بداية لا بد من التذكير بأن النظام الهاشمي لا يكاد يرى امريكياً حتى بالعدسات المكبرة .. فهو يدرج في الإستراتيجية الأمريكيه وفق الفكرة الشعبيه القائله ((هو في الجيبه الصغيره)) ويعرف الأمريكيون ومعهم معظم الدول الأوروبيه أن النظام الأردني كان وما يزال فوق الصفقه (الإستعماريه) مجرد تكملة فوق الحساب بمعنى أنه وجد إضافة للوجود الصهيوني وتكملة له . او كما يسمى بالإنجليزيه (BUFFER ZONE)
في هذا الحساب الإستراتيجي نجحت الحركة الصهيونيه حقيقة في الوصول تحكما وسيطرة حتى الفرات .. وذلك حين كانت بغداد تخضع لفيصل وعمان تخضع للملك عبد الله .. الإنتكاسة لهذا التمدد الصهيوني حصلت بعد سقوط قصر الرحاب في بغداد عام 1958 .. فانحسرت الخارطه الصهيونيه إلى الحدود الأردنيه الملامسه للتراب العراقي ..
كل المواقف التي كان النظام الأردني يتخذها في المجال القومي العربي كانت مجرد ((إختراق صهيوني عبر الوكيل الهاشمي المقيم في عمان)) .. فظاهريا كانت قلوب الهاشميين مع العرب ولكن سيوفهم كانت مع بني صهيون .
ما يجري حاليا هو محاولة لإعادة التمدد الصهيوني إلى ما كان عليه قبل عام 1958 في العراق وذلك عبر الإحتلال غير المباشر وبالإعتماد على أحد الوكلاء من الأسرة الهاشميه وهذا سهل وميسور ذلك أن عددا من هؤلاء عرضوا أنفسهم للبيع علنا وكان من بينهم الأمير حسن والشريف زيد بن شاكر والشريف علي بل وحتى ذلك الشريف الذي تم إلقاء القبض عليه في المغرب بتهمة التزوير .
ووفق ما يتسرب من معلومات فإن نظام عمان يشكل فيالق من البدو النشامى كذراع عسكري على الأرض للزحف نحو عاصمة الرشيد وستوفر طائرات "اسرائيليه" يتم تمويهها بالعلم الأمريكي مظلة جوية لحماية قوات النشامى ؟؟
ويقال في هذا الصدد أن ((الولايات المتحدة)) مطمئنة غاية الإطمئنان لهذه الجبهة على عكس جبهات الحدود الأخرى مع العراق .. وأكثر ما يطمئن الولايات المتحدة و "اسرائيل" هو أن وقود هذه الجبهة لن يكون على حساب جنود أمريكيين أو "إسرائيليين" وإنما سيكون من جثث جنود البادية الأردنيين . خاصة وأن تكلفة حرب المشاة ستكون هي الثمن الباهظ في حرب العراق إذا ما وقعت .
المواطن بالنسبة للأمريكان و "الإسرائيليين" هو أغلى ما يملكون وقد أثبتت التجربة أن المواطن بالنسبة لنظام الحكم في عمان هو أرخص ما يملك ... فحتى في معاهدة وادي عربه نسي الملك حسين أو تناسى أو أجبر على نسيان الأسرى الأردنيين في سجون "اسرائيل" والذين ما زالوا يقبعون فيها بينما "اسرائيل" ولو لأجل أسير واحد كانت سترفض إتمام توقيع معاهدة وادي عربه .
الأردن والحالة هذه سيوفر تكلفة الحرب البشريه من مخزون النشامى الذين وصفهم باراك بحثالة من البدو الرخاص .. وهكذا إذا سال الدم فسيسل معه اللعاب الهاشمي لإعادة قصر الرحاب بل وأمجاد الشرافة في بطحاء مكة وقرب جبل ابو قبيس المطل على باحة المسجد الحرام .
ما نسرده هو المتوقع المعروف لكن ما يدهشنا هو صمت الشارع العربي تجاه ماضي وحاضر هذه الأسرة .. بل وقبول الجماهير العربيه بتنظير التغطية على جرائم الأمن القومي بإسم ((التضامن العربي ووحدة الموقف)) وهو التنظير الذي فتح ويفتح الباب على مصراعيه ((لمواصلة غدر هذا النظام)) .
لقد حان الوقت وقبل رفع شعار مقاطعة "اسرائيل" لرفع شعار (عزل النظام الأردني) .. وأما القائلون بأن رفع مثل هذا الشعار قد يدفع بالنظام إلى أحضان "اسرائيل" فالرد عليهم هو أن النظام واقع في أحضان "اسرائيل" بل وغارق في تلك الأحضان .. فمسقط رأس هذا النظام كان في قلب نجمة داوود السداسيه ..
|
الدكتور
محمود عوض مع التحيات
|