صفحة المعلومات للعرب في المانيا
Redaktion & Gestaltung: A.M@nsour

النفي الامريكي لكلام الملك عبد الله
بقلم : د . عبد الفتاح طوقان

نفي البيت البيض لما نقلته وكالة الانباء الاردنية من ان الرئيس بوش اكد للملك عبد الله بأنه "لن يكون هنالك ضربة او هجوم علىالعراق او دولة عربية " يثير مجموعة من الاستفسارات النفي لم يأت فقط من "اري فلايشر" المتحدث بأسم البيت الابيض وكولن باول وزير الخارجية الامريكية وانما نسب الى مصدر رسمي في السفارة الاردنية في امريكا حسب نشرة اخبار البي . بي.سي. البريطانية الساعة الحادية عشر من صباح يوم الثلاثاء2/10/2001 ، اي بعد يوما واحدا من تصدر الصحف الاردنية لتصريحات مؤكدة عدم ضرب العراق او اي دولة عربية .
فليشر قال للتلفزيون الامريكي والشبكات الاخبارية :" الرئيس بوش لم يقل ذلك والمعلومات غير صحيحة" .
لو صدر نفي التصريح من البيت الابيض فقط لكان نصف مصيبة اما ان يصدر نفي التصريح من مسؤول اردني في امريكا و بوجود السفير الاردني الذي هو وزير اعلام سابق و ناطق اعلامي بأسم وفد التفاوض مع اسرائيل دون ان يسأل او حتى بسوأله في احلك الامر، فهذا يعني ان هنالك خطاءا ما في جهة ما تستوجب المسائلة و المحاسبة و التفسير.
الصحافة الاردنية التزمت الصمت صباح الاربعاء ، اليوم التالي للنفي، من منطلق نريد العنب ولا نريد مقاتلة الناطور الامريكي .
ما نشر على لسان الملك عبد الله : كتبه من ؟من نقله ؟وهل قال الملك ذلك حرفيا ام لا ؟ هل يوجد شريط تسجيل لحديث الملك يمكن الاستعانة به للتأكد مما قيل و نشر؟هل تم الاكتفاء بخبر التوجيه المعنوي عن الحديث الذي نفي من قبل المتحدث الرسمي للبيت الابيض الامريكي؟ما حدود حرية وكالة الانباء الاردنية في التعامل مع الاخبار الواردة عن الملك ؟هل هنالك تنسيق بين الاعلام في الديوان الملكي و التوجيه المعنوي ووكالة الانباء و الصحف المحلية ام ان العلاقة فقط بروتوكليه مبنية على الصداقة و الاحترام فقط دون اسس مهنية مكتوبة مسبقا ؟هل يوجد وصف وظيفي لكل عامل في الاعلام الملكي تحديدا و الاعلام عموما؟لماذا لم يكن هنالك مندوبا من الصحف اليومية وقت الخطاب الملكي؟هل مندوب وكالة الانباء نقل الخبر قريبا من الدقة ام الدقة المكتملة، اذا كان هنالك مندوبا مدنيا فعليا في الموقع ؟من صاحب القرار الاخير بنشر المعلومة عن حديث الملك و صياغتها ؟
يبرز سؤال هنا :من الذي يدير الاعلام و يوجهه و يمثله ؟وزير الخارجية حسب كتاب التكليف السامي الذي بين يدي حكومة ابو الراغب و الذي يقول ان " الناطق الرسمي بأسم الحكومة هو وزير الخارجية " و بالتالي فأن نفي او تأكيد ما ورد فيما نسب الي الملك و تصدر الصفحات الاولى من الجرائد الاردنية بأن امريكا لن تضرب العراق هو مسؤولية وزير الخارجية .
هل فعلا وزير الخارجية وبعلمه اناب مسؤولا عاما او موظفا كبيرا في سفارة بالخارج للنفي؟ ام ان وزراة الاعلام هي المسئولة عن هذا التضارب و تلك البلبلة التى حدثت ؟
هل كل ما يرد من وكالة الانباء مصدق و صحيح ومنزل ام انه بحاجة الى مراجعة و تأكيد؟ ثم هل صحيح ما قالته احد الصحف اليومية من ان الخبر ليس من وكالة الانباء وانما اتى من خلال التوجيه المعنوى، اي الجيش ، كون الملك قد خاطب اخوانه من الضباط في لقاء فنقل عنه او حرف ما قيل ؟
هل فعلا قال الملك ذلك ام لا ؟ وهذا السؤال الاهم ، اذ كيف يمكن لنا ا ن نعرف فعلا ان هذا ما قيل حرفيا ؟
حق المواطن في المعلومة هو حقا مقدسا ،فمن يعطيه المعلومة الصحيحة ؟
ولنفرض ان بوش قال فعلا ذلك للملك ، كيف يمكن التعامل مع النفي الامريكي ؟ مسؤولية من التعامل مع الاعلام الخارجي؟مع الصحافة الدولية ؟
هل تم الرجوع للملك واخذ رأيه فيما حدث؟هل اجريت لقاءات صحفية مع الملك للرد على هذا النفي ؟
من المفترض ان يتم ذلك لان هذا هو العمل الصحفي وتلك هي المهنية .
لماذا يستند الى تصريح عمرو موسى امين عام جامعة الدول العربية في ان التأكيدات الامريكية بعدم ضرب العراق ذكرت لاكثر من رئيس عربي ؟السؤال الاهم: هل التقى اي رئيس عربي ببو ش سرا غير علانية اللقاء مع الملك؟ فلماذا هذة التصريحات المصرية ؟هل يفيد التصريح المصري ام لا ؟ ام انه يؤخذ على انه تصريح من امين عام جامعة الدول العربية مؤكدا كذب الادارة الامريكية في نفيها للحدث ؟
البعض في الاعلام يقول ان هناك وعودا للسعودية ولمصر بهذا ولكن في الحقيقة لم تكتب اي من الصحف العربية او العالمية عن ذلك. القضية اساسا مهنية بحته قبل ان تكون سياسية و لكن الذي جعلها محورا هاما في العالم ان التصريح كان على لسان ملك و النفي كان على لسان وزير خارجية امريكا و المتحدث في البيت الابيض و المسؤول الاردني. هذا الارتباك الاعلامي الاردني جعل محور التعامل مع الحدث مثارا رحبا للحديث حول رواية من الصادقة ؟ وهنا مكمن الخطورة التى جر لها العالم في غياب الاستراتيجية الاعلامية والخوف المستمر من اللاشيء . خوف الوهم من خط احمر ومقص رقيب واستدعاء !!!.
الاعلام وسيله متميزة لمن يتقنها و الة تدمير لمن يجهل التعالم معها .
الاعلام في الاردن ، سبق وان تحدثنا عنه انه بلا ربان وبلا استرايتيجية ،والا بماذا يفسر التناقض في نقل كلام حاكم و ليس كلام فرد عادي.
الا يستطيع احد ان ينقل الكلام صحيحا عن الملك دون تحريف؟ والاهم هل فعلا قال بوش للملك ذلك ثم تراجع بوش لظرف او اخر ؟
الكذب في السياسة الامريكية عادة متوارثة او لنقل التلاعب في الاعلام و لكن ما يجعل المواطن يفتح فمه مندهشا هو مانشيتات الصحافة الاردنية التى اظهرت الوعد بعدم الضرب في نفس الوقت الذي يصرح مسؤول اردني بعكس ذلك و يؤكد نفي المعلومة من اصلها !!!! هذا الارتباك و التباين في الموقف الاعلامي و الذي كان على صفحات الجرائد العالمية ومثار الجدل على الانترنت والصحافة الالكترونية يفتح بابا حول مصداقية الاعلام الاردني المستقبلية ؟وكيفية التعامل مع المواقف الملكية و الاحاديث للجمهور العالمي تخاطبا و نقلا للوقائع. نفي الحديث الذي ورد على لسان الملك لم يكن فقط في نيويورك تايمز او الهيرالد تريبيون او ليفيجارو الفرنسية او الليموند الالمانية وغيرهم من العالميات ولكن ايضا تصدر صحف الاهرام المصرية و البيان الاماراتية والايام البحرينية و الجزيرة السعودية و محطة الجزيرة و المستقبل و نشرات الاخبار في كل محطات التلفزة في وقت التزم الاعلام الاردني الصمت التام .
لم يعد الحديث بين شخص عادي و اخر خبرا في صحيفة ثم يموت مع انتهاء النهار بل اصبح اي حديث مثار جدل و محاورة عالمية في وجود التقنية و الحالة المعرفية عبر السماوات المفتوحة و الالكترونيات المرسلة على هواتف محمولة تنقل الخبر لحظة الحدوث للمتلقى في اي بقعة كان عليها سواء طائرة او سيارة او نزهة خلوية او في الصحراء القاحلة لاريزونا الامريكية او الربع الخالي .
فكيف بالله يحدث هذا من قبل الصحافة المحلية مع الحاكم الملك دون ان يكون هنالك ادنى تعامل مهني مع الحدث فتكون النتيجة نفي ما ورد على لسان الملك في دول العالم وصحافتها .
بالله مسؤولية من من جهابذة الاعلام هذا الخطاء الذي يضع علامات الاستفهام على الالة الاعلامية برمتها وكيف تدار ؟
هل هنالك فراغا اعلاميا في الاردن؟هل هنالك نقصا في الفكر السياسي الاعلامي ؟هل هنالك نقصا في الية التعامل مع الملك؟هل القصر بحاجة الى اعادة النظر في اعلام ديوانه وأعادة تأهيله من جديد ؟لسنا هنا ضد احد او مع احد ضد الاخر و لكن مع اعادة التأهيل والتنظيم المهني للتعامل الاعلامي الذي يرتقي لمسؤلية الحدث و اهمية المتحدث .
كل هذا يجب ان يبحث دون خوف و دون خجل لان العالم لم يعد قرية صغيرة وانما اصبح شاشة صغيرة تنتقل من جيب الي جيب ، مرة بصورة هاتف متنقل ومرة تلفزيون واخرى جهاز حاسوب. كلها ادوات نقل المعلومات في ثوان في الوقت الذي يعتقد بعض ممن في الاعلام ان التغطية بالسكوت على الحدث بدون الاشارة اليه مهمة ؟وان عدم الاشارة الى النفي سيجعل الناس لا تعلم ؟
مصيبة فعلا لو ان هذا الفكر متواجد بين كثرة من مسؤولي الاعلام .
ولكن هل كل العالم سيسكت ايضا و لن ينقل الحدث سواء نفيا او تأكيدا تضامنا مع الاعلام الاردني، بالطبع لا؟
يليت يقراء الاعلاميون في الاردن الكتاب لجديد الصادر في امريكا في شهر يناير عام2001 عن ثقافة الاعلام والانترنت في عصر التقنية ليتر ميبل و تموثي دراكري و كتاب لغة الاعلام الجديدة للمؤلف ليف مانوفيتش و كتاب "فهم الاعلام" الذي يدرس في الجامعات الامريكة و له طبعة منقحة تصدر سنويا منذ التسينيات حتى يومنا هذا.
اه لو يعلمون فقط كيف يدار الاعلام اليوم ، اه لو يقرأون فقط و يتابعون !!
مصيبة اذ كيف تخرج الصحف بمانشيتات كبيرة و على صفحاتها الاولى بخبر مثل هذا ويقوم كتاب الجريدة بنشر مقالات بحث و تحليل و تأييد بناءا على تعليمات رئيس التحرير او مسؤل لما قيل و ذكر في نفس يوم الخبر ، ثم يأتي النفي من السفارة الاردنية في امريكا او مسؤولا اردنيا رفيع المستوى.
في زمن الحريات و الانفتاح قد يقال رئيس التحرير او وزير الاعلام او على الاقل يفتح تحقيقا حول التهاون الاعلامي وينشر على الملاء .
ولكن الاردن الوطن دائما الضحية و الفرد هو المستفيد دون مسائلة ضمن مادة حماية المسؤول وان كان على خطاء.
هل بالاصل يقدر اي شخص ان ينفي او يؤكد كلام ملك وحاكم دون الحصول على اذن من جهة ما ؟ ترى ما هي تلك الجهة ؟ وما هي مؤهلاتها و قدراتها وكيف تتقاطع مع الاعلام او وزراة الخارجية ؟
يجب الا نستهين بما حدث والا نتجاوزه باعتباره خطاء ونكتفي بذلك.
ليس مطلوبا قص اعناق او قتل ابرياء ولكن مطلوب رفع كفاءات و تمهيد قيام اعلام عصري يخدم الوطن .
.
على الاردن ان يتعلم مما حدث وان يبحث في امور الاعلام و الاستراتيجية والمصداقية.
كيف للقاريء العادي ان يحدد مصداقية الاعلام وصحة ما تبثه وكالة الانباء اوالصحافة المحلية فيما بعد وماينشر؟ اليس ما جرى يشكل شرخا في جدار الاعلام و الخارجية معا.؟
هل نعود الى مقولة اذا اردت ان تعرف ما يحدث في الاردن عليك ان تفتح صوت مونت كارلو او تستمع الى محطة البي.بي.سي.البريطانية.
اليوم الفضائيات تنقل الخبر بأسرع من الصوت ، و الانترنت في ثانية تخاطب الملايين و الرسائل الالكترونية الاخبارية تصل في اللحظة ذاتها فهل الحل الاختباء كالنعامة و دفن الرأس الاعلامية في التراب ؟
لا تقتلوا الاعلام ففيه قتل للوطن ، ما حدث من ارتباك في التعامل الاعلامي هو شروع في القتل.