ظاهرة اسمها : شمعون بيريز
د:يوسف الفقهاء
د:يوسف الفقهاء

الجهد المبذول من قبل شمعون بيريز , في بناء "دولة " اسرائيل , يعادل الجهد الذي قام به كل قادتها مجتمعين , فهو الوحيد الذي لم يغب عن ساحة الفعل السياسي والعمل الحزبي منذ ( إستيلادها ) على أيدي المستعمرين البريطانيين , ورعايتها من قبل أوروبا الأستعمارية ولغاية بلوغها سن الرشد وتبنيها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية .

وقد تولى خلال حياته السياسية تلك مختلف المناصب الحكومية والحزبية إن على مستوى القمّة والقرار الأول ,أو على أي مستوى آخر سنح له , وكان هدفه على الدوام مصلحة " أسرائيل , واستطاع فعلا تحقيق العديد من الأنجازات ( لوطنه ) ليس أولها إدخال " اسرائيل " نادي الدول التي تمتلك الأسلحة النووية عندما كان وزيرا للعلوم في الخمسينات بالتعاون مع فرنسا , ولن يكون آخرها قيامه بكل مهامه على أكمل وجه تحت سلطة الأرهابي شارون رئيس الوزراء الأسرائيلي .

طبعا ليس المقصود من مقالي هذا كيل المديح لشمعون بيريز , فهو بالنسبة لي أحد الغرباء الذين يحتلون وطني ويعيثون فيه فسادا وتدميرا ويمارسون بحق أبناء شعبي القتل وكل أنواع الأرهاب , بل هو بنظري مثل كل قادة " أسرائيل " يتحمل كغيره مسؤولية المجازر التي ارتكبت بحق أمتنا العربية ابتداء بقبية ومرورا ببحر البقر وقانا وغيرها , ولكن هذا الأنسان بتجرد وموضوعية هو ظاهرة فريدة وغير مسبوقة في هذا النمط من رجالات (الدول) , ويشكل بنوعيته تلك خطورة بالغة على الخصم حيث يستطيع الجمع بين الشيء وضده , والأنتقال من حالة الى أخرى ( من رجل يحمل نصف جائزة نوبل للسلام الى سجّان يقبل بفرض الأقامة الجبرية أو الحبس على شريكه فيها ) , ومن رئيس للوزراء الى وزير للخارجية يسوق بضاعة الأرهاب الرسمي لحكومة يطلق عليها حكومة ( وحدة وطنية) يرئسها زعيم حزب منافس مطلوب للعدالة الدولية كمجرم حرب يداه ملطخة بدماء الأبرياء . ألى غير ذلك من أمكانيات كبيرة للتشكل حسب مقتضيات المرحلة .

تلك الصفات والتي قد يستسيغ البعض تسميتها بالأنتهازية , هي ابعد ما تكون في الواقع عن شمعون بيريز لا لشيء سوى أن كل افعاله كانت وما زالت خالصة لخدمة " دولته " وأبناء دينه , ولم يثر حول سلوكه أي شبهة فساد أو استغلال منصب , ولم يتشبث في يوم ما بكرسي أو موقع , بل برهن أن تحمل المسؤولية تكليف وليس تشريف . وقبل أن يغضب البعض أو أتمادى في الحديث , سأسارع الى القول أن شمعون بيريز هذا يجب أن يكون فعلا قدوة ومثلا يحتذى في التفاني بالعمل والأخلاص .

أما مناسبة هذا المقال فهو قرب انعقاد مؤتمر القمة العربية في دورته العادية الثانية . وفهمكم كفاية !

الدكتور : يوسف عبد الفتاح الفقهاء