لنفرض أن عرفات مات !! ربما هذه وحدها الفرضية التي لا تتناقض أو تتعارض مع علم المنطق .. فمن المنطق أن يموت عرفات وأن أموت أنا وأن يموت ابو حسام بائع الصحف اليوميه .. والسؤال هو إذا مات فهل تكون كارثة ويتيتم الشعب الفلسطيني .
إطلاقا .. لا .. مات قبل عرفات .. حتى صلاح الدين الأيوبي وظلت عجلة الدنيا تدور .. ومات أبو يوسف وظلت أسطوانة ((ابو يوسف كعك بعجوة)) تباع فوق السيل في عمان ..
المفارقة العجيبه بين عرفات وبين ابو يوسف ..!! أن عرفات يشغل الدنيا في مسألة من سيخلفه ومن سيتربع مكانه ((في زنزانة الرئاسه)) بينما ابو يوسف – كعك بعجوه – مات دون أن يتبادر لذهن أحد من سيجر عربة الكعك من بعد ابو يوسف .
وعلى ذكر ابو يوسف فقد روى لي أحدهم في عمان أن عشرين عربة لبيع الكعك أخذت تنافس عربة ابو يوسف بعد وفاته .. فقط .. أضيفت لكلمة (( أبو ..)) .. أسماء مثل ضرغام .. ونضال .. وعلي فأصبح هناك أبو يوسف كعك بعجوة وأبو ضرغام .. كعك بسمسم وأبو نضال .. كعك بزعتر .. هكذا هي الدنيا وهذا هو مجرى التاريخ والعبرة كلها يرددها الناس في كل جنازة .. الباقي هو الله ..
المهم في مسألة عرفات .. هو مسألة كل الطامعين في ((لهط وشفط)) المنصب .. جميعهم من البطانة التي حوله .. ألسنتهم مدلاة .. ليس شبرين فقط وإنما بطول الخط الإستوائي لتسلم المنصب .. ومع ذلك يظهرون على الفضائيات أنهم زاهدون في المنصب ويستبعدون أن ((يحدث ذلك)) وفي أعماق نفوسهم يتمنون الحجر على ((الختيار)) حتى قبل الموت .
هذه الزمرة من بطانة السوء .. التي أتقن كل واحد منها تمثيل الشرف والنزاهة .. لم يتورعوا عن سرقة المال العام ونهب المناصب .. وما إلى ذلك كثير .. كثير .. كثير .. فهل من بين هؤلاء واحد فقط .. تعفّ نفسه عن ((منسف الرئاسه)) وهبش لحم الكتف
ثم يتساءلون : من سيكون البديل لعرفات .. ويجيبون بأنفسهم على تساؤلهم .. لا يوجد بديل للرمز ؟ والغاية واحده هي أن يتقربوا في النهار للرئيس وأما في الظلام فيهرولون لإعطاء الضمانات بأنهم سيكونون في إصبع العم بوش كالخاتم .. وما عليه سوى أن يفرك الخاتم .. ليسمع الهتاف ((شبيك لبيك .. ابو مازن بين إيديك .. شبيك لبيك أبو علاء تحت رجليك ..)) وهلم جرجر من كل هؤلاء الأبوات ..
ذات القصة حدثت تقريبا لنفس عرفات بلحمه وشحمه .. عرفات ما قبل اوسلو .. ((ليس عرفات اليوم )) وبطل القصة كان شارون بعينه فقد أراد يومها حين كان وزيرا للدفاع إستحضار البديل لعرفات فأسس روابط القرى ونصب شخصا يدعى مصطفى دودين ومنحه المال والجنود فماذا كانت النتيجه .. ها هو الرجل يتسكع على الأرصفه .. فحبذا لو تتخذ منه البطانة العرفاتيه مستشارا في أمور البدائل ..
لا شك أن الرجل سينصحهم .. فهو صاحب تجربة مع الشعب الفلسطيني .. هذا الشعب كله هو البديل .. حتى عرفات ليس بديلا عنه
.. فهؤلاء المستنسخون عن مصطفى دودين وعن روابط القرى .. متى يفهمون أن لعرفات لا بديلا بل بدائل هم ثلاثة ملايين فلسطيني أصغرهم شقيق محمد الدرة في بطن أمه ..
كفى تقزيما للوطن والشعب .. فليست المسألة هي عرفات .. هكذا أنا أعتقد .. وابو يوسف كعك بعجوه يعتقد ..
فرحمة الله على عرفات .. والرحمة تجوز على الحيّ كما تجوز على الميت
|
الدكتور
محمود عوض مع التحيات
|