صفحة المعلومات للعرب في المانيا
Redaktion & Gestaltung: A.M@nsour

البعبع يهاب البعبع
بقلم /ريا أحمد ـ اليمن

" قد يذهب الحق في سبات عميق ، ولكنه لا يموت البتة "
الإمضاء /مواطنة عربية
ما لم يكن في الحسبان حدث مؤخراً في أسطورة خلقناها بخوفنا وعجزنا ،وقدسناها بمباركة سذاجتنا وتخاذلنا ،وسجدنا لها بإخلاص طمعاً في السلام أو الاستسلام إن جاز القول .
ما يهز أسطورة أنت خالقها أن تٌوجه لها صفعة قوية من يد جبارة ،وليس أعظم من جبروت الحق لأنه يستمد قوته وجبروته من قوة الخالق عز وجل وهو شديد العقاب .
ما تعرضت له الولايات المتحدة مؤخراً من أحداث أثارت ذهول العالم عبارة عن تذكير بأن الأيام دول يوم لك ويوم عليك ولو دامت لغيرك لما وصلت إليك .
الولايات المتحدة التي فقدت زمام الأمور فجأة أمام سلسلة من الهجمات الانتحارية اعتبرت ذلك بمثابة إعلان حربا عليها .ممن ؟ من العرب (العبيد المخلصين) التي طالما أعطت الضوء الأخضر لإبادتهم بطرق حقيرة على يد فتاتها المدللة(إسرائيل) ..جن جنون (ماما أمريكا) فهل يعقل أن يتمرد العبيد على سادتهم ؟
الولايات المتحدة ذلك البعبع الذي خلقناه ليرعبنا لن يهاب أو يهتاب إلا من بعبع اكثر منها شراسة ورهبة (الإرهاب) ذلك الفعل الذي طالما استنكرناه وأدناه عندما مارسه أشبال فلسطين ضد العنصرية الصهيونية ومن أجل الأرض ..فهل يلتهم البعبع بعبعاً من صنع أيدينا.
أن من أدانوا العمليات الانتحارية المذهلة التي حدثت مؤخرا بالولايات المتحدة نسوا أو تناسوا الإرهاب الذي يمارس على الشعب الفلسطيني الأعزل .
نسوا الدرة ،وتناسوا الطفلة إيمان حجو وغيرهما الكثير الكثير ..وكأن أطفال وشيوخ ونساء فلسطين ليسوا بشرا عندما نشاهدهم يقتلون بأبشع الطرق على شاشات التلفزيون وتظل دماؤنا باردة ،ويظل إعلامنا العربي ينقل الخبر كأي خبر ..بينما ما حدث على الأسطورة لا بد وأن ينقل بشكل مختلف ،فهو مثير للاهتمام وكيف لا وقد مد الحق كفة ليضعها بقوة على خد آلهة مصنوعة من أوهامنا ،آلهة جعلناها تاجا فوق رؤوسنا .
أن من عبروا عن فرحتهم بما حدث ليسوا مجردين من الإنسانية البتة بيد أن الحق متى نهض من رقدته يسلب منا الأفراح ويبعث في أرواحنا النشوة .فلسنا فرحين بسقوط آلاف الضحايا الأبرياء ولكن لا بد من الضحايا فسكان فلسطين لا زالوا يواجهون التعنت الصهيوني كضحايا أرض ووطن ،وسكان هيروشيما ونازكي ذهبوا ضحايا وليس لهم ذنب وهم إلى الآن يعانون من تصنيفهم كضحايا حرب بين متخذي القرار القابعين على كراسيهم في أمان .
لسنا مجردين من الإنسانية فقد بكينا على الأب والأخ والزوج والابن ولطالما أدمت مآقينا لفقداننا أطفال لا هَم لهم سوى اللعب وليس لهم ذنب كي تغتال ضحكاتهم البريئة سوى أنهم أبناء وطن عنيد لم يستسلم لقوة السلاح ولا لاستسلام الأشقاء .
بكينا كثيرا وهجر الفرح قلوبنا لذا فنحن اكثر من يقدر حال من فقد ذويه في هذه السلسلة الانتحارية المروعة .
فيما كان العالم بأسره فاغرا فاه إزاء ما حدث إلا أن الصهاينة لم يوقفوا سلسلة اعتدائهم على الفلسطينيين فاحتلوا قرية جنيين عير مكترثين بما يحدث بل أنهم وجدوا في ذلك فرصة ملائمة لممارسة اكثر حقارة ودناءة من ذي قبل حيث الرأي العام العالمي مهتم بالمصاب الجلل لأسطورتنا المزيفة ذلك في حين كان الحكام العرب يصيغون برقيات التعازي ، ويتأهبون للإدلاء بتصريحاتهم المٌدينة للإرهاب ويعلنون وقوفهم إلى جانب "بوش" في حرب أعلنها على العرب والمسلمين أولاً بصفتهم إرهابيين .
أن الكارثة ليست في تمجيد الحكام العرب للأسطورة التي تجسدها أمريكا وإنما في الخوف المسيطر على المواطن العربي من هذه الأسطورة ومن دمٌاها التي تحكم 22 عضو عربي .هذا ما أكده لي البعض عبر رسائل إلكترونية تطالب بعدم الكتابة أو التطرق إلى ما حدث مؤخرا بالولايات المتحدة الأمريكية ،بل وطالب بحذف عنوانه من قائمة بريدية طالما تناقشنا عبرها في مواضيع عدة . أكثر ما أثار استغرابي و أدهشني أن الأخوة الذين طالبوا بحذف عناوينهم من القائمة هم ممن فقدوا عائلاتهم عندما منحت أمريكا الضوء الأخضر لإسرائيل لقتل الطفل والمرأة والشيخ دون أدنى ذنب . هو الخوف عشش في قلوبنا ومن يملكه الخوف لا يكون إلا عبداً للآخرين .
والله أننا ضد الإرهاب لسنا إرهابيين البتة فها نحن نشعر بالأسى على الضحايا الأبرياء في (ماما) أمريكا تماما كما شعروا بالأسى والألم على ضحايانا في فلسطين المحتلة وبكينا كثيرا بقدر ما ذرفوا الدموع على الدرة وإيمان حجو وغيرهما ،نحن ضد الإرهاب بدليل أننا أعلنا الحرب ضد أنفسنا فقط ليسقط الحق ويعود إلى سباته العميق . قسماً أننا ندين الإرهاب ضد أمريكا بدليل أننا لم ندين الهجوم الذي تعرض له جامع ومدرسة للمسلمين في أمريكا . نعم نحن ضد الإرهاب إلا فيما يقع علينا فنحن لا ندين ولا نستنكر حسبنا أن نشجب والشجب تسامح وهذه من أهم ما يتسم به العرب .

=============
المواطنة :ريـّا أحمـد
ذات زمنٍ مخجل