من يساند قضايا المسلمين والعرب في الكونجرس ؟
بقلم: علاء بيومي /كاتب ومحلل سياسي - واشنطن

10:07 15.08.02

جون كونيورز

(7) جون كونيورز


تاريخ الميلاد: 16/5/1927
محل الميلاد: ديترويت، مشيجان
الديانة: مسيحي (بابتيست)
الخلفية المهنية : محامي
الانتماء الحزبي : الحزب الديمقراطي
الدائرة الانتخابية : الدائرة الرابعة عشر بولاية مشيجان
اللجان : اللجنة القضائية
عدد دورات انتخابه : 19 دورة
الهاتف : 202-225-5126
الفاكس : 202-225-0072
عنوان البريد الإلكتروني : john.conyers@mail.house.gov
موقعه على الإنترنت : www.house.gov/conyers

نص المقال :
في التاسع عشر من سبتمبر الماضي وبعد مرور ثمانية أيام على حوادث الحادي عشر من سبتمبر كتب جون كونيورز نائب الحزب الديمقراطي بمجلس النواب الأمريكي عن ولاية مشيجان مقالة بجريدة الواشنطن بوست تحت عنوان "الحرية مهددة" يقول فيها " يحب أن نتذكر جميعا (نحن الأمريكيون) أن حوادث (11 سبتمبر) المروعة قد تدمرنا من الداخل مثلما قد تدمرنا من الخارج ؟ تاريخا، تعرضت حقوقنا المدنية لأكبر تهديد في أوقات العواطف الجياشة والغضب القومي، وتعرضت بعض الأقليات للعنصرية وجردت من حرياتها".
ومضى جون كونيورز يذكر القارئ بما تعرض له المهاجرون الأجانب وبعض أبناء الأقليات من ظلم وانتهاك لحقوقهم خلال فترات الأزمات القومية الأمريكية مثل الحرب الأهلية الأمريكية والحرب العالمية الثانية وتفجيرات أوكلاهوما في عام 1995 وما مثلته تلك الأزمات من تهديد للحريات الأمريكية ولتماسك المجتمع الأمريكي من الداخل، مشيرا إلى ما يتعرض له المسلمون والعرب الأمريكيون من تمييز وجرائم كراهية بعد 11 سبتمبر.
ولم ينسى كونيورز أن يحذر من خطورة منح الحكومة الأمريكية سلطات إضافية لمكافحة الإرهاب دون مراقبة أو محاسبة مشيرا إلى حكمة قالها بنيامين فرانكلين " من يقبلون التخلي عن حريات ضرورية من أجل الحصول على قليل من الأمن المؤقت لا يستحقون الحرية أو الأمن".
وبذلك يكون جون كونيورز واحد من أسرع السياسيين الأمريكيين إدراكا لما تمثله الأزمة الحالية من تهديد للحقوق والحريات المدنية الأمريكية، وأسرعهم أيضا في الحديث عما تمثله الأزمة من تهديد خاص لحقوق المسلمين والعرب في أمريكا.
ومثل هذا الموقف لا يعد أمرا غريبا على رجل مثل جون كونيورز، وهو أحد زعماء الحزب الديمقراطي بمجلس النواب الأمريكي، وتمتد فترة تمثيله لولاية مشيجان بالكونجرس لخمسة وثلاثين عاما ولتسعة عشرة دورة انتخابية وضع فيها قضايا الحقوق المدنية وحماية حقوق الأقليات على قمة أجندته الانتخابية والتشريعية خاصة وأنه يحتل حاليا منصب رئيس الكتلة الديمقراطية بلجنة التشريع بمجلس النواب الأمريكي.
ويفخر كونيورز دائما بدعمه لقوانين مكافحة جرائم الكراهية وبمكافحته لتمييز الشرطة الأمريكية ضد أبناء الأقليات عند تطبيق القانون.
ويضع على قمة أولوياته خلال فترة عضويته الحالية بالكونجرس استصدار بعض قوانين مكافحة تمييز شرطة الأمريكية ضد أبناء الأقليات خاصة الأفارقة الأمريكيين منهم في تطبيق قواعد المرور، حيث تثبت الدراسات أن على الرغم من أن الأفارقة الأمريكيين لا يمثلون إلا 14 % من سكان أمريكا إلا إنهم يمثلون 72 % من المستوقفين من قبل شرطة المرور، وكأنها أصبحت جريمة أن "تقود وأنت من أصحاب البشرة السمراء" في أمريكا.
وبسبب ما يتعرض له المسلمون والعرب من تمييز في المطارات الأمريكية بعد 11 سبتمبر شبه كونيورز - في حديث نشرته جريدة الواشنطن تايمز في السادس والعشرين من أكتوبر الماضي - معاناة المسلمين والعرب المسافرين بالمطارات الأمريكية بمعاناة الأفارقة الأمريكيين بإشارات المرور الأمريكية مشيرا ( في عبارة ساخرة من الوضع الحالي) إلى أن سفر المسلمين والعرب بالطائرات داخل أمريكا أصبح يعامل وكأنه "جريمة".
كما يفخر جون كونيورز أيضا بدعمه مطالب الأفارقة الأمريكيين بتعويضهم عما مروا به خلال فترة استعبادهم بالولايات المتحدة، ومازال يساند مشروع قانون قدمه في عام 1989 يقترح إنشاء لجنة لدراسة انتهاكات حقوق الأفارقة الأمريكيين خلال فترة العبودية وأثار نظام العبودية على حياة الأفارقة الأمريكيين في الوقت الحاضر، واقتراح تعويضات مادية ومعنوية مناسبة للأفارقة الأمريكيين.
وعلى الرغم من عدم تمرير الكونجرس للمشروع واعتماده كقانون حتى الآن إلا أن كونيورز يصر على تقديمه كل دورة برلمانية وحث أعضاء الكونجرس القدامى والجدد على مساندته، ويعلن باستمرار أنه لن ييـأس وسيستمر في المحاولة.
ولعل انتماء كونيورز للأقلية الأفريقية الأمريكية وشعوره بمعاناتها وبما تتعرض لم من تمييز قربه من الأقلية المسلمة والعربية في أمريكا وأعده بشكل طبيعي لفهم ما تمر به من مواقف صعبة وما تحتاجه لمواجهة تلك المرحلة.
سبب أخر وهام لمساندة كونيورز لقضايا المسلمين والعرب هو تمثيله لواحدة من أكثر مناطق تجمع المسلمين والعرب في أمريكا وهي منطقة ديترويت بولاية مشيجان الأمريكية، مما جعله يتبنى مصالح الأقلية المسلمة والعربية الأمريكية كمصالح داخلية تتعلق بمطالب أبناء دائرته الانتخابية.
وإن كان اهتمام كونيورز بقضايا المسلمين والعرب لا يقتصر على القضايا الداخلية منها بل يمتد إلى العديد من القضايا الخارجية، ومنها رفع العقوبات الاقتصادية عن الشعب العراقي، وخاصة فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية ووصل الموارد الغذائية والطبية الأساسية لأطفال العراق.
وفي السابع من يونيو الماضي أرسل كونيورز خطابا إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش يطالبه فيه بالتحقيق في استخدام إسرائيل لطائرات إف 16 الأمريكية في قصف مواقع السلطة الوطنية الفلسطينية في الثامن عشر من مايو، وإذا كانت السياسات الإسرائيلية تمثل انتهاكا قوانين صادرات الأسلحة الأمريكية التي تشترط على الدول المستصدرة للأسلحة الأمريكية استخدامها فقط في أهداف الدفاع المشروع عن النفس.
ومؤخرا كان جون كونيورز أحد أعضاء الكونجرس الذين امتنعوا عن تأييد القرار الذي أصدره مجلس النواب الأمريكي في الخامس من ديسمبر الحالي بـ "تأييد إسرائيل في حربها ضد الإرهاب".
أما بالنسبة لما فعله جون كونيورز بعد الحادي عشر من سبتمبر لحماية حقوق وحريات مسلمي أمريكا، فيمكن ذكر عدة مبادرات رئيسية.
في الرابع والعشرين من أكتوبر الماضي وفور تمرير مجلس النواب الأمريكي لقانون مكافحة الإرهاب، أسرع كونيورز بإعلان تحفظاته على الضغوط التي مارسها وزير العدل الأمريكي جون أشكروفت على عملية إعداد القانون حيث تدخل لإلغاء بعض المؤتمرات التي كان ينوي المجلس عقدها لبحث القانون، كما تحفظ على بعض بنود القانون، وخاصة فيما يتعلق بالتوسع في استخدام الأدلة السرية في اعتقال ومحاكمة المشبوه فيهم، ومن المعروف أن المسلمين والعرب الأمريكيين من أكثر الجماعات معارضة لقوانين الأدلة السرية، ويشتكون من تطبيقها بصورة تمييزية ضدهم منذ اعتمادها في قوانين مكافحة الإرهاب لعام 1996.
وفي السادس عشر من نوفمبر الماضي أصدر كونيورز بيانا صحفيا ينتقد فيه إعلان وزارة العدل عن عزمها محاكمة بعض المهتمين في جرائم إرهابية في محاكم عسكرية، منتقدا القرار ومعتبرا إياه تجاهلا للدستور الأمريكي، ومطالبا وزير العدل بمراجعة قراره المتسرع والرجوع إلى الكونجرس قبل اتخاذ أية قرارات مماثلة تنتهك الحريات المدنية المكفولة دستوريا. ومن أهم مبادرات كونيورز في مجال حماية حقوق مسلمي وعرب أمريكا خطاب أرسله إلى وزير العدل الأمريكي جون أشكروفت في السابع والعشرين من نوفمبر الماضي بخصوص قرار وزارة العدل باستجواب مئات المسلمين والعرب بمدينة ديترويت بولاية مشيجان يطالبه بمقابلته لبحث القرار والأساس الذي اتخذ على أساس منه، موضحا خشيته من أن القرار قد يمثل تمييزا ضد المسلمين والعرب الأمريكيين وانتهاكا لحقوقهم المدنية.
وأشار كونيورز في خطابه لوزير العدل إلى تعرض بعض المسلمين والعرب في أمريكا لمضايقات على أيدي قوات المباحث الفيدرالية والتي تعاملهم بطريقة سيئة حيث تفاجئ المستجوبين بزيارتهم في محال عملهم مما يشكل إحراجا شديدا لهم، وقد يؤدي إلى فصلهم من العمل، كما تتحرش بالمترديين على المساجد وتطالبهم بإعداد قوائم بأسماء من يصلون بالمسجد ويترددون عليه.
كما طالب كونيورز وزير العدل باتخاذ كافة الإجراءات للتأكد من أن الاستجوابات سوف تكون تطوعية لا إلزامية، وإنها سوف تقتصر على من تعتقد الوزارة أن لديهم معلومات مفيدة عن إرهابيين، والتشديد على أن اختيار المستجوبين لن يتم بطريقة عشوائية وتمييزهم لمجرد أنهم عرب أو مسلمين.
وبعد تلك المبادرة بيومين، وتحديدا في التاسع والعشرين من نوفمبر 2001 انتقد كونيورز إعلان وزير العدل عن عزمه مكافأة من يدلون بمعلومات عن تهديدات إرهابية بتسهيل حصولهم على أوراق الهجرة إلى الولايات المتحدة، وانتهز كونيرز الفرصة لتشريح سياسات وزارة العدل السابقة وأثارها السلبية على الأقلية المسلمة والعربية في أمريكا، وأصدر بيان صحفي يقول فيه "بعد أن حرقت جسورها مع العرب (والمسلمين) الأمريكيين باعتقال المئات منهم سرا، وإخضاع رجالهم لاستجوابات مجحفة، والسماح للحكومة بالتجسس على اتصالات الموكلين بمحاميهم، تطلب الآن وزارة العدل مساعدتهم. إعطاء مكافآت لنفس الناس الذين غربتهم عنك لن يقود إلى أي نتيجة إيجابية".
وفي الثالث من ديسمبر 2001 انتقد كونيورز إعلان وزارة العدل عن عزمها زيادة سلطة المباحث الفيدرالية في مراقبة أنشطة الجماعات والمنظمات المدنية الأمريكية الداخلية بما فيها المؤسسات الدينية كالمساجد والكنائس والتصنت على تلك المؤسسات، وطالب كونيورز وزير العدل بوقف أي مبادرات فردية قد يتخذها لزيادة سلطة المباحث الفيدرالية وطالبه بالرجوع إلى الكونجرس قبل اتخاذ أي تصرف في هذا الشأن، موضحا لوزير العدل أن مثل هذه السياسات لن تؤدي إلا إلى الإضرار بالنظام القضائي الأمريكي، وإلى زيادة شعور الأقليات المسلمة والعربية بالتمييز ضدها.
وبالنسبة للمستقبل، فمن المتوقع أن يستمر جون كونيورز في مساندته لقضايا المسلمين والعرب في أمريكا وخارجها، وخاصة على صعيد حماية حقوق وحريات المسلمين والعرب في أمريكا بشكل عام، وفي ولاية مشيجان بشكل خاص، وسيكون لكونيورز دورا كبيرا في مكافحة التمييز ضد المسلمين العرب في المطارات، وفي مكافحة التمييز ضد المسلمين والعرب من قبل سلطات المباحث الفيدرالية، وأخيرا في انتقاد ومواجهة بعض مبادرات وزارة العدل الأمريكية التي قد تستهدف المسلمين والعرب.
ومن المتوقع أيضا أن يجد جون كونيورز مساندة كبيرة من قبل بعض أعضاء الكونجرس الحريصين على حماية الحقوق المدنية للأقليات والأجانب في أمريكا، كما سيجد كونيورز مساندة كبيرة لنشاطاته من قبل المسلمين والعرب الأمريكيين الذين يمرون بمرحلة حرجة، وتبدو بعض منظماتهم والكثير من قادتهم عازمين على مواجهة التحدي بعزيمة وإصرار كبيرين.
- نهاية المقالة -
الأستاذ علاء بيومي مع التحيات