أوزير لإعلامنا أم إعلامهم ؟
بقلم : د.إبراهيم حمامي

انتفض سعادته، وشحذ قلمه، وكتب معلقاً بعد أسابيع ليدافع عن نفسه، ضد كاتب ساءه أن يرى ويسمع ما يسمى بوزارة الإعلام في السلطة العتيدة تحتد وتشتد على لسان رئيسها الوزير المبجل، مطالباً بالعزل والإقصاء، للتملق والإسترضاء، عله يحصل على البركات والشهادات بحسن السيرة والأداء، قيبقى وزيراً حتى وإن تغيرت الأسماء، لايهم ان كان للتخطيط والتعاون أو للإعلام والإفتاء، طالما بقي وزيراً من الوزراء!

في موضوع نشره معالي الوزير يوم 13/06/2005، كتب فخامته رداً على الكاتب فايز أبو شمالة تحت عنوان "يا دكتور/ فايز صالح صلاح أبو شماله فلتتق الله في شعبنا"، يبرر فيه ما سبق وأعلنه من موقف أو مواقف، ليزيد الطين بلة، وليكشف بصورة أوضح عن قصده وهواه، وكمن أراد "أن يكحلها فعماها" ليقول فيما قال : "ولكننا لن نقع في هذا الفخ الخطير، فنصبح أعداء للمسيحية واليهودية، ونتبنى بسذاجة أو بتصميم خاطئ أخطر مفهوم يضعنا تماماً في المكان الذي تريدنا فيه إسرائيل: متعصبون، إرهابيون، حاقدون، عنصريون، فيبرر ذلك لها ولأنصارها كل ما ترتكبه ضدنا من جرائم... اتق الله في شعبك يا د. فايز صلاح أبو شمالة!"، وهنا يبرز سؤال: هل الاحتلال بحاجة لمبرر لممارساته الاحتلالية البغيضة، أم أن سعادة الوزير تبنى وجهة النظر الاحتلالية بأنه يرد على العنف والارهاب الفلسطيني، أو ربما نكون قد تسببنا بالإحتلال عن غير قصد منا بإعطائه المبررات حسب رأيه؟

يستمر سيادته ليسوق جملة من المغالطات التاريخية والدينية لتسويق فكرته موجهاً كلامه للكاتب وبالتالي لكل من يؤمن بأننا شعب محتل مؤمن بعدالة قضيته ووطنه:

"أمطلوب منا أن نختار نحن من نقرر معادته من الرسل والأنبياء ومن أهل الكتاب بديلاً عن العدو الحقيقي الذي يغتصب بلادنا؟ ومن الذي قال: "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض" أهو النبي موسى، أو داوود أو سليمان أو غيره من أنبياء اليهود الذين يمتلئ القرآن بقصصهم وسيرتهم؟"، ليزيد في شططه متباكياً على ضحايا النازية، ومنصباً نفسه محامياً ومدافعاً، بل ومتهماً د.أبو شمالة بتهم غريبة، مقوّلاً إياه ما لم يقل: " ومع ذلك أنت تؤيد ما فعله الألمان باليهود لمساعدة الصهيونية على نقلهم إلى فلسطين، هل هذا منطق سليم يا دكتور؟"، " أمر لا يهز مشاعرك الإنسانية أو يكشف لك حقيقة الجريمة التي ارتكبت بحقهم وحقنا؟"، مختتماً كلامه بقوله: "نحن ضحية "الضحية"، وهذا أمر يمكن الحديث عنه لكي يفيق الضمير العالمي واليهودي لما إرتكبته دولة يدين معظم شعبها وقياداتها بالديانة اليهودية من جرائم في حق الشعب الفلسطيني."

لن أدخل في تفاصيل كلماته المغلوطة وأفكاره المشوهة من ألفها إلى يائها، ولا بجهله المقصود بالتاريخ، أو تحريفه للحقائق، أو اتهاماته الباطلة، لكن سأطرح نقاطاً سريعة أتحدى معاليه أن يرد عليها كما فعل مع مقال د. أبو شمالة:

  • من يعتبر الدولة العبرية دولة يهودية ليس كاتباً أو قاصاً أو شعباً يرزح تحت الإحتلال، بل قادة هذه الدولة واليك بعضاً من الأدلة ربما ساعدت ذاكرتك:

    - ما يسمى بوثيقة الإستقلال، والتي تمثل الدستور الفعلي للدولة العبرية تنص على أن "إسرائيل دولة الشعب اليهودي"

    - قانون العودة الاسرائيلي لعام 1951 يعطي الحق لكل "يهودي" بالمواطنة فور وصوله "لأرض الميعاد"

    - وزير المالية والقضاء الأسبق دان ميريدور قال على القناة الثانية في التلفزيون العبري بتاريخ 25/01/2001: "إسرائيل دولة تميز في التعامل مع مواطنيها على أساس العنصر والدين، لذلك لامفر من الإقرار بأنه من الصعب على غير اليهود أن يعيشوا فيها"

    - حين يقتل الجنود الاسرائيليون الفلسطينيين يؤدون واجبا وطنيا‏،‏ وحين يكون القتل فجا أكثر من اللازم،‏ فإن الحبس لمدة عام مع وقف التنفيذ هو أقصي ما تقضي به العدالة الإسرائيلية،‏ وفي إحدي المرات أدين ثلاثة من الجنود الإسرائيليين في تهمة قتل خمسة فلسطينيين‏,‏ فحكم القاضي علي كل واحد منهم بغرامة مالية قدرها شيكل واحد‏(‏ أقل من ربع دولار‏)،‏ أما الجنرالات الذين أدينوا في جرائم قتل الفلسطينيين فإنهم يكافأون بالترقية،‏ وقائمة هؤلاء طويلة‏، فهل هذا ما قصده سيادة الوزير بقوله "دولة يدين معظم شعبها وقياداتها بالديانة اليهودية"؟
  • المتعصبون والإرهابيون والحاقدون العنصريون، ليسوا أبناء شعبك يا وزير، ليعطوا المبررات كما صور لك فكرك، بل هم من تنطعت للدفاع عنهم، فشعبنا ليس ساذجاً ليقع "بالفخ الخطير" وكأنك الوحيد المدرك لماهية هذا الفخ، أما الإرهاب والتعصب والحقد والعنصرية، فهاهي نماذجها في أبشع صورة:

    - ألم يصف مناحم بيجن، رئيس الوزراء السابق، الفلسطينيين، بأنهم بعوض في مستنقعات، وأنه يجب رشهم بمادة ال ( DDT) القاتلة، وبردم مستنقعاتهم عليهم؟!!

    - ألم يصف عوفاديا يوسف، كبير الحاخامات في إسرائيل، الفلسطينيين والعرب بأنهم أفاعي سامة وعقارب؟ ليدلي بتصريحات عدائية للغاية ضد العرب‏،‏ ففي موعظة دينية ألقاها في‏10‏ أبريل/نيسان ‏2001‏ بمناسبة عيد الفصح اليهودي‏(‏ بيسع‏)، صرح بأنه لايجوز التعامل مع العرب بتسامح أو رحمة‏، فليس هناك من أسلوب للتعامل معهم سوي ضربهم بصواريخ تقضي عليهم‏،‏ فهم أشرار وشياطين‏,، وسوف يقضي الله عليهم كالحشرات التي تمتص الدماء‏,‏ ودعا يوسف الي الإكثار من ترديد دعاء لله أن يصب غضبه علي غير اليهود‏!

    - ألم يصرح كتساب، رئيس الدولة الحالي، بأن الشعب الإسرائيلي متفوق على جميع جيرانه، وأنهم يتميزون عليهم في جميع المجالات، وبأن الفلسطينيين غير إنسانيين؟

    - ألم يصف بيرس، وزير الخارجية الحالي، والذي يحمل على كتفه جائزة نوبل للسلام وفي عنقه مجزرة قانا، ألم يصف الدول العربية في مؤتمر دافوس، بأنها محيط من القذارة، تحيط بواحة الديمقراطية المتألقة؟ وهو يعني بذلك (إسرائيل).

    - ألم يطلب ليبرمان من شارون، أن يعيد احتلال المدن والقرى التي تخضع للسلطة الوطنية الفلسطينية، وبأن لا يبقى فيها حجراً على حجر؟!

    - ألم يصرح رفائيل ايتان، رئيس أركان الحرب الإسرائيلي سابقاً ومؤسس حزب تسومت، عام 1983 بأن العرب ما هم "إلا صراصير مخدرة في قنينة"؟

    - ألم ينعت باراك الفلسطينيين بالتماسيح وهو ما أكده النائب أحمد الطيبي في شهر أغسطس/آب من عام 2000

    - وأخيراً، ألا يقوم شارون، رئيس الوزراء الحالي، والمشهور باقتراف أبشع الجرائم في الشعب الفلسطيني منذ عام 1948م ومروراً بصبرا وشاتيلا وانتهاء بما يقوم به حاليا من التدمير والقتل وجرف الأراضي واقتلاع الأشجار، والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني رضعا وأطفالاً، شيباً وشباباً، نساءً ورجالاً ، على مرأى من جميع العالم، دون أي خجل أو وازع إنساني أو أخلاقي؟!

    - ألم يصرح إفيجدور ليبرمان الممثل لحزب يسرائيل بيتنو أي إسرائيل هي بيتنا في الكنيست في‏6‏ فبراير/شباط ‏2001‏ بأنه يجب إطلاق الصواريخ علي السد العالي في مصر وعلي المواقع المهمة في إيران وإشعال النار في بيروت‏.‏

    - ألم يصرح الوزير الإسرائيلي نسيم دهان في‏23‏ سبتمبر/أيلول ‏2002‏ بأن المصلين المسلمين في المسجد الأقصي هم ثعالب ارتفعوا درجة، فأصبحوا أفاعي وعقارب
    لازال التحدي قائماً يا معالي الوزير الموقر بأن تصدر بياناً واحداً، أو أن تكتب مقالاً كالذي كتبته، لتصف فيها أياً من هؤلاء بصفاتهم الحقيقية، متعصبون، ارهابيون، حاقدون وعنصريون، أن أن ذلك سيذهب بالوزارة؟ لسنا نحن من نحمل هذه الصفات ولسنا من يعطي المبررات!

  • أما حجة التحريض التي يكررها نبيل شعث باستمرار خاصة بعد أن اصبح مسؤولاً مباشراً على القنوات الإعلامية برمتها، فهي حجة واهية تسقط أمام التحريض الممنهج والمستمر من قبل أدوات الإحتلال، والتي من المفترض أنه من عليه مواجهتها وإثارتها والرد عليها، بدلاً من رمي التهم جزافاً ضد شعبنا ومقاومته المشروعة، وبصفته "وزيراً للإعلام!!" أعرض عليه مجموعة من "التحريضات" ليمارس مهامه ودوره، رغم أني على يقين أنه لا يجرؤ على ذلك:

    - عضو الكنيست المتطرف يسرائيل إلداد من حزب "هَئيحود هَلئومي" (حزب أفيغدور ليبرمان) سبق وعرض يوم الإثنين 3/11/2003 في اقتراحٍ قدمه على جدول أعمال الكنيست هدم محطات الإذاعة الفلسطينية و الاستيلاء على أمواج الأثير المخصصة لها، وطالب بمنح ترخيص لإذاعة المستوطنين (القناة السابعة)، وكذلك منحها إحدى موجات البث المخصصة للإذاعات الفلسطينية و إعطائها الأجهزة الفلسطينية.

    - البرنامج التلفزيوني الساخر المسمى "خرتسوفيم" و الذي يعرض في القناة الثانية في التلفزيون العبري غالباً ما صور الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بالمجرم و الإرهابي و كثيراً ما تهكّم على الرئيس المصري مبارك و أبرزه بصورة الرئيس الضعيف المتسول الذي يسأل المعونة من الغرب.

    - القناة الأولى للتلفزيون العبري عرضت قبل سنوات مسرحية تهكمت بشكلٍ واضح على الدين الإسلامي و على مفهوم الشهادة و سخرت من حوريات الجنة و سعي الشهداء إلى هذا المقام .

    - في عام 1998 قام متطرفون بكتابة اسم الرسول صلى الله عليه وسلم على صورة خنزير والصقوها على جدران الخليل، دون أن يحاكموا على فعلتهم!

    - أما التحريض في المناهج فحدث ولا حرج، ففي الوقت الذي تشنّ فيه "إسرائيل" حملة مسعورة على المناهج الفلسطينية الجديدة في فلسطين، وفي الوقت الذي تمدّ أصابعها لتخفيَ الحقائق التاريخية لفلسطين وللشعب الفلسطيني، نجد أن المناهج الإسرائيلية غارقة في بحر الكراهية للفلسطينيين والعرب، ومتمادية في التعالي والشوفينية وتقديس الذات إلى الحد الذي يغذي أطفالهم بعقدة التفوقّ لا على الفلسطينيين والعرب فحسب، وإنما على جميع شعوب العالم. فهم وحدهم بشر، ووحدهم متفوقون وأذكياء، أما الغير فهم جوييم. أي غوغائيون ومجرمون ومتخلفون.

    - إن الكتب المدرسية، وكذلك أدب الأطفال في إسرائيل، تغذي العنصرية والكراهية تجاه الفلسطينيين ، هذا ما أوضحه الصحفي الحرّ وغير المتحيزّ مورين ميهان في إحدى مقالاته، فالكتب المدرسية الإسرائيلية، تقدم اليهود بأنهم مجدون وشجعان وبأن الفلسطينيين والعرب متخلفون وغير منتجين. وأن هذه النمطية السلبية عن الفلسطينيين والعرب هي القاعدة وليست الاستثناء في معظم هذه الكتب.
    من المحرض هنا يا سعادو الوزير؟ وهل يا ترى صدر عنك ما يدين تلك التحريضات وبشكل رسمي، علماً بأنك كنت دائماً مستوزر في الحكومات المتعاقبة؟

    صبراً فلم يتبق الكثير!

  • من الذي قام بتدنيس وتمزيق المصحف الشريف؟ ومن الذي يحاول اقتحام المسجد القصى المبارك لإقامة الهيكل المزعوم؟ أليسوا من "اليهود" المتطرفين؟ أما أن علينا تجميل الوصف حتى لا نثير غضبهم؟ ترى لماذا لا تتحرج في استخدام وصف المتطرفين الاسلاميين، وتجد غضاضة في وصف بعض اليهود بالتطرف؟ ربما كان ذلك بسبب طبيعة مهمتك؟ لا أدري!

  • نقطة ما قبل الأخيرة: هل تناهى لعلم سيادتكم أن أولى المستعمرات أقيمت في فلسطين عام 1837 أي قبل أن يولد هتلر وقبل الحرب العالمية الثانية بقرن؟ فعن أي ضحايا نتحدث هنا؟ وعن أي معاناة نتكلم؟ المشروع الاستيطاني بدأ قبل واستمر بعد هرتزل، وما حجة الاضطهاد ووعد بلفور التي سقتها إلا ترويجاً للدعاية الصهيونية بحرفيتها.

  • أما الدروس والمواعظ الدينية فالأفضل أن توفرها لنفسك، لأن د.أبو شمالة وكذلك أصغر شبل فلسطيني يفرقوا تماماً نفرق بين اليهودية كديانة، والصهيونية كحركة عنصرية متطرفة، معظم أفرادها ملحدون، في الوقت نفسه فقد تعلمنا أن مفهوم اليهودية هو بأنها العودة إلى الله باتباع أوامره واجتناب نواهيه، كما قرأنا بأن هناك فئات من اليهود المؤمنين الذين يرفضون قيام دولة إسرائيل عن طريق القتل والاغتصاب، ومن هؤلاء جماعة ناطوري كارتا التي ترفض حتى التعامل بالنقود الإسرائيلية. وكذلك بعض الجماعات التي تصف اليهودي الحقيقي بأنه الشخص الذي يعتمد على نفسه في تحصيل قوته، وهؤلاء يعتبرون عملية اغتصاب فلسطين بأنها جرائم ولصوصية تحرمّها الشريعة التي يؤمنون بها. أننا في الوقت الذي يحرق فيه بعض الإسرائيليين المصاحف، ويشتمون النبي ويتهجمون على الإسلام، ويمنعوننا من الصلاة في المساجد، نترفع عن الرد عليهم، إلا بما ورد عنهم في القرآن الكريم. على لسان الخالق جل وعلا. ، وما محاولتك الزج بأسماء الأنبياء عليهم السلام جميعاً إلا محاولة مكشوفة وبائسة، ويكفينا قوله صلى الله عليه وسلم: "من آذي ذميا فقد آذاني ومن أذاني فقد آذي الله"، هذه هي أخلاقنا التي لانحيد عنها.

    بل أزيدك من الشعر بيت، فهناك من اليهود من هم أكثر صدقاً وأمانة وشرفاً من الكثيرين ممن يدعون قيادة الشعب الفلسطيني، ونعرفهم جميعاً، وهذه بعض الأمثلة:

    - حاخام يهودي مرموق في لوس أنجيلوس بولاية كاليفورنيا اسمه مايكل ليرنر‏،‏ ذكر في‏28‏ ابريل/نيسان 2002‏ أن الأبحاث التي أجرتها مراكز الأبحاث الإسرائيلية نفسها أثبتت أن مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين تركوا أرضهم فعلوا ذلك إما بسبب الإكراه الذي مارسته عليهم القوات التي شكلت نواة الجيش الإسرائيلي‏,‏ وإما هربا من الفظائع التي ارتكبتها عصابات يمينية إسرائيلية إرهابية‏.، ولم يتركوها برضاهم.

    - رئيس الطائفة اليهودية الارثوذكسية الحاخام الشاب موشيه فريدمان الذي يقوم بحشد مئات الحاخامين اليهود المناهضين للصهيونية في أوروبا، يقول أن في حوزته "وثائق" تؤكد، "مسؤولية الصهيونية عن ابادة يهود اوروبا"، بينها وثيقة منسوبة الى اول رئيس وزراء لاسرائيل حاييم وايزمان يقول فيها خلال اجتماع يهودي صهيوني عقد في سويسرا عام 1947 ان مساعد هتلر المعروف ادولف ايخمان سأله في لقاء جمع بينهما عام 1937 ان كانت الحكومة الصهيونية قادرة على استيعاب يهود اووربا كافة في فلسطين، فرد وايزمان: "بالطبع لا. هناك اعداد نحن بحاجة اليها, والباقي يمكنكم التصرف به"

    - الكاتب والصحفي المرموق "إسرائيل شامير" يقول: " لم تكن مبادرة أوسلو هي الخطأ فحسب، وإنما قرار التقسيم نفسه كان خطأ كبيراً". وكذلك، فهو يدعو إلى إزالة ما يسمى بالخط الأخضر، وإلى عودة أبناء وبنات فلسطين إلى مدنهم وقراهم في عكا وحيفا ويافا وكفارسابا وقاقون وغيرها، ليعيدوا بناءها من جديد.
    لم أستغرب من كلمات سعادته ومغالطاته التي كتبتها، فقد كُتب علينا أن يكون "وزراء" سلطة أوسلو من دعاة التطبيع، ومن "البكائين" على عذابات الآخرين، وهو ما سبق وأعلنه رئيس هذه السلطة في العقبة، ليقف كمن على رأسه الطير هازاً رأسه لتأكيدات بوش وشارون على يهودية دولة "اسرائيل" وليعلن في لقاء صحفي مع صحيفة المصور في 03/12/2004 أنه "يتفهم المخاوف الاسرائيلية وأنه لا يريد تغيير الطابع الديموغرافي اليهودي لدولة اسرائيل"، وهو ما يذكرني بالمثل: إذا كان رب البيت بالدف ضارب، فشيمة أهل البيت كلهم الرقص!

    لم تذهلني كذلك فزعة الوزير تلك، فله غيرها من الفزعات الشخصية البحتة الكثير، رغم أن منصبه يُحتِّم عليه التعالي عن الشخصي لصالح العام لكن هيهات، وأتذكر أيضاً يوم ترك اجتماع هام ليتصل ببرنامج الإتجاه المعاكس بتاريخ 23/01/2001 حلقة "الدعم العربي للإنتفاضة" ليرد على متصل آخر مدافعاً عن ولديه ليدور الحوار التالي:

    "نبيل شعث : يعني يؤسفني أن أدخل على هذا البرنامج في هذه اللحظة ولكن منذ دقائق اتصل بي أحد الإخوة الأعزاء المستمعين لبرنامجكم، وقال أن شخصاً يدعى ناصر الأسعد تحدث..
    د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:بس دقيقة.. دقيقة يا دكتور شعث لماذا يؤسفك الدخول إلى البرنامج؟ هل ممكن أن أعرف في البداية ؟د. نبيل
    شعث : لأنه بدي أدخل بشكل شخصي شوية.
    د. فيصل القاسم : أيوه، تفضل.
    نبيل شعث : لأنه تعرض لي الأخ ناصر الأسعد الذي تحدث على برنامجكم وقال بأنه أنا ابني بيحتكر الكومبيوتر في فلسطين، وأنه من أصحاب الملايين وغير ذلك.أنا بس بدي أستفيد من هذه الفرصة -أيضاً- للقول أن هناك فساداً في كل مكان، ولكن المبالغة والكذب والافتراء تصيب دائماً الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية، أنا ابني -يا أخي- هذا الذي ظهر في الصورة في توقيع اتفاق (غزة -أريحا) عمل أربع سنوات ملازماً أول في الأمن الوطني الفلسطيني، وهو حاصل على الماجستير في الاستراتيجية من جامعة لندن، وتقاضى 300 دولار في الشهر طوال الأربع سنوات التي عملها، واضطر أن يترك فلسطين تحت وطأة مثل هؤلاء الناس المفترين،وأن يعود إلى مصر التي ولد فيها وتربى فيها، وكذلك ابني الثاني اللي هو أكبر منه الحقيقة الذي هو مختص بالكومبيوتر وليس الأول، وهو أيضاً بعد أن أنفق ثلاث سنوات في فلسطين اضطر للعودة للعمل في مصر لأنه لم يستطع الحياة في ظل هذه الافتراءات."

    كما لم تدهشني العبارة التي عنون بها مقاله أو رسالته، فقد اعتاد الجميع من أشاوس أوسلو على تحويل أي موضوع لهجوم شخصي بحت لا يستند على حجة أو دليل، وهو ما أصبح متعارفاً عليه ومتوقع من كل رموز أوسلو، لكن من العنوان أقول: من الذي يجب أن يتقي الله في شعبنا الواقع بين نار الاحتلال ومواقف السلطة الموقرة التي تجرمه في كل كبيرة وصغيرة، اتقوا الله وارحمونا.

    أخيراً، لم يبق لدى سعادة الوزير ما يتستر به، فحتى ورقة التوت سقطت، وبان المستور من أفكار ومعتقدات، فهنئياً "لهم" وزير الإعلام الهمام.

    في انتظار الرد من سعادة ومعالي وسيادة وفخامة الوزير نبيل شعث الموقر على ما ورد من تساؤلات وتحديات.

    د. إبراهيم حمامي
    DrHamami@Hotmail.com
    15/06/2005