من يساند قضايا المسلمين والعرب في الكونجرس ؟
بقلم: علاء بيومي /كاتب ومحلل سياسي - واشنطن

15:50 31.07.02

نك راهل

(4) نك راهل

تاريخ الميلاد: 20/5/1949
محل الميلاد: مدينة بكلي، ولاية وست فيرجينيا
الديانة: مسيحي (برسباتريان)
الخلفية المهنية: رجل أعمال
الانتماء الحزبي: الحزب الجمهوري
الدائرة الانتخابية: الدائرة الثالثة بولاية وست فيرجينيا
اللجان: المواصلات والبنية التحتية
عدد دورات انتخابه: 13 دورة
الهاتف: 202-225-3452
الفاكس: 202-225-9061
عنوان البريد الإلكتروني: nrahall@mail.house.gov
موقعه على الإنترنت: www.house.gov/rahall

نص المقال :
تتناول هذه المقالة شخصية ومواقف النائب الأمريكي اللبناني الأصل نك راهل المنتمي للحزب الديمقراطي وممثل الدائرة الثالثة بولاية وست فيرجينيا، وحكايته ذات وجهين، أولهما حكاية اللوبي العربي الأمريكي وقصة كفاحه لإثبات وجوده وحماية مصالحه في الولايات المتحدة، وثانيهما حكاية المعارضة التي يلقاها النواب العرب الأمريكيون بسبب أصولهم العربية وذلك على يد الجماعات المعادية لنمو شوكة العرب في أمريكا وعلى رأس تلك الجماعات منظمات اللوبي الموالي لإسرائيل.

وبتناولنا لمواقف نك راهل نكون قد دخلنا إلى فصل جديد من فصول هذه المجموعة وهو فصل الحديث عن النواب الأمريكيين ذوي الأصول العربية، وسوف نحرص في هذه المجموعة على تناول ثلاثة من هؤلاء النواب على الأقل من بين ستة نواب عرب أمريكيين يتواجدون في الكونجرس الأمريكي الحالي وهو الكونجرس رقم 107.

والثلاثة الذين سوف نتناولهم هم: النائب نك راهل ممثل ولاية وست فيرجينيا، والنائب داريل عيسى ممثل ولاية كاليفورنيا، والنائب جون سانونو ممثل ولاية نيو هامشير، هذا إضافة إلى ثلاثة نواب عرب أمريكيين آخرين قد لا نتناولهم في هذه السلسلة وهم النائب كريس جون ممثل ولاية لوزيانا والنائب جون بلادشي ممثل ولاية ماين، والنائب راي لحود ممثل ولاية ألينوي، وجميعهم من أصل لبناني مسيحي.

وقد تحدثنا في مقالات سابقة عن المعارضة التي يلقاها أعضاء الكونجرس المساندين لقضايا المسلمين والعرب وذلك لمجرد مساندتهم لقضايانا، أما النواب العرب فوضعهم يختلف عن ذلك بقليل فمهم أيضا يتلقون كثيرا من المعارضة ليس فقط لمساندتهم لقضايا المسلمين والعرب، ولكن لمجرد كونهم ينتمون لأصول عربية.

وهذا ما يجعلنا في حاجة إلى منهج جديد ووعي مختلف لفهمهم وفهم مواقفهم، وأول مبادئ هذا الوعي التي أكدنا عليها في مقالات سابقة هو أن السياسية هي فن صناعة الأصدقاء حتى لو كانوا غير مساندين لنا على الإطلاق، وقد رأينا أن بعض النواب العرب الستة السابق ذكرهم قد عجزوا عن اتخاذ بعض المواقف المساندة للمسلمين والعرب خوفا مما قد يتعرضوا له من انتقادات في الوقت الذي اتخذ فيه نواب غير عرب مواقف مساندة لقضايانا غير مكترثين بالمعارضة.

فعلى سبيل المثال وفي الخامس من ديسمبر عام 2001 مرر مجلس النواب الأمريكي مشروع قرار يعلن فيه عن مساندته لإسرائيل في حربها ضد ما أسماه بالإرهاب، وفي ذلك اليوم امتنع عن تأييد هذا القرار 45 عضوا بمجلس النواب ليس من بينهم سوى عضو عربي واحد هو نك راهل.

وهذا لا يعني أن النواب الآخرين غير مساندين لقضايانا وإنما يعني إننا بحاجة إلى فهم الظروف التي دفعتهم إلى اتخاذ هذه المواقف، وسوف نسعى إلى إلقاء الضوء على بعض هذه الظروف في مقالات تالية، وفي المقالة الحالية.

وقصة نك راهل - الذي انتخب لعضوية مجلس النواب الأمريكية لأول مرة في عام 1976 وتم انتخابه بعد ذلك 12 مرة متتالية - قصة نموذجية لتوضح التحديات الكبيرة التي يواجهها النواب العرب، فخبرة نك راهل هي في مجال سياسات المواصلات والطاقة والبنية التحتية والبيئة، وهو يخدم في مجلس النواب في لجنة الموارد ولجنة المواصلات والبنية التحتية ، وهو بذلك يبتعد إلى حد كبير عن اللجان الخاصة بالعلاقات الدولية والتي يهتم بها اللوبي الموالي لإسرائيل اهتماما بالغا بسبب تأثيرها المباشر على سياسة أمريكا الخارجية.

أكثر من ذلك يكاد نك راهل يبتعد في مشاريع القوانين التي يقدمها في الكونجرس الأمريكي عن قضايا العلاقات الدولية، فعلى سبيل المثال قام نك راهل خلال دورة الكونجرس الحالية برعاية 14 مشروع قانون جميعها غير مرتبطة بقضايا الشرق الأوسط أو حتى بقضايا السياسة الخارجية.

إذ اقتصرت هذه المشاريع على قضايا داخلية مثل التعامل مع المناجم المهجورة بشكل يحافظ على سلامة البيئة، وإعادة تأهيل السكك الحديدية، وحماية محميات الأمريكيين من أهل البلاد الأصليين، وحماية الحياة الطبيعية بالغابات والأنهار.

ونحب هنا أن نؤكد على أهمية أن يتبنى المسلمون والعرب في أمريكا أجندة داخلية يشاركون فيها المواطن الأمريكي همومه وحاجاته الأساسية مثل الأجندة التي يتبناها نك راهل، وذلك لأن من شأن الاهتمام بهذه القضايا الداخلية التقرب من المواطن الأمريكي العادي وكسب مساندته للمسلمين والعرب وقضاياهم.

وهو ما يدعونا للتفرقة بين المواطن الأمريكي العادي من ناحية والجماعات السياسية ذات الأجندات الخارجية المعادية للمسلمين والعرب ن ناحية أخرى ، وهي جماعات لا يمكن للمرء تجاهل مواقفها المسيئة للمسلمين والعرب وقضاياهم في الولايات المتحدة.

وخلال بحثنا وجدنا أن قصة الخلاف بين نك راهل وهذه الجماعات ذات جذور قديمة، وقد تعود إلى عام 1982 حين قام نك راهل بزيارة لبنان واللقاء مع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ومجموعة من المسئولين العرب والإسرائيليين لوضع حد لتدهور الأوضاع والاعتداء الإسرائيلي على لبنان، وقد وصفت الصحافة الأمريكية زيارة راهل والوفد المرافق له بأنها زيارة مثيرة للجدل حيث حاول راهل والوفد الذي رافقه الوصول إلى نوع من التسوية للنزاع المتدهور خلال تلك الفترة ولكن محاولتهم باءت بالفشل، وهاجمهم السياسيون الإسرائيليون لمقابلتهم مع عرفات والمسئولين العرب.

ومن المطالب التي نادي بها راهل خلال زيارته وبعد عودته للولايات المتحدة أن تعمل أمريكا على وضع حل حقيقي للصراع في الشرق الأوسط يضمن قيام دولة فلسطينية وألا تكتفي أمريكا فقط بالضغط على إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية لوقف نزاعاتهم المسلحة، كما حذر راهل من خطورة الانحياز الأمريكي لإسرائيل، وأعرب عن مخاوفه من أن يؤدي ذلك إلى ميل العرب إلى المعسكر السوفيتي خلال الحرب الباردة.

كما اتهم راهل إسرائيل باستغلال وقف إطلاق النار بين الطرفين لتعزيز مواقعها العسكرية، كما اتهمها أيضا باستفزاز الفلسطينيين لانتهاك وقف إطلاق النار.

ومن بين أعضاء الكونجرس الذين رافقوا راهل في رحلته هذه النائب بول ماك كلوسي ممثل ولاية كاليفورنيا، والنائبة ماري روز أوكار (من أصل لبناني) ممثلة ولاية أوهايو، والنائب ديفيد بونيور ممثل ولاية مشيجان.

ولم يكن ديفيد بونيور خلال هذه الفترة مساندا لقضايا العرب والمسلمين، ولكنه أصبح حاليا من أكثر أعضاء الكونجرس مساندة لقضايانا.

كما انتقد نك راهل وماري روز أوكار الدمار الذي تركته إسرائيل في لبنان والأراضي الفلسطينية بسبب اعتداءاتها، وقالوا أن إسرائيل أحدثت دمارا لم يروه من قبل، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت مناحم بيجن إلى انتقاد الوفد الأمريكي واتهمهم أن عرفات خدعهم وسيطر عليهم بأفكاره.

وفي ديسمبر عام 1983 زار راهل سوريا سعيا منه لتحسين العلاقات الأمريكية السورية.

وفي عام 1985 ظهرت بوادر أزمة ذات أسباب اقتصادية بين راهل واللوبي الموالي لإسرائيل إذ عاب راهل على إسرائيل عدم شرائها للفحم الأمريكي الذي كان يعمل على تسويقه حيث فضلت إسرائيل شراء الفحم من دول أخرى تقدمه بأسعار أقل وبجودة أعلى، وقد أشار راهل خلال الأزمة إلى أنه كان يتمنى أن تقوم إسرائيل بشراء الفحم الأمريكي نظرا لما يربط إسرائيل وأمريكا من علاقات قوية.

وقد شهدت فترة منتصف الثمانينات مرحلة نشاط متزايدة للوبي العربي الأمريكي وقد أشادت جريدة لوس أنجلوس تايمز في الثالث عشر من فبراير عام 1996 بالنشاط المتزايد للوبي العربي في الولايات المتحدة مشيرة إلى وجود أكثر من عربي منتخب في أماكن سياسية هامة، مثل فيكتور عطية الجمهوري وحاكم ولاية أورجون في ذلك الوقت، وجميس عبد النور الجمهوري وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية سوث داكوتا في ذلك الوقت، إضافة إلى نك راهل والنائبة ماري روز أوكار ممثلة ولاية أوهايو.

وفي نفس العام بدأت تطفو على السطح بعض الاتهامات ضد راهل بمعاداة السامية وبموالاة المنظمات العربية المعادية لأمريكا، وقد رد راهل على هذه الاتهامات بالتحذير من خطورة تصاعد لهجة العداء للعرب داخل الدوائر السياسية الأمريكية.

وفي النصف الثاني من عام 1986 اتخذت علاقة اللوبي العربي باللوبي الإسرائيلي منحنيا شديد التوتر بعد اغتيال أحد أبرز النشطين العرب الأمريكيين ومدير مكتب اللجنة العربية لمكافحة التمييز في كاليفورنيا وهو أليكس عودا على يد بعض الجماعات اليهودية المتطرفة، الأمر الذي استدعى مجلس النواب الأمريكي إلى تنظيم جلسة مباحثات في النظر في ظاهرة العنف وجرائم الكراهية الموجهة ضد العرب الأمريكيين.

وقد اتهمت المنظمات العربية الأمريكية الحكومة الأمريكية في ذلك الوقت بالتقاعس عن تعقب والقبض على المسئولين عن اغتيال إليكس عودا مشيرين إلى أن الحادثة وقعت على يد جماعات إرهابية داخلية.

أما في عام 1988 ومع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية فقد تحدثت الصحافة الأمريكية عن وجود حالة نشاط كبيرة في الأوساط العربية الأمريكية على أثر الانتفاضة وخاصة في مجل التبرع والعمل السياسي، وفي ذلك الوقت نصح نك راهل بضرورة ترجمة هذا النشاط إلى تأثير سياسي على الانتخابات التشريعية والرئاسية.

والواضح أن نك راهل خلال تلك الفترة ومازال حتى الآن على قوائم أعضاء الكونجرس المراد إسقاطهم من قبل اللوبي الإسرائيلي، وقد تحدثت جريدة جروزاليم ريبورت في 22 نوفمبر 1990 عن استيائها واستياء اللوبي الإسرائيلي من فوز راهل في الانتخابات.

ومع ذلك استمر نك راهل في حفاظه على مقعده في مجلس النواب الأمريكي وعلى زياراته المتكررة للوطن العربي وعلى مساندته لقضايا المسلمين والعرب.

وقد فاز راهل في انتخابات عام 2000 بنسبة 91 % من الأصوات بدائرته الانتخابية، وهي الدائرة الثالثة بولاية وست فيرجينيا.

ومن أبرز مواقف نك راهل الحديثة المساندة لقضايا المسلمين والعرب مشاركته في نوفمبر 2000 في تحالف ضم حوالي 15 عضوا بمجلس الشيوخ و46 عضوا بمجلس النواب الأمريكي طالب الرئيس السابق بيل كلينتون بممارسة مزيدا من الجهود لإنهاء مشكلة كشمير وإنهاء الاحتلال الهندي لها.

وفي أوائل عام 2000 شارك نك راهل في حملة نظمتها مجموعة من المنظمات المسلمة والعربية الأمريكية وأعضاء الكونجرس المساندين لهم لرفع العقوبات عن الشعب العراقي.

وفي صيف عام 2000 ساند نك راهل سوريا ولبنان في أكثر من حلمة تعرضوا إليها في الدوائر السياسية والإعلامية إذ دافع راهل عن رغبة سوريا في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، كما طالب راهل بتقديم مساعدات دولية فورية للبنان لمساعدتها على استيعاب اللاجئين الفلسطينيين المقيمين فيها.

أما بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 فقد ساند راهل مشروع قانون قدمه النائب بونيور يعبر فيه الكونجرس عن احترامه للمسلمين والعرب الأمريكيين ويدعو إلى حمايتهم، وقد تم تمرير القرار بسرعة ومساندة كبيرين.

كما سعي راهل بالتعاون مع أعضاء الكونجرس العرب وأعضاء الكونجرس المساندين لقضايا المسلمين والعرب إلى تشكيل تحالف سياسي غير رسمي للدفاع عن المسلمين والعرب وحقوقهم المدنية والمطالبة بحمايتهم.

وفي نوفمبر 2001 قام راهل بالمشاركة في زيارة قام بها عدد من أعضاء مجلس النواب الأمريكي إلى الشرق الأوسط سعيا لتهدئة الأوضاع في الأراضي المحتلة وقد أوضح راهل خلال زيارته بشكل ضمني معارضته لأن تمد أمريكا حربها ضد الإرهاب إلى أية دول عربية.

وفي 4 ديسمبر 2001 قام راهل هو وعدد من أبرز الشخصيات السياسية العربية الأمريكية ومنهم سبنسر إبراهام وزير الطاقة في الإدارة الحالية بتكريم بعض المنظمات والجمعيات الأهلية التي ساندت التجمعات المسلمة والعربي الأمريكية بعد أحداث سبتمبر.

وفي 5 ديسمبر عام 2001 عارض راهل قرار مجلس النواب الأمريكي الذي عبر فيه عن مساندته لإسرائيل في حربها ضد "الإرهاب" وقد طالب راهل بإنحاء الاحتلال الإسرائيلي معتبرا إياه - وفقا لبعض التقارير الصحفية - أحد أسباب الإرهاب، ونتيجة لذلك هاجمت بعض المواقع اليمنية والموالية لإسرائيل مثل موقع (صالون دوت كوم) نك راهل ووصفته بأنه أحد أعداء إسرائيل في مجلس النواب الأمريكي.

وفي 31 ديسمبر 2001 ساند نك راهل مشروع قانون متوازن قدمه النائب جون دينجل لوقف النزاع والعنف في الشرق الأوسط.

وفي 8 أبريل 2002 وقع نك راهل على خطاب قدمته النائبة سنثيا ماكيني ووقع عليه 17 عضوا بمجلس النواب الأمريكي يطالب جون أشكروفت بتوضيح موقفه من بعض العبارات المسيئة للإسلام والتي نسبت إليه.

وفي أبريل 2002 أعلن نك راهل عن مساندته للرئيس جورج بوش في مطالبته إسرائيل بالانسحاب الفوري من الضفة الغربية.

وفي الثاني من مايو 2002 قاد راهل داخل مجلس النواب جهود معارضة قرار المجلس الذي نادى "بمساندة إسرائيل في حربها ضد الإرهاب"، وقد عاب راهل على القرار إغفاله لاتفاقيات السلام السابقة وخاصة اتفاقية أوسلو، وأضاف أنه لا يمكنه التصويت على شئ يقبل ممارسات شارون الوحشية ضد المدنيين الفلسطينيين.

ولم يعبأ راهل بأن العام الحالي هو عام انتخابات، وأنه سوف يتحتم عليه الدفاع عن مقعده بمجلس النواب الأمريكية في شهر نوفمبر القادم، وأنه سوف يلاقي معارضة شديدة من قبل اللوبي الإسرائيلي بسبب مواقفه الأخيرة.

وقد تحدثت بعض وسائل الإعلام الأمريكية عن المخاوف التي يواجهها النواب العرب بالكونجرس الأمريكي خلال العام الحالي خشية من أن تؤدي أحداث سبتمبر وما تبعها من موجة عداء للمسلمين والعرب من استهداف لهم، سواء من قبل منافسيهم أو من قبل الجماعات المعارضة لتزايد نفوذ المسلمين والعرب في الولايات المتحدة، الأمر الذي يدعو المسلمين والعرب في المقابل إلى تكثيف جهودهم لمساندة أعضاء الكونجرس المساندين لهم في انتخابات نوفمبر 2002 القادمة.
- نهاية المقالة -
الأستاذ علاء بيومي مع التحيات