الانتخابي النهائي بهدف تحديد من لهم الحق في التصويت والترشيح حصراً، ولم يأت على ذكر اعتماد بطاقات الهوية.

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان طالب المحكمة في طلب الاستئناف بإصدار قرارها القطعي بإلغاء قرار لجنة الانتخابات المركزية القاضي بالسماح للمواطنين الاقتراع بواسطة بطاقات الهوية وكل ما يترتب على هذا القرار من إجراءات باطلة."

وهنا يجب ملاحظة أن عبّاس نجح بالنسبة التي أعلنت وهي 62.5% من خلال التجاوزات التي حدثت في السجل المدني المذكور، فهل يا ترى قامت فتح وحفاظاً على القانون والشفافية والنزاهة بالطعن بنتيجة انتخاب عبّاس؟، وإذا أضفنا لذلك نفس الخروقات التي اعتمدت عليها المحكمة في قررارها بإعادة الإنتخابات جزئياً كسابقة قانونية وسجلنا الخروقات والتجاوزات في شهر يناير/كانون الثاني الماضي خلال انتخاب عبّاس لأعدنل الإنتخابات بأكملها فحجم التجاوزات الرسمية يفوق الخيال ويفوق ما تدعيه أبواق السلطة من تجاوزات في رفح وبيت لاهيا والبريج ولنلقي سوياً نظرة سريعة على خروقات السلطة وفتح في انتخابات "الرئاسة" ورغم طولها أتمنى سعة الصدر:

الخروقات أثناء الدعاية الإنتخابية :

  •       أثناء المهرجان الإنتخابي الذي نظم بتاريخ 28/12/2004، في استاد أريحا الدولي لصالح عبّاس، تواجد المئات من أفراد الأمن الوطني بزيهم العسكري، مستخدمين السيارات الحكومية لدعمه.

  •       يوم 29/12/2004 عُطلت الدراسة في كلية فلسطين التقنية، وجامعة القدس المفتوحة، وذلك للمشاركة في مهرجان انتخابي دعماً لعباس، في وجود عدد كبير من الشرطة والأمن، وبمشاركة مركبات حكومية خاصة بالأجهزة الأمنية، وسيارات ومعدات بلدية طولكرم لتعليق الملصقات واليافطات الخاصة بعباس، كما كان عريف المهرجان موظفاً في وزارة الثقافة الفلسطينية.

  •       علقت ملصقات وصور عبّاس داخل أسوار وأقسام المستشفيات الحكومية في غزة، وداخل أسوار مجمع المحاكم في شارع الوحدة وسط مدينة غزة

  •       شارك رجال الشرطة والأجهزة الأمنية بزيهم الرسمي في دعم عبّاس، وووقفوا موقف المتفرج يوم 30/12/2004 تجاه قيام أفراد مسلحين بإطلاق النار في الهواء دعماً لعباس في مدينة جنين.

  • بتاريخ 06/01/2005 عقد عبّاس مهرجاناً خطابياً في جامعة النجاح بنابلس وشارك إلى جانبه محافظ نابلس ومدير الخابرات العامة ولواء في الأمن العام وعضو في مجلس الأمن القومي الفلسطيني على منصة المهرجان.


  • الخروقات يوم الإقتراع :

  •       تم احضار المواطنين المقترعين إلى ثلاثة من مراكز الإقتراع المتعلقة بالسجل المدني الواقعة في مدينة خان يونس، بواسطة باصات تحمل صور عبّاس.

  •       في مركز الإقتراع في روضة بلدية النصيرات، ادعى بعض الأشخاص أنهم من لجان العمل الإجتماعي، دون بطاقات مراقبة، وسمح لهم بتحريض النساء على انتخاب عبّاس.

  •       في مركز اقتراع مدرسة بشير الريس بغزة قام أحد ضباط الشرطة برتبة ملازم بحض الجمهور على انتخاب عبّاس، وبصورة علنية وواضحة.

  •       في مراكز اقتراع مدرسة عيد الآغا الإبتدائية بخان يونس، ومدرسة صبحي أبو كرش بغزة، قامت مجموعة تدعي أنها من الأمن الوقائي والمخابرات العامة بدعوة الناخبين للتصويت لعباس

  •       في مركز اقتراع أبو ذر الغفاري في مدينة العودة بغزة قام مسلحون يحملون كشوفاً بأسماء المواطنين بإثارة الفوضى والذعر في مركز الإقتراع دعماً لعباس ومحاولة لتمكين البعض من التصويت.

  •       تواجد عدد من أفراد جهاز ال17 وعناصر حركة فتح في مدارس البيروني وطوباس في نابلس وقاموا بملاحقة المقترع حتى وصوله غرفة الإقتراع في عملية ترهيب لصالح عبّاس.

  •       في مركز اقتراع مدرسة تل السلطان قام عشرات المسلحين من أنصار عبّاس بتهديد المقترعين إن لم يصوتوا لعبّاس، مما أدى إلى عراك واشتباك بالأيدي بين المقترعين والزعران.

  •       في مركز اقتراع مدرسة وداد ناصر الدين في الخليل قام أحد موظفي الإقتراع بالتأثير على إرادة بعض المقترعين والطلب مهم التصويت لصالح عبّاس.


  • هذه هي بعض الوقائع الموثقة وهناك غيرها الكثير والكثير، فإن كان هناك حرص على النزاهة والشفافية، فقد كان أولى بمن يتزعم حملة اعادة الإنتخابات الجزئية أن يطالب بإعادة الإنتخابات برمتها الرئاسية والبلدية، لا أن يتم الإنتقاء حسب المزاج وبما يتفق مع المصلحة الفئوية الضيقة، والأهم أن عليهم الرد على الحجة بالحجة والدليل بالدليل، وإلا فلتصمت تلك الأصوات النشاز من دعاة الفتنة والمروجين لها من أشباه الرجال.

    بقي طرف واحد في المعادلة لم نتطرق إليه وهو من الخاسر في كل ما يجري؟ أقول ودون تردد أن الخاسر هو حركة فتح ومصداقيتها، لأنه مهما حاول الإفرنجي أو نصر يوسف أو دحلان تجميل صورة ما يجري بأنه احتكام للقانون والتزام بالديمقراطية، وهو ما قد ينطلي على الإذاعات والمؤسسات الصحفية الخارجية، إلا أن شعبنا لا تخفى عليه الحقيقة خاصة التي عاشها بنفسها، ومهما حاولوا القول أن التزوير والغش والخداع هو من طرف لا علاقة لهم به، وذلك دون دليل واحد على ما يقولون، فإن الناس على الأرض يعرفون الحقيقة كاملة غير منقوصة.

    حركة فتح التي قادت النضال لعقود من الزمن وفي ظل سيطرة أشباه الرجال وصلت لمرحلة لاتحسد عليها، وإن استمر هؤلاء في الطريق التي يسيرون فيها فنهاية الحركة محتومة ليس في الإنتخابات فقط لكن في كل شيء، ولنتذكر أنه في انتخابات ماضية كانت فتح تفوز ب 95% من الأصوات وباقي التنظيمات الأخرى مجتمعة بالباقي، أما الآن وفي ظل المتنفذين فبالكاد تحصل على ثلث الأصوات، وفي مقابل فصيل واحد لا الفصائل مجتمعة.

    هذه هي المعادلة كاملة : فتح تقاضي فتح بأيدي فتح لتسقط فتح!

    منذ أيام نشرت موضوع عنوانه "يا أبناء وشرفاء فتح، هذا مخطط القضاء عليكم" والآن أقول أن المرحلة الأولى بدأت تماماً كما هو المخطط، ومرة أخرى أقول يا أبناء وشرفاء فتح، لم يفت الأوان بعد، لكنه بدأ بالنفاذ.

    أختم بحديث للرسول صلى الله عليه وسلم ينطبق على ما يجري في زمن أشباه الرجال:

    "إن بين يدي الساعة سنين خداعة ، فيها يخون الأمين ويؤتمن الخائن ، ويصدق الكاذب، ويكذب الصادق ، ويتكلم في الناس الرويبضة قيل وما الرويبضة يا رسول الله قال : سفيه القوم يتكلم في أمر العامة"

    د. إبراهيم حمامي
    DrHamami@Hotmail.com
    22/05/2005