تعكس أول ما تعكس أحداث مدينة معان الأردنيه مدى الحالة العصبيه التي يعيشها النظام الأردني ذلك لحقيقة ملموسة وهي أن الأفق السياسي المرتقب لمستقبل النظام هو ((الشطب)) من الخارطة الإقليمية للمنطقة
هذا الأفق السياسي أدخل النظام الأردني في حالة من النزق والمراهقة السياسيه وذلك منذ إندلاع الإنتفاضة الأولى في فلسطين إذ تأكد مع إندلاع تلك الإنتفاضة أن النظام الأردني إستنفذ مخزون وجوده منذ تأسيسه وهو المخزون القائم على وهم ((نجاح الوصاية الهاشميه)) .
الإنتفاضة الأولى نجحت في إحداث زلزال في أسس معاهدة سايكس بيكو التي أنجبت هذا النظام على يد القابله بريطانيا والذي تناول حليبه ليشب كنظام من أثداء الحركة الصهيونيه ..ولكن على الرغم من كل الرعاية الصهيونيه والإمبرياليه لهذا النظام فقد أصابته الشيخوخة مبكرا وبات منذ الإنتفاضة الأولى يعيش في غرفة الإنعاش منتظرا ((ساعة الإحتضار)) .
تفاقم مرض هذا النظام أخذ بالتسارع بعد اوسلو بعد (حالة إجماع دولي بضرورة إنشاء دولة فلسطينيه) وهذا الإجماع كان وكما فهمه كل مبتدىء في علم الإستراتيجيات الإقليميه بمثابة إعلان وفاة رسمي للنظام الأردني ووحده النظام الأردني متحالفا مع اليمين الإسرائيلي ظل يحيك المؤآمرات على مشروع الدولة الفلسطينيه وقد لجأ النظام إلى نفس دفاتره القديمه في تآمره على فلسطين ومنها العودة لتغذية النعرة الإقليميه بين الفلسطيني وبين الأردني بل دفع هذا النظام بعناصر تابعة لأذرعه الأمنيه للصراخ علنا ودون حياء في الملاعب والساحات بشعارات ((تشيد بشارون وتطالبه بمزيد من ذبح شعب فلسطين))
الغالبيه الغالبه من الشعبين لم تنجرف وراء ((هذه المؤآمرة)) بل إن الأغلبية الأردنيه الفلسطينيه أدركت ما يستتر خلفها فأشاحت بوجهها عنها وهو ما أصاب النظام بالدوار والعصبيه ذلك أن هذا السلاح القديم في التفرقه إتضحت عدم فاعليته ففي الماضي وما قبل الإنتفاضتين كان يمكن تسويق سموم التفرقه إنما بعد الإنتفاضة فقد كبر شعب فلسطين في نظر أشقائه الأردنيين وأصبحت بطولات الفلسطينيين حديث البادية والحضر في الأردن .
إضافة وزيادة على ذلك ((لجأ الأردن إلى نشر ثقافة الإرهاب السياسي القائله بأن شعب فلسطين سيتدفق عبر الجسور ليزاحم الأردنيين على وطنهم وأشاع إشاعات واتخذ إجراءات على الجسور للإيحاء بالخطر القادم)) وأيضا على هذا الصعيد فشل النظام ذلك لأن الشمس لا تخفى بغربال فلم يحزم حتى سكان مخيم جنين المدمر حقائبهم للرحيل بل تشبثوا أكثر بأرضهم ووطنهم .
أحاط النظام هذه السياسة على الجسور بأجواء من الشتم المقذع لشعب فلسطين ومن مظاهر إذلال تشابه بل وتزيد عن إذلال الإحتلال وجنّد لذلك عناصر من أمنه من ذات طينة العناصر التي تردح لشعب فلسطين في الملاعب والميادين .
تجلت هنا عظمة الغالبية من أبناء الشعبين وفوتوا على النظام خططه وازداد فخر شعب الأردن ببطولات شقيقه الشعب الفلسطيني وغدا واضحا أن ((الأقليات الغريبه ومنها أقلية النظام)) هي التي تسعى لحرق الأردن أرضا وسكانا لقاء مواصلة النهب والسلب
النظام في محاولات يائسة لبقائه ذهب لأبعد من ذلك في نشر ثقافة الإرهاب السياسي فرفع أقذر شعار للتفرقة وهو شعار ((الأردن أولا)) وذلك معناه لتذهب فلسطين إلى الجحيم وأيضا كل العالم العربي .. والمهم هو بقاء الأردن . والأردن هنا لا تعني الأرض والشعب وإنما تعني بقاء الطفيليات التي زحفت على الأردن من هضاب الحجاز وأصقاع القوقاز .
لم تكد تمضي أيام وإذا بالرد على شعار ((الأردن أولا)) يجيء صارخا هاتفا مرددا ((معان .. أولاً)) ومعان اولا هنا تنبع من ضمائر العشائر والأرض
النظام الأردني عبر تلقيه هذه الصفعه هو حقا على حافة الهاوية .. فلم يبق ما يعطيه للصهيونيه بعد وادي عربه وقبول إحتلال أجزاء من التراب الأردني بحجة ((تأجير أجزاء من الوطن))
النظام الأردني ألقى نفسه في أحضان بوش بل وضع ارض الأردن كله ليكون قاعدة إنطلاق ضد العراق ولم يعد في جعبته ما يقدمه ..
النظام الأردني إستنفذ الحاجة إليه حتى بالنسبة للولايات المتحده فقد جاءت أحداث معان لتسحب البساط من تحت قدميه بأنه يسيطر على الوضع ويوفر الأمن والإستقرار .
هكذا هي الصورة .. النظام الأردني كما يقول المثل ((لا مع سيدي بخير ولا مع ستي بخير))
بل يقال اليوم في أوساط كثيرة ((أن شطب هذا النظام بات مطلبا شعبيا وإقليميا ودوليا))
|
الدكتور
محمود عوض مع التحيات
|