لأكثر من سبع سنوات أعمل صحفيا _ على باب الله _ وبالتأكيد غيري عمل فترات أطول واكتسب خبرات أكبر وللحق أقول أنه خلال عملي لم تمر بي حكاية في الغباء السياسي أكثر من غباء النظام الأردني في تعامله بشأن قضية إجتماع الأمير حسن مع المعارضة العراقيه في لندن .
الحكومة الأردنيه سارعت إلى نفي علمها بالأمر مسبقا وأكدت على أن سمو الأمير الحسن إجتمع على عاتقه وحده وتصرف دون الرجوع لأولي الأمر والنهي في عمان
قراءة النفي الرسمي الأردني جيدا يؤكد إحتمال أن يصدق البعض ذلك وأن لا يصدق آخرون .. بمعنى أن رواية النفي تظل كما عادة حكايات النفي الرسميه بل إن بعض النفي هو كبعض الظن ((إثم)) فقول ((لا)) كثيرا ما تعني ((نعم في السياسه ))
الغباء السياسي الأردني الذي وصل سقفه الإعلامي الأعلى عبر حكاية النفي هو أن هذا النفي تتطابق بشكل مدهش مع المثل الشعبي القائل ((جاء يُكحلها ... عماها)) فالجهابذة في عمان ومنهم رئيس الوزراء ووزير الإعلام كشفوا بنفيهم هذا أمرا خطيرا جدا دون أن يدروا وما كشفوه هو ((فضيحه))
لقد أكد النفي الرسمي الأردني أن أفراد الأسرة الحاكمه يتصرف كل واحد منهم وفق هواه وأن الأمير حسن تصرف على حل شعره سياسيا .. حين تأبط ذراع ((الجلبي)) سارق بنك البترا ودخل معه أمام الكاميرات قاعة المعارضة العراقيه ..
هذا المشهد وحده لأمير في دولة يخرج علنا مع سارق ولص يرفع ألف علامة إستفهام حول مشاركة الأسرة المالكه في فضيحة سرقة بنك البترا وهي الفضيحة التي تم ((لفلفتها في حينه))
ما هو أكبر من هذه الفضيحه هي في مضمون النفي الرسمي الأردني لمشاركة الأمير حسن في مؤتمر المعارضة .. فلقد كشف النفي للعالم بجلاء أن مملكة بني هاشم تعاني من حالة تسيب سياسي ناهيك عن حالات التسيب الأخرى ، ويتجسد هذا التسيب في كشف حقيقة أن ((هنالك شرخ خطير في أروقة قصور بني هاشم)) فهذا هو الأمير حسن – كما فهم من بيان النفي – يتمرد على الملك سياسيا وينشر غسيل الإنقسامات الملكيه فوق أسطحة لندن وشرفاتها وعلى عينك يا تاجر .
هكذا .. حاولوا في عمان أن يرقعوا ثوبهم المهلهل من جانب فإذا بهم يمزقونه من الجانب الآخر .. وهذا هو إختصاص الجهابذة
واضح الآن أنه لا توجد قواسم مشتركه بين أفراد الأسرة الحاكمه في عمان .. ففي أحاديث الصالونات ووراء الكواليس في الأردن كثير من القصص يتداولها الناس .. لكن للإنصاف هنالك قاسم مشترك واحد يجمعهم وهو ((إجماعهم على طعن القضايا القوميه)) ..
|
الدكتور
محمود عوض مع التحيات
|