صفحة المعلومات للعرب في المانيا
Redaktion & Gestaltung: A.M@nsour

 

احذية و مسؤوليين
بقلم / د . عبد الفتاح طوقان

صورة لحذاء الدكتور عبد الفتاح طوقان ننشرها بناء على طلب منه شخصياً

اشتريت حذائي من مدينة رام الله , من دكان لبيع الاحذية المستوردة .
تغلبت في اختيار الحذاء من كثرة الانواع المعروضة و الموديلات المتميزة.كان هنالك اكثر من لون و لكنني ارتأيت ان اختار اللون البني .
و دفعت ثمنا له خمسون دولارا بالتمام و الكمال , بالمناسبة فأنني اشترى حذاءا واحدا كل عام .
الحذاء يتكون من فردتين و لون كل منهما بنيا .
و مع كل فردة كان هنالك رباط لحذاء و به اربعة فتحات يتم من خلالها تدكيك الرباط .
النعل (عفوا) امريكاني والجلد ايطالي ومريح للغاية ,ورقم نمرة الحذاء 42 .
تسلمت الحذاء في علية من الكرتون الاخضر راقية الصنع و المنظر و ربما هي كانت سبب شراء الحذاء لالوانها و اناقتها و تصميمها الجيد .
حذاء يلبس في الرجل اليمنى و الاخر في الرجل اليسرى و لا يمكن تبديل فردة محل الاخرى .
اي انه متماثل مع كل الاحذية في الدنيا .
ارتبط مع الحذاء في رحلات مختلفة و كنت دائم الاهتمام به.
فلم اسمح لاحد ان ينظفه غيري و اشتريت له دهان خاص للتلميع و حرصت ان يكون نظيفا لامعا ليدل على ان صاحبه(العبد لله) لا يحمل غبرة الايام .
كنت اضعه داخل المسجد عندما اذهب للصلاة يوم الجمعة و احرص على ان يكون امام عيني حتى لا يضيع مثلما ضاعت احذية غيري او سرقت و كنت احافظ على ان لا يدوسه احد اثناء الخروج المتدافع من الصلاة .
حملني الحذا الى العديد من الاماكن و سافر معي الى بلدان عدة فكان نعم الرفيق و الصديق الذي لا يشكي طول الطريق او قذارة المكان مع العلم انني حاولت قدر المستطاع ان ابحث له عن افضل الطرق و انظفها .
دخل معي الحذاء الى مكتب الوزير و المحافظ وحضر معي اجتماعات لجنة تقنية المعلومات التى ارأسها في نقابة المهندسيين و ايضا اجتماعات جمعية مهندسي الطرق و جمعية مهندسي الخرسانة و تنقل معي في تأدية واجب العزاء و في الافراح و لم ينطق بحرفا او شكوى.
دخلت افلام عدة و منها بيرل هاربر في جاليريا عبدون و احتمل الحذاء ثلاث ساعات من الدعاية الامريكية من خلال قصة حب و لم ينبت بكلمة .
ورغم انني لبست الحذاء مع بدلات من الحرير و مع بنطلون الجينز فلم يكن منه الا حسن الطاعه ونعم الاداء فلم يعترض على نوع الملابس اوموقع المكان الذي يرتاده معي , و لم يرتعب يوما من شهادة حق او تحقيق .
بادلت حذائي الاحترام فلم ارفعه في وجه احد و لم ادخل به الحمامات العمومية القذرة و لم امرمغه في التراب و كنت حريصا كل الحرص ان يكون في مقدار عالي لقناعتي بأن الحذاء طريق النجاح.
نعم فقد تذكرت قصة عمي لأبي و هو العلامة قدري طوقان مؤسس النجاح و الكاتب و صاحب القلم الجريء الذي استدعته الجهات الامنية في الاردن منذ اربعين عاما تقريبا(وقت لم تكن الحرية متوافرة والعرفية هي السائدة) وطلبت منه الا ينشر مقالا محددا عن موضوع معين فما كان منه الا ان رضخ وفكر جليا بالامر ثم نشر على الصفحة الاولى صورة حذائه عوضا عن المقال .
سجن قدري طوقان على فعلته تلك ثم خرج بعدها من السجن الى مبنى وزارة الخارجية ليكون وزير خارجية الاردن .
هذه قصة الحذاء الذي اوصل صاحبه الى مرتبة وزير الخارجية ، اما حذاء الزعيم الروسي فقد وضعه على منضدة الامم المتحدة و بقية القصة معروفة لديكم .
احد الوزراء السابقين في فندق الانتركنتينتال في عمان اثناء حملة انتخابات عن الدائرة الثالثة اجاب على سؤال : هل ستمنح الثقه لحكومة فلان اذا اصبحت نائبا؟فأجاب و قد انتعل حذائه امام الجمع قائلا:بحذائي !!
محمد الدباس هو الذي قال ذلك علنا امام مئات من الحضور و كنت اجلس بجانبه و حذائي في رجلي بكل احترام .
و عندما سئلته لماذا فعلت ذلك يا ابو رامي بعد المحاضرة: اجابني فكرت بعدها انه حتى لا يستحق الحذاء .
بالمناسبة حذائي نصفه الاسفل امريكاني و لا اسعى لمنصب وزير الخارجية بل ادعو الله ان ينجني في انتخابات مجلس النواب .


د . عبد الفتاح طوقان