صفحة المعلومات للعرب في المانيا
Redaktion & Gestaltung: A.M@nsour
التمييز العنصري
Ethnic Profiling

بقلم : محمد شريف كامل
لقد إختلف الكثيرون حول تعريف مقولات عديدة ولكنها تصب جميعا نحو "التمييز العنصرى"، والذى حقا ينطبق على كل ما تعيشه الإنسانية ونعيشه نحن المسلمون وذوى الأصول العربية، كل صباح ومساء وعبر زمن طويل، وظل العديدون يغالطون، ولكنها بالطبع كيف تكون غير المغالطة وهم أبوقة غير محايدة، ولقد أثبتت الأحداث الأخيرة أننا نعيش مجتمع مريض يحاول أن يتظاهر بالصحة وهوعنها بعيد، ومن المعلوم أن المريض النفسى ما لم يدرك مرضه لا يوجد أمل فى شفائه، ولا أستطيع هنا أن أحدد هل عدم الإدراك المحيط بنا ناجم عن جهل أم مغالطة...! و لكنه فى الحالتين سوف يؤدى إلى دوام المرض ودوام المعاناه، وينتقل المرض و ينتشر كالوباء ليصيب كل ما هو محيط بنا ويتشبع به الهواء ونتنفسه ليؤثرعلى وجداننا و يعيش فى داخلنا.
ولكن المصيبة الكبرى لما يسمى بالتمييز العنصرى هو تاثيره النفسى علينا وعلى الأجيال القادمة، فيبدأ تاثيره من التوتر العصبى ويصل للأ نفصام الكامل، وأعراضه نراها بأعيننا، وقد يؤدى إلى العزلة الإجتماعية و ما غير ذلك من الإكتئاب وغيره، لقد تذكرت ذلك كله الأسبوع الماضى من تجربة عمل شخصية رأيت أنه من المناسب نقلها لكم، فهى تعبر حقا عن مشكلتان متشابكتان:الأولى تعبر عن الأنسياق للشائعات والخوف، والثانية تعبرعن الخوف المطلق.
فعملى يتطلب السفر من وقت لأخر، وإن كنت منذ فترة ما لم أسافر بالطائرات ليس لأسباب لها علاقة بحادث 11 سبتمبر، ولأن ضرورة العمل تستدعى السفر بالطاترة، وجاءت النصيحة بعدم السفر بالطاترة من صديقان، أحدهما: غير عربى وغير مسلم و نصيحته مبنية على أساس الخوف من الطيران نتيجة ماأشيع عن خطورة إستخدام الطائرات تخوفا من عمل إنتقامى، وهذه النصيحة أنا أردها إلى الإنسياق الأعمى لكل ما يتردد ويشاع بلا أساس فهي تنبعث من الخوف والرعب المثار فى النفوس.
أما النصيحة الثانية فكانت من مسلم عربى وإلتقت نصيحتة مع النصيحة الأولى وعندما واجهته بالتعجب ورفضى لذلك الرأى على أساس أن هذا خوف لا مبررا له حيث أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، لم يعترض على ذلك الأساس ولكنه تناول الأمر من منظوران مختلفان تماما مبنيان على أساس التمييز العنصرى الذي نعيشه، و حيث التفرقة العنصرية التى أصبحت واضحة فى حياتنا اليوميه منذ 11 سبتمبر، فيرى صديقى أن تعرض أى منا للمضايقات بداية من الإستجواب قبل الصعود للطائرة والذى تعرض له الكثيرون منا فى الفترة الأخيرة وكوننا موضع شك دائم، وإمكانية أن يرى قائد الطائرة أنه ليس فى أمان كامل للسفر وعلى متن الطائرة عربى أو مسلم، وقد تكررت كثيرا مثل هذه الحالات خاصة فى الولايات المتحدة وهنا أيضا فى كندا.
ثم المصيبة الكبرى ـ في تحليل الصديق ـ لا قدر الله لو سقطت الطائرة أو تعرضت لأى مصاعب أو سوء فهم لأى موقف قد ينتهى بالمسافرالعربى أوالمسلم بأنه هو المذنب، و قد ذكرنى صديقى أنه فى حوادث الطائرات الأمريكية الأربع فى 11 سبتمبر، أصبح كل الركاب من ذوى الأسماء العربية متهمون، فهل نحن لا نسافر غير خاطفين ...؟! وإستمر صديقى فى القول أنه لو حدث ذلك لا قدر الله فسوف يلصق إسمه بالجريمة التي لم يرتكبها وسوف يحمل أبنائه وأسرته ذلك العار من بعده، عار سيلصقه به المجتمع والإعلام الموجه ضدنا. إن القلق النفسى ولا شك سوف يصيب الجميع، إما لتصديق الإتهام الكاذب وصدمتهم فى المتهم وإما تكذيب ذلك الإتهام فيتحول الغضب لعداوة المجتمع.
وإن كنت حقا تعجبت من تحليل صديقى ، ولكني لا أخفى موافقتى على التحليل ككل، ومشاركتى لصديقى فى تخوفه المبرر، أنه ليس خوفا من الحدث ذاته الذى قد يقع لنا فى فراشنا ونحن نائمون، ولكنه تخوف من إلصاق التهمة بأبنائه وهى ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم تهمة بلا محاكمة، وحتى لو برئ منها فسوف يكون الإتهام قد ورد فى بالصفحة الأولى والخبرالأول بكل أجهزة الإعلام، وستكون البراءه فى صفحة وسطى منزوية فى جريدة محلية .
لقد مر وقت طويل وأنا أتفحص كل كلمة قالها صديقى، وردتنى تلك الكلمات إلى الواقع المؤلم من التخوفه والشعوره بالتمييزالعنصري و حقا مايسمى ( Ethenic Profiling ) التصنيف العنصرى .
ولقد جدت أن تلك الحالة التى وصلنا لها تستدعى أن تعرض على الملأ، وأن نناقشها سويا، فأخذت فى تقليبها فى عقلى وقلبى، و خلصت لأن ذلك هو هدف المخربين أى أن كانوا من هم، هدفهم تدميرنا نفسيا والقضاء على التواءم العام الذى نحاول بنائه داخل المجتمع، فشعورنا بالخوف من المستقبل وذلك الحرص الذائد سوف يتحول إلى إنعزال، أنا هنا لا ألوم صديقى فهو محق فى كل ما قاله ولكنى هنا أنقل ثورتى على ذلك الواقع ورفضى له ودعوتى أن لا تغيروا من أسلوب حياتكم و عملكم - ما لم معيب لسبب أخر- و هذا كان قرارى وليتكم تشاركوننى التنفيذ.
فلو كل فرد سيئت معاملته لسبب عنصرى أو تم إستبعاده من طائرة أو قطار لسبب عنصرى، ولوأننا ثارت ثائرتنا على عدم وجود راكب عربى واحد سافر لغير الإختطاف، إن ذلك هو الطريق الوحيد للحياه السويه.
ولذلك بإذن الله لن أتخلى عن برنامجى العملى وسوف أتحمل كل ما قد يبدو من سخافات لكونى عربى مسلم، ولكن أحب أن أؤكد هنا أنى لم أركب الطائرة لغيرغرض العمل وأنى لم أسافر طوال حياتى لأفغانستان ولم ألتقى أوأعمل بإحدى شركات بن لادن ولا تمت بينى وبين النظام العراقى إى صلة ولم أتدرب على قيادة الطائرات ولكن في سيارتى مصحف شريف ككل مسلم وأنى قبل إقلاع الطائرة إقراء القرأن وأدعو الله بالسلامة وأنى ما أن هممت بعمل شئ إلا وتوكلت على الله، وأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
إنه من الواجب علينا أن لا ننهزم أمام تلك الحملة وأن نظل على وعينا وعلى إدراكنا لأننا مواطنون لنا كل الحقوق وعلينا كل الواجبات، فإسمى ودينى ولون بشرتى لا يغير من حقيقة أننى كندى، إن أحد المحاك القوية القادمة أمامنا هى تلك الإنتخابات القادمة للبلديات فى كوبيك، ففيها يجب أن يرى كل العالم عبر كل الوسائل المتاحة كيف نمارس نحن وأبنائنا وبناتنا دورنا فى بناء المجتمع المدنى الحر بالمشاركة الفعالة الإيجابية، فتلك هى الصورة التى نرد بها على حملة التشويه والطعن المسعوره.

محمد شريف كامل

mohamedsherif@canada.com