في مشاهد ((الزفة العرفاتيه)) لوزارته في قاعة الأفراح الفتحاويه المسماه (المجلس التشريعي)) يوم الثلاثاء الماضي تجمعت كل مظاهر ما يجري هذه الأيام من تقاليد ((حفلات الزفاف الجماعي)) .. وهي تقاليد جديدة لتخفيف عبء تكاليف الأفراح والليالي الملاح على الفقراء .
حفل الزفاف الوزاري الجديد عكس ذلك النوع من ((الفرح الكاذب)) أو التظاهر بالفرح فقد جاء مطابقا لأفراح زفاف ما يعرف فقهيا بزواج ((المُحَلّل)) – زواج يتم عقده لمطلقة يعتزم إعادتها لزوجها السابق –
في زواج (المُحلل) عادة ما يعقد نكاح المطلقه على (رجل طاعن في السن) ليقضي ليلة مع المرأة وهو أشبه بجثة هامدة وما أن يطلع الصباح حتى يلقي الرجل العجوز يمين الطلاق على المرأة
فكل ما قدّمه الرئيس عرفات عبر هذه التشكيله لم يكن سوى جثثا هامده شكلوا معا ((الزوج المحلل لمطلقة إسمها السلطة الفلسطينيه)) .
وتماما كما هو الحال في حفلات الزفاف الجماعي إختلط الحابل بالنابل وجلس في الكوشه ((فوق المنصة)) المأذون وشهود عقد النكاح وتم توزيع الشربات على شكل خطاب تم تعليبه بشعارات ثوريه جرى توزيعها الموسيقي على لحن ((شاء من شاء وأبى من أبى)) ولم ينس المأذون في سياق الحفل إرشاد العطشى إلى بحر غزة أو البحر الميت ((ليشربوا منه)) ومن ثم لينخرطوا في تبليط البحر .
في جملة مختصرة ومفيدة قال الرئيس عرفات يوم الثلاثاء الماضي .. هذا أو الطوفان .. مذكرا بمقولة الحجاج يوم قال ((لقد أفرغ أمير المؤمنيين كنانته بين يديه فعجم عيدانها فوجدني أشدها وأقساها فرماكم بي)) وعرفات تفحص رجاله من حوله فلم يجد في المخازن سوى قدامى اللصوص وخبراء الفساد فقدمهم على طبق وزاري زاعما أن هذه الوجبة ستسد جوع الشعب وتنهي خواء المعدة .
الشعب الفلسطيني هو الوحيد الذي تغيب عن حفل الزفاف العرفاتي فقد أدرك بحسه التجريبي وخبرته السابقه أن (عرسان اليوم هم أنفسهم عرسان الأمس) وجميعهم بالتجربة مصابون بالعقم ويفتقرون إلى الفحوله وإذا أنجبوا فإنما ينجبون ((نسلا مشوها)) يتميز بالشراهة لا بالنزاهة .
هذا الشعب غاب عن مراسم الحفل بل صمّ أذنيه عن سماع ((خطبة الزواج)) وبدا وكأنه لا يعنيه مسألة ((تبادل الزوجات أي تبادل الحقائب)) فبالنسبة لهذا الشعب كان كل ما يجري ينضوي في كنف ((اللاشرعيه)) فلا المأذون شرعي ولا الشهود ((أعضاء المجلس)) شرعيين ولا بيت الزوجيه مستقل وشرعي بل والأنكى من ذلك أن العرسان بدون أهلية زواج ((ذلك أنه في الأصل لا توجد (لأي منهم عروس) .
هنا تكمن كل المسألة .. أن حفل الزفاف العرفاتي كان مبنيا على وهم في وهم بل أنه مغرق في هذا الوهم .. وأساس الوهم تصور الرئيس عرفات وعرسانه الجدد القدامى أن لكل منهم عروس أو وزاره أو سلطه أو بعضا من سلطه ..
فأي وزراء هؤلاء الذين بحاجة إلى عطف جندي اسرائيلي ليسمح لهم بعبور الحواجز ..
وأية سلطة هذه التي يتغنون بوحدانيتها وهي الوحيدة فوق الأرض التي تحتاج للفياجرا الأمريكيه والإسرائيليه حتى يستقيم جزء من أمرها ..
ما حدث يوم الثلاثاء الماضي هو مهزلة بكل المقاييس لكنها مهزلة أبقى فيها عرفات على عنصر واحد هو ((الوفاء لحرسه القديم)) مما يزيدهم طمأنينه ليسرقوا أكثر وليعيثوا في الأرض فسادا .. أليسوا هم الأبوات
|
الدكتور
محمود عوض مع التحيات
|