متى تزول الغشاوة
م. يوسف قاسم

5/3/2002

دلائل وأمثال وأحداث كثيرة ، اصبحت تمر أمام ناظرينا جميعا ، مرور السحاب دون أن نعيرها أدنى اهتمام أو مجرد الاستفسار، وسؤال هذه النفس " المريضة " ... لماذا ؟ .

لقد شنت دولة الظلم والتجبر ، تلك الدولة الامريكية ، والتي تدعي بالحرية وحقوق الانسان ، وبمعاونة الببغاء البريطاني - عدوها القديم ومستعمرها ومستعبد أهلها سابقا ، وحليفها وجروها الآن - حرباً ضروساً - كما يدعون ، والحقيقة أنها حرباً جبانة من شعب أشد جبناً ، ضد أبرياء لا ذنب لهم في أفغانستان ، وتحت حجة واهية لا يمكنهم أن يقنعونا بها ألا وهي " الارهاب ".

لقد كان من الجبن أنهم لم يقاتلوا في الميدان حرب رجال. ولو أنهم فعلوا ذلك ما نجا منهم عقلة اصبع . ولكنهم أخذوا يدكون دون تمييز أو تقدير تلك المجتمعات الآمنة بشتى أنواع الاسلحة ، ووفروا الطريق الآمن لحكومة يمتلك معظم أعضائها جنسيات أمريكية ، وبالتالي سوف يحققون لآمريكا وبريطانيا مبتغاهما ، وأطماعهما .

لم تتعظ أمريكا من قبل ، ولم تتوان بالقاء القنبلة الذرية الثانية على اليابان ، رغم ما شاهدوه وعرفوه عما نتج عن القنبلة الاولى من قتل لعشرات الالوف وتشويه مئات الالوف .أي رحمة تلك وأين هي هذه العدالة التي يتحدثون عنها ؟ اليس ما فعلوه ويفعلونه الآن هو الإرهاب بعينه ؟؟

وها هم يتلاعبون في شعب فلسطين المناضل ، يقتلون أبناءه ويشردوه - وإن كان في الاصل مشرداً ولاجئاً في وطنه . ها هم يطلقون لكيان صهيون العنان لتفعل ما تفعل ، وهم يدعمون ذلك ، ويصورون للعالم اجمع - ومنهم نحن العرب والمسلمون - أن هذا الشعب الفلسطيني هو شعب إرهابي ، يجب أن يباد عن بكرة أبيه ليخلصوا البشرية من شروره ، إفساده الحياة العالمية الآمنة .

يرسلون لنا شخصيات متعددة حتى أننا أصبحنا عاجزين عن حفظ أسمائهم لكثرتهم ، يحمل كل عميل منهم مبادىء وأسس تضعها لكيان صهيون وأمريكا وكل من يعاونهم ، يتظاهرون من خلالها رغبتهم الجامحة والملحة لحل قضية الشرق الاوسط الأبرز. والغريب في الامر أن كل هؤلاء العملاء عندما يدلون بتصاريحهم على منصة الملك داود ، لا يتوانون عن تحميل الفلسطينيين مسؤولية كل ما يجري ! يطلبون من عرفات أن يوقف كل تلك المقاومات وزج أبناء جنسه وشركائه في القضية في سجون هي أكثر ما تكون عرضة للقصف لاحقاً ، وهو قابع لا حول له ولا قوة في سجن أشد ذلاً ، ولا حياة لمن تنادي !؟

ها هو القاتل ، والسفاح الكبير شارون ، يفتك بالعشرات من أبنائنا وآبائنا وأمهاتنا واخواتنا وأمام أعيينا . وها هو لا يكتفي بكل ما فعله ويفعله ، بل يعتبر أن هذه حرب كبيرة وخطيرة يواجه فيها عدواً قاسٍ متعطش للدماء ، لعله بذلك يكسب رضى وتأييد الكثيرين من أبناء دينه ومبادئة ان يرأف بحاله ويمنحه فرصة أطول ليخقق لهم السلام المنشود بعدما يتخلص من آخر " ارهابي " فلسطيني .

أما إذا اردنا سرد كل هذه الأمور التي تقوم بها أمريكا ولكيان صهيون ....الخ من أمثالهم فلن يكون هناك متسع لسرده . أما القضية التي تستحق الاهتما م بها هي وبلا شك الغشاوة التي تعمي أعيينا نحن كأمة عربية وإسلامية ؟! أين نحن من كل تلك الأحداث ؟! أين مواقفنا من كل ما يجري ؟! إننا حتى لم نعد نملك أن نشجب أو نستنكر ما تقوم به أمريكا ، مع أننا كنا نستهزىء بهذه الكلمات في السابق ، لاننا كنا نعلم أنها مجرد تصريحات باهتة وبالية لا تضر ولا تنفع ، ومع ذلك كانت تتطلب أخذ التصريح المسبق للإدلاء بها ؟!

أين تلك الاستنكارات ، لم نعد نسمعها ، لقد اشتقنا لها . أم يسودنا الآن الخوف أن نقولها فتحسبنا أمريكا في صف أعدائها ، وهو احد الخيارين الذين أطلقهما سيادة عميد العالم ، الحاكم المطلق للعالم بوش .

لسنا أمة ضعيفة ، ولا نحن نكرة ، لا حول لنا ولا قوة. إننا قوة ضاربة ، يمكنها أن تكون ذات موقف ، تعيد لنا كرامتنا وحقوقنا المسلوبة. يمكننا أن نفعل الكثير الكثير ، ولكن لابد وأن نعي أن كل ما ذكرت سيكون هباءً ، مالم نتفق على رأي واحد ، وهدف واحد . لا يجمعنا على كل هذا إلا إذا تركنا نزعاتنا الانانية ، وحبنا الشديد للتملك والسيطرة ، وتوريث أبناءنا ما كنا عليه من تلك العادات والنزعات الفاسدة ، دون مراعاة الآخرين ومتطلباتهم. نحن في أمس الحاجة أن نحب الآخرين كما نحب أنفسنا على أقل تقدير.

أما إذا جمعنا كل تلك الصفات الحسنة ، فإن مردّنا سيكون نحو الدين ، وأخص الاسلامي بالذات. فلو كنا نحن وأولياء أمرنا نملك ذرة من إيمان ، ما كان حالنا بهذا الحال. فلننظر ماذا أهدى لنا الاسلام في سابق عهدنا من عز ، وفخر ، ورفعة .

من كان يؤمن بالله فإنه يعلم تمام العلم أن لا سلام مع اليهود الصهاينة. وأنهم جنس تربى على الغدر ، والخيانة ، وقتل الأنبياء، ونكران الجميل ، وغيرها .

ونعلم أنهم سيواصلون تجميع أنفسهم في ارض فلسطين ، وبالتالي لن يرضوا بوجود فلسطيني واحد . فكيف سيقبلون بالسلام المنشود هذا.

فلنفق من غفلتنا هذه ، ولنزيح الغشاوة عن عيوننا ، ولنسعى نحو العزة والكرامة.