من عادة رئيس السلطة الفلسطينية أنه إذا أراد "لفلفة" قضية من القضايا أن يشكل لجنة لمتابعتها .. فاللجان عند الرئيس الرمز هي بمثابة المدافن للجثث وعادة تدفن الجثث عميقا في التراب لحجب رائحة تعفنها وتركها للديدان تنهشها لتغدو كالعظام وهي رميم .
حتى يومنا هذا لم تصدر أية لجنة من لجان الرئيس التي سبق أن شكلها أي تقرير علني .. قضية إغتيال المهندس يحيى عياش .. قضية إغتيال محيي الدين الشريف ... قضايا الإختلاسات .. كلها كان لها لجان ..
اليوم وبعد أن أجهض الرئيس الرمز القائد ((ملف القدس)) عبر تهميشه أولا بإلغاء وزارة القدس وعبر عرض أوقافها في مزاد التننازلات بعدم تعيين وزير للأوقاف .. ليسهل التمرير وغض الطرف .. بعد كل ذلك يشكل الرئيس (( لجنة لملف القدس )) تتكون من حوالي ثلاثين عضوا .. بين كل عضو وآخر منهم ما صنع الحداد . . وما صنع الأردن وما صنع بوش .. وما صنع .. شارون .
السؤال ؟؟ لماذا هذا الجيش العرمرم من ثلاثين عضوا ؟؟ والذين وفق ما قاله أحدهم لم يتم إسشارتهم وأخذ رأيهم .... بل تم التصرف معهم وكأنهم ((أباريق التكايا السلطانيه)) .
كل هذا يفضي بنا إلى تحسس خطر محدق تنتظره المدينة المقدسة .. فهذه اللجنة لن تكون للنهوض بالقدس وإنما لإدخال قضاياها في متاهات .. التناحرات .. والحزازات .. ومن ثم يكون جواب الرئيس عما سيحدث ((أن الذنب .. ذنب اللجنة)) ..
هي مأساة .. تكتمل حلقاتها بينما الرئيس يتفرج .. وهذه المأساة .. أفرز جزءا منها غياب المرحوم فيصل الحسيني .. فما أن طوته المنية حتى هب نفر من عائلته ((ليرثوا القدس)) معتبرين بيت المقدس تركة ووقفا على العائلة .. وهو موروث في المفهوم العائلي يعود لأيام الإنتداب البريطاني وكان سببا من أسباب كارثة شعب فلسطين
ورثة فيصل الحسيني .. أحسوا بالخطر من ضياع التركة .. فسرعان ما أسسوا جمعية بإسم فيصل راحوا يطوفون بها دول الخليج ((لتسول العون المالي والسياسي)) طبعا على ظهر مدينة الإسراء .
هؤلاء جن جنونهم وطار صوابهم .. وبدأوا في إستزلام أنصار من الزعران والمرتزقه لا لإنقاذ القدس وإنما لإنقاذ ((حليب البقرة)) الذي ظل يصب في حلوقهم عقودا من الزمن ..
الدكتور سري نسيبه كان وحده المؤهل لحمل ملف القدس ولم يجد عرفات في أبناء فيصل من يملأ عيون المقدسيين .. فإبن فيصل .. عبد القادر .. ساذج .. وولد .. فكان قرار عرفات بإختيار سري نسيبه لتحطيمه أولا ومن ثم إعادة التأسيس لإعادة التركة للورثة من آل الحسيني
كارثة سري نسيبه أنه وقع في الفخ .. الفخ الذي نصبه له عرفات .. فسرب إليه بأن يتبنى قضية تهميش وإلغاء حق العودة .. وهكذا كانت القشة التي قصمت ظهر البعير .. فما أن نطق سري نسيبه بما أوحاه عرفات .. حتى حمل آل الحسيني السلم بالعرض .. ليزرعوا الشك والفتنة والتناحر في القدس وغدا كل واحد منهم صلاح الدين الأيوبي .. ومنقذ القدس المنتظر
تماما كما كان يفعل الجد الحاج أمين الحسيني ..
ووقع سري نسيبه في الحفرة .. وها هو عرفات يستثمر غفلة سري وحسن نيته .. فيعلن تشكيل لجنة لتقبر أول ما تقبر الدكتور سري ومن بعده ما تبقى من ثرى القدس .
ليس وحده عرفات الذي يلعب اليوم على حبال القدس العشائريه فهنالك ايضا من دول الجوار أصابع تلعب بالخفاء .. .. كلهم يريدون العودة بالقدس إلى ذات الفتنة التي كانت تعرف في فلسطين _ الحسيني والنشاشيبي _
لك الله يا قدس ..
حالك يذكر ما قاله ابو سلمى عشية زيارة الأمير فيصل لها في الأربعينيات
المسجدُ الأقصى أجئتَ تزورهُ .... أم جئتَ من قبلِ الضياعِ تُودّعه
وهذه اللجنة أجاءت لإنقاذ القدس أم لإنقاذ موروثات عائليه ..