دولة أشعب ... وسلطة "فُرقُع .. لوز"
بقلم : د . محمود عوض

19:21 04.07.02

من قديم قالت العرب (إتسع الخرقُ على الرتق) تعبيرا عن (الحالة الميؤوس منها) فالثوب البالي لا يستقيم فيه رتق أو رقع .. وأفضل رتق ورقع لمثل هذا الثوب يكون عبر مقولة شعبيه هي (خلاصك من اليتيم طلاق أمه) فالأيسر والأجدى لثوب إهترأ هو القذف به في حاويات القمامه .
في التجسيد المرئي لهذه المقولات والأمثلة الشعبيه ليس بين أيدينا أفضل من مثل نسوقه كمثل السلطة الفلسطينيه فهي ذاك الثوب المهترىء البالي الذي يتم الحشد والطبل والزمر لرتقه وترقيعه تحت عنوان الإصلاح
في هذا السياق كثرت الإقتراحات وتعددت الإجتهادات وهرول الخبراء وتوافد الوعاظ وكل يدلي بدلوه لتقديم وصفة طبيه لإستئصال سرطان الفساد من جسد السلطة المريض
المريض نفسه وذووه وأقرباؤه يعلمون علم اليقين أن (الخرق إتسع على الرتق) وأن السرطان إستفحل فما عادت تنفع فيه مراهم التسكين ولا مشارط الجراحين .
القضية الوحيدة التي تشغل بال المتحلقين المنتظرين حول سرير المريض هي قضية إقتسام التركة .. .. ومن يرث المريض ؟؟ ووفق أية شرعية ؟؟.. ولمن تقدم أوراق حصر الإرث لتصديقها .. والعمل بمقتضاها .. وهل تكون الكلمة الفصل في تحديد الوريث هي للشيخ بوش أم للشيخ شارون (أم لمندوبين عنهم في دول مجاوره)
هذا التهافت حول أولويات الأحقية في الوراثة يتحدث عنه جهابذة الثرثرة بأنه (توجه نحو الإصلاح) وكذلك يتوهمه عدد كبير من المراقبين بينما ما يجري حقيقة هو (تعارك الطامعين في التركة) .
ما ينفي مسألة أن هنالك إصلاح يجري هو أن الإصلاح لم يعد دواءا شافيا للجسد المريض .. وأن الثوب تمزق حتى ما عاد فيه ساتر لعورة ..
فلو تشكلت وزارة جديدة كل الجدة ومن وجوه شابة ومهنية فذلك لن يفيد .. ولو أنيط الأمن الوقائي للجنرال تينت نفسه والشرطة الفلسطينيه للمارشال مونتعمري فالوضع سيبقى على حاله .. فلا فائدة إذا بقي غازي الجبالي أو إذا أحالوه على المعاش ... المرض .. يضربُ في الرأس ومنه إنتشر إلى باقي الأعضاء ..
فما يجري اليوم من إصدار مراسيم بعزل هذا وتعيين ذاك .. ومن تحديد مواعيد لإنتخابات ومن وضع برامج لإعادة ترميم الأجهزة .. كل ذلك يندرج في مقولة (فرقع .. طز)
ما سيدهش الجميع في النهاية .. أنهم كانوا مشغولين ومنشغلين .. في حالة غريبه عجيبه هي حالة اللاموجود .. .. فلا الثوب البالي موجود ... ولا المريض موجود .. وكل الموجود هو صخب وصياح
السلطة الفلسطينية حقيقة لا وجود لها .. فمنذ نشأتها (شكلت وهما أنها موجودة) هي أشبه ما يكون بالحكومات التي يشكلها طلاب المدارس إثناء الفسحة بين الحصص .
هذه هي أول سلطة يقيمها أشعب ذلك الطفيلي الذي كان يصدق حتى كذبه نفسه .. توهم أشعب أنه تحرر .. فصدق نفسه ... توهم أشعب أن لديه أمن وشرطه .. فصدق نفسه .. واليوم يتهم ورثة أشعب أن لأبيهم تركه .. فهم يتضاربون ويتشاتمون حول أنصبتهم من التركة .. هذا هو ما يجري ... في ما يسمى بالنهج الإصلاحي

الدكتور محمود عوض مع التحيات