دحلان ... وقصة الشبيبة الفتحاوية
بقلم : د. إبراهيم حمامي *

د. إبراهيم حمامي

منذ كتابة موضوعي الأخير (دحلان بين ماضي الحرمان وحاضر الفساد والمال والسلطان) وسيل الرسائل الإلكترونية لا ينقطع بين مؤيد لما ورد ومعترض وبين من يعرض المساعدة ومن يتهم ويشتم ويهدد! ما يهم أن بعضا مما ذكر وهو موثق في أكثر من مكان عن الدور المزعوم لدحلان في تأسيس الشبيبة الفتحاوية عام 1981 لا أساس له من الصحة حيث لم يكن لدحلان أي دور في تأسيسها حسب من عاشوا أحداث تلك الفترة ويبدو أن القصة إختلقت لرفع رصيده وتلميعه كمناضل منذ أيام الدراسة.

إحدى هذه الرسائل إشتملت على معلومات هامة تحمل الأسماء والتواريخ والأماكن والأرقام، معلومة المصدر، ويعرف كاتبها الذي كان من مؤسسي الشبيبة وعاصر مراحل إنشائها الأولى منذ كان طالبا في المرحلة الثانوية ولازال يتبوأ موقعا مرموقا ويحظى بإحترام من حوله ولأسباب تتعلق بعدم رغبته في ذكر اسمه آثرت بعد التشاور معه على بقاء إسمه طي الكتمان وهذا لا يمنع بحال من الأحوال أن من أسس الشبيبة معه وعاش مراحلها يعلم شخصيته ودوره!

الرسالة الهامة تقول نصا :

"إن بداية فكرة تأسيس الشبيبة الفتحاوية كانت مع غياب الدور الذي كان يفترض أن تأخذه المجالس البلدية بعد ضربها وضرب رؤسائها في نهاية السبعينيات وشلل لجنة التوجيه الوطني عقب ما جرى لبسام الشكعة وكريم خلف وغيرهم حيث أصبحت البلديات واللجان عاجزة تماما وشهدت تلك فترة تأرجح ، فتح بالذات لم يكن لديها أي نشاط سياسي على الإطلاق وكان القاطع الغربي بقيادة الشهيد أبو جهاد يقوم بعمله العسكري والحركي دون أثر كبير في الناحية الطلابية أو حتى العمالية كسياسة ونشاط .

في نهاية السبعينيات وبالتحديد عام 79/80 كانت انتخابات الطلبة دوما في جيب الحزب الشيوعي وأنصاره مثلما النقابات ومثلما لجان العمل التطوعي التي اتخذت من النقابات مرتكزا ، وفي بيرزيت دخلت فتح لأول مرة انتخابات الطلبة بعد تحضير قام به كل من أبو علي البوريني وأبو العز حسن عبد الله اشتيوي وهما أخان كانا قد وصلا الجامعة من السجون طبعا كطلبة حالة خاصة .

كانت اللائحة يومها تحمل اسم (كتلة الحركة الطلابية) وأوصلت يومها طلبة محسوبين على فتح منهم النائب الحالي (مفيد عبد ربه) رئيسا للمجلس ومنهم طالبة (عنان الأتيرة) من نابلس والآن تعمل في مجال الطواريء والإغاثة في مدينة نابلس ، ولأن الأخوين أبو علي وأبو العز كانا مطاردين فقد نفذا عملية هروب باتجاه الأردن ، فيما تلى ذلك كانت مجموعة من الطلبة من منطقة عنبتا وهم في المرحلة الثانوية من الدراسة وفي التوجيهية يزورون الجامعة بانتظام ويحضرون بعض حلقات التنظير والاستقطاب وفي إحدى الأيام حضر الأخ بهاء الدين أديب والأخ سمير عطا والأخ عامر كنعان (بالإضافة لكاتب الرسالة) وبالتداول معهم تم التطرق إلى ضرورة إنشاء عمل وطني في المدارس مستفيدين من الإضراب العام الذي أعلنه مدرسو المدارس طلبا لتعديل رواتبهم وكنا حينها على مشارف الفصل الثاني الدراسي .

تشكّلت لجنة عمل وبدأنا في الحركة وأمكن الإتصال بمنطقتي جنين وقلقيلية ونابلس لتنظيم مسيرة طلابية في توقيت واحد من جميع المدارس وفي يوم واحد باتجاه مقار مديريات التربية والتعليم وفعلا حدث ذلك وكان صاعقا نجاح هذا التحرك المنسق بعد أن عقدنا في الهلال الأحمر الفلسطيني وبرعاية رئيسته السيدة حنون اجتماعنا وطبعا كان هناك أسماء كثيرة من طلبة وطالبات وتم اختيارهم بدقة وأرسلنا يومها برقية احتجاج إلى وزير الدفاع الصهيوني وكان يومها اسحاق رابين واجتمعنا مع مدير التربية والتعليم في طولكرم حسين الشيخ بعد ضغط عليهم ويومها تحدثت نيابة عن الطلبة وطالبت بالتضامن ورفع مجموعة مطالب طلابية وتضامنية .

كان هذا هو أول تحرّك لافت ومنظم ومنسق وبعدها وصلت إلى جامعة بيرزيت مع مجموعة من الطلبة الجدد وأفهمنا الأخ مفيد عبد ربه أن مجموعة أيضا جديدة من الطلبة ستحضر في ذات العام وسنقيم معا في سكن واحد وسيكون السكن قطعا هو أحد أهم مواقع الاستقطاب الطلابي وهكذا كان وحضر في ذات العام الأخ سمير صبيحات والأخ نايف سويطات وهو المفوض السياسي في جنين حاليا.

في هذا العام وردت تعليمات أو أفكار من الأخ أبو جهاد كما علمت بضرورة خلق نسيج وكيان سياسي وحراك للمجتمع وللساحة الطلابية وحدثت نقاشات طويلة في هذا الأمر وأذكر أن الجلسة التي اختير فيها اسم الشبيبة كانت في بيرزيت في سكن الاخ مفيد والاخ نزهت شاهين كما أذكر وكان هو أيضا في تلك السنة عضوا في مجلس الطلبة عن فتح وأعتقد أن حسن أبو لبدة أمين عام مجلس الرئاسة كان أيضا حاضرا ورياض عويضة وعدنان أبو حبسة ولا أجزم إن كان محمد بحيص حاضرا وكانت طريقة طريفة باختيار الأسماء والنقاش حولها وأخيرا اقترح أحد الأخوة أن مثلما هناك شبيبة شيوعية وشبيبة اسرائيلية لنأخذ اسم الشبيبة الفتحاوية ثم جرى التعديل إلى لجان الشبيبة للعمل الاجتماعي وكتلة الشبيبة الطلابية وهكذا كان.

وقد جرى تكوين أول لجنة شبيبة للعمل الاجتماعي في مدينة طولكرم رسميا وإن سبقتها لجنة في عنبتا وأعلن عن أعضاء الهيئة الإدارية ونشر ذلك في جريدة الفجر المقدسية وقامت بأول عمل تطوعي باستخدام آليات البلدية التي وفرها المرحوم حلمي حنون أبو يوسف يومها وأيضا جرى نشر الخبر في ذات الجريدة والإعلان عن أول نشاط وبعدها بدأت عمليات تشكيل اللجان في نابلس وجنين ورام الله ومن ثم بقية الوطن وبما فيها القطاع، وطبعا في الانتخابات التالية في عام 1981/1982 تم ترشيحي ودخلت انتخابات اللجان وكنت عضوا في أحد اللجان التابعة لمجلس الطلبة بينما كان رئيس المجلس نايف سويطات وكان مناصفة مع الأخوة في الجبهة الشعبية وكان رئيس كتلتهم الأخ غسان جرار من جنين وفي هذا العام حضر الأخ مروان البرغوثي وأعتقد أيضا حضر عبدالله علاونة أبو الأمجد وبدأ نشاط مكثف للتجهيز للانتخابات القادمة وبالمناسبة فهذه السنة شهدت الأحداث المؤسفة والمطاحنة التي جرت بين الكتلة الاسلامية والكتلة الوطنية وحاولنا فيها المستحيل للفصل وأغلقت الجامعة أبوابها حوالي ثلالثة شهور .

في العام 1983/84 جرت إنتخابات لإختيار سكرتيرا لمجلس الطلبة وعرض اسمي واسم أخي مروان البرغوثي ولكن حسم الأمر بترشيح الأخ سمير صبيحات وبنشاط فاعل يومها من الأخ أحمد فارس الذي كان له دورا هاما في إنشاء حركة الشبيبة الطلابية وكان يومها الأخ سمير قيد الإقامة الجبرية فحضر وتم الترشيح وكنت سجلت في لجنة من لجان المجلس للتخفيف عني في ضغط الدراسة وكذلك سجّل أخي مروان في اللجنة الثقافية وفازت حركة الشبيبة سنتها بكل المقاعد السبعة وكنت قد حصلت على أعلى الأصوات وأعتقد كانت 854 صوتا بزيادة حوالي 32 صوت من الكتلة الإسلامية والكتل الأخرى .

مروان البرغوثي أكمل في الجامعة فترة رئاسة المجلس والمجلس الذي تلا ذلك كان برئاسة جمال السلقان من مخيم بلاطة وهؤلاء الأخوة كان لهم نشاط واضح ومؤكد مع عدد آخر من الأخوة لست أذكر الآن معظم الأسماء ولكن هناك أسماء لافتة بقيت في الذاكرة قطعا لها الدور الكبير كغسان سمار والأخ رشيد منصور والاخ جميل أبو سعدة والأخ نصر نوفل هذا بالإضافة إلى أخوة آخرين في كل من النجاح وبيت لحم والخليل ورام الله والقدس كان لهم الدور الأساس .

كان التأسيس وبداية التفعيل للشبيبة الطلابية والشبيبة الاجتماعية في جامعة بيرزيت ومنها تبعت بقية المناطق بما فيها قطاع غزة الذي أكمل المشوار فيه، بل لقد كانت عملية تداول الأفكار وكتابة النص الأساس لدستور الشبيبة ونظامها الأساس هناك ،وهذه الأسماء عندك والذي أستغرب له وذكرته في أكثر من مقال لماذا صمت هؤلاء جميعا وهم يعلمون الحقيقة مثلما أعلمها ؟؟؟

كنت أفكّر فعلا بكتابة قصة الشبيبة هذه حتى لا تبقى شماعة لعدد من الذين صعدوا على أكتاف من كان لا يهمه إلا وجه الله تعالى وخدمة وطنه ويبدو أن ما قلته يا صديقي في نهاية مقالك هو قطاف الانتهازيين ونربأ بأنفسنا أن نكون منهم."

- إنتهت الرسالة -

كما يتضح لم يكن لدحلان أي دور في تأسيس حركة الشبيبة الفتحاوية حتى وإن إدعى زورا أن ما ورد سابقا هو ما حدث في مدن الضفة وأنه كان من مؤسسي الشبيبة في قطاع غزة فهذا كلام مردود عليه لأن التعليمات والتوجيهات في هذا الخصوص كانت مركزية وتصدر من شخص أبو جهاد مباشرة لتعمم على قادة العمل الطلابي والذي لم يكن دحلان منهم. للإنصاف أقول أنه ربما كان له بعض الأدوار التنفيذية لاحقا ولكن لا دور تأسيسي.

ترى ماذا سنكتشف بعد من قصص دحلان وبطولاته المزعومة؟ وهل يستطيع أن يمرر الإختلاقات والإفتراضات التي ينثرها يمنة ويسرة ليظهر نفسه وكأنه أبو الإصلاح وعدو الفساد الأول ورافع لواء النزاهة والشفافية؟ لا يهمني دحلان هنا بشخصه ولكن ما يمثله من تيار جديد يحاول ركوب موجة الإصلاح لتحقيق مآرب شخصية باتت واضحة للعيان.

دحلان هو إفراز لمؤسسة أوسلو الحاكمة والمتحكمة بالقرار السياسي ولايقع اللوم عليه وحده بل على من عيّنه ورفعه وأوصله إلى أعلى الدرجات عندما كان الطفل المدلل لرأس الهرم الأوسلوي. هذا الشبل من ذاك الأسد (مع فارق التشبيه) ودحلان تربى في أحضان الفساد ليتفوق على الجميع، لايحق لدحلان أو غيره أن يحمل راية الصلاح والهداية فالطالب فاسد والمطلوب أفسد والكل نهل من معين الفساد والإفساد، لكن كما ذكرت سابقا الحق يعلو ولا يعلى عليه.

* د. إبراهيم حمامي : طبيب وناشط فلسطيني
DrHamami@Hotmail.com
تاريخ النشر : 14:21 08.08.04