صفحة المعلومات للعرب في المانيا
Redaktion & Gestaltung: A.M@nsour

ثروة ام ثورة عبد الهادي المجالي
بقلم : د . عبد الفتاح طوقان

الفريق المتقاعد المهندس المجالى عبد الهادي محاضر من الطراز الاول ومثير للجدل وقادر على الاختراق والوصول والتحدي.
بدء حديثه بأنه لا يرغب في التحدث السياسي ولكنه يطرح محاور عدة من ضمنها التعليم والاستثمار والبطالة والفساد وعجز الفكر التسويقي وغياب الرؤية المستقبلية للتمويل الامن لمشاريع تدر دخلا عاليا وطرح حلولا من ضمنها استغلال غور الاردن والمنطقة الاقتصادية الشاملة كل الاردن.
اغلقت عيني للحظة فاستمعت الى اراء ليث شبيلات المعارض ولكن في اطار من العقلانية والتروي ومحاولة التغيير من خلال حرية التعبير والمشاركة السياسية لا من خلال المظاهرات والاعتصامات وتحدي السلطات وفي لحظات اخرى لم يختلف عن صوت عبد الناصر الناصح للامة او مفكر اوروبي عتيد يسعى للحضارة وتكريسها في بقعة غالية من الوطن .
محاضرته كانت في ديوان الخطاطبة في كفرنجة/عجلون شمال الاردن ودعاني اليها المهندس سامي الرشيد وسط حضور ثلاثمائة تقريبا من ابناء الشمال وحضور وزراء ونواب واعضاء من المجلس الوطنى الاستشاري وقادة سابقون للجيش وضباط متقاعدون من الاستخبارات وجمع من ابناء عجلون الكرام.
بعد تناول الغذاء تحدث رئيس مجلس النواب الاردني المهندس عبد الهادي المجالي الذي كان سفيرا للاردن في واشنطن ورئيسا لهيئة الاركان في الجيش ومديرا للامن العام ووزيرا للاشغال العامة.
في كل من المناصب تلك كان الرجل مطورا ومحدثا وما ان غادر المنصب حتى عادت الامور الى ما كانت عليه . اي ان التقدم والتطور ارتبط بوجوده وبرحيله.
قال المجالي ان مديونية الاردن المدنية ثمانية مليارات وجزءا منها ذهب الى جيوب فاسدين مثل كل دول العالم ولكن ايضا جزءا من المديونية اتى لغياب الفكر السياسي والتخطيط المالي وعدم خبرة العسكريون بالامور السياسية او عدم قدرتهم على الاعتراض.
في رأيه ان الدول العربية كانت وعدت الاردن باثني عشر مليارا ولم يأت منها الا اقل من الثلث في الوقت الذي بدء الجيش والحكومة في الاقتراض وانشاء مشاريع اكبر من حجم الاردن بناء على الوعد العربي بالدفع والنتيجة لم يأت الدعم العربي وازدادت فوائد القروض وتراكمت المديونية في غياب فكر سياسي حقيقي قادر على الانقاذ .
وذكر ان دولا عربية كانت قد وافقت على ذلك الدعم واقرته في جامعة الدول العربية ولكنها بعضها لم يدفع دولارا واحدا حتى الان .
المحور الثاني ان الارقام التى تدعيها الحكومة عن البطالة وعن العمالة الوافدة غير صحيحة ومتضاربة واعطى رقما للعمالة الوافدة في حدود ستمائة الف يسحبون من السوق الاردني سنويا اثنا عشر مليونا من الدولارات على الاقل غير المياه والاكل والشراب.
وانه يجب ان يعاد النظر في نظام خدمة العلم الاجبارية ليستفاد من الطاقات العسكرية كبديل للعمالة الوافدة.
اما المحور الثالث فكان عن التدخل السياسي في القرار الاقتصادي من قبل اصحاب رؤوس الاموال وضرب مثلا على مصانع الحديد والاتفاق فيما بينهم على الاسعار وضغوطهم في السوق المحلي مؤكدا انه ليس من المعقول ان يستمر الاردن في بناء صناعة وهمية في ظل العولمة فالاردن ليس المانيا او بريطانيا ليصنع الحديد دون ان تكون له مواد خام .
سعر الطن على سبيل المثال من روسيا ثلاثمائة دولار في الوقت الذي يباع فيه الطن من المصانع الاردنية بخمسائه دولار .
واضاف ومع ذلك يقال ان صناعة الحديد لخدمة وتشغيل ابناء الوطن في الوقت الذي لا يزيد حجم العاملين في احدى عشر مصنعا عن مائتي عامل .
وماا لحديد الا مثلا واحدا لاكثر من صناعة تجميعية وتحويلية تكلف الدولة وتستنزف المقدرات .
وطالب الحكومة ان تعيد النظر في الصناعة مؤكدا ان الخلاص للمديونية هو في الزراعة والاستثمار ومشاريع وادي غور الاردن الذي يمكن ان يحقق دخلا بالمليارات وهو السبيل الاوحد لانهاء المديونية دون الاعتماد على الغير.
المحور الرابع كان عن التلوث في مياه الاردن وانها اصبحت مشكلة للمزارعين قبل المواطنيين ، وان التلوث اثر في الصادرات ويجب ان تبادر الحكومة الى الاعلان الرسمي ومواجهة تلك المشكلة قبل الحديث عن مشاريع زراعية مستقبلية .
فاجاء المجالي الحضور بأن للاردن استثمارات في السودان عبارة عن نصف مليون دونم في السودان ، ولم يسعف الحضور الوقت لمعرفة لمن الارض وهل هي مستأجرة ام مملوكة ولمن وبأسم الحكومة ام اشخاص ؟
نظام التعليم ايضا ناله حظا وافرا من الانتقاد خصوصا التوجيهي وطريقة الدخول للجامعات وطالب ان ترفع الحكومة يدها عن التعليم وان يكون هنالك دعما للطلاب النابهيين المتميزين .
اما اسئلة الحضور فكانت تدور حول ماذا فعل المجالي الذي كان طوال حياته ومنذ بدء انشاء الدولة تقريبا في السلطة ؟ ولماذا لا يستثمر هو في جامعة في عجلون وهو من اصحاب الملايين والثروة ؟ وماذا سيفعل لو اصبح رئيسا للوزراء وهو المرتقب والمتوقع؟ ولماذا لا تعلن الدولة عن مشاكل التلوث والفساد ؟ اين ذهبت اموال الخصخصة التى من المفترض ان تسد اجزاء من المديونية وجيوب من دخلت؟ماذا يفعل الوزراء وما هو الحل ؟ ومن المداخلات ان 85% من ابناء المنطقة افرادا وعسكر في الجيش نصفهم يعودون الى بلدنهم وهم بلا مأوى او غرفة تحميهم ؟ وان التلوث اصاب المياه والينابيع ولم تتدخل الحكومة للحل ؟ وتسائل الجمع عن النواب وان الوزراء هم فقط وقت المناسف والاكل وحضور الملك اما الفعل فغائب ولادور لهم في انقاذ اجمل المدن الاردنية وافقرها .
كان الرد الذكي من المهندس عبد الهادي المجالي هو ان الجمال الرباني قد غطى على الفقر .
في معرض اجابته قال انه ليس مليونيرا وانه مستور والحمد لله ، وان صيت الغنى افضل من صيت الفقر.
وقال ان الوزراء ليسوا اصحاب قرار وان صاحب القرار الاول والاخير هو رئيس الحكومة في العادة.
اما ما قيل عن ماذا سيفعل لو اصبح رئيسا للوزراء فكانت اجابته دعونا لا نستبق الحدث ولكل وقت ظرفه .
محاضرة المجالي هي تعبير حقيقي لما يدور في نفس المواطن البسيط وكانت منطلقا واضحا لقضايا مصيرية تواجه الوطن ولكن الاعلام غائب عن الحدث ولا يجروء ان يناقش الفساد او التلوث او كيف يؤخذ القرار في مجلس الوزراء و حسب قانون الصحافة فممنوع التحدث عن الجيش او اخطائه او حتى الاشارة اليه كما اشار الفريق المجالي وموضوع الصناعة وتحديدا الحديد التى يتملكها روؤساء وزراء ووزراء من المحظور الحديث عنها ، واراضي السودان قطع الاعناق فيها اسهل من قطع الارزاق.
ترى ما هي رسالة المجالي الذي وصفه احد الحضور بأنه رجل الدولة في الوقت الذي رأيته صوتا معبرا عن قضايا الوطن ، غاص فيها بمبعض الجراح وتناولها بفرجار المهندس وحللها بعقلية القائد الاستراتيجي في معركة تدور رحاها داخل كل بيت وحدود كل بلدية .
التعليق الاقسى كان ان المواطن يريد ان يستيقظ يوميا وفي جيبه مليون دولار في الوقت الذي يسعى الوزير يوميا لسرقة مائة مليون دولار.
كان الرد : نحن بحاجة الى ثورة فضحك الجمهور ثم عاد المجالي مصححا اللفظ الذي خرج بعفوية خطاء من فمه وقال نحن بحاجة الى اعادة توزيع عادل للثروة الوطنية والمحافظة عليها وتنميتها لنخرج من المديونية.
بين ثروة المجالي وثورته مساحات كبيرة كل منها يصلح مادة اعلامية ومنهجا فكريا قد يؤدي بصاحبه الى كرسي الوزراة او يحجز مقعدا مبكرا في سجن سواقه ، فالقانون يمنع الحديث في كثير مما اثير.
ابو سهل هو لقب المهندس عبد الهادي المجالي ولكنه حقيقة رقما صعبا في المعادلة السياسية الاردنية .
عصر المعلوماتيه اسقط العزلة الفكرية والحدود فمتى يسقط هذا القانون المقيد والمكبل للفكرللناقش محاور القاها رئيس مجلس النواب الاردني وليس معارضا يقبض من الخارج، انه قانون العصف والبتر لا قانون الصحافة والنشر.
متى نتعلم المدارس الفكرية ونحترمها ونقويها لا ان نتهم اصحابها ونحولهم الى محاكم امن الدولة ؟
المستقبل هو في الحوار وليس في الجوار.