سلطة ولا أروع!
بقلم : د.إبراهيم حمامي

د. إبراهيم حمامي
كلما حاولت وبصدق التوقف عن سرد "مآثر" سلطة أوسلو و"إنجازاتها" العظيمة خاصة بعد انتخاب المرشح الأوحد الذي غدا الرئيس الأوحد، تفاجأني هذه السلطة كل مرة بإنجاز جديد لايمكن أن يمر دون تعليق رغم محاولات السلطة العظيمة التغطية عليها وإخفائها ربما تواضعاً منها وزهد في تسليط الأضواء على المنجزات الخارقة التي لاحصر لها.
آخر هذه الإنجازات التي تصل لدرجة "المخازي" هو الإصرار والإستمرار في سياسة القمع والإعتقالات والتعذيب ضد أبناء الشعب الفلسطيني والتي ازدادت وتيرتها منذ انتخابات "الرئاسة" وإعلان التهدئة، وهذا آخر ما صدر من داخل فلسطين:
بسم الله الرحمن الرحيم
21/نيسان/2005
تقرير حول أسرى لدى السلطة
بروفيسور عبد الستار قاسم
يزداد عدد المعتقلين الفلسطينيين لدى السلطة الفلسطينية. أشير أولا إلى أن السلطة ما زالت تحتجز السيد أحمد سعدات، أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وذلك ورفاقه كرهائن لحساب إسرائيل وأمريكا وبريطانيا. وهي تحتجز أيضا فادي حمران و محمد العبوشي من جنين، وكذلك رمزي سياعرة و خالد الحروب من الخليل.

هناك معتقلون آخرون، فيما يلي ملخص عن أوضاعهم حسب إفادات منهم :
1- رائد علي عطا خضيرات من الظاهرية/الخليل. اعتقل بتاريخ 10/2/2005. تم اعتقاله على خلفية عملية عسكرية في منطقة الرماضين جرت في 3/2/2005 وجرح فيها أربعة جنود. تم التحقيق معه من قبل الأمن الوقائي والمخابرات. بالتحديد، حقق معه أبو ناصر الجعفري مدير مخابرات الخليل. لم يعترف بشيء. قال له المحققون أن محمود إسماعيل أبو زهرة اعترف عند الإسرائيليين وأن عليه هو بالتالي أن يعترف. وضعوه في الزنازين 55 يوما وتعرض للشبح. لم يعترف بشيء.
2- إياد كامل اسحق الطل من الظاهرية/الخليل. تم اعتقاله على خلفية عملية الرماضين.اعتقله الإسرائيليون على حاجز عسكري يوم 10/2/2005 وأطلقوا سراحه في ذات اليوم. لكن السلطة الفلسطينية قامت باعتقاله مباشرة بعد تسريحه من الإسرائيليين؟ اتهموه بعلاقات مع أبو مصعب الزرقاوي. أتوا بشخص قالوا عنه أنه عالم نفساني ليشهد التحقيق، وكلما قال هذا العالم أنه يكذب ضربوه. قالوا له أنهم سيفرغونه بالأجهزة الأمنية إذا اعترف بأنه هو الذي خطط لعملية تل أبيب. وفي النهاية أرغموه على التوقيع على ورقة بيضاء قاموا هم بخط سطورها. لم يعترف بشيء.
3- صدقي أحمد خضر من دير الغصون/طولكرم. قامت مخابرات السلطة باعتقاله بعد عدة ساعات من قيام الصهاينة باعتقال آخرين من دير الغصون وذلك على خلفية عملية تل أبيب التي جرت في 25/26/شباط/2005. تعرض للشبح والتهديد، واتهموه بالمسؤولية عن عملية تل أبيب. لم يعترف بشيء.
4- جاسر حاتم القب من دير الغصون/طولكرم. تم اعتقاله بتاريخ 26/2/2005 على خلفية عملية تل أبيب من قبل المخابرات. وضعوه في زنزانة معتمة لمدة ثلاثة أيام، وشبحوه لمدة يومين واقفا. قدموا له وجبات قليلة الكمية، وقالوا له أنه عميل لإسرائيل وعليه أن يعترف بمسؤوليته عن عملية تل أبيب التي من شأنها تخريب الهدنة. لم يعترف بشيء.
5- آسال بشير توفيق بدران من دير الغصون/طولكرم. اعتقله الأمن الوقائي بتاريخ 26/2/2005. أخذوه إلى مقرهم في طولكرم. اتهموه بالمسؤولية عن عملية تل أبيب وأوسعوه شتما ونخزا بالأصابع. أهانوه وعذبوه، وأبقوه أسبوعا في طولكرم. هدده أبو أنصار مدير الأمن الوقائي في طولكرم، لكنه لم يعترف بشيء.نقلوه بتاريخ4/3/2005 إلى أريحا ووضعوه في زنزانة وحققوا معه مستعينين بالضرب والتهديد. كانوا يقدمون له نصف وجبة كل يوم. شبحوه واتهموه بأنه عميل لإسرائيل، وأنه قام بعملية تل أبيب لتخريب الهدنة. لم يعترف بشيء.
6- مصطفى حسين عبد الغني من صيدا/طولكرم. اعتقل بتاريخ 2/3/2005 على يد المخابرات. قال له عبد الله كميل مدير مخابرات طولكرم أنه مطلوب للإسرائيليين وأنهم يريدون قتله، أما هو فيريد إنقاذه منهم. سألوه عن علاقته بشفيق عبد الغني ولؤي السعدي. اتهموه بإعداد الذي قام بتنفيذ عملية تل أبيب روحيا ودينيا، وأنه هو الذي أرسل الشريط المصور إلى قناة الجزيرة. ثم قاموا بوضع مسدس إلى جانبه وقالوا له أن هذا هو مسدس الاستشهادي. لم يعترف بشيء.
7- صديق حسن محمود عودة من صيدا/طولكرم. اعتلته المخابرات على يد عواد عودة وإيهاب عجاج. اتهموه بالسعي لتنفيذ عملية استشهادية وأنه على علاقة مع سرايا القدس وحزب الله. حققوا معه لمدة تسعة أيام حول حزام ناسف ينوي استخدامه. اعترف بأنه طلب سلاحا من سرايا القدس لكنه نفى كل التهم الأخرى". إنتهى البيان.
ليت الأمر توقف عند هذه الحدود، بل أصبحت المجاهرة بحراسة الإحتلال والسهر على أمنه مفخرة وطنية يفاخر ويتبارى ويتسابق عليها أركان ورموز أوسلو من أكبرهم لأصغرهم ليعلنوا على الملأ دون خجل أو حياء تفاصيل بطولاتهم، كيف لا وسياسة الإستجداء والإسترضاء غدت أساساً لكل أفعالهم، وبغض النظر عن أفعال الإحتلال الذي يكيل لهم الصفعات الواحدة تلو الأخرى ليظهرهم كشلة من التائهين سياسياً دون هدف محدد، فبينما كان عبّاس يجاهر أمام الصحفيين ووكالات الأنباء ببطولاته في وقف عشرات العمليات ضد الإحتلال وبنسبة نجاح فاقت 80% وجمع الأسلحة ليقول حرفياً متباهياً بإنجازاته التنسيقية " "وسلمت القذائف والقنابل والأحزمة إلى الإسرائيليين فوراً بعلم وباتفاق مع الجانب الأمريكي".، يقرر شارون تأجيل إندحاره من قطاع غزة ويستمر في إجتياح المدن الفلسطينية دون كلل أو ملل بل ويزيد من إهانته لسلطة اللاسلطة وإمعانه في إذلالها بشتى الطرق والوسائل.

قبل يومين نشرت صحيفة معاريف العبرية خبر سماح سلطات الإحتلال لأحمد قريع ، "رئيس الوزراء" الفلسطيني باستقدام خادمة من خارج البلاد. وقالت صحيفة معاريف بان وزارة الداخلية "الإسرائيلية" وافقت على طلب أبو العلاء باستقدام خادمة سيرلانكية لتعمل في منزله في بلدة أبو ديس شرق القدس، وأشارت الصحيفة أيضاً بأن وزارة الداخلية الإسرائيلية كانت سمحت سابقا لمحمود عباس (أبو مازن)، رئيس السلطة باستقدام خادمتين!

تصوروا معي "رئيس أضرب إطرح" يستأسد على شعبه فيزج بهم في المعتقلات ويتهددهم، يتحول وبقدرة قادر إلى حمل وديع يطلب الموافقة على استجلاب خادمة، وهو طلب يحتمل القبول والرفض، فنٍعم السلطة والرئاسة هي.

موقف آخر سُجّل صباح يوم الخميس 21/04/2005 حيث اقتحمت قوات الإحتلال إجتماعاً في وادي الجوز شرقي القدس وصادروا هويات المشاركين في جلسة حول تعاطي المخدرات من بينهم "وزيرة" في سلطة الأسود وهي "هند خوري" دون اعتراض أو احتجاج من رؤسائها الأشاوس الذين أرسلوا قريع ليجتمع مع بيريز رغم الحادثة، ورغم إغلاق معابر القنطار والمطاحن وأبو هولي في قطاع غزة وإطلاق النار على المواطنين المحتجزين عليها، وليجتمع دحلان مع موفاز بعدها بساعات في إطار التنافس الشريف بين رموز أوسلو للإجتماع مع المحتل وكأن شيئاً لم يحدث.

هذه هي السلطة التي ترتضي لنفسها أن تكون تحت سياط الإحتلال وأوامره بلا سيادة ولا كرامة لتمارس جرائمها بحق شعبنا وتنشيء أجهزة أمنية لقمعه، تدخل جحورها أمام كل اجتياح لتخرج منها وحوشاً كاسرة تعتقل وتسجن وتطلق النار وتمارس أبشع ألوان القمع، ثم تتحول وبقدرة قادر مرة أخرى إلى حمل وديع طيّع لايعرف قول كلمة لا أو حتى الإعتراض على المحتل، ورغم ذلك يصر الإحتلال على إهانتهم وتحقيرهم معلناً أكثر من مرة أنه لا تنسيق مع السلطة، ولا للتفاوض حول القدس، ولا لعودة اللاجئين، ولا لتفكيك التجمعات الإستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، ولا لخارطة الطريق قبل ضرب البنى التحتية "للإرهاب"، ولاءات أخرى لا حصر لها، بينما لايجيد رموز أوسلو سوى قول نعم حسب سياسة "سمعاً وطاعة"، ليحتدم التنافس بينهم حول الإجتماع مع شارون وحكومته، ولا أدري عن أي شيء يدور الحوار والنقاش والتفاوض في ظل اللاءات والإهانات العلنية والسرية.

ترى هل بقي هناك من يدافع عن الحملان الوديعة، التي لاتعجب راعيها، والذي ربما قرر استنساخ نعاج هذه المرة تكون أكثر طاعة وانحناء وتلبية للنداء؟

د. إبراهيم حمامي
DrHamami@Hotmail.com

22/04/2005