القنابل البشرية الفلسطينية، حقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية
بقلم: أوغستين بيللوسو*       تقديم وترجمة : د. هشام البستاني
تاريخ النشر : 13:54 15.09.02

د. هشام البستاني

    مقدمة المترجم: حقوق الإنسان عندما تصبح بضاعة تجزئة
في خضم الجدل الدائر حول "شرعية" العمليات الاستشهادية التي قضت مضاجع القادة العسكريين الصهاينة، وحققت توازن الرعب مع الآلة العسكرية الصهيونية المدعومة أمريكياً، وبعد نشر النداء/المهزلة الذي موله الاتحاد الأوروبي من أجل وقف هذه العمليات، نشر أوغستين بيللوسو، أستاذ التعليم المقارن في جامعة إسبانيا المفتوحة، هذا المقال/الدراسة ناقداً منتقدي هذه العمليات، وخصوصا تقرير منظمة العفو الدولية "الغير منطقي" الذي أدانها.

إن بيللوسو الشجاع والمتمعن أكثر من العرب أنفسهم، يلاحظ ببراعة "أن حقوق الإنسان إما أن تكون كلية وشاملة، أو تصبح بلا معنى"، وأنه "لا قيمة للحقوق والمبادئ عندما يقتل الضعيف بيد القوي". وينتقد بدقة موقف منظمة العفو الدولية العبثي اللامنطقي: "على منظمة العفو الدولية، إما أن تضمن حياة الأطفال الفلسطينيين، أو، خلاف ذلك، فلا يجوز لها أن تطلب من الفلسطينيين الالتزام بالمبادئ". إن بيللوسو يقول إن هذا "غير عادل"، حيث تمثل مبادئ منظمة العفو "أوراق لا قيمة لها" بالنسبة لعربي فلسطيني "هدم بيته وقتل أقرباؤه وتحاصر عائلته وتسرق أرضه". "عندما يحدث هذا" يقول بيللوسو، "فإن المبدأ الكوني الوحيد الباقي هو المبدأ الأقدم: العين بالعين والسن بالسن".

هذه المقالة التحليلية، تمثل إدانة واضحة لكل أولئك الذين يدينون العمليات الاستشهادية أو يتحرجون منها، وخصوصاً منهم أولئك الذين يدينونها باسم حقوق الإنسان حيث يقول لهم بيللوسو أنه "وبعكس ما تؤكده منظمة العفو، لا توجد مبادئ كونية في العالم الحقيقي، إنها توجد فقط في تقارير منظمة العفو"!

إن بيللوسو يؤكد هنا أن العمليات الاستشهادية التي يسميها هو "القنابل البشرية" (دون أن يستعمل المصطلح الدارج: "العمليات الانتحارية" إلا في مواضع الاقتباس) هي تكتيك مشروع في ظل غياب تطبيق شامل وعام وكوني لمبادئ حقوق الإنسان، فهذه المبادئ لا يجوز أن تقسم أو تجزأ، بل لا يجوز أن يتساوى في المحاسبية أمامها القوي والضعيف. وهي جميعاً ملاحظات ثاقبة وبالغة الدقة.

بقي أن أشير فقط إلى خلافي مع الصديق أوغستين بيللوسو، ومع مجموعة كبيرة من الأكاديميين والمثقفين التقدميين في دول الشمال مثل جيمس بتراس، حول نوعية الحل المأمول للصراع العربي الصهيوني والمشروع الصهيوني في المنطقة العربية.

ففي حين أتبنى أنا النضال من أجل تفكيك المشروع الصهيوني وإنهاء دولة الاستعمار الكولونيالي بشكل كامل مقابل فلسطين حرة عربية على كامل الجغرافيا التاريخية وضمن إطار المشروع الوحدوي الاشتراكي العربي، يقبل المثقفون والأكاديميون التقدميون ممن أشرت إليهم بحلول جزئية أو مشوهة مثل "دولة ثنائية القومية" أو "دولتان متجاورتان على أساس قرارات الشرعية الدولية"، وهذا ناتج بشكل خاص عن احتكاكهم المباشر واليومي بمنظري هذه الطروحات من المثقفين والأكاديميين الفلسطينيين في الغرب (مثل إدوارد سعيد)، والترويج الذي يحظى به هؤلاء، وانخفاض صوت الراديكاليين على الساحة العالمية نتيجة لضعف التنسيق مع القوى الراديكالية في العالم التي تتبنى تفكيك المشروع الصهيوني، إضافة إلى ضعف تمويل النشطاء والمنظمات الراديكالية، وفي هذا حديث آخر.

هشام البستاني


المقال : القنابل البشرية الفلسطينية، حقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدولية

كثيرة هي الدراسات حول الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي وفي الشتات. وقد نشرت منظمات حقوق الإنسان، سواء في فلسطين أو الغرب، تقارير كثيرة عن الخروقات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في المناطق المحتلة. ولا داعي في هذا المقال أن نعيد ما تم سرده من قبل. ولكن من الضروري أن نقف للحظات أمام حدث تم مؤخراً، وينبئنا بشكل كبير عن خطورة الوضع في فلسطين [يقصد الموقف من العمليات الاستشهادية والتي سيشير إليها الكاتب بـ"القنابل البشرية الفلسطينية" رافضاً بذلك مصطلح "الهجمات الانتحارية-المترجم]. إن فهم السياق هو أمر لا غنى عنه قبل الإجابة عن مدى شرعية الهجمات ضد المدنيين الإسرائيليين من قبل القنابل البشرية الفلسطينية، هذا لأننا غير راضين عن التفسير "النفسي" الذي يغيب عنه السياق ويتعامل فقط مع الشخصية "الانتحارية"، ولأننا نعتبر أن بإمكان المجتمع الدولي، بما فيه المؤسسات الدولية، أن تفعل أكثر من مجرد إدانة هذه الهجمات.

في نهاية سلسلة طويلة من العمليات المدمرة والقاتلة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في المناطق المحتلة، جاءت عملية الدرع الواقي، أو لنقل عملية الإرهاب الرعدي ضد الفلسطينيين المرعوبين أصلاً-بين 29 آذار و31 أيار 2000، مخلفة وراءها 55 طفلاً فلسطينياً قتيلاً، 21 منهم تحت عمر 12 سنة. واحد من كل أربعة من هؤلاء الضحايا الأبرياء سكن في جنين.

وبحسب المنظمة الفلسطينية المستقلة "مفتاح"، حصل "خلال اليوم الثالث من اقتحام نابلس، أن هدم منزل عائلة الشُعبي بواسطة بلدوزر إسرائيلية. الأم (حامل في الشهر السابع)، وثلاثة اخوة هم عبد الله (8 سنوات)، عزام (6 سنوات) وإيناس(4 سنوات)، دفنوا تحت الأنقاض، إضافة إلى جدهم واثنتان من عماتهم". لسبب ما، فإن جرائم مثل هذه لا تصل أو لا تتغلغل في الرأي العام للمجتمعات الغربية الحساسة جداً للضحايا في إسرائيل.

أيهما أشد قسوة؟ فلسطيني يفجر حمله القاتل في مكان مسروق عنوة وبطريقة غير مشروعة من أصحابه الشرعيين، وهو الذي طرد بالقوة منه، بل قتل إذا قاوم، أم جندي إسرائيلي يخفي لغماً أرضياً في طريق يستعمله أطفال فلسطينيون للذهاب إلى المدرسة كل يوم؟ بأفعال مثل هذه الأخيرة، قتل سبعة أطفال فلسطينيين وجرح أربعة أثناء عملية الدرع الواقي. وماذا يمكن أن نقول عن الإغلاقات وحظر التجول، التي أدت إلى موت خمسة رضع، ثلاثة منهم مواليد جدد، بسبب حرمانهم من المساعدة الطبية؟ من الصعب أن نجد فعلاً أكثر قسوة من حرمان وليد جديد من عناية طبية يمكنها إنقاذ حياته.

وكالات الأنباء الغربية اهتمت كثيراً بـ"النداء العاجل لوقف العمليات الانتحارية" الذي وقعه بضع دزينات من الشخصيات الفلسطينية السيئة السمعة. ولم يذكروا في المقابل أن هذا النداء قد نشر بفضل تمويل الاتحاد الأوروبي وبواسطة صحافة فلسطينية ليست مجانية على الإطلاق! إضافة إلى ذلك، لم تذكر وكالات الأنباء أن هذا النداء قد حفز نداءاً آخر من أجل "دعم استمرار كل أشكال المقاومة وإدانة النداءات الداعية للتوقف عن أسلوب القنابل البشرية"، وقعه عدد مماثل من المثقفين والنشطاء.

إن مسألة القنبلة البشرية يتناقش فيها كل الفلسطينيين وفي كل مكان، وليس فقط الأكاديميين والممثلين السياسيين. لا يمكن أن يكون الأمر بأي شكل آخر إذا أخذنا الأحداث الأخيرة في الحسبان. روني بن إيفرات، المحلل الإسرائيلي الحاد، كتب في مقاله "الفلسطينيون يتجادلون حول الهجمات الانتحارية" ما يلي: "على أحد المستويات، يتساءل الناس إن كانت الهجمات الانتحارية جيدة، مشروعة ومقبولة في الشريعة الإسلامية? وفي مستوى آخر أوسع، يتساءل الناس: ماذا سينتج عن هذا الأمر؟ هل سيساعد؟". الإسرائيليون أيضاً يتساءلون عن أفعالهم في المناطق المحتلة. وهناك بعض الخلط والارتباك حول هذا الموضوع.

أولئك الذين يراقبون الصراع عن قرب، يعرفون أن الرأي العام في إسرائيل والمناطق المحتلة، يتغير بناءاً على الإدراك المتقلب الذي يكونه كل طرف عن نقاط ضعفه، وعن "العقاب" الذي يوقعه أحد الأعداء بالآخر. إذا تدهور الوضع نتيجة لزيادة القمع الإسرائيلي، أو نتيجة لإحدى الهجمات التي أدت إلى رقم مرتفع من الضحايا الإسرائيليين، فإن عدد أولئك الذين يتفهمون أو يدعون لرد فعل عنيف يرتفع أيضاً.

كما يتجادل الفلسطينيون حول الفرق بين الهجمات داخل إسرائيل وتلك المنفذة في المناطق المحتلة.

كل الأطراف تحاول التأكيد على أن أفعالها جيدة، وتفيد أهدافها الوطنية ونضالها من أجل التحرر والأمن، كلٌ بحسب منطقه. ولا واحد من هذه الأهداف له علاقة بحقوق الإنسان، بل ترتبط [هذه الأهداف] بالأجندات السياسية. الجدل من الجانب الأخلاقي أو الديني هو أقرب لحقل حقوق الإنسان. ولكن، لا يوجد تفسير ديني أو أخلاقي يمكن استعماله لجميع الناس.

منظمة العفو الدولية تعتمد على تعاليم حقوق الإنسان والقوانين الدولية ذات العلاقة للتعامل مع مسألة القنابل البشرية. وقد أصدرت تقريراً بعنوان: "إسرائيل والمناطق المحتلة والسلطة الفلسطينية: الهجمات على المدنيين دون تمييز [التي تقوم بها] المجموعات الفلسطينية المسلحة" (تموز 2002).

ليس من قبيل الصدفة أن التقرير لا يبدأ بذكر الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا على يد الجيش الإسرائيلي. إن منظمة العفو الدولية تبدأ تقريرها بالتعريف عن ستة أطفال إسرائيليين قتلوا بواسطة القنابل البشرية. المسألة ليست مسألة إحصاء عدد الأطفال في كل مجموعة، أو تقديم مجموعة على أخرى، ولكن في تقرير منظمة العفو، يبدو للقارئ أن هؤلاء الأطفال [الإسرائيليين] هم الضحايا الأوائل والوحيدين. لا يوجد في التقرير خلفية، لا يوجد سياق. إذا قبلنا بهذا، فإن التقرير لن يكون إلا النسخة "المتنورة" من "التفسير النفسي حول الانتحاريين". إضافة إلى ذلك، فإن ذلك التقديم لا يتلاءم مع عنوان التقرير: إذا لم يكن هناك تمييز، كما يقرأ في العنوان، لماذا إذاً لا يوجد أي تقديم عن الضحايا الفلسطينيين؟

صحيح أن منظمة العفو وضعت تقارير في الماضي حول انتهاكات حقوق الإنسان التي تقوم بها إسرائيل، ولكن من الصعب القبول بعدم إيراد مقدمة حول الضحايا الفلسطينيين في هذا التقرير. ومن المناقض للحقيقة عدم التفريق بين المعتدي والضحية. إن الخلفية التي يوردها التقرير بعد المقدمة عن الأطفال الإسرائيليين بعيدة كل البعد عن ما يحتاج إليه القارئ ليفهم الصراع الفلسطيني بالكامل.

إن موقف منظمة العفو حول القنابل البشرية هو موقف لا لبس فيه، فهي "تدين بدون تحفظات الهجمات المباشرة على المدنيين إضافة إلى الهجمات بدون تمييز [أي الهجمات التي لا تستهدف أهدافاً عسكرية صرفة]، مهما كان السبب الذي يحارب من أجله القائمون على هذه الأفعال، ومهما كانت التبريرات التي يسوقونها، إن استهداف المدنيين وإظهار اللامبالاة تجاه مصيرهم يتناقض مع مبادئ الإنسانية التي يجب أن تطبق تحت كل الظروف وفي كل الأوقات. هذه المبادئ تنعكس في قوانين المعاهدات الدولية والقانون العادي".(ص 2 من التقرير).

إن منظمة العفو الدولية ترفض بحزم جميع التبريرات الفلسطينية للهجمات المنفذة ضد المدنيين الإسرائيليين. وتذكر في هذا السياق المبادئ التي تتعلق بغير المقاتلين. وتضيف منظمة العفو "إن أي انتهاك من قبل الحكومة الإسرائيلية، مهما بلغ مداه وشدته، لا يبرر قتل سيناي كينان، دانيل شيفي، تشانا روغان أو أي مدني آخر. إن واجب حماية المدنيين هو واجب مطلق ولا يمكن أن يوضع جانباً لأن إسرائيل فشلت في احترام واجباتها". (ص5 من التقرير).

للأسف، فإن عبارة [منظمة العفو] القطعية لا تتناسق مع قتامة الواقع. ربما لأن منظمة العفو لا تشير إلى الواقع بدايةً، فإن العبارات القطعية لا يمكنها تفسير الواقع القاتم، وبالتالي فهي لا تكفي لتغييره.
كالعادة، تقوم منظمة العفو بفحص القوانين الدولية المعنية، تربطها بالهجمات، وتصرح -اعتماداً على البروتوكول الإضافي رقم 1 والمادة 2-8 من تشريع روما للمحكمة الجنائية الدولية- أن "القتل المتعمد للمدنيين الإسرائيليين من قبل المجموعات الفلسطينية المسلحة ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية"(ص 24). ولكن وبنفس الوقت، لا تقوم منظمة العفو بتفسير لماذا فشلت كل هذه القوانين، إضافة إلى مجلس الأمن، والهيئة العامة للأمم المتحدة، وكل دولة على حدة، وحتى منظمة العفو نفسها، في منع ما يلي:

1 -الاحتلال الإسرائيلي الغير شرعي للأراضي الفلسطينية،
2 -المصير البائس لملايين اللاجئين الذين لا يسمح لهم بالعودة،
3 -قتل الآلاف، يضاف إليهم عشرات الآلاف من الجرحى والمعوقين مدى الحياة،
4 -خروقات حقوق الإنسان لمئات آلاف الفلسطينيين،
5 -قصف المدن ومخيمات اللاجئين ذات الكثافة السكانية العالية بالطائرات المقاتلة والمروحية،
6 -إجهاض أي محاولة لإرسال لجان تقصي حقائق حول هذه المآسي،
7 -عدم وجود عقوبات وإجراءات قسرية [على إسرائيل]،
ولاختصار قائمة طويلة: الانحسار الكامل لأي أمل من أجل التغيير نحو مستقبل أفضل.

إن حقيقة أن منظمة العفو تدين الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان، وحقيقة أن منظمة العفو تصرح بأن المبادئ الإنسانية لا تعترف بأي إستثناءات، وحتى حقيقة دعوة منظمة العفو "المجتمع الدولي ليضطلع بمسؤولياته لضمان احترام حقوق الإنسان العالمية ومعايير القانون الإنساني من قبل جميع الأطراف" (ص 25 من التقرير)، كل هذا لا يحمي حياة الأطفال الفلسطينيين كما بينت في بداية هذا المقال، فلماذا إذاً تعتقد منظمة العفو أن على الفلسطينيين حماية هذه المبادئ؟

ليس [هذا المقال] ضد منظمة العفو، ولا هو تحريض من أجل الهجوم، ولا هو ضد كونية المبادئ الإنسانية. المشكلة أن منظمة العفو لا يمكنها حماية حقوق الإنسان الفلسطينية والحياة الفلسطينية بالذات إذا كانت تقاريرها متمحورة حول المبادئ. وبالتالي، فمن غير المنطقي إدانة الفلسطينيين الذين لا يلتزمون بها.

إن حقوق الإنسان، إما أن تكون كليّة وشاملة، أو تصبح بلا معنى، وعلى منظمة العفو الدولية إما أن تضمن حياة الأطفال الفلسطينيين، أو، خلاف ذلك، فلا يجوز لها أن تطلب من الفلسطينيين الالتزام بالمبادئ.

إسرائيل ليست بحاجة إلى حماية منظمة العفو. ويمكن القول أن إسرائيل لا تكترث بالمبادئ. إسرائيل تعتمد على شحنات الأسلحة الأمريكية. الفلسطينيون هم الذين بحاجة إلى حماية. ولكن، من هناك ليحميهم؟ إن منظمة العفو غير قادرة على فعل ذلك، وفوق هذا تطلب من الطرفين الالتزام بالمبادئ. هذا غير عادل، وهناك مسافة شاسعة بين الأمرين.

بدلاً من تطبيق المبادئ الإنسانية حصرياً على مقتل ستة أطفال إسرائيليين، بإمكان منظمة العفو بداية أن تصف كيف تكون الحياة في مكان يقتل فيه أقرباؤك، ويدمر بيتك، وتسرق أرضك، ويُرعب جيرانك، ويقمع شعبك لعقود طويلة، وتقبع عائلتك تحت الإغلاقات وحظر التجول إلى ما نهاية، لا يوجد فرق تحقيق لقول الحقيقة، ولا أمل من أجل إحقاق العدالة، لا مستقبل لأطفالك لأنك تكتشف أن مبادئ منظمة العفو هي مجرد أوراق لا قيمة لها. ترى ماذا سيفعل ممثلي منظمة العفو في مثل هذا المكان ليتمتعوا بحقوقهم الإنسانية؟????!

بعبارة أخرى: لا قيمة للحقوق والمبادئ عندما يقتل الضعيف بيد القوي. عندما يحدث هذا، فإن المبدأ الكوني الوحيد الباقي هو المبدأ الأقدم: العين بالعين والسن بالسن، وهو الجواب الذي أدلى به أحمد ياسين لمندوبي منظمة العفو الذين سألوه عن تبرير للقنابل البشرية. لا يمكن لمنظمة العفو لوم الفلسطينيين لفقدانهم المعنى [معنى المبادئ]. فبينما لا يوجد لديهم خيار آخر سوى قبول مصيرهم، فإن إسرائيل قادرة على إنهاء الإحتلال، والمجتمع الدولي قادر على إجبار إسرائيل على الانسحاب أو مواجهة عقوبات.

إن محور النقاش هو ليس مدى امتثال الفلسطينيين للقواعد الدولية، والمشكلة الرئيسية هي ليست ماهية الأهداف التي يسمح للفلسطينيين [مهاجمتها].

على جميع الأطراف الالتزام بالقواعد الدولية ومهاجمة الأهداف العسكرية فقط، ولكن للأسف، الأمور ليست هكذا. إن منظمة العفو ترتكب خطأ إذا كانت تدين ببساطة القنابل البشرية في ضوء المبادئ المطبقة على الحروب الوطنية والتحريرية. إن هؤلاء الناس [الفلسطينيين] لا يحاربون من أجل قضية سياسية، بل من أجل حياتهم، بدافعٍ من الانتقام واليأس. إنهم يحاربون لأنه -وبعكس ما تؤكده منظمة العفو- لا توجد مبادئ كونية في العالم الحقيقي، إنها توجد فقط في تقارير منظمة العفو الدولية?!

المقال منشور في موقع لجنة التضامن مع القضية العربية/أسبانيا www.nodo50.org/csca الترجمة بموافقة المؤلف.
________________________________________________________________________
** أوغستين بيللوسو هو أستاذ التعليم المقارن في جامعة إسبانيا المفتوحة في مدريد. ومتخصص في تعليم اللاجئين، التعليم في فلسطين، والتعليم في الصحراء الغربية.