المهزومان; شارون .. وأبو علان
بقلم : د . محمود عوض

16:12 02.07.02

ها هو كيان صهيون يغوص في المستنقع رويدا رويدا ليعيد سيرته الأولى كإحتلال شامل مرئي ومنظور وبذا يكون قد فقد برقع التنكر الذي ظهر به بعد اوسلو .. وأخذ يعيد مسميات إفرازات اوسلو لأصلها الحقيقي .
فمسمى الإنتشار عاد لأصله وهو إحتلال .. مسمى الإرتباط المدني عاد لأصله وهو الإدارة المدنيه .. مسمى مناطق (أ) عاد لأصله وهو المناطق بدون تقسيمات أبجديه .
كل الأقنعة التي تم نسجها وإلباسها لوجه الإحتلال في اوسلو تسقط واحدا بعد آخر .. وما تم تسويقه بأنه جزء من التحرر الوطني إنكشف عنه الغطاء ليبدو عاريا تحت الشمس وأنه كان مجرد إعفاءٍ للإحتلال من أعباء الصرف والإنفاق ..والنزف الأخلاقي .. والمعنوي
كثيرون من أهل الفكر و الصحافة الصهاينة تنبهوا اليوم بأنهم ماضون إلى المستنقع وأن المقاومة إذا أنجزت إنتصارا فهو في إجبار الكيان الصهيوني على تكرار نفسه في صورة ما قبل اوسلو ... وهكذا تستقيم معادلة المواجهة .. شعب مقابل إحتلال ..
لقد أكد لي العديد من الأصدقاء من الأراضي المحتلة أن "السلطة الفلسطينية" التي نسمع عنها نحن في الخارج لا وجود لها على أرض الواقع في الداخل وكل ما تبقى منها أمر واحد (هو الثرثرة على الفضائيات) وأكد لي أنه هنالك الآن طرفان في مأزق ، الطرف الصهيوني ومأزقه في عودته للإحتلال المباشر والسلطة ومأزقها في عودتها للإفلاس الذي رضعته في اوسلو ..
هذا المأزق السلطوي يتمثل في إدراك كل رموزه أنهم بحاجة لتصاريح لأجل الإنتقال من شارع إلى حارة في نفس المدينه ..
فصائب عريقات مثلاً ، لولا أن تم إعطاءه إذن من الكيان الصهيوني للسفر إلى القاهرة لما جلس منتفخا أمام الكاميرات في حضرة الرئيس حسني مبارك ..
حقيقة الأمر أنه في الشارع الفلسطيني لا أحد يبكي على السلطة ... فمن ذا الذي يبكي على من ولد ميتا ؟؟ ما يحز في نفوس الناس في فلسطين هو هذا الهوان الذي تتعايش معه السلطة .. الناس يشفقون على الأبوات فقد مرمط الكيان الصهيوني بهم البلاط وأرصفه الشوارع المبلطة وغير المبلطة .. بل حتى أمريكا لم تعطهم مكانا في قافلة الحجيج للبيت الأبيض
يصر الفلسطينيون بأن أزمة الكيان الصهيوني ستكتمل وسيغرق حتى قاع المستنقع إذا ما إنتهت أزمة السلطة وأزمة السلطة لا تنتهي ببقائها ولكن بزوالها .. فهي البرقع الوحيد المتبقي فوق الوجه الصهيوني البشع
في مشهد عند حاجز للجيش كانت تصطف في طابور عشرات السيارات .. فجأة فإذا بسيارة فارهة مرسيدس تتخطى الطابور وعلى مقعدها الخلفي وزير فلسطيني يضع رجلا فوق أخرى ويشد برقبته للأعلى حتى بدت كأنها متخشبه .. وصلت سيارة معالي الوزير جنود الحاجز .. نظروا إليه بإحتقار .. وأمروه بالعودة إلى آخر الطابور .. عاد معالي الوزير وظلت رقبته متشنجة .. لقد شعر الفلسطينيون جميعهم على الحاجز بالإهانة ما عدا معالي الوزير .. ذلك لأنه حتى اليوم .. يتشبث بالكرسي وباللقب وبالمرسيدس .. يقال أن معالي الوزير : حدث سكرتيرته بما حدث وأن هذا الذي حدث دليل على وطنيته .. .. وقد زاد فأضاف بأنه قال للجنود .. لقد تجاوزتم كل الخطوط الحمراء
تلك "الرموز" تشكل اليوم عبئا ثقيلا جدا على شعبها وهي توفر عاملا مساعدا يبطىء من تسارع خطوات الإحتلال نحو الهاوية
مأساة فلسطين الآن إثنان .. هما شارون .. وأبو فلان .. وأبو علان .. وأبو ألوان ... وابو كان يا ما كان

الدكتور محمود عوض مع التحيات