يبدو أن الآية إنعكست فما كان مطلوبا قبل أزمة حصار عرفات الأخيره وهو إيجاد البديل الفلسطيني أصبح اليوم بعد تراجع أزمة المقاطعه هو إيجاد البديل الإسرائيلي .
إيجاد البديل الفلسطيني لعرفات تبين إستحالته فهو حتى لو وجد سيكون خائفا ومذعورا ومعزولا بل سيذهب إلى المزايدة حتى على ((بطانة اوسلو)) برفض ما قبلوه .
البديل الفلسطيني سواءا أكان صناعة أمريكيه أو نتاجا فلسطينيا قد يتنازل حتى عن بنطلونه أو ينزلُه إنما حين يصل الأمر للقدس وحق العوده فسرعان ما يعود ((فلسطينيا خالصا))
مصطفى دودين الذي أسموه بكويزلنغ الفلسطيني قياسا على ذلك الهولندي الخائن عرضوا عليه أكثر مما حصد ((أقزام اوسلو)) لكنه رفض وبعناد .. وكان نجاحه الوحيد أن نصب عليهم وزاد أرصدته ثم عند الجد والحسم أطلق ساقيه للريح .
المعنى والمحصلة السياسيه أنه في قضايا الأساس .. يغدو الفلسطينييون من لون واحد .. فالشيخ احمد ياسين مثل عرفات مثل ابو العبد بائع الكعك في باب العامود تصهرهم القضية الفلسطينيه في ذات البوتقة .. بوتقة رفض التنازل تاريخيا عن جوهر وروح القضية الفلسطينيه
هذا هو في الحقيقة ما أفشل ويفشل نظرية ((البديل)) سواءا عن عرفات أو عن غير عرفات . لأن البديل في المفهوم السياسي الأمريكي والإسرائيلي يعني البديل عن ثوابت الجذور وليس البديل عن نهج سياسي فالمطلوب الأساس وفق هذا المفهوم هو أن يأتي فلسطيني ليخرج من جلده نفسه أي أن يصبح لا فلسطيني وهذا عين المستحيل ..
ما أصاب اسرائيل ومعها الولايات المتحده ((بالجنون)) هو أنهم فتحوا الباب على مصراعيه لبطانة اوسلو لينهبوا كما يحلو لهم بل إن المتتبع لحركة الفساد لسلطة اوسلو سيدهش للتسهيلات التي وضعتها اسرائيل لتأسيس هذا الفساد وكان تخطيطها في النهاية ((أن تتم الصفقة التاريخيه مع هؤلاء اللصوص)) والمفاجأة كانت أنه حتى لصوص اوسلو إستيقظ في أعماقهم في اللحظة الأخيرة عملاق الجذور .. تنازلوا عن البنطلون وأنزلوه إنما عن أسوار القدس لم يتنازلوا أو ينزلوا .
هكذا من تحت غبار الركام تبرز دائما الجوهرة الفلسطينيه تتألق .. تشع وكأنها رسالة من رحم الزمن أنها أي القضية الفلسطينيه تستعصي على أي بديل .. وأن لا مناص من العودة للإستحقاق الأول وهو أن فلسطين فلسطينيه مثلما هي الهند .. هنديه .. وايطاليا .. إيطاليه .
الفترة العصيبة الأخيرة والتي بحثت فيها الولايات المتحده بشمعه عن ((البديل الفلسطيني)) أسفرت حتى اليوم عن أن العملية ما زالت تجري وهي ستبقى تجري لتصبح في النهاية تكرارا لمسرحية غودو ((الآتي ولا يأتي)) .. لكن السؤال الذي يحير اسرائيل والولايات المتحده هو : لماذا في أفغانستان وجدوا البديل ؟؟ ولماذا حتى في العراق أعلن أكثر من قزم عن إستعداده ليكون بديلا ؟؟ لماذا ما عدا في فلسطين لا يتوفر البديل ؟؟
سؤال معقد وسخيف في آن واحد جوابه ببساطه لأن قضية فلسطين تختلف في جوهرها عن أية قضية أخرى .. هي ليست سياسيه أو إقتصاديه .. أو دينيه .. إنها ذلك كله معا .. قضية وجود
في الذهاب بعيدا وفي سياق الفرضيات .. لو غدا او بعد غد ((مات أو إستشهد عرفات)) وأمسك بعجلة القياده حتى عميل للموساد .. فستكون المفاجأة أن هذا العميل سيرفض التنازل عن العشق الأبدي للقدس .
فقط يهون أمر القدس وتراب فلسطين على من هو ليس منها والعنوان معروف ومقروء ((شارون وطوابير المستنسخون عنه))
|
الدكتور
محمود عوض مع التحيات
|