كان واضحا منذ بداية تطبيق إتفاقية اوسلو أن الجانب "الإسرائيلي" أراد فقط إعادة برمجة الإحتلال وفق نموذج "المخترة البريطانيه" وحقيقة فإن الإتفاقات وخصوصاً منها ذلك الذي أسموه بالتنسيق الأمني أوجب على السلطة أن تؤدي هذا الدور .. فالتنسيق الأمني سمي كذلك تلطيفا وتخفيفا لكلمة الجاسوسيه .. فبطانة اوسلو وقعت بمحض إرادتها وكامل وعيها على أن تكون بمثابة الجلاد لشعبها , غير أنه وعلى أرض الواقع لم تتمكن بطانة اوسلو من التطبيق العملي لكل ما ألزمت نفسها به , ذلك أن الغالبية الغالبة من أبناء الشعب الفلسطيني جابهوا هذا التوجه السلطوي وكان حتى الشرطي البسيط يرفض أوامر قائده في إلقاء القبض على أي مناضل شريف .
لا أحد يجهل اليوم ، ان تعينات الوزراء وكبار المسئوولين كانت مفصلة تفصيلا دقيقا لتناسب ذلك الدور الخنوع المتخاذل فكان من بين هؤلاء عملاء "لإسرائيل" بل تردد في الشارع الفلسطيني ما كان الرئيس عرفات يمازح به وزير الشؤون المدنيه جميل الطريفي بالحرف الواحد ((شوف جماعتك يا جميل يا جمال)) .
هؤلاء المنسقون الأمنييون إنخرطوا بما يتلائم مع مهمتهم وهل هنالك ما يتلائم سوى الفساد واللصوصية وإنتهاك الأعراض والحرمات .
العقبة الكأداء التي واجهتهم هي كما أسلفنا الضمير الشعبي الفلسطيني وقد أخذ شعب فلسطين يوما بعد آخر يزداد تصميما على محاسبة هؤلاء وكان دافع التأجيل لديه هو إعطاء الأولوية لمناهضة الإحتلال ومن ثم التفرغ لنفايات اوسلو .
هذا هو ما أطال عمر سلطة الفساد غير أن ما قصر في عمرها أيضا هو عجزها على صهر الشعب في بوتقتها وهو الأمر الذي جعل "اسرائيل" والولايات المتحدة تتهمان عرفات بأنه لا يقدم خدماته حسب الأصول ..
الإتهام صحيح ولكن عرفات كان يود لو يؤدي المهمة حسب الأصول بل وأكثر إنما كان عاجزا بسبب يقظة شعب فلسطين وصلابة موقفه حتى لقد بلغ الأمر حين زيارة عرفات لأية مدينة أو مخيم أن لا يخرج لإستقباله سوى عشرات من الأطفال لمشاهدة ((الدمية التي حدثهم عنها الكبار))
زمرة اوسلو أضاعت بنيتها التحتيه الشعبيه قبل أن ينهي شارون بنيتها الإداريه فهي لفظت أنفاسها عند شعبها قبل أن تلفظ مكانتها الوظيفيه عند الشاباك والبيت الأبيض
اليوم هي مجرد جثة متعفنه لا أحد ينهض لدفنها .. شعب فلسطين في حالة قرف واشمئزاز منها وسادتها "الإسرائيليون" والأمريكان .. يتحلقون حولها .. لا يوارونها التراب قبل حضور الوريث أو البديل .. لكنهم لا يجدون .. وما يجري حاليا عبر مفاوضات واشنطن وتل أبيب محاولة عبثيه لإحياء جثة هامده هي السلطة الفلسطينيه ..
إن أكبر الرابحيين من تفحم وتعفن هذه السلطة هو شعب فلسطين وأكبر الخاسرين هم "الإسرائيليون" !! فهم ومعهم الأمريكان لو بحثوا بشمعه لن يجدوا أناسا نخرهم الهوان كجماعة اوسلو .. فأين سيجدون أمثال احمد قريع ونبيل عمرو وياسر عبد ربه ونبيل شعث .
نقولها بالفم المليان _ بطانة اوسلو _ مضت إلى غير رجعه .. ولا أسف على ذلك
|
الدكتور
محمود عوض مع التحيات
|