مع بداية شهر رمضان من كل عام يتذكر الناس الغوالي من أقربائهم وأسرهم خاصة من غيّبهم الموت أو من رحلوا بعيدا في أقاصي الأرض طلبا للقمة العيش أو للعلم أو لأي سبب آخر.
في فلسطين لشهر رمضان طعم خاص وشكل مميز، حيث يتذكر الناس أعزاؤهم كغيرهم ولكن في ظل إحتلال مقيت بغيض وتحت حرابه الظالمة فيتوجهون بالدعاء لرب العباد آملين في رحمته وفرجه. أهل فلسطين يستقبلون رمضان بهموم لا حصر لها وأحزان كبيرة رغم الإبتهاج بقدوم شهر الخير والمغفرة في نسيج متناسق غريب تمتزج فيه الفرحة بدمعة الحزن على شهيد سقط أو عزيز معتقل أو غائب لم يعود.
ولكن....
إزدادت فئات الغائبين في فلسطين فئة جديدة وللسنة الثالثة على التوالي وهي فئة المبعدون قسرا عن أهلهم وذويهم ووطنهم في تشريع غير مسبوق أجاز للمحتل إبعاد أهل البلد وأصحاب الحق فيه، وبموافقة ومباركة ممن يفترض أن يكونوا حماة هذا الوطن والمحافظين على حقوق أهله فيه، والذين ورغم كل عمليات التعتيم الإعلامي -وكما سيتم توضيحه- تزداد أعدادهم يوما بعد يوم.
في هذه الأيام المباركة يجب أن تبقي ذاكرتنا حية ويجب أن لا نسمح لأنفسنا بنسيان ما فعله أعداء التاريخ والإنسانية والشرائع السماوية وبتواطؤ الفاسدين والمفسدين، وأن نبقي الجرح مفتوح حتى يلتئم كما نحب ونرغب بحصولنا على حقوقنا وعودة الغائبين والمبعدين والنازحين واللاجئين.
حصار كنيسة المهد – وهو الموضوع الرئيسي هنا- والذي إستمر زهاء 39 يوما في ربيع عام 2002 وما نتج عنه من صفقات ومقايضات أضاعت الحقوق وخرقت نواميس العدل والمنطق وفرضت فيها إرادة المحتل المعتدي وبشروط مهينة مذلة، هذا الحصار وعملية إنهائه لازالت تفاصيله مجهولة وغامضة وتشوبها الشبهات، تماما كمن أبرم هذه الصفقة ووقعها وأمر بها وإستفاد منها.
في هذا الشهر الذي نسترجع ونستذكر فيه الماضي بحلوه ومرّه دعونا نراجع تلك الأيام وبتفاصيل ربما تجمع بهذا الشكل لأول مرة وبتوثيق دقيق لما وصل إلينا من معلومات عن الإتفاق المشبوه وعن آثاره التدميرية المروعة كي لاننسى:
في اليوم الثاني من شهر نيسان/أبريل من عام 2002 إجتاحت قوات الإحتلال مدينة بيت لحم من عدة محاور وبإستخدام الطائرات والدبابات والمشاة موقعة الإصابات بين صفوف المواطنين فلم يجد الكثيرون منهم ومن المدافعين عن المدينة سوى كنيسة المهد كملجأ ومأمن يحتمون به من آلة البطش العسكري ظنا منهم أن قوات الإحتلال لن تتعرض لهم هناك لما لهذه الكنيسة من قدسية لدى نصارى العالم.
في تمام الساعة 3:30 من مساء ذلك اليوم أغلق الباب الرئيسي بعد وصول آخر المحتمين بالكنيسة والذين بلغ العدد الإجمالي لهم مع القائمين على خدمتها 237 محاصرا معظمهم من الأجهزة الأمنية.
لابد هنا من ذكر أن البعض يعتقد أن عملية الحصار برمتها كانت إستدراجا مقصودا من قبل قوات الإحتلال للمدافعين عن المدينة حيث أغلقت هذه القوات المنافذ من ثلاثة محاور وأبقت الطريق للكنيسة كمنفذ وحيد للمدافعيت لغاية أرادوا إستخدامها لاحقا - كما سيتبين- وهو ما إعترف به المتحدث بلسان جيش الإحتلال الجنرال غيرشون هاكوهين يوم 03/01/2004 على قناة الجزيرة الفضائية.
حاصر جيش الإحتلال الكنيسة بالدبابات والجنود ونصب الأبراج العالية المزودة بالكاميرات والقناصة ومنع إقتراب الصحفيين (إلا مراسل شبكة fox الإخبارية المعروف بتحيزه وتطرفه اليميني).
قام جيش الإحتلال ومنذ اليوم الأول بقطع إمدادات الماء والكهرباء ومنع دخول المواد الطبية والأدوية والأغذية.
نتيجة لذلك وبتوافق شهادات الجميع إضطر المحاصرون لتحضير الطعام من الأعشاب وأوراق الشحر وللتزود بالماء من بئر في ساحة الكنيسة رغم مخاطر القناصة ورغم عدم صلاحية مياه البئر للشرب.
قامت قوات الإحتلال بإطلاق النار وإستهداف مبنى الكنيسة مما أدى إلى إحتراق 4 غرف بالكامل وتهشيم تمثالين للعذراء ومعظم الزجاج الموجود في الكنيسة.
تم إستهداف كل ما يتحرك داخل الكنيسة فسقط برصاص الإحتلال خلال فترة الحصار 9 من المحاصرين - عدا الجرحى- وهم:
1. . الأرشمندت جاك الأسعد، 41 عاماً ، إيطالي الجنسية، أصيب أثناء تواجده في كنيسة "سانتا ماريا" عند توغل قوات الاحتلال في منطقة بيت لحم.
2. سمير إبراهيم سليمان، من بيت لحم ، استشهد بتاريخ 4/4/2002 ، وهو قارع أجراس كنيسة المهد .
3. خلف احمد نجاجرة 43 عاماً، من بيت لحم، استشهد داخل الكنيسة برصاص قناص إسرائيلي بتاريخ 4/5/2002 .
4. عصام نافز جوابرة، 24 عاماً، أطلق عليه الرصاص داخل الكنيسة.
5. رائد عمر الخطيب ، استشهد بتاريخ 25/4/2002 داخل الكنيسة .
6. محمد ابو عايد ،20 عاماً من بني سهيلة "قطاع غزة" ، استشهد بتاريخ 2/5/2002 .
7. نضال عويضة عبيات ، 28 عاماً ، من بيت لحم ، استشهد عندما كان يجمع الأعشاب من ساحة الكنيسة بتاريخ 29/4/2002 .
8. حسن عبد الله حسن نسمان، 26 عاماً، استشهد بتاريخ 13/4/2002 .
9. خالد صيام، قطاع غزة ، اشتبك مع الجيش الإسرائيلي عند محاولته اقتحام الكنيسة واستشهد على اثر ذلك
بسبب تلك الظروف وتدهور الأوضاع شكلت لجنة لمتابعة ومعالجة الأزمة وبتعليمات مباشرة من عرفات وضمت في عضويتها كل من: الوزير جميل الطريفي واميل جرجوعي، والنائب صلاح التعمري، ورئيس بلدية بيت لحم حنا ناصر، والنائب متري أبو عطية، وعماد النتشة كضابط إرتباط ، بالإضافة إلى محافظ بيت لحم محمد المدني والمحامي انطوان سلمان رئيس الجمعية الأنطوانية، اللذين دخلا إلى الكنيسة للإطلاع على الأوضاع من الداخل ومناقشة المحاصرين وإبلاغهم بالمفاوضات التي تجري أولاً بأول. كما شكلت لجنة ثانية مؤلفة من القاصد الرسولي والبطريرك اللاتيني ميشيل صباح والبطريرك الأرثوذكسي ايرينيوس الأول وباقي رؤساء الكنائس المسيحية في القدس .
بتاريخ 8/4/2002 التقى وفد كنسي مكون من ميترو سامبي سفير الفاتيكان في الأراضي المقدسة، وحارس الأراضي المقدسة جوفاني، والبطريرك اللاتيني ميشيل صباح، والمطران ارستارخوس ممثلاُ عن بطريركية اللاتين، نائب وزير الدفاع "الإسرائيلي" داليا رابين حيث جرى بحث أزمة الكنيسة والحصار التي تفرضه قوات الإحتلال عليها ، وقد أصر الجانب "الإسرائيلي" على ضرورة استسلام المحاصرين ، ولكن الوفد أعرب عن رفضه التام لهذا الطلب حسبما أفاد الأب رائد أبو ساحلية سكرتير البطريريكة اللاتنينية.
في يوم 12/04/2004 وصل كولن باول وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة للبحث في مسألة حصار كنيسة المهد وحصار مبنى المقاطعة في رام الله، ولم يلتق باول في هذه الزيارة بعرفات.
بتاريخ 13/4/2002 جرى لقاء بين رؤساء الكنائس المسيحية في القدس مع وزير الخارجية الأمريكي كولن باول طالبوا خلاله بان تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطاً على الحكومة الإسرائيلية لفك الحصار عن كنيسة المهد ، وانهاء ازمتها بطريقة سلمية وضم الوفد كلاً من ميشيل صباح بطريرك القدس للاتين، واميرنيوس بطريرك القدس للروم الأرثوذكس وتركوم امانوجيان بطريرك القدس للأرمن الأرثوذكس وفاني باتستللي حارس الأراضي المقدسة ومنيب يونان مطران الكنيسة اللوثرية، وفي هذا اللقاء تم إبلاغ الوزير الأمريكي بان ما يجري في الأراضي الفلسطينية ناجم عن الاحتلال "الإسرائيلي" الذي يجب أن يزول فبزواله تنتهي كل أشكال العنف، كما اقترح الوفد على الوزير الأمريكي اصطحابه للصلاة في كنيسة المهد، إلا أن هذه الدعوة لم تستجاب والصلاة لم تتم.
بتاريخ 25/04/2002 وفي اليوم 24 للحصار تمت أول صفقة بين المفاوضين وهي السماح بخروج جثتين و9 من الصبية المحاصرين! في نفس اليوم أيضا وتمهيدا للصفقة المشبوهة محكمة عسكرية داخل مقر عرفات تحكم بسجن أربعة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لمدد تتراوح بين سنة و18 سنة بتهمة قتل رحبعام زئيفي!
28/04/2002 يلتقي القنصل الأمريكي في القدس مع عرفات ليبحث معه إقتراح بوش الذي وافقت عليه حكومة الإحتلال والذي أدى لاحقا للصفقة الرباعية!
بدأت فصول الإتفاق المشبوه تظهر مع الإنفراج في قضية حصار مبنى المقاطعة والذي تزامن مع حصار كنيسة المهد وذلك يوم 29/04/2002 حيث وكعادة سلطة أوسلو فتحت قناة سرية للتفاوض وأيضا بأوامر مباشرة من عرفات وبقيادة المدعو محمد رشيد أو خالد سلام ودون علم اللجنة المفاوضة العلنية والتي تفاجأت في ذلك اليوم بالمفاوض عن جانب جيش الإحتلال أراك موشيه يتساءل وباستهزاء "هل لديكم صلاحيات للتفاوض؟" !
في نفس اليوم إتصل عرفات بصلاح التعمري وأمره وبضغط كبير بتسليم قوائم أسماء المحاصرين التي يطلبها جيش الإحتلال والتي رفض الوفد المفاوض تسليمها طيلة الفترة السابقة وهي 28 يوما!
بتاريخ 30/04/2002 وفي إطار صفقة رباعية تصل لحد الجريمة، ومن أجل عرفات و"حرية حركته" تلغي الأمم المتحدة وعلى لسان أمينها العام كوفي عنان لجنة تقصي الحقائق في مجزرة مخيم جنين وبموافقة تامة وتواطؤ من سلطة أوسلو التي كان همها الوحيد رفع الحصار عن مبنى المقاطعة في رام الله وبأي ثمن. هذه الصفقة الجريمة شملت أيضا سجن أمين وأعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في أريحا بتهمة قتل زئيفي بحراسة أمريكية بريطانية وأيضا في سابقة خطيرة وكذلك إنهاء حصار كنيسة المهد بالرضوخ للشروط "الإسرائيلية".
يوم 02/05/2002 دخلت مجموعة من النشطاء الغربيين كنيسة المهد ومعهم المحامي أنطوان سلمان الذي فوجيء بأحد المحاصرين وهو إبراهيم عبيات يعد القائمة المطلوبة بعد تلقيه مكالمة مباشرة من عرفات بهذا الخصوص متجاهلا الوفد المفاوض وبأمر عسكري مباشر لم يجد معه المحاصرون بد إلا الموافقة حيث كان معظمهم من الأجهزة الأمنية الخاضعة لإمرة عرفات مباشرة.
10/05/2002 إنهاء الحصار بعد صفقة مباشرة بين شارون وعرفات لاتعرف تفاصيلها حتى الآن وتقضي بإبعاد وترحيل 13 من أبناء فلسطين خارج وطنهم وللمرة الأولى بموافقة فلسطينية صريحة رضخت لشروط المحتل بالكامل وأسفرت عن توزيع المبعدين كالتالي: (رحلوا لمطار بن غوريون ومن ثم على متن طائرة عسكرية بريطانية إلى قبرص ثم إلى باقي الدول الأخرى)
الاسم مكان الإبعاد
إبراهيم موسى عبيات أسبانيا
عبد الله داود الطيراوى موريتانيا
إبراهيم محمود عبيات ايطاليا
جهاد جعارة ايرلندا
خالد أبو نجمة ايطاليا
محمد مهنا اليونان
رامي الكامل ايرلندا
خليل محمد عبيات البرتغال
عنان خميس البرتغال
عزيز عبيات أسبانيا
محمد سعيد سالم ايطاليا
ممدوح الوريدان اليونان
احمد حمامرة أسبانيا
· إضافة لإبعاد 26 لقطاع غزة في حافلات كمنفى داخلي وهم:
سليمان نواورة
مازن حسين
نادر عبد العزيز أبو حمدة
مجدي دعنا
سلطان الهريمى
مؤيد جنازرة
جواد نواورة
رائد عبيات
ناجى عبيات
ياسين الهرمى
محمد خليف
رامي شحادة
إياد عدوى
على علقم
فهمى محمد صالح كنعان
فراس عودة
صامد العطيبى
سامى سلهب
موسى شعيبات
جمال أبو جغليف
زيد عطا الله
عيسى ابو عاهور
خالد مناصرة
رائد شطارة
خالد صلاح
حاتم محمود
الجدير بالذكر أن الرضوخ لشروط الإحتلال وصل للموافقة على حرمان المبعدين من لقاء ورؤية أهلهم وذويهم قبل عملية الإبعاد.
رغم التعهدات "الإسرائيلية" للأوروبيين والأمريكيين بعدم اقتحام الكنيسة بعد الاتفاق الذي تم، والتزام الجانب الفلسطيني بالشروط التي فرضت عليه قامت القوات "الإسرائيلية" وأمام أنظار العالم أجمع باقتحام كنيسة المهد بعد خروج المحاصرين منها واعتقال من كان بداخلها من الأجانب الذي دخلوها في وقت سابق من الحصار للتضامن مع المحاصرين الفلسطينيين، وتم نقلهم إلى سجن الرملة حيث تم التحقيق معهم ثم رحلوا إلى بلدانهم.
الصفقة التي أبرمت على عجل وعلى حساب الجميع نسيت أو تناست عن عمد بعض الذين كان من المفترض أن يكونوا ضمن قائمة ال 85 المفرج عنهم، الا ان اصابتهم برصاص القناصة الاسرائيليين داخل الكنيسة إضطرهم لمغادرتها من اجل العلاج حيث وقعوا في ايدي الجيش "الاسرائيلي" الذي كان يحاصر الكنيسة واقتيادهم الى الاعتقال، والاسرى الجرحى هم:
1-ايمن درويش صلاح، يبلغ من العمر 24 سنة، اعتقل بتاريخ 25/4/2002
2-باسم محمد محمود، يبلغ من العمر 25 سنة، اعتقل بتاريخ 25/4/2002 .
3-ثائر محمد مناصرة، يبلغ من العمر 21 سنة، اعتقل بتاريخ 15/4/2002 .
4-حافظ ابراهيم الشرايعة، يبلغ من العمر 22 سنة، اعتقل بتاريخ 15/4/2002.
5-خضر ابراهيم ابو نصار، يبلغ من العمر 22 سنة، اعتقل بتاريخ 13/4/2002.
6-رأفت موسى عبيات، يبلغ من العمر 27 سنة، اعتقل بتاريخ 25/4/2002.
7-رامي حسن الخطيب، يبلغ من العمر 22 سنة، اعتقل بتاريخ 25/4/2002.
8-سامر سلامة كوازبة، يبلغ من العمر 25 سنة، اعتقل بتاريخ 10/4/2002.
9-محمد علي ابو لبن، يبلغ من العمر 31 سنة ، اعتقل بتاريخ 28/4/2002.
10-احمد صلاح العزة، يبلغ من العمر 24 سنة، اعتقل بتاريخ 3/5/2002.
· أيضا رفضت سلطات الإحتلال الإفراج عن المواطنين خليل عبد الفتاح خميس 33 عام واحمد محمد محمود كنعان 22 عام وإعتقلتهم في معسكر كفار عتصيون منذ 10/5/2002 حيث كانوا ضمن ال 85 المفرج عنهم، الا ان سلطات الاحتلال رفضت اطلاق سراحهم بحجة ان اقامتهم في البلاد غير شرعية ويحملون جوازات سفر اردنية، وقد حاولت سلطات الاحتلال ابعادهم الى الاردن الا ان الحكومة الاردنية رفضت استقبالهم فأعيدوا الى معسكر عتصيون.
· الإتفاق المجهول ومن خلال ما رشح عنه وما تم تطبيقه منه وهو الإبعاد خرق كل المباديء والقيم والأصول والأعراف والأخلاق وبأيد فلسطينية كما أنه خرق القوانين والأعراف الدولية حيث أنه يعتبر إنتهاكا سافرا لقواعد القانون الدولي الذي ينص على:
- أن إبعاد مواطن أو جماعة عن مكان إقامته، سواءا في نطاق الإقليم أو خارجه هو واحدة من أقسى العقوبات غير المشروعة وغير القانونية والتي لا تملك الحق بممارستها أو تنفيذها لا قوات الإحتلال ولا السلطات الوطنية، بحسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
- المادة 49 من إتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب تنص على أنه " بحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين، أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الإحتلال، أو إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة، أيا كانت دواعيه".
- كما نصت المادة 8 من إتفاقية جنيف الرابعة وكرد على الإدعاءات القائلة بأن النفي تم بالإتفاق بين الجانبين وبموافقة الأشخاص المعنيين مباشرة على أنه: " لايجوز للأشخاص المحميين التنازل في أي حال من الأحوال جزئيا أو كليا عن الحقوق الممنوحة لهم بمقتضى هذه الإتفاقية".
- تنص المادة التاسعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه " لا يجوز إعتقال أي إنسان أو نفيه تعسفا".
- المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ينص على أن " لكل فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وإختيار مكان إقامته" وأنه " لا يجوزحرمان أحد تعسفا من حق الدخول إلى بلده".
مما سبق يتضح أن:
الإتفاق الجريمة تم ضمن صفقة رباعية للسماح لعرفات بحرية الحركة.
الصفقة شرّعت ولأول مرة مبدأ إبعاد المواطنين من أرضهم وديارهم.
التفاصيل الكاملة للصفقة لازالت مجهولة.
لا تعرف مدة الإبعاد أو تاريخ عودة المبعدين.
الإدعاء بأن المبعدين أنفسهم وافقوا على الإبعاد لا يستند لأي مبررات خاصة أن معظمهم نفذ أوامر عسكرية مباشرة من قائدهم الأعلى! بإعتبارهم من قوات الأمن.
الموافقة الرسمية أو حتى الشخصية على النفي لا تضفي الشرعية على هذا الإجراء غير القانوني.
مارست سلطة أوسلو دورها المعتاد في القفز على الوفد المفاوض والرضوخ بالكامل لشروط الإحتلال.
رغم حجم التنازلات والرضوخ المهين للشروط "الإسرائيلية" وحجم الجريمة التي لا تغتفر فقد تنصل الجميع من الإتفاق فلم تمض سوى أشهر على الإتفاق حتى أعلنت الدول الأوروبية أنها لن تستطيع الإستمرار في إستضافة المبعدين لأكثر من 6 أشهر أي حتى شهر نوفمبر/تشرين التاني 2002 ولكن بسبب إعلان سلطات الإحتلال عن نيتها إعتقال كل من يفكر بالعودة ومحاكمته تراجعت الدول الأوروبية عن موقفها.
عرّاب الإتفاق المدعو محمد رشيد أو خالد سلام إختفى تماما ولم يستطع أهالي المبعدين الإلتقاء به بعد مرور أكثر من عامين على جريمة الإبعاد وكما صرح كامل عيد رئيس لجنة المبعدين يوم 03/07/ 2004 لصحيفة القدس العربي والذي "حمل السلطة الفلسطينية" المسؤولية الكاملة عن الإبعاد متهما مكتب عرفات بوضع العراقيل أمام اللجنة ورئيسها، في ذات الوقت الذي طالبت فيه المجموعة الأوروبية "السلطة الفلسطينية" بإيجاد بلدان أخرى لإستضافة المبعدين! ولتعتقل المخابرات البرتغالية مؤخرا (07/10/2004) المبعد عنان خميس دون سبب واضح.
لقد فتحت هذه الصفقة الباب على مصراعيه لتشريع الإبعاد فقامت قوات الإحتلال ومنذ تلك الجريمة بإبعاد آخرين وسط تعتيم إعلامي مقصود شمل حتى "سلطة أوسلو" التي باتت تشعر بحجم جريمتها فآثرت الصمت حتى وإن أدى ذلك لإبعاد الشعب برمته وهذه قائمة ببعض من تم إبعادهم للتوثيق ولكي لا ننسى:
الإسم | تاريخ الإبعاد | مكان الإبعاد | مكان الإقامة |
احمد كنعان | 10/5/2002 | الأردن | بيت لحم |
عبد الناصر عصيدة | 1/8/2002 | غزة | نابلس |
انتصار عجورى | 4/9/2002 | غزة | نابلس |
كفاح عجورى | 4/9/2002 | غزة | نابلس |
رياض رشيد أبو سرور | 10/12/2002 | الأردن | مخيم عايدة |
محمود خضر موسى | 10/12/2002 | الأردن | بلدة الخضر |
مريم صوالحة | 14/1/2003 | كرواتيا | جنين |
راغب راتب بدر 22/5/2003 غزة نابلس
نادر سوافطة 22/5/2003 غزة جنين
سمير محمد بحيص 25/5/2003 غزة الخليل
بهاء على القاضى 25/5/2003 غزة نابلس
وليد خالد على 25/5/2003 غزة نابلس
خالد أبو جبة 24/6/2003 الأردن بيت لحم
فراس أبو شيخة 24/6/2003 الأردن الخليل
محمد صقر الكار 24/6/2003 الأردن بيت لحم
سامي مصطفى سند 24/6/2003 أريحا بيت لحم
محمد مصطفى سند 24/6/2003 أريحا بيت لحم
مشرف بازور 13/10/2003 غزة
كمال محمد إدريس 10/11/2003 غزة
احمد حسين مشكاح 23/11/2003 غزة
سامر صبحى محمد بدر 23/11/2003 غزة
علاء فؤاد ابراهيم حسونة 13/11/2003 غزة
طه رمضان الدويك 13/11/2003 غزة
حسام عودة 4/12/2003 غزة
منذر جبعة 4/12/2003 غزة
رجا حرز الله 4/12/2003 غزة
لؤىداود 4/12/2003 غزة
غانم توفيق سوالمة 4/12/2003 غزة
سامى الصوص 4/12/2003 غزة
راسم خطاب مصطفى 4/12/2003 غزة
رامى حجيجي 4/12/2003 غزة
شادى اسماعيل عياش 5/12/2003 غزة
سامر أبو زينة 5/12/2003 غزة
هانى حمدان الرجيبى 5/12/2003 غزة
ناصر سلامة 5/12/2003 غزة
مصطفى حسين عابد 31/12/2003 غزة
احمد عز الدين القسام 11/1/2004 غزة
أنور أبو زهو 20/1/2004 غزة
فؤاد ناصر عوض 25/1/2004 الأردن رام الله
بلال خالد حمادة 25/1/2004 الأردن جنين
حمد خالد حمادة 25/1/2004 الأردن جنين
أنور عبد اللطيف 20/1/2004 غزة نابلس
لؤى تيسير سلامة القيروتى 19/2/2004 غزة نابلس
محمد احمد عبد الله طقاطقة 3/3/2004 غزة بيت لحم
محمد سليمان الصفورى 18/5/2003 غزة جنين
عبد الجبار رشيد إسماعيل 23/2/2004 غزة رام الله
رائد عبد المحسن زغلول 26/2/2004 غزة رام الله
ولازال المسلسل مستمرا!
هذه هي يوميات حصار كنيسة المهد وبتفاصيل لم يسبق أن عرضت بهذا الشكل رغم غموض الإتفاق الجريمة إلا لمن أبرمها وشرّعها خاصة عرفات وخالد سلام وهذه هي تفاصيل الصفقة الرباعية التي قبلت سلطة أوسلو بموجبها التضحية بشهداء مجزرة جنين بالموافقة على إلغاء لجنة التحقيق فيها، والتضحية بأمين عام وأعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحبسهم في أريحا بحراسة امريكية بريطانية، والتضحية بالمحاصرين في كنيسة المهد بإبعادهم خارج وطنهم والرضوخ لشروط المحتل، كل ذلك مقابل السماح لعرفات "بحرية الحركة" ، وهو الأمر الذي أدركه الجميع فقوبل عرفات بالطماطم الفاسدة والحجارة والهتافات المعادية عندما حاول زيارة مخيم جنين وأجبر على المغادرة دون دخول المخيم حتى هذه الساعة وهو ما يدفع ثمنه الآن مزيدا من الحصار والإذلال من قبل شارون – الذي أبرم معه الصفقة- وآلته العسكرية.
في هذا الشهر المبارك ونحن نستذكر أحزاننا ومن فقدنا وندعو المولى أن يغفر لنا ويخفف عنّا ويرحمنا ويفرج كرب أسرانا ويزيل الغمة والظلم والإحتلال ويعيد مبعدينا، نسأله أيضا أن ينتقم من كل من فرط ويفرط، وتآمر ويتآمر، وشرع ويشرّع مع المحتل ..... آمين يا رب العالمين.
د. إبراهيم حمامي
لمراسلة د. إبراهيم حمامي
غرة رمضان 1425 / 15-10-2004