القرار بتشفير قناة الجزيرة هو قرار يختلف عن تشفير أية فضائيه أخرى ذلك أن قناة الجزيرة في الأصل لم تكن مؤسسة ربحيه .. بل كانت وما زالت إستثمارا على الصعيد السيكيولجي العربي .
لفهم ابعاد هذا الإستثمار كان لا بد من فهم إختيار مقر الموقع .. فالعقلية المخططة لمشروع الجزيرة رأت أن الموقع الجغرافي للمحطة سيضفي عليه طابعا من المصداقية أكثر مما لو تم إنشاؤه في خارج الوطن العربي .. منطق المخططين .. كان متمسكا بالقول ((أن الطعام الإعلامي يجب تقديمه في طبق من الصلصال العربي))
على هذا كانت في قطر ..
لكن ما هو الهدف الأساس من إنشاء المحطة .. باختصار شديد .. إدخال "الإسرائيلي" إلى صدر الصالون العربي ... كصاحب حق في وجهة النظر ..
ما عدا ذلك كان مجرد بهارات وتوابل .. تضاف إلى الطبخة .. المهم والأساس هو .... الرأي .. والرأي الآخر .. وهذا الشعار كان يعني أن الرأي الآخر .. هو الرأي "الإسرائيلي" .. يعني كفة مقابل كفة .
فعلا صارت الأمور بداية وفق ما تشتهي الرياح "الإسرائيليه" وبدأ تسريب وجهة النظر "الإسرائيليه" مباشرة بإستضافة الرأي الآخر كأمر لا بد منه كما يدعون للتوازن .. ومما أدى إلى نجاح هذا الإختراق هو ((بهارات الصراحه المفرطه)) التي لحست عقول كثيرين من العرب .. وسحرتهم .. فتم بذلك إصطياد المنبر الذي أرادته "اسرائيل" .
لكن الأمور بدأت في التبدل خاصة بعد إنتفاضة الأقصى .. وجدت الجزيرة نفسها محرجة للغاية .. الطرف المخطط "الإسرائيلي" يريد المزيد بينما الوضع لا يتحمل هذا المزيد .
مثلا في المقابله التي كانت الجزيرة ستبثها مع شارون ... تم إعتصام للصحفيين العرب واحتجاجات داخليه .. فلم تنشر تلك المقابله .
مثلا في الإستموات "الإسرائيلي" لمحاربة ظاهرة "الإنتحار" .. لم تنجح الجزيرة في جلب شيخ واحد يحرم هذه الظاهرة .. مواضيع كثيرة بثتها الجزيرة لينقلب فيها السحر على الساحر .
إضافة لذلك كله .. فقد فتح المخططون للجزيرة عش دبابير على أنفسهم . . فقد أباحوا نشر الغسيل القذر للجميع بإستثناء غسيل قطر ووصل الأمر بالتطاول المنهجي على السعودية وهو ما أوقع قطر في مشاكل لا حصر لها .. وكان واضحا أن النار التي أشعلتها ستحرق عباءات شيوخها إذا إستمر الحال على نفس المنوال ..
خلاصة الدراسة لمسيرة الجزيرة أنها فشلت في تمرير الرأي الآخر ... الرأي "الإسرائيلي" .. وهو ما أوجب تفكير المخططين بالإستغناء عن خدماتها وهذا الإستغناء سيكون مرحليا .. المرحلة الأولى هي التشفير والمرحلة الثانيه هي التسكير .
هكذا لا يأتي التوقيت عبثا بين إنطلاق فضائيه "اسرائيليه" باللغة العربيه .. وبين تشفير أو تسكير الجزيرة ..
الفارق بينهما هو أن الجزيرة كانت تردد "سلام" وقلبها يقول "شالوم" بينما القناة "الإسرائيليه" ستقول "شالوم" قلبا وقالبا .