لاجل جنرالات "اسرائيل" وليس لأجل شيوخ الكاز
بقلم : د . محمود عوض

13:34 03.08.02

    على طريقة العشاق في إجراء قرعة الحب بإنتزاع ورق الورد (يحبني أو لا يحبني) يجري المراقبون قرعة الغرام السلبي بين بوش وصدام .. هل يضرب بوش أم لا يضرب
أكثر المعطيات تشير إلى أن بوش سيضرب لكن ما يتبقى من المعطيات يشير إلى أنه لن يضرب .
ما بين جماعة (أنه سيضرب) وبين جماعة (أنه لن يضرب) هنالك فريق ثالث يقول أن بوش سيضرب ولن يضرب
الأمر هنا قد يبدو كالحزورة أو الكلمات المتقاطعه .. لكن الحزورة سهلة ومحلوله وهي أن بوش سيضرب على الخفيف .. تماما وفق المثل القائل ((يضرب كف ويعدّل طاقيه))
بوش سيضرب على الخفيف لمجموعة أسباب .. لحفظ ماء وجهه لأنه أصيب بإسهال من التصريحات حول إصراره على ضرب العراق كما أنه بذلك سيجد وسيلة لإرضاء الصقور لديه من أمثال مستشارته كوندليزا رايس ووزير دفاعه رامسفيلد وهو أيضا عبر الضرب على الخفيف سيرضي المعترضيين لديه كما سيحفظ الود الأوروبي ويستجيب للتوسل الروسي .
ولكن لماذا لن يضرب بوش العراق حتى العظم ؟؟ هذا هو السؤال الإستراتيجي
في الحسابات التي نتجت بعد حرب الخليج والتواجد المكثف للقوات الأمريكيه في دول الخليج نجحت الولايات المتحده في خلق التبرير أمام شعوب المنطقه بأن وجودها على فوهات آبار النفط هو من باب التحوط من بعبع إسمه صدام يتهدد شعوب الخليج ..
القضاء على نظام الرئيس صدام سيقضي بالتالي على ((أسطورة البعبع أو الغول العراقي)) وما سيكون بعد ذلك هو بداية لتململ شعبي في الخليج مطالبا برحيل القواعد الأمريكيه
ومن المتاعب الأخرى هو وضع شيوخ الكاز في حرج شديد قد يصل لمراحل من الإضطرابات إذا لم ينحازوا إلى شعوبهم في المطالبة بالرحيل الأمريكي هذا ناهيك عما سيسببه غياب النظام العراقي من خسائر فادحه للصناعات العسكريه الأمريكيه والغربيه فهذه الصناعات تمتص ثروة الخليج عبر بيع أسلحة من الدرجة الثانيه لمشيخات النفط بحجة توفير دفاع عنها في وجه (الغول العراقي) .
في باب آخر لا يقل أهمية فإن العراق يشكل من وجهة النظر الإستراتيجية خط الدفاع الأول لمواجهة أية شهية لإمتداد وتمدد الخمينيه .. على هذا سعى الأمريكيون بأن يكون العراق قويا عسكريا للحد الذي يخيف ايران ولكن ضعيف عسكريا للحد الذي يطمئن جنرالات "اسرائيل" وهذا ما تفسره إتفاقية (صفوان) التي رتبت لوقف حرب الخليج .
الخط الأحمر الذي يقلق واشنطن هو أن يصبح العراق قوة ردع في وجه "اسرائيل" بحيازته لأسلحة الدمار الشامل .
فهل سيؤدي الضرب على الخفيف إلى إيجاد صيغة جديدة يكون ظاهرها هو التفتيش والمراقبه وباطنها لا يعلم به سوى الراسخون في العلم من خبراء النظام العراقي .. ذلك أنه لا احد يعلم حتى الآن إذا إمتلك العراق تلك الأسلحه أم لا ؟؟ لكن الجميع يعلم أن العقول التي تصنع وتنتج تلك الأسلحه موجودة ومتواجده في أمكنة عدة تحت الشمس وفي أعماق أعماق الأرض العراقيه .
يقال ضمن ما يقال عن الرئيس صدام أنه كان أول زعيم عربي خلق بيئة الإدباع العلمي في مضمار الأسلحة الإستراتيجيه .. وهذه البيئة مساحتها اليوم من المحيط إلى الخليج وهذا هو هاجس الخوف "الإسرائيلي" ..

الدكتور محمود عوض مع التحيات