*** مرة أخرى يتوجب العودة للحديث عن منطلقات علاقة النظام الأردني بالشعب الفلسطيني ولفهم هذه المنطلقات لا بد من إدراك أن النظام الأردني هدفه الإستراتيجي منذ دشّن وجوده ونستون تشرشل في الثلاثينات هو بقاء النظام وفق الأسس التي رسمها الإستعمار البريطاني وباركتها الحركة الصهيونيه وجوهر هذه الأسس أن بقاء النظام مرتبط بقدر ما ينخرط في طعن قضيتين هما قضية الأرض والشعب ولا فرق هنا بين الأرض في ضفتي فلسطين الشرقيه والغربيه وبين الشعب فوق الضفتين الفلسطينيتين .
لقد وظف النظام الأردني في سعيه هذا ((فئات الأقليات)) بمثابة ذراعه الأيمن متقاسما مع هذه الفئات وأغلبها ليست عربيه المكاسب مغدقا عليهم بعض الفتات مما تلقي به إليه الدول الغربيه والحركة الصهيونيه وقد وقعت ضحية لإغراءات الفتات المادي بعض العشائر فسحرها النظام برتب مدنيه وعسكريه ومن ثم راح ينفخ مقولته بأن مصالحهم ومناصبهم يتهددها شعب فلسطين .
أحداث معان الأخيرة ومعان كما هو معروف معقل تقليدي لعشائر أردنيه تشير بأن ((إنقلابا نوعيا)) بدأ يعصف بالغرس الحاقد الذي زرعه النظام في العقليه العشائريه وهذه الأحداث تمثل فجر صحوة تعيد نسيج الشعب الفلسطيني من بدو وحضر فوق الضفتين الفلسطينيتين جذوره من النقاء والتلاحم والتمرتس في خندق واحد للدفاع عن الأرض والشعب .
لقد إقتضت أحداث معان مرور سنوات وصولا للوعي العشائري بأن شعار النظام القائل ((الأردن أولا)) ليس سوى تحريف مغرض ومسموم لأن الأصل في كل شعارات النظام هو ((العرش أولا وأخيرا)) وفي سياق هذا الشعار تفرعت شعارات ثانوية تبناها الغرباء عن الأردن من أقليات متأردنه ومستعربه تقول ((المناصب أولا والمكاسب أولا)) وليذهب الباقي للجحيم .
وليست عمليات التنكيل بالفلسطينيين على الجسور سوى ((مظهر من مظاهر)) التطبيق لشعار – العرش أولا وأخيرا .... يلجأ إليه مرتزقة الشعارات الفرعيه لكسب حصة أكبر لدى رأس النظام من مناصب و ((أرزاق)) فمن البدهيات التي ترسخت في الوعي الباطني لدى أفراد العشائر ولدى أبناء الأقليات هو أنه كلما إزدادت حدة الكراهية والتنكيل بالفلسطيني كلما كانت فرص الترقية والمغانم أكبر .
غير أنه لا بد من القول هنا بأن الرياح أخذت تجري بما لا تشتهيه سفن النظام .. فالأردنييون الذين هم أصلا فلسطينيون بمن فيهم العشائر البدوية بأغلبها أيقنوا بأنه ((يسهل على النظام الذي فرّط بالأقصى أن يبيع إربد والزرقاء ومضارب العشائر)) في أية لحظة مستقبليه .
وجاء قرع الجرس من مدينة معان .. مبشرا بقرب سقوط شعار ((العرش أولا وأخيرا)) .. والنظام اليوم في حيص بيص من زخم الوعي القادم فهو أي النظام يحاول جاهدا تبرير ما حدث بإرجاعه لتهريب حشيش والمتاجرة بالسلاح وهذا التبرير كان لدى كل المراقبين مدعاة للسخريه .. فأكبر تجار المخدرات هم رموز النظام وأكبر المهربين حتى للسجائر يقبعون في قصر رغدان وبسمان .
معان خرجت تعانق القدس .. وتصد عن مادبا وإربد .. لتسقط ((عهدا فاسدا ومفسدا)) .. فبوركت يامعان
|
الدكتور
محمود عوض مع التحيات
|