المنبطحون
بقلم : د . محمود عوض

09:09 31.08.02

في بيروت دار حديث بيني وبين أشقاء من شرق الأردن نقلوا لي عبره صورة يقف لها شعر الرأس عما وصل إليه تراكم الفساد بدءا من الجالس على العرش وإنتهاءا بالقاعد على القش .
حدثوني عن إنقراض ما يسمى بالطبقة الوسطى بحيث لم يعد هنالك سوى طبقتان .. طبقة الأثرياء وطبقة الفقراء .. وهؤلاء من الطبقة الأولى كدسوا الأموال عن طريق الحرام والنهب والسلب .
سألتهم وأين هي ثمرات ((الإنبطاح في وادي عربه))
أجابني أحدهم : معاهدة وادي عربه لم تكن سوى إستجداء مظلة حماية "اسرائيليه" لعصابة مافيا يطلق عليها "نظام حكم أو دولة"
قاطعه أحدهم مضيفا : معاهدة وادي عربه لم تكن سوى ((حصول الغانيه على قبضايات يحرسون بابها))
دهشت وتساءلت : ولكن القبضايات يطلبون أجرا ويأخذون أتاوات فماذا أخذ القبضاي الإسرائيلي وماذا أفاد
ضحك صديقي الأردني – وهو أصلا ليس أردنيا بل حجازي – وقال : نجحوا في إقامة دولة سعد خير
أجبت : لم أفهم ..
إستطرد : في جنوب لبنان أقاموا دولة سعد حداد وفي عمان أقاموا دولة سعد خير ((مدير مخابرات))
قلت : لكن الأولى إنهارت
أجابني : والثانيه على الطريق
قلت له : ولكن ما موقفكم من الإحتلال ؟؟
تساءل : عن أي إحتلال تتحدث ؟؟
قلت له: عن إحتلال فلسطين
رد : حسبتك تتحدث عن إحتلال شرق الأردن
دهشت : وهل تم إحتلال شرق الأردن دون أن يصلني خبر
ضحك وقال : هو واقع تحت إحتلال غير منظور .. إحتلال تم إحكامه وبرمجته بحيث يخدع الناظرين فيرونه من السطح وكأنه سياده بينما هو في عمقه ((عبودية مطلقه)) .. هو أشبه ما يكون بسلطة عرفات مع فارق في الرتوش .
سألت : وما تلك الرتوش ؟؟
أجاب : نظام عرفات يتردد في الإنبطاح بينما نظام عمان أدمن الإنبطاح
قلت : هذه إذن كل المسألة التي يطلقون عليها ((دولة المؤسسات))
أجابني : وآخر مؤسسة أقاموها .. هي مؤسسة بقرة الجسور ... هي بقرة يا صاحبي تدر عليهم حليب الدولارات في النهار مع شركاء لهم من أسيادهم الإسرائيليين عبر شركة نقليات تتقاضى سبعين دولارا من كل مسافر حتى يتجنب المرمطة والإنتظار ... لقد خلقوا كل ظروف المعاناة على الجسور بزعم صد الهجرة وما قصدوا إليه فعلا هو ((المتاجرة والرشوة))
حدثني ابو العبد عن أبو احمد .. أنهما أجريا تجربة
دفع ابو العبد سبعين دولارا فوجد نفسه محاطا في الجسر بالحفاوة والتكريم .. بل قدموا له المرطبات ووصل عمان غانما سالما في العاشرة صباحا
أما ابو احمد الذي إنطلق في نفس الساعه كمسافر عادي فقد وصل عمان بعد ابو العبد بيومين وحدث ولا حرج عن الشتائم والمضايقات والنوم في العراء
وفي ختام حديثه حلف ابو احمد يمينا وبالطلاق من زوجته أنه سيدفع مائتي دولار إذا ما عاد ليعبر جسر الكرامه
ودعه أبو العبد وهو الآخر يحلف بالطلاق بأن هؤلاء الذين يرتدون زي جيش عربي ليسوا سوى صهاينه متنكرين
.. في ختام الثرثرة .. قال لي أحدهم مودعا : إعرف عدوك

الدكتور محمود عوض مع التحيات