يبدو واضحا للعيان الآن أن الإدارة الأمريكيه وضعت السعودية على القائمة السوداء .. وهي قاب قوسين أو أدنى لإدراج المملكة العربيه السعوديه ضمن محور الشر وفق مفهوم بوش .
ما يسبب الحرج لبوش في عملية إدراج السعودية هو ((مكانة السعودية القوميه والإسلاميه ووزن ترابط المصالح بينها وبين مؤسسات مؤثرة في الولايات المتحده)) هذه المكانه تجعل من الصعب على بوش تسويق مقولة إدراج السعودية ضمن محور الشر .
خبراء صناعة القرار الأمريكي من قراءة ما يجري تجاه السعودية رأووا أنه لا بد من إخضاع المملكة لضغوط التآكل المتتابع والمتصل وصولا لإسقاطها بالنقاط وليس بالضربة القاضيه .. والإسقاط المتوخى للسعودية لا يكون كما هو بالنسبة للعراق أي بطلب رأس النظام وإنما سيكون بطلب رأس المملكه بمعنى تفتيتها وتمزيقها إلى ثلاثة أو أربع دول إذ عبر هذا التمزيق يتم تحاشي ((تنامي قدرة السعودية لتشكل مخزونا إستراتيجيا ماليا ودينيا بل وتسلحا مستقبليا)) وهذا التمزق هو مطلب صهيوني في الأساس تتبناه الولايات المتحده بعد أن إستغلت الصهيونيه أحداث نيو يورك ((لتمرير مقولة كانت تتحرج عن تمريرها في الماضي بإدعاء أن السعودية خطر مستقبلي على الولايات المتحده))
بدأت ((الحرب على السعودية)) عبر ما يشابه أسلوب المثل القائل ((أضرب كف وعدل طاقيه)) فشهدنا وما زلنا نشهد هذه الإزدواجية في اللعبة ((جهات أمريكيه تتهم وتحمل وتدق طبول الحرب على السعودية بينما جهات أخرى من بينها بوش يتقدم لجبر الخواطر والطمأنة .
يبدو حتى الآن أن هذا التكتيك نجح .. إلى حد ما ذلك أن السعودية وقعت في فخ ((الإنزواء وتخندقت في خندق الدفاع)) وهو في الأصل ما سعت له الولايات المتحده بتخطيط صهيوني أي إيصال السعودية إلى ما يعرف بحالة ((الإنضباع .. والخوف)) تماما كما يحدث مع الضبع للإيقاع بفريسته
السعودية إنضبعت .. تم الأخذ بتلابيبها .. وهي تساق خطوة بعد خطوة للمسلخ .. والسبب هو الخطأ الإستراتيجي الذي وقعت فيه وما زالت أي عدم خروجها للمواجهة وإنهاء التكتيك الأمريكي مرة واحده .. وطبعا معه تكتيك بلير رئيس وزراء بريطانيا وفي كنف الإثنين الصهيونيه العالميه
لم يفت الأوان بعد .. فمسألة الإنضباع السعودي لم يكتمل مفعوله .. وما زالت السعودية قادرة على قلب السحر على الساحر أي إيصال الإدارة الأمريكيه إلى ((الإنضباع والإنكفاء)) ذلك أن الإدراة الأمريكيه هي التي تحتاج السعودية وليس العكس
تصحيح الخطأ السعودي لا يحتاج من السعودية سوى سرعة الفعل وليس ردة الفعل .. وبأن تكشر عن أنيابها الإعلاميه والديبلوماسيه وتصريحاتها المعلنه والصريحه والمباشره .. كأن تبدأ مثلا بتوجيه لطمة لتوني بلير بإعتبار السفير البريطاني شخصيه غير مرغوب فيها ودون بيان الأسباب وأن يكون تفسيرها لذلك علنا (هذا هو وأعلى ما في خيل بريطانيا لتركبه))
كما أن على السعودية فتح صحفها وأجهزة إعلامها بحملة صريحه ضد صقور الصهاينه في البيت الأبيض
خطوتان فقط وسيصاب البيت الأبيض بالإنضباع .. وسيسلم الرأس السعودي من المقصله الصهيونيه .. وستنزوي مخططاتهم عائدة للأدراج .
ماذا مثلا لو فاجأت السعودية بوش بمشروع قرار أمام مجلس الأمن ((يطالب بتجريد العراق ومنطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل بالقوة)) .
ماذا مثلا لو طلب الأمير عبد الله إلقاء كلمة أمام الجمعيه العامه على طريقة بوش يمهد لها بالإعلان عن أنه يملك أدلة تثبت تملك العراق لأسلحة الدمار الشامل ليحشد جيشا عرمرما من وسائل الإعلام ومن باب النكاية ببوش وتوني بلير .. يكون خطابه في سياق تطابق المقارنه .. كأن يقول في جمله .. صدام صحيح إحتل العراق واسرائيل ها هي تحتل شعب فلسطين وأرضه .. صدام صحيح يحاول إنتاج قنبله ذريه ولكن اسرائيل لا تحاول بل أنتجت .
صدام صحيح له تجارب في الماضي تجعل من الخطر أن يمتلك أسلحة دمار شامل وأيضا لشارون تجارب من الماضي والحاضر تجعل من الذرة خطرا بين يديه
صدام إرتكب مجزرة جبله وشارون إرتكب مجزرة صبرا وشاتيلا وغيرها وغيرها ...
هكذا في باب النكايه يجيء ذكر صدام ... في باب الإحراج .. في سيلق المغايظه .. تطابقا مع مثلنا القائل ((أمي رأت أمك))
بالتأكيد ستضج قاعة الجمعيه العامه بموجات من التصفيق لم يسبق له مثيل ..
المهم أن تحزم السعودية أمرها .. حتى لا يقال لقد تعشوا بالرياض بعد أن أفطروا ببغداد
لقد أزفت الساعة للسعودية أن تتنبه بأنها تساق للمسلخ .. وفي يدها الحل .. شجاعة ساعه .. وسينضبع جبناء البيت الأبيض و 10 داوننغ ستريت ..
|
الدكتور
محمود عوض مع التحيات
|