رامز طهبوب : شهيد الدفاع عن الكرامة العربية والانسانية
بقلم: د. هشام البستاني

تاريخ النشر : 19:06 31.05.03

د. هشام البستاني

    ربما لم يسمع أحد بـ "رامز طهبوب" من قبل، أما أنا فلم اعرف منه سوى اسمه المثبت على قائمة من "الاسرى والمفقودين" العرب كنا قد شكلنا لجنة للدفاع عنهم والاستقصاء عن اوضاعهم بعد العدوان الأمريكي/البريطاني على العراق.

لكن رامز لم يعد مفقودا ولا أسيرا، وانتقل اسمه اعتبارا من يوم الخميس 22 أيار 2003 الى قائمة الخالدين من المدافعين عن قضايا الامة العربية والقضايا الأممية العادلة. في ذلك اليوم، ازاح والده ترابا بعمق نصف متر في احدى المقابر في حي الجامعه ببغداد، ليظهر جسد طاهر بوجه ملوح بشمس العراق، تلك التي شهدت وما زالت على 6000 عام من الحضارة التي لن تغيب، وفي الجيب كانت هوية: لقد روى رامز بدمه ارض الرافدين.

كنخلة باسقة جذورها في الارض ورأسها في السماء، انزرع رامز طهبوب ذو الثلاثة والعشرين ربيعا حاملا بندقيته العنيدة، وتصدى لإعصار الكروز والاباتشي والبي 52 وسائر الاسلحة "المتفوقة"، واختار "رامز العربي" الحالم بعالم حر تسوده العدالة، أن تكون وصيته الاخيرة نارا على العدوان والاغتصاب وتجار النفط والناس.

وبحس الفنان المرهف (كان رامز فنانا أيضا)، استطاع أن يعرف مكمن الخلل، ورأى يوميا، بل عاش يوميا، وهو الذي يسكن في بغداد ويدرس علوم الحاسوب في جامعتها، المعاناة التي يتسبب بها اصحاب "حضارة الفاست فود" وسماسرة خط كركوك-حيفا النفطي. وكان أن تناول أقلامه في يوم ما، بعد أن رأى شفقا احمر ساعة الفجر يغلف الأفق، ورسم صورة عملاقة لـ "جيفارا" على احد جدران منزله في الكرادة.

ولم يفارقه جيفارا ابدا بعد ذلك، انطبع بتفاصيله الحمراء بين عينيه، وعندما جاء "الظلم"، كانت عبارة جيفارا ترن في أذنيه: "حيثما كان الظلم، فذاك هو موطني"، فاختار رامز ان يكون وفيا للتاريخ، وفيا لقضيته: اختار ان يبقى الى جانب المظلومين، يشاركهم معاناتهم، ومقاومتهم، وموتهم.

لقد احسن رامز الاختيار، وانضم الى رفاقه الخالدين الكثر، والى بطله الاسطوري الذي اجزم انه يبتسم الآن بهدوء على حائط في احدى شقق بغداد الطلابية. لقد فاز رامز طهبوب المقاوم، وتركنا نحن في خسران مبين. رامز حي، ونحن الميتون الا من قاوم.

استشهد رامز طهبوب، الطالب في السنة الثالثة في قسم الحاسوب بجامعة بغداد، في معركة نفق الشرطة في بغداد دفاعا عن شرف الامة العربية وكرامة الانسانية ضد العدوان الهمجي الأمريكي/البريطاني على العراق، وكان عمره 23 عاما.

المجد للشهيد.