يوميات آنا فرنك .... والخداع اليهودي
(( كيف سيتسنى لنا بناء الدولة الصهيونية الجديدة بهذه المواد البشرية عديمة الأخلاق )) [1]
بهذه الكلمات عبر ديفيد بن غوريون عن خيبة أمله العميقة وهو يراقب جموع اليهود الأوروبيين تتدفق إلى فلسطين عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية .
هذه المواد البشرية ذات الأخلاق المنحطة كما نعتها محقاً بن غوريون كانت اللبنة الأولى والأساس للكيان الذي نعرفه الآن ب "إسرائيل " .
وهنا يجوز لنا أن نتسائل : هل عرف بن غوريون كل شئ عن طبيعة أبناء جلدته مما بقي خافياً علينا نحن العرب ؟
سأترك الإجابة على هذا التساؤل لواحد منهم وهو ( رومان فريستر ) والذي كان أحد نزلاء المعسكرات الإحترازية الألمانية والذي ألف كتاباً [2] وصف فيه بدقة كيف شاهد بنفسه أبناء جلدته من اليهود يهاجمون بعضهم البعض كالحيوانات المفترسة ويضيف بكلماته : أن بعضهم كان يحمل في ذاته روح شيطانية .
هكذا هم إذاً وبكل بساطة ليسوا سوى مواد بشرية عديمة الأخلاق تحمل في ذاتها روح شيطانية .
حقاً لقد حدثت حروب كثيرة بين البشر أُزهقت فيها حتى أرواح الأبرياء ولكننا لم نسمع أبداً بحرب كانت فيها الجرافات طرفاً في النزاع في وقت يشهد فيه العالم " المتحضر " تأسيس أحزاب لحماية البيئة والأشجار .
وعليه فإن كل تحليل أو تقييم لفهم طبيعة ما يحدث على الأرض الفلسطينية سيوصل من يتبناه حتماً إلى نتائج عقيمة لا تجدي نفعاً إذا ما تجاهل كلمات بن غوريون المذكورة .
إن مشهد السروة الفلسطينية الصغيرة حين تقتلعها جرافة يهوه وقلب ذلك الفلاح الفلسطيني وهو يعتصر ألماً لهو أفضل تعبير عن الطبيعة الحقيقية لصراعنا مع كيان يهود ، وهو خير مثالاً لطبيعة الإنسان الفلسطيني الحساس والذي يشارك أشجاره أحزانها وعذابها حين يراها تُقتلع من الأرض بجرافات المواد البشرية عديمة الأخلاق .
إنه صراع بين من يبكي الشجرة ومن يقتلعها وهو صراع الإنسان والمادة وعليه فإن المطلوب من المحللين إدارة الصراع على هذا الأساس وهذا أجدى بكثير من إضاعة الوقت في شتم الحكام الذين أصبح لديهم مناعة طبيعية ضد الشتائم والتجريح .

احمد منصور

المصادر

[1] Der Spiegel, Nr. 28/1997, S 172f
[2] Die Mütze, oder der Preis des Lebens, Roman